قمة جدة.. اختراقات سعودية لـ3 أزمات عربية تعزز فرص نجاحها

عرب وعالم

اليمن العربي

اختراقات سعودية لأزمات عربية عدة قبيل انطلاق القمة العربية العادية الـ32 في مدينة جدة، الجمعة، تعزز فرص نجاح القمة في تحقيق أهدافها.

تأتي استضافة المملكة للقمة العربية الـ32 امتدادًا لدورها القيادي على المستوى الإقليمي والدولي، وحرص قيادتها على تعزيز التواصل مع قيادات الدول العربية والتباحث المستمر وتنسيق المواقف حيال الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك.

وقبيل استضافتها للقمة، قادت السعودية على مدار الفترة الماضية جهودا حثيثة لتعزيز التضامن العربي، وحققت اختراقات عدة لعدد من ملفات وأزمات المنطقة، ضمن مقاربة جديدة لحل أزمات المنطقة برؤية مختلفة، بما يسهم في دعم أمن واستقرار المنطقة ولم الشمل العربي.


الملف السوري.. عودة دمشق

أبرز تلك الاختراقات، شهدها الملف السوري، وتوج بعودة سوريا للجامعة العربية، ومشاركة رئيسها في القمة العربية الـ32، بعد غياب 12 عاما.

وقادت السعودية جهودا أكدت أن هدفها "تحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي كل تداعياتها (...) وتساهم في عودة سوريا إلى محيطها العربي، واستئناف دورها الطبيعي به".

وتوجت تلك الجهود بقيام وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بزيارة إلى سوريا 18 أبريل/نيسان، هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، ضمن حراك عربي لإعادة سوريا لحاضنتها العربية بدأته دولة الإمارات العربية المتحدة باستقبال الرئيس السوري بشار الأسد في مارس/آذار 2022 و2023.

زيارة وزير الخارجية السعودي جاءت بعد أيام من مبادرة سعودية باستضافة اجتماع وزاري تشاوري بجدة شارك فيه وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر والعراق وتصدر أجندته أيضا بحث "التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية ينهي كل تداعياتها ويحافظ على وحدة سوريا، وأمنها واستقرارها، وهويتها العربية، ويعيدها إلى محيطها العربي، بما يحقق الخير لشعبها".

وتكللت تلك الجهود بقرار من الجامعة العربية في السابع من الشهر الجاري، بعودة سوريا للمشاركة في اجتماعاتها، بعد أكثر من 11 عامًا على تعليق أنشطة دمشق إثر الاحتجاجات التي شهدتها البلاد.

ووصل الرئيس السوري، بشار الأسد، الخميس، إلى مطار الملك عبد العزيز الدولي في مدينة جدة للمشاركة في أعمال الدورة الـ32 لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة التي تنعقد غدا، تلبية لدعوة رسمية من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، للمشاركة في القمة.

وستكون مشاركته في قمة جدة هي الأولى منذ حضوره قمة سرت في ليبيا عام 2010.

ويرتقب أن تكون عودة سوريا إلى حاضنتها العربية بندا مهما على أجندة القمة وبيانها الختامي.


الملف السوداني.. اتفاق جدة

ومن سوريا إلى السودان، التي شهدت أزمتها أيضا اختراقا سعوديا على طريق التوصل لحل لها.

وتشهد القمة العربية الـ32 أزمة جديدة على أجندتها، إثر اندلاع اشتباكات عنيفة في السودان منذ 15 أبريل/نيسان الماضي، بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ "حميدتي"، شملت العاصمة الخرطوم وعدة مدن شمالي وغربي البلاد، وأوقعت العديد من القتلى والجرحى، وتسببت بأزمة إنسانية حادة.

وبالتزامن مع انطلاق القمة العربية، تتواصل جهود السعودية لحل للازمة التي دخلت شهرها الثاني، بعد أن تكللت جهودها على مدار الفترة الماضية بالتوصل إلى إعلان مبادئ بين طرفي الأزمة في جدة 11 مايو/آيار الجاري.

والخميس الماضي، اتفق الجيش السوداني و"الدعم السريع" على "إعلان جدة"، الذي يتضمن التزامات إنسانية تنفذ فورا، وجدولة لمحادثات مباشرة جديدة مستمرة في السعودية على أمل التوصل إلى وقف لإطلاق النار.

