من الندرة إلى الوفرة.. الاقتصادات الزرقاء "ركيزة العالم" نحو الاستدامة

اقتصاد

اليمن العربي

العالم الأزرق من الندرة في الغذاء إلى الوفرة، بهدف زيادة الأمن الغذائي العالمي، ودعم التنمية المستدامة لقطاع الموارد المائية.

الاقتصاد الأزرق هو أحد مكونات الاقتصاد الأخضر، أي أن الاقتصاد يحسن رفاهية الإنسان والعدالة الاجتماعية، بينما يقلل بشكل كبير من المخاطر والندرة البيئية، لكن الاقتصاد الأزرق يركز على الاستخدام المستدام للمحيطات والموارد البحرية والساحلية مع القضاء على التلوث البحري، بما في ذلك التلوث الناجم عن معدات نقل المياه.


الاقتصاد الأزرق

لقد جاء الاقتصاد الأزرق من مفهوم الاقتصاد الأخضر، حيث يركز الاقتصاد الأخضر على قطاعات الطاقة والنقل والحفاظ على البيئة والغابات، بينما يتجه الاقتصاد الأزرق إلى قطاعات الموارد المائية والساحلية ومصايد الأسماك، بما يترتب عليه من الإدارة المثلى للموارد الزرقاء، بهدف تحسن رفاهية الإنسان والوصول إلى العدالة الاجتماعية المثلى، مع الحفاظ على موارد البيئة ومواجهة مخاطر ندرها.

ويعرّف البنك الدولي الاقتصاد الأزرق بأنه "الاستخدام المستدام للموارد البحرية من أجل النمو الاقتصادي والوظائف وتحسين سبل العيش مع الحفاظ على صحة النظام البيئي البحري". الهدف هو تحقيق توازن بين استخراج الموارد والحفاظ عليها عند تطوير الاقتصادات القائمة على البحار، يمكن للاقتصاد الأزرق أن يوفر إمكانات هائلة في مجال الحد من تغير المناخ، بالنظر إلى حقيقة أن الموائل البحرية، مثل غابات المانجروف ومستنقعات المد والجزر ومروج الأعشاب البحرية، توفر حماية كبيرة من الأحداث المناخية غير المنتظمة، بما في ذلك الأعاصير والفيضانات.

الاقتصاد الأزرق هو الإدارة الجيّدة للموارد المائية والاعتماد على البحار والمحيطات في التنمية المستدامة والقضاء على الفقر وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء.

ويستند دعم "الاقتصاد الأزرق" إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs) للأمم المتحدة، خاصة الهدف 14 "الحياة تحت الماء"، والذي يهدف إلى الاستخدام المستدام للموارد البحرية والحفاظ على المحيطات والبحار والأنهار، حيث تسعى هذه الأهداف إلى إدارة وحماية النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية على نحو مستدام من التلوث، فضلا عن معالجة آثار زيادة حمضية المحيطات.


الاستفادة بصورة مستدامة من إمكانات البحار والمحيطات:

تغيرت البحار والمحيطات كثيرا خلال السنوات الماضية، ولكن للأسف لم تتغير إلى الأفضل، حيث تشير الأدلة إلى أن الكائنات الحية بالمحيطات أصبحت أقل عددا، وأكثر دفئا وحمضية، بما يخل بطبيعة الحياة البحرية بالمحيطات، ولكن الجزء الجيد في هذه المشكلة أن المحيطات لها القدرة على تجديد شبابها، ولضمان سرعة الاستجابة في تجديد مواردها بصورة صحيحة لا بد من وقف استخدام البلاستيك، حيث يستخدم العالم البلاستيك بصورة كبيرة؛ مما سيؤدي إلى حدوث كارثة بيئية كونية نحن في غنى عنها، كارثة تهدد الحياة على الكوكب، لا سيما في البحار والمحيطات.

وتمثل الأحياء البحرية 99% من أشكال الحياة على كوكب الأرض تقريبًا، فيما يبقى 1% فقط على اليابسة، وتمتص البحار والمحيطات نحو 50% من الانبعاثات الضارة التي تخرج من اليابسة، كما أن المأكولات البحرية مأكولات منخفضة الكربون مقارنة بالمأكولات الناتجة عن الزراعة، لذا فإن تنمية الأحياء المائية تساهم في تحقيق الهدف 13 للتنمية المستدامة، وذلك لمكافحة تغير المناخ وآثاره، وحتى يتسنى ذلك لا بد من المضي قدمًا في الإدارة المستدامة لموارد المحيطات والبحار والسواحل الثرية، التي من أهمها:

• التنمية المستدامة للقطاعات المحيطية الرئيسة، مثل السياحة والنقل البحري والطاقة المتجددة البحرية.

• التصدي للأخطار التي تهدد صحة المحيطات بسبب التلوث البحري، خاصة النفايات والبلاستيك.

• دعم الأمن الغذائي للحد من الفقر والإدارة المستدامة للموارد المائية.

• إلغاء ممارسات الصيد الضارة، والتي تساهم في الصيد الجائر، وبناء مصائد الأسماك المستدامة.

• النقل المستدام والمقاوم للمناخ، بما في ذلك النقل البحري، وهو مفتاح التنمية المستدامة، حيث يتم نقل نحو 80% من حجم التجارة الدولية في البضائع عن طريق البحر.

• تحلية مياه البحار، والاستفادة من مياه الأمطار والسيول، لتعزيز الاستثمار في الموارد المائية، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي.

• إدارة موارد مياه البحار والمياه العذبة على الأرض.


أهمية الأنظمة الساحلية في عزل وتخزين الكربون

تعمل هذه الأنظمة الساحلية الرئيسية على عزل وتخزين المزيد من الكربون لكل وحدة مساحة مقارنة بالغابات الأرضية، في حال أشجار المانجروف والأراضي الرطبة الساحلية يمكن أن تخزن ثلاثة إلى خمسة أضعاف الكربون لكل مساحة معادلة مقارنة بالغابات الاستوائية، مما يجعلها واحدة من "أحواض الكربون" الطبيعية الأكثر أهمية في العالم، على الرغم من أنها تمثل أقل من 5% من مساحة اليابسة العالمية وأقل من 2% من المحيط، إلا أنها تحبس الكربون بمعدل 10 مرات أكبر من الغابات الأرضية، ومن ثم تمثل حلا مهما قائما على الطبيعة للتخفيف من آثار تغير المناخ.

بالإضافة إلى ذلك، توفر النظم الإيكولوجية البحرية أماكن الحضانة وتكاثر للأسماك التجارية، وموائل للأنواع المهددة بالانقراض مثل السلاحف، ونقاط انطلاق للطيور المهاجرة، وتنقية المياه المتدفقة إلى البحار والمحيطات، ومن ثم فإنها تلعب أيضا دورا رئيسيا في ضمان الأمن الغذائي واستدامة المجتمعات الساحلية، فضلًا عن تنويع سبل العيش، بما في ذلك صيد الأسماك والسياحة.