دل بوسكي وكونتي.. التباين في الأسلوب والحياة بين جيلين مختلفين

رياضة

دل بوسكي وكونتي
دل بوسكي وكونتي

عندما يلتقي المنتخبان الأسباني والإيطالي لكرة القدم غدا الاثنين في الدور الثاني (دور الستة عشر) لبطولة كأس الأمم الأوروبية (يورو 2016) بفرنسا ، ستشهد المنطقة الفنية بجوار خط الملعب مواجهة ومنافسة من نوع خاص بين جيلين مختلفين وأسلوبين متباينين في فهم كرة القدم والحياة.


وتمثل مباراة الغد مسرحا لمواجهة فريدة ورائعة بين المدربين. ولا ينتمي فيسنتي دل بوسكي المدير الفني للمنتخب الأسباني وأنطونيو كونتي لمدير الفني للمنتخب الإيطالي (الآزوري) إلى جيلين مختلفين فحسب وإنما لكل منهما طريقته وأسلوبه المختلف في فهم كرة القدم والحياة.


ولهذا ، ستكون مباراة الغد مواجهة مثيرة بمعنى الكلمة بين المدربين كما ستكون مواجهة ثرية في التفاصيل خاصة وأن كلا من الفريقين يمثل انعكاسا واضحا لسمات مدربه.


ويظل الشيء المشترك الواضح بين الطرفين في هذه المباراة هو السعي للفوز لأن النتيجة النهائية ستوضح أي الأسلوبين انتصر على الآخر ليظل صاحبه في البطولة فيما يحزم الخاسر حقائبه عائدا إلى بلاده.


ويفترض أن تشهد هذه البطولة ختام المسيرة التدريبية لدل بوسكي 65 عاما حيث يعتزم المدرب الأسباني الكبير الاعتزال بعدها.


وخلال مسيرته التدريبية الرائعة ، قاد دل بوسكي ناديين فقط حيث حقق نجاحا باهرا مع ريال مدريد الأسباني وقضى فترة قصيرة مع بشكتاش التركي قبل أن يبدأ مسيرته مع المنتخب الأسباني في 2008 .


وخلال ثماني سنوات مع الفريق ، قاد دل بوسكي الماتادور الأسباني للفوز بكأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا ثم الدفاع عن لقبه القاري في يورو 2012 لكنه خرج مع الفريق من الدور الأول في كأس العالم 2014 بالبرازيل.


ويمثل دل بوسكي نموذجا حيا للتميز على المستويين التدريبي والإنساني حيث يولي اهتماما بالغا بكل التفاصيل الخاصة بفريقه ولاعبيه داخل وخارج الملعب كما يتسم بالتواضع ونبذ الغرور.


ويرى أنصار دل بوسكي أنه إلى جانب كونه مدربا خططيا يتسم بالكفاءة الشديدة فإنه أيضا محلل ومعالج نفسي رائع فيما يتهمه منتقدوه بالجبن.


ويشعر لاعبو المنتخب الأسباني بارتياح شديد تجاه دل بوسكي. وقال جيرارد بيكيه مدافع برشلونة والمنتخب الأسباني : "إنه أفضل مدرب تعاملت معه".


وأوضح لاعب الوسط سيسك فابريجاس : "هذا المدرب يمثل مصدرا للأمان والهدوء. هذا يفيد اللاعبين. لا يفكر بمفرده. يتميز بأنه يمنح اللاعبين الكثير من الحرية في الأداء داخل الملعب. دل بوسكي هو مفتاح تفوق الفريق".


والمثير أن دل بوسكي ينتمي لجيل آخر من حيث معايير كرة القدم التي يسير طبقا لها والتي تختلف عما يسود معظم البلدان حاليا. ويميل دل بوسكي للنزعة الهجومية والأداء الجماعي الشامل ولا يلتفت إلى الجدل والانتقادات.


والحقيقة أن المدرب الراحل لويس أراجونيس ، الذي قاد المنتخب الأسباني للفوز بلقب يورو 2008 ، هو من غرس بذرة هذا الأسلوب من اللعب في الفريق قبل أن يستكمل دل بوسكي العمل بعده.


وباستثناء الإشادة من قبل لاعبيهما ، يبدو كل شيء مختلفا بين دل بوسكي وكونتي.


ويفر دل بوسكي دائما من غرور كرة القدم الحديثة. ولم يتردد المدرب الكبير في التأكيد على أن هذا كان وراء إقالته من تدريب الريال في 2003 بعد يومين فقط من الفوز بلقب الدوري الأسباني.



وعلى النقيض تماما يبدو كونتي الذي يهتم كثيرا بمظهره الخارجي وكذلك بالتفاصيل التي تظهر أمام الجميع بنفس اهتمامه بالأساليب الخططية.


وفي الوقت نفسه ، قد يشتهر المنتخب الأسباني بالاعتماد على لاعبيه بشكل أكبر من المدرب فيما يعتمد الآزوري على كونتي بشكل أكبر أو هكذا يبدو للمراقبين.


وقال دانييلي دي روسي نجم المنتخب الإيطالي : "كونتي يعني التوازن والتنظيم. وهذا أهم كثيرا من أي نجم على أرض الملعب. هذه هي الأفضلية التي نمتلكها عن باقي الفرق والمدربين".


وفيما منح دل بوسكي لاعبيه نفس الإجازة التي كانت مقررة ليوم واحد رغم الهزيمة أمام نظيره الكرواتي 1 / 2 في ختام مبارياته بالدور الأول للبطولة الحالية ، حرص كونتي على أن يخوض لاعبوه التدريبات دون انقطاع بعد الهزيمة أمام المنتخب الأيرلندي صفر / 1 في ختام مباريات المجموعة أيضا.


ويحرص كونتي 46 عاما على اتباع كل التفاصيل الدقيقة الخاصة بكرة القدم الإيطالية التقليدية حيث يرى أن الفوز بالمباريات يبدأ من خط الدفاع والأداء الصلد والتماسك في صفوف الفريق ثم تاتي الفعالية الهجومية.


وقال حارس المرمى الأسطوري جانلويجي بوفون قائد الآزوري : "إنه المدرب المثالي في طريقة إعداد الفريق للمباريات وفي كيفية خلف التماسك داخل الفريق".


ولهذا ، كان تشيلسي الإنجليزي حريصا على التعاقد مع كونتي ليتولى عملية إعادة بناء الفريق بعد انتهاء مهمته مع الآزوري في يورو 2016 .