ومن بين تلك الالتزامات، تمكين إيصال المساعدات الإنسانية بأمان، واستعادة الخدمات الأساسية، وانسحاب القوات من المستشفيات والعيادات، والسماح بدفن الموتى.

ورغم تواصل الاشتباكات بعد التوصل لإعلان المبادئ، إلا أنه يعد خطوة على طريق التوصل لحل للأزمة.

وضمن أحدث جهود التوصل لحل للأزمة، عقد الاجتماع الأول لمجموعة الاتصال العربية الوزارية المعنية بمتابعة تطورات الوضع في السودان، في مدينة جدة الأربعاء، لبحث أهمية التوصل لوقف فوري ومستدام لإطلاق النار حفاظًا على مقدرات شعب السودان ومؤسساته الوطنية.

وشدد الاجتماع، الذي شارك فيه وزيرا خارجية مصر سامح شكري والسعودية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وأمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، على أهمية التعامل مع الأزمة السودانية باعتبارها شأنًا داخليًا، ومحورية دور دول الجوار ومجموعة الاتصال العربية فى معالجة الأزمة.

كما حذرت المجموعة من التدخل في الشأن السوداني، وأعربت عن دعمها لإعلان جدة الإنساني الخاص بحماية المدنيين وتسهيل العمل الإنساني وتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة.

وأكد أعضاء مجموعة الاتصال على مواصلة المجموعة جهودها ومساعيها الحميدة مع كل الأطراف السودانية، وتنسيقها مع التجمعات والشركاء الإقليميين والدوليين، للتوصل إلى حلول للأزمة، مع دعوة المجتمع الدولي لتوفير الدعم الإنساني والطبي العاجل للشعب السوداني.

ويرتقب أن يبحث القادة العرب تلك الأزمة بشكل معمق خلال قمتهم في جدة، بحثا عن حلول لها.

 

الملف اليمني.. دعم السلام

 

أيضا شهد الملف اليمني اختراقا مهما خلال الفترة القليلة الماضية.

وتمثل أكبر إنجاز في مساعي السلام اليمني فيما شهدته صنعاء شهر أبريل/نيسان الماضي من "نقاشات جادة ومكثفة" مع الحوثيين، أجراها وفد سعودي وآخر عماني.

وكانت الخارجية السعودية أفادت بأن الفريق السعودي برئاسة سفيرها لدى اليمن محمد آل جابر عقد مجموعةً من اللقاءات في صنعاء، شهدت نقاشات مُتعمّقة في كثير من الموضوعات ذات الصلة بالوضع الإنساني؛ وإطلاق جميع الأسرى، ووقف إطلاق النار، والحل السياسي الشامل في اليمن.

ووصف البيان تلك اللقاءات والنقاشات بأنها اتسمت "بالشفافية وسط أجواء تفاؤلية وإيجابية".

وأوضح أنه "نظرًا للحاجة إلى مزيد من النقاشات؛ فستستكمل تلك اللقاءات في أقرب وقت؛ بما يؤدي إلى التوصل إلى حل سياسي شامل ومستدام ومقبول من جميع الأطراف اليمنية".

ورغم محاولات مليشيات الحوثي عرقلة التحركات الدولية التي تقودها الرياض ومسقط والأمم المتحدة لإنضاج تسوية سياسية في اليمن، إلا أن الرياض تدفع باتجاه التوصل إلى سلام شامل في البلاد.

وفي تصريحات له نشرت قبل أيام، أكد محمد آل جابر السفير السعودي لدى اليمن أن بلاده تلعب دور الوسيط بين مختلف المكونات اليمنية، بمن فيهم الحوثيون.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن آل جابر قوله إن "أطراف الحرب في اليمن جديون بشأن إنهاء الحرب المدمرة التي اندلعت قبل 8 سنوات، لكن يصعب التنبؤ بموعد إجراء محادثات مباشرة".

وفي حين أكد السفير السعودي أن "الجميع جديون. جديون بمعنى أن الجميع يبحث عن السلام"، ولكنه بين أنه: "ليس من السهل تبيّن الخطوات التالية بوضوح". وتابع: "لا شيء واضح، لكنني متفائل ونأمل بإذن الله أن يجد اليمنيون مخرجا في أسرع وقت ممكن".

ويرتقب أن تدعم القمة العربية جهود السعودية للتوصل لسلام في اليمن، وأن يصدر منها موقف قوي رفضا لمحاولات ميلشيا الحوثي عرقلة تلك الجهود.