خطوط أمامية ملتهبة.. أوكرانيا بين دعم الغرب واقتراب نصر روسيا

عرب وعالم

اليمن العربي

على وقع خطوط أمامية ملتهبة وآفاق سلام غائبة، باتت أزمة أوكرانيا التي أوشكت على إتمام عامها الأول على صفيح ساخن، وسط مخاوف من هجمات جديدة.

فبينما تتوقع روسيا "نصرا حتميا" مؤكدة أنه لا يمكن إجراء مفاوضات مع أوكرانيا، يستعد حلفاء أوكرانيا، للاجتماع يوم الجمعة، للتعهد بمزيد من الأسلحة لأوكرانيا، مدفوعة بمخاوف تزعم أن روسيا تستعد لشن هجوم جديد في أوكرانيا في غضون أشهر.


فما جديد الأزمة الأوكرانية؟

لقي 14 على الأقل حتفهم، بينهم وزير الداخلية الأوكراني وطفل واحد، يوم الأربعاء، عندما سقطت طائرة هليكوبتر على روضة أطفال بإحدى ضواحي العاصمة كييف وأدت لاشتعال النار فيها، فيما قال مسؤولون أوكرانيون إن من السابق لأوانه تحديد سبب تحطم الهليكوبتر.

وقالت أوكرانيا إن قواتها أعاقت مجددا محاولات روسية للتقدم في مدينة باخموت الواقعة على خط المواجهة على بعد مئات الكيلومترات إلى الشرق من موقع الحادث، حيث تكبد الجانبان خسائر فادحة مقابل مكاسب ضئيلة في حرب مكثفة على مدى الشهرين الماضيين.

وفيما لم ترد أي تصريحات حتى الآن تلقي باللوم في الحادث على هجوم من جانب روسيا، أصيب العشرات، بينهم أطفال، ومنهم كثيرون بحروق بعد أن سقطت الهليكوبتر فرنسية الصنع من طراز سوبر بوما وسط الضباب في منطقة سكنية ببلدة بروفاري على مشارف شرق العاصمة.

وتحدث السكان عن عملية إنقاذ محمومة، بينهم هليب (17 عاما) أحد السكان المحليين الذي قال لـ "رويترز": "رأينا جرحى ورأينا أطفالا. كان هناك الكثير من الضباب هنا وتناثر كل شيء في كل مكان. سمعنا صراخا وركضنا نحوهم... أخذنا الأطفال وعبرنا بهم السياج، بعيدا عن روضة الأطفال حيث كانت النيران مشتعلة".


حطام واحتراق

واحترق جانب كامل من مبنى روضة الأطفال، مع وجود حفرة كبيرة عند المدخل حيث استقرت أجزاء مروحة الهليكوبتر. وفي مكان قريب، تناثر الحطام فوق ملعب موحل وتناثر حطام الهليكوبتر حول مبنى سكني.

وقال فيتالي (56 عاما) إنه رأى الطائرة تسقط بسرعة وتحطمت على أرض روضة الأطفال قبل أن يتساقط الحطام على المبنى السكني، مضيفة: "اعتقدت أنه محرك صاروخ أو شيء من هذا القبيل، شيء كبير للغاية".

وأمر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بفتح تحقيق فيما وصفه بأنه "مأساة مروعة"، قائلا في بيان: "الألم لا يوصف".

ومنذ أن استعادت أوكرانيا مساحات كبيرة من أراضيها في الشرق والجنوب في النصف الثاني من عام 2022، احتدمت الأوضاع على الخطوط الأمامية، فيما تقول كييف إن الأسلحة الغربية الجديدة وخاصة الدبابات القتالية الثقيلة ضرورية لاستعادة الزخم هذا العام.

وفي خطاب عبر رابط فيديو موجه للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، قال زيلينسكي إن الإمدادات الغربية من الدبابات وأنظمة الدفاع الجوي اللازمة لصد حملة الهجمات الصاروخية الروسية، يجب أن تأتي بسرعة أكبر ويتم تسليمها أسرع من قدرة موسكو على تنفيذ الهجمات.

وأضاف زيلينسكي: "يجب أن يكون إمداد أوكرانيا بأنظمة الدفاع الجوي أسرع من الهجمات الصاروخية الروسية المقبلة... يجب أن تسبق إمدادات الدبابات الغربية أي غزو جديد للدبابات الروسية".


مساعدات غربية

وفي أحدث إعلان عن المساعدات، زارت وزيرة الدفاع الكندية أنيتا أناند كييف الأربعاء وتعهدت بتوفير 200 ناقلة جنود مدرعة من طراز سناتور.

وقالت أنيتا أناند إلى جانب وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف: "هذه المركبات مجهزة بأفضل التقنيات المتقدمة ويمكن بسهولة تركيب أسلحة فيها".

وسيجتمع الحلفاء الغربيون يوم الجمعة في قاعدة جوية أمريكية في ألمانيا للتعهد بمزيد من الأسلحة لأوكرانيا، فيما ينصب التركيز بالتحديد على ألمانيا، التي تملك حق نقض أي قرار لإرسال دباباتها من طراز ليوبارد، وهي دبابات تستخدمها الجيوش في أنحاء أوروبا ويُنظر إليها على نطاق واسع على أنها الأنسب لأوكرانيا.

وتعهد المستشار الألماني أولاف شولتز، يوم الأربعاء في دافوس بسويسرا مواصلة دعم أوكرانيا، دون الإشارة إلى إمكانية الموافقة على منحها دبابات ألمانية متطورة.


اجتماع حاسم

وفي نهاية خطابه المكرس للابتكار وسياسة المناخ في ألمانيا، سُئل المستشار صراحةً عن إرسال دبابات ليوبارد 2 التي طلبتها كييف وأبدى العديد من البلدان ومن بينها بولندا استعدادها لتسليمها بشرط موافقة برلين.

وأجاب الزعيم الألماني خلال جلسة أسئلة وأجوبة في منتدى دافوس الاقتصادي: "نحن لا ندعم أوكرانيا بالوسائل المالية والمساعدات الإنسانية فحسب، بل أيضًا بالكثير من الأسلحة".

ولم يذكر شولتز كلمة "دبابات"، كما لم يدل بتصريحات حول الاجتماع الحاسم للدول الغربية المكرس لمساعدة أوكرانيا والذي ينتظم الجمعة في القاعدة الأمريكية في رامشتاين بألمانيا.

خليفة أنحيلا ميركل قال إن ألمانيا تدعم أوكرانيا بالكثير من السلاح منذ بداية العملية العسكرية الروسية، ومن ذلك قاذفات صواريخ ومركبات مدرعة من نوع ماردر ونظام الدفاع الجوي آيريس-تي.

وأكد: "سنواصل القيام بذلك ما دام كان ضروريا" بالتشاور مع حلفاء برلين، مشددا في الآن نفسه على رغبته في تجنب أي مواجهة مباشرة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو).


الناتو يدخل على الخط

من جانبه، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرج إن داعمي أوكرانيا الغربيين سيتعهدون تسليمها أسلحة أثقل وأحدث، خلال اجتماع مهم في قاعدة رامشتاين الأمريكية في ألمانيا مع تزايد الضغط على برلين لدعم إرسال دبابات.

وأوضح ستولتنبرج خلال منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا: "ستكون الرسالة الرئيسية أن سيقدّم المزيد من الدعم والمزيد من الأسلحة الثقيلة والحديثة لأنه قتال من أجل قيمنا".

وفي محاولة من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لحث الصين على تأييد بلاده، أرسل رسالة إلى نظيره الصيني شي جين بينغ من أجل دعوته إلى "الحوار"، حسب زوجته أولينا زيلينسكا التي نقلت الرسالة إلى الوفد الصيني الحاضر في منتدى دافوس بسويسرا.

وقالت زيلينسكا خلال مؤتمر صحفي "إنها لفتة ودعوة للحوار"، مضيفة أنها "تأمل بصدق أن يكون هناك رد على هذه الدعوة".

وكان الرئيس الأوكراني قد صرّح لصحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست في أغسطس/آب الماضي، أنه "طلب رسميًا إجراء حوار" مع الرئيس شي يرى أنه سيكون "مفيدًا".

وترغب بكين في إظهار موقف الحياد إزاء النزاع، مع تعزيز العلاقات مع روسيا لا سيما في مجال الطاقة. لكن وفق بعض المراقبين، يمكن أن تكون الصين أحد الوسطاء لإيجاد حلّ للنزاع.


تفاقم الأزمة؟

وكان وزير الخارجية الصيني وانغ يو دعا في سبتمبر/أيلول الماضي، "جميع الأطراف المعنية إلى منع تفاقم الأزمة"، مشددا على القلق من التبعات الاقتصادية للنزاع الذي يؤثر على العالم بأسره.

وكان قادة فنلندا وليتوانيا وبولندا وبريطانيا قد دعوا مجددا المستشار الألماني الاثنين للإذن بسرعة بتسليم أوكرانيا دبابات ليوبارد 2 القوية للغاية، إذ يجب أن تحصل إعادة تصدير أي شحنة من المواد الحربية الألمانية الصنع على الضوء الأخضر من برلين.

وأرسل الحلفاء الأوروبيون لأوكرانيا أكثر من 300 دبابة سوفياتية الصنع منذ بداية الغزو الروسي، لكنّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يدعو إلى منح بلاده دبابات أكثر حداثة غربية الصنع.

وقال الرئيس البولندي أندريه دودا خلال اجتماع دافوس إنه يخشى أن تكون روسيا تستعد لشن هجوم جديد في أوكرانيا في غضون أشهر، وبالتالي يكون من الضروري تقديم دعم إضافي لكييف من الدبابات والصواريخ الحديثة.

وقالت بولندا وفنلندا بالفعل إنهما سترسلان دبابات من طراز ليوبارد إذا وافقت ألمانيا على ذلك. وتقول برلين إن القرار سيكون أول بند في جدول أعمال بوريس بيستوريوس الذي عُين وزيرا جديدا للدفاع هذا الأسبوع.


ماذا قالت روسيا؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال أثناء زيارته لمصنع عسكري جوي في سان بطرسبرج، إن الصناعة العسكرية الروسية تعني أن "النصر حتمي، لا شك لدي في ذلك".

بدوره، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الأربعاء، إن موسكو لم تر بعد أي مقترحات لمحادثات السلام، مشيرًا إلى أنه لا يمكن إجراء مفاوضات مع زيلينسكي. وقالت روسيا إن المحادثات ممكنة فقط إن اعترفت أوكرانيا بضم موسكو لأراض أوكرانية، إلا أن كييف تقول إنها ستقاتل حتى تنسحب روسيا من أوكرانيا كلها.

وتنفي موسكو تعمدها استهداف المدنيين. وأطلقت ما تصفه بأنه عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا العام الماضي قائلة إن علاقات كييف مع الغرب تشكل تهديدا أمنيا.