الأسرى والمختطفون.. تجارة حوثية تدعم "اقتصاد الخراب"

أخبار محلية

اليمن العربي

حولت مليشيات الحوثي ملف الأسرى والمختطفين إلى ورقة ضغط لجني الأموال والتربح من جيوب المعتقلين وعائلاتهم.

وتعتمد قيادات حوثية على استغلال المعتقلين، حيث تقوم المليشيات بابتزاز عائلات وذوي المعتقلين وتجبرهم على دفع أموال بصورة مستمرة مقابل الإيحاء بإطلاق سراحهم في المقابل، أو كمصاريف داخل المعتقل لتخفيف من وطأة السجن.

ويؤدي ابتزاز المليشيات إلى التسبب بتدمير أوضاع عائلات الأسرى والمعتقلين والمختطفين المعيشية مما يضاعف من معاناة هذه الأسر في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد، نتيجة حرب المليشيات ضد اليمنيين.


ابتزاز مستمر

ويستفيد من اقتصاد الألم هذا قيادات مليشيات الحوثي التي تتولى الإشراف على سجون الأسرى والمختطفين والمخفيين قسريا، حيث يمارسون ضغوطا على المعتقلين وذويهم لضمان تدفق الأموال.

وقال معتقل سابق في سجون الحوثي يدعى محمد صالح، إنه كان يدفع "مقابل كل شيء، من الدواء، حتى الاتصال الهاتفي للاطمئنان على الأهل.. كنا نضطر لدفع مبالغ كبيرة مقابل مكالمة لدقيقة واحدة".

ويمثل المعتقلون -حسب صالح- تجارة مربحة بالنسبة لمليشيات الحوثي سواءً كانوا داخل السجن أم عند خروجهم بصفقات ثقيلة، لافتًا إلى أن ذلك هو السبب في أن المفاوضات بخصوص المعتقلين تراوح مكانها.

من جهته، قالت أم عبدالناصر وهي والدة أحد المختطفين، إنها تقوم بدفع مبالغ مالية بصورة شهرية وتحويلها لأسماء وأرقام مجهولة في مناطق سيطرة المليشيات، بعد أن يتم الاتصال بها من أماكن الاعتقال وتهديدها بأنه يجب عليهم دفع أموال مقابل سلامة ابنها المعتقل.

وتضيف أنه وفي كل اتصال يتم تهديدهم بحياة الابن، ورفع المبالغ المطلوبة، وهو ما يضاعف من معاناتهم المعيشية، والنفسية.


أساليب مجرمة

ويؤكد المحامي اليمني مختار الوافي، أن الكثير من أسر المعتقلين والمختطفين أصبحت في عداد الأسر الفقيرة لفقد عائلها من جهة، والابتزاز المالي الذي تقوم به المليشيات من جهة ثانية.

ويضيف الوافي أنه وعلى المستوى الاجتماعي أصبحت آلاف الأسر مشرّدة ومشتتّة، بسبب عمليات الاختطاف المستمرة والتي تتكسب من ورائها المليشيات، وهو أمر ينعكس بصورة مؤلمة على الوضع الاجتماعي اليمني.

كما يشير إلى أن مليشيات الحوثي منذ أن شنّت حربها على اليمن مارست أساليب الاعتقال والاختطاف والإخفاء القسري بحق آلاف المدنيين الأبرياء، لتعمّق معاناتهم في تحويلهم إلى ملف سياسي واقتصادي واستخدامه في حربها ضد الشعب اليمني.

وبحسب الوافي فإن هذه الأساليب المجرّمة في القوانين الوطنية والدولية تعد جرائم ضد الإنسانية.


ورقة ضغط سياسية

ويؤكد الوافي أيضا أن المليشيات تستخدم المعتقلين والمختطفين المدنيين، كوسائل ضغط على الحكومة الشرعية والتحالف العربي والمجتمع الدولي لغرض تحقيق مكاسب سياسية.

وأشار إلى أن المليشيات تقوم بالضغط والمطالبة بالإفراج عن أسرى حرب تابعين لها مقابل قيامها بالإفراج عن هؤلاء المدنيين.

ويوضح الوافي أن مثل هذه الوسائل مخالفة لاتفاقيات جنيف التي تنظم أوضاع أسرى الحرب وتفرق بين أسير الحرب والمعتقل المدني من حيث التعامل والإفراج والتبادل والمحاكمة وغيره من الأمور، باعتبار أن المختطف أو المعتقل المدني لا يخضع لقواعد الحرب وإنما للقوانين الوطنية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وبحسب الخبير الوافي فإن ظاهرة استخدام المعتقلين والمختطفين كوسائل ضغط سياسي يعد عملا إجراميا وغير أخلاقي، وله آثار وتداعيات على المعتقلين وأسرهم نفسيا وماديا.


مسؤول الابتزاز

يمتلك القيادي الحوثي عبدالقادر المرتضى سجلا إجراميا حالك السواد في انتهاكاته بحق الأسرى والمعتقلين، الأمر الذي يكشف عن الأسباب وراء اختياره ليكون المسؤول الأول عن مفاوضات ملف الأسرى.

مصدر مطلع ذكر أن مسؤول ملف الأسرى لمليشيات الحوثي عبدالقادر المرتضى يتحصل على ما يقارب 10 ملايين ريال يمني كعمولة مقابل كل عملية تبادل تمر عبر السجون التي يديرها.

ووفقًا للمصدر، تتم معظم عمليات التبادل التي ينفذها المرتضى بصورة غير معلنة عبر وساطات قبلية أو تنسيق عسكري على خطوط التماس.

وأشار المصدر إلى أن المرتضى يمارس العنصرية تجاه أسرى مليشيات الحوثي من غير "الهاشميين" أو أبناء المحافظات الوسطى، حيث يرفض مبادلتهم أو الاهتمام بشأنهم.

وتضمنت ممارسات المرتضى الخبيثة ضم أسماء المعتقلين المدنيين إلى قوائم الأسرى، ومبادلتهم مقابل مقاتلين مسلحين وعسكريين تم أسرهم في جبهات القتال.

ومع انتهاء جولة جديدة من المفاوضات برعاية الأمم المتحدة في العاصمة الأردنية عمان، الأحد الماضي، يتخوف ناشطون من تكرار سيناريو صفقة التبادل الأخيرة والتي أعقبتها مليشيات الحوثي بحملات اعتقالات عشوائية تجعل من المفاوضات حلقة مفرغة.

وعقب صفقة التبادل الكبرى في منتصف أبريل/نيسان الماضي 2023 شنت مليشيات الحوثي موجة مسعورة من الاعتقالات والاختطافات ضد مدنيين وناشطين وصحفيين، لإعادة ملء المعتقلات في مناطق سيطرتها شمال اليمن.

وتوصل الحوثيون والحكومة اليمنية خلال مفاوضات عقدت في برن بسويسرا في مارس/آذار الماضي إلى اتّفاق على تبادل نحو 900 أسير وبموجب الاتفاق، جرت في نيسان/أبريل عملية تبادل كبرى استمرّت ثلاثة أيام.

ورعت الأمم المتحدة أول صفقة تبادل بين الحكومة اليمنية ومليشيات الحوثي في أكتوبر/تشرين الأول 2020 وشملت 1065 معتقلًا وأسيرا، ومثل أبرز اختراق إنساني في الأزمة اليمنية وفي اتفاق ستوكهولم المتعثر منذ 2018.