قمة باريس.. "مستقبل البشرية" في نفق إصلاح آليات التمويل

اقتصاد

اليمن العربي

في ختام اجتماعات اليوم الأول من قمة باريس، ناشد زعماء الدول المشاركة بالقمة بضرورة إصلاح النظام المالي لمواجهة الفقر واحترار المناخ.

ناشد زعماء دول من الشمال والجنوب الخميس، في باريس تقديم آلاف مليارات الدولارات الضرورية للانتقال الطاقي وتكيف البلدان الأكثر عرضة لاحترار المناخ وهي مشكلة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتنمية.

ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يستضيف هذه القمة من أجل "ميثاق مالي عالمي جديد"، إلى "صدمة تمويل عام" لمواجهة الفقر واحترار المناخ أمام نحو أربعين رئيس دولة وحكومة مجتمعين في باريس لمحاولة إعادة صياغة النظام الاقتصادي العالمي.

وقال ماكرون خلال افتتاح القمة إن الدول "لا ينبغي أن توضع أمام خيار محاربة الفقر أو مكافحة تغير المناخ"، مضيفا "علينا أن نحدث صدمة تمويل عام ونحتاج إلى المزيد من التمويل الخاص".

وحظيت رئيسة وزراء جمهورية بربادوس ميا موتلي بتصفيق من الحاضرين بعد أن طالبت بـ "تغيير كلي" للنظام المالي وعدم الاقتصار على "الإصلاح". وجزيرة بربادوس الواقعة في الكاريبي هي واحدة من أكثر البلدان عرضة لتغيّر المناخ.

وسعت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا أن تُظهر أن العمل قد بدأ، معلنة بلوغ هدف تخصيص مئة مليار دولار من حقوق السحب الخاصة للدول الفقيرة، وهي أصول احتياط لصندوق النقد الدولي يمكن استخدامها للتنمية والتحوّل المناخي.

وقالت "مستقبل البشرية هو ما يتم مناقشته هنا".

لكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال إن "الهيكلية المالية الدولية فشلت".

وأضاف أن القواعد التي تخصص بموجبها الأموال من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي "أصبحت غير أخلاقية للغاية" و"الجمود ليس خيارا".

وأوضح أنه في ما يتعلق بحقوق السحب الخاصة عام 2021 "حصل المواطن الأوروبي في المتوسط على نحو 13 ضعف ما حصل عليه المواطن الإفريقي".


- التمويل صعب

وإن كان من المستبعد أن تفضي المحادثات الجارية في قصر برونيار في وسط باريس إلى قرارات ملموسة، إلا أنها تستفيد من ثقل الضيوف المشاركين وبينهم الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا والمستشار الألماني أولاف شولتس ووزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين.

كذلك، تشارك الصين من خلال رئيس وزرائها لي تشيانغ والسعودية ممثلة بولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ويشارك أيضا في القمة الرئيس الكيني وليام روتو بالإضافة إلى نحو عشرين زعيما إفريقيا رفع العديد منهم الصوت أخيرا ضد الدول الغنية التي تضخ المليارات لدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا.

وأوضحت السنغال تعقيدات تحول الطاقة في إفريقيا، وقد تعهدت مجموعة من البلدان الغنية وبنوك التنمية بتعبئة 2،5 مليار يورو لمساعدة داكار على تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري وزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة. وقد تم بالفعل توقيع شراكات أخرى مماثلة مع جنوب إفريقيا وإندونيسيا وفيتنام.

لكن الرئيس السنغالي ماكي سال طلب أيضًا "أن نكون منصفين حتى يمكن لطاقات مثل الغاز، التي يجب أن تكون طاقة انتقالية، أن تتعايش مع الطاقة المتجددة".

ونشأت فكرة القمة في نوفمبر/تشرين الثاني خلال مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب27) في مصر، عقب الخطة التي قدمتها رئيسة وزراء بربادوس ميا موتلي. فقد أعادت إحياء الأمل في إحراز تقدم بشأن هذه المسألة التي باتت عقبة بوجه مفاوضات المناخ بين الدول الفقيرة والدول الغنية المسبب الرئيسي لانبعاثات غازات الدفيئة.

والهدف من القمة هو تجديد الهيكل المالي الدولي المنبثق عن اتفاقات بريتون وودز في العام 1944 مع إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

وتقول الدول النامية إن الحصول على تمويل من المؤسستين صعب في حين أن حاجاتها هائلة لمواجهة موجات الحر والجفاف والفيضانات، وأيضا للخروج من الفقر مع التخلص من الوقود الأحفوري والحفاظ على الطبيعة.


- ضرائب على النقل البحري

ومن بين الطروحات العديدة التي تُناقش، تكتسب فكرة فرض ضريبة دولية على انبعاثات الكربون من النقل البحري زخما.

ويتحدّث قادة العالم عن ضرائب أخرى ولكن أيضا عن إصلاحات مؤسسية وإعادة هيكلة ديون الدول الفقيرة وتعزيز دور القطاع الخاص.

وتدعم موتلي بقوة فكرة تعليق سداد الديون في حال حدوث كارثة طبيعية.

فالأعاصير "لا تفرّق" بين الدول الغنية والفقيرة، لكنها قد "تتسبب في خسارة سنوات من التنمية" وفق ما ذكر فاتومانافا باولولي لوتيرو رئيس تحالف الدول الجزرية الصغيرة، رأس الحربة في هذه المعركة من أجل تمويل جديد.

ويعتزم البنك الدولي الذي يقول إنه يريد توسيع "صندوق الأدوات" الخاص به، إدراج بند جديد يتعلق بتعليق السداد في اتفاقياته مع البلدان الأكثر هشاشة.

والدول الغنية مطالبة أيضًا بتنفيذ وعود قطعتها عام 2009 لتوفير 100 مليار دولار سنويًا اعتبارًا من 2020 لمساعدة الدول الفقيرة في مواجهة الاحتباس الحراري.

وقال ماكرون عبر تويتر إن "هذا الهدف لديه فرصة جيدة لأن يتحقق هذا العام!"، لكن مع تأخير بثلاث سنوات أدى إلى تضاؤل الثقة بشكل كبير بين دول الشمال والجنوب.