الأزمة التونسية والحلول المالية البديلة.. تعبئة قرض بـ120 مليون دولار محليًا

اقتصاد

اليمن العربي

تبحث تونس عن حلول بديلة لتعبئة موارد موازنتها العامة التي تشكو عجزًا في ظل تأخر إتمام قرض بـ1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

وتواجه تونس ضغوطًا للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، بشأن برنامج قرض بقيمة 1،9 مليار دولار أمريكي مقابل حزمة إصلاحات جوهرية للاقتصاد. ولكن الخلاف يحوم حول مراجعة نظام الدعم بالحد منه أو الغائه وهو ما رفضه الرئيس سعيّد صراحة، محذرًا من ضرب السلم الأهلي في تونس.

الأزمة الاقتصادية الحادة التي تشهدها تونس فاقمتها تداعيات تفشي جائحة كورونا، وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية إثر تصاعد الأزمة الروسية الأوكرانية وتحولها إلى حرب لا تزال قائمة.

وإثر تعثر حصول تونس عن القرض، وقعت السلطات التونسية، الثلاثاء، على اتّفاقية تعبئة قرض مجمع بالعملة الصعبة لدى 12 مؤسسة بنكية محلية بمبلغ يتجاوز 400 مليون دينار (ما يعادل 120 مليون دولار).

وأوضحت وزيرة المالية سهام البوغديري خلال حفل توقيع الاتفاقية الذي جرى بمقر الوزارة بالعاصمة، أنّ هذه الاتفاقية تندرج ضمن تعبئة موارد الاقتراض لتمويل ميزانية الدّولة المبرمجة ضمن قانون الماليّة لسنة 2023، مشيرة إلى أنّ هذا القرض يعدّ شكلا من أشكال التمويل الملائم من حيث الشروط والكلفة.

وثمّنت الوزيرة ما أبدته البنوك التونسيّة من تفاعل إيجابي في التفاوض حول إبرام الاتفاق المتعلّق بهذا القرض، مبيّنة الدور المحوري الذي يضطلع به القطاع المالي والمصرفي في معاضدة مجهود الدولة للمحافظة على التوازنات المالية ودعم نسق الحركة الاقتصادية، وفق بلاغ صادر عن وزارة المالية.

وأشارت الوزيرة في سياق آخر إلى الجهود التّي تبذلها الدّولة في الظرف الراهن من أجل تحسين التشريعات الجاري بها العمل في القطاع المصرفي مبيّنة أنّ مشروع مجلة الصّرف الجديدة الذي تشتغل عليه الحكومة حاليا من شأنه أن يساهم في تحسين نجاعة منظومة الصّرف وتبسيط إجراءاتها ودعم دورها في تحسين مناخ الأعمال والاستثمار.

وخشية من تدهور الوضع الاجتماعي في تونس، تحاول إيطاليا جاهدة لمساعدة تونس خوفا من تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى ترابها في عمليات الهجرة غير الشرعية.

والاثنين، قال وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني، إنه لا يمكن أن يكون التمويل الممنوح لتونس، مشروطًا بإصلاحات الرئيس التونسي قيس سعيّد، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة مالية اقتصادية صعبة.

وقال تياني في تصريحات لموقع صحيفة "ال ميساجيرو" الإيطالية، إن بلاده ستواصل بذل كل ما في وسعها لدعم تونس اقتصاديًا ودعوة الشركاء الأوروبيين للنظر في أزمة هذا البلد من خلال "منظور أفريقي".

وأضاف تاياني "لا يجب أن يكون التمويل مشروطا بإصلاحات الرئيس سعيّد، بل يجب أن يسير جنبًا إلى جنب. قدمت إيطاليا بالفعل 10 ملايين يورو وهناك 100 مليون يورو أخرى في الطريق".

من جهته، أكد الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي أنه في حال عدم توفر الحل مع صندوق النقد الدولي أو توفير موارد أخرى للعملة الصعبة سيتفاقم العجز التجاري وسيؤدي بدوره إلى مزيد تراجع الدينار التونسي.

وأوضح في تصريحات إن هذا كله سيؤدي إلى عدم الاستقرار على مستوى الأسعار وتفاقم التضخم المالي المستورد وضعف القدرة التنافسية للمؤسسات التونسية والصادرات في الأسواق الخارجية.

ودعا رضا الشكندالي إلى استعداد تونس من الآن إما إلى استحثاث المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لعقد اتفاق معه في أقرب وقت أو البدء في برنامج مالي للإنقاذ يدرّ على توسم موارد من العملة الصعبة.

وأكد أنه مع بداية أكتوبر/تشرين الأول القادم، تونس مطالبة بتسديد نحو 500 مليون اورو كديون عمومية وفي نوفمبر نحو 412 مليون دولار كأقساط لصندوق النقد الدولي وهي معطيات قد تؤدي إلى مزيد تآكل للعملة الصعبة.

وأكد أنه يجب إيجاد مصادر أخرى لتمويل موازنة البلاد والحصول على العملة الصعبة خاصة في ظل تعطل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وقد بلغ مخزون تونس من العملة الصعبة 94 يوم توريد، وفق آخر معطيات نشرها البنك المركزي التونسي. وبذلك يُسجل احتياطي العملة الصعبة تراجعا مقارنة بنفس اليوم من سنة 2022 عندما بلغ 126 يوم توريد.

وقد نما الاقتصاد التونسي خلال الربع الأول من العام الجاري بواقع 2.1 بالمئة، مقابل 2.4 بالمئة في الربع نفسه من العام الماضي، ومقابل 1.6 بالمئة للربع الرابع من العام الماضي، حسب بيانات أصدرها المعهد الوطني التونسي للإحصاء الاثنين.

وشهد قطاع الخدمات تحسنا ملحوظا خلال هذا الربع حيث نما بنسبة 3.2 بالمئة، مدفوعا بالأداء