انتخاب رئيس لبنان.. تكتيك "التعطيل المؤقت" أمام مخططات "حزب الله"

عرب وعالم

اليمن العربي

تستعد قوى معارضة نيابية بارزة في لبنان لمواجهة سيناريو نجاح حزب الله وحلفاءه، في تأمين النصاب اللازم لانتخاب رئيس من فريقه.

يأتي هذا مع دخول أزمة الشغور الرئاسي في لبنان شهرها الأول، إثر انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ووسط غياب أي ملامح لانتهاء تلك الحالة، خاصة بعد فشل البرلمان على مدار 7 جلسات في انتخاب رئيس جديد.

ويرجع امتداد الشغور الرئاسي، وهو انقسام مجلس النواب اللبناني بين محور 8 آذار الذي يقوده "حزب الله" المدعوم من إيران، والمحور السيادي التغييري، وبعض المستقلين، دون أن يتمكن أي معسكر حتى من الوصول إلى اتفاق على مرشح واحد.

فالمحور السيادي التغييري (ويضم أحزاب القوات والكتائب والتقدمي الاشتراكي وبعض نواب التغيير وكتلة تجدد)، ويدعم النائب ميشال معوض، لم يستطع حتى الآن تجاوز عتبة الـ 45 صوتا لمرشحه، والذي يحتاج إلى 65 صوتا في الدورة الثانية من الانتخاب.

في المقابل، يختبئ حزب الله وبعض حلفاءه خلال جلسات انتخاب الرئيس، خلف الورقة البيضاء (50 صوتا)، بسبب عدم قدرة الحزب المدعوم من إيران على إقناع حليفه رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل بدعم مرشحه (غير المعلن حتى الآن) وهو رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية.

لكن في الوقت ذاته يتحدث بعض المراقبين عن احتمال نجاح الحزب، أو بعض حلفاءه من إقناع "باسيل" بتغيير موقفه من "فرنجيه" في إطار تسوية ما، وجذب المترددين من الضفة الأخرى للتصويت للأخير، وهو ما يدفع إلى نجاح هذا الفريق في الوصول لسدة الحكم بتأمين الأكثرية المطلقة أي النصف +1.

وإزاء هذا السيناريو، قال النائب اللبناني بيار بو عاصي، في تصريحات صحفية، إنه في حال تمكن فريق حزب الله من جمع أكثرية لصالح مرشحه، فإنه من الممكن الاتجاه إلى التعطيل التكتيكي المرحلي لبعض الجلسات من أجل مزيد من التشاور مع كامل حلفائنا.

لكن وحتى لا تتهم القوات بممارسة التعطيل وهو الاتهام الذي يلاحق فريق حزب الله، أشار عضو تكتل الجمهورية القوية (تكتل حزب القوات النيابي ويضم 20 نائبا)، أيضا إلى أنه "من حيث المبدأ نحتكم للعبة الديمقراطية، ونحترم نتيجتها أيًا تكن".

وتحدثت أوساط قريبة من حزب الله، أن الحزب يعتقد أن "القوات" ربما ترضخ لسيناريو تأمينها النصاب القانوني لجلسة انتخاب "فرنجية" انطلاقًا من حرصها على انتظام عمل المؤسسات وعدم تعطيلها.

لكن حزب "القوات"، قال قبل يومين: "نؤكد بدءًا بالدكتور سمير جعجع بأنّ انتخاب رئيس من 8 آذار غير وارد، ربطًا بالانقسام العامودي بين مشروعين مختلفين ومتناقضين، والاستناد إلى الوضع الكارثي الذي انزلق إليه لبنان بعدما حكم فريق الممانعة وتحكّم بالقرار السياسي بدءًا برئاسة الجمهورية".

وفي تقدير "بوعاصي"، فإن حزب الله يريد رئيسًا يحميه ويحمي مصالحه وسياساته تحت مسمى حماية المقاومة.

وبشأن دعوة الحزب غير المباشرة للحوار مع الفرقاء السياسين بشأن الاستحقاق الرئاسي، نبه "بو عاصي" إلى أن الحزب لا يريد انتخابات في الوقت الحالي خشية خسارتها، وبما أن الإشكالية الأساسية هي في سلاحه وسياساته الداخلية والخارجية وما نتج عنها، يطالب بتأجيل هذه المواضيع إلى ما بعد الانتخاب ليتم مناقشتها حول ما يسمى طاولة حوار.

وتوقع عضو تكتل "الجمهورية القوية"، أن الحوارات هذه لن تفضي إلى أية نتيجة والأمثلة كثيرة، بينها؛ الحوار الذي انتهى عام 2006 حول الاستراتيجية الدفاعية بحرب تموز، وتوقف الحوار نهائيًا دون أية جدوى.

لكنه نوه بـ أن حزب الله يسعى من خلال مقاربة الحوار إلى الوصول للرئيس الذي يريد دون أن يقدم شيئا على مستوى السلاح، أو سياساته، مما يدخلنا في نفس الدوامة التي أدت إلى الانهيار غير المسبوق في عهد حليف حزب الله، الرئيس ميشال عون.

وتحدث النائب اللبناني عن أولويات حزب الله، قائلا: "أولى الأولويات ألا يكون هنالك رئيس يعيق حركته العسكرية والسياسية"، متابعا: "أما الأولوية الأخرى فهي الوضع الاقتصادي والاجتماعي الكارثي في لبنان لأنه يضغط على بيئة حزب الله كما يضغط على كل اللبنانيين؛ وبالتالي لا بد من انتظام عمل المؤسسات كبداية نهوض".

ويعقد مجلس النواب الخميس المقبل، جلسته الثامنة لانتخاب رئيس جديد للبلاد، وسط توقعات بأن تكون الجلسة سيناريو مشابه للجلسات السابقة دون حدوث اختراق في جدار الأزمة الرئاسية، واستمرار لجلسات وصفت بالفلكلورية الشكلية" في ظل انقسام الفرقاء السياسيين، وبقاء "حزب الله "على الورقة البيضاء، ومطالبته بـ "مرشح توافقي بشرط أن يكون صديقا للمقاومة ولا يغدر بسلاحها".

وفي إصرار جديد على "تعطيل" انتخاب الرئيس، قال النائب محمد رعد رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" (التكتل النيابي لحزب الله) في وقت سابق: "إننا في مواجهة الاستحقاق الرئاسي نعرف من نريد، ونتحرك من أجل أن يأتي إلى الرئاسة من نريد".

كما قال النائب علي المقداد عضو كتلة الوفاء للمقاومة: "عندما نفكر بمرشح يجب أن يكون سياديا، ونريد رئيسًا لا يطعن المقاومة في ظهرها"، مشيرًا إلى أن "وضع ورقة بيضاء جزء من الديمقراطية، ولا يعني الهروب من التصويت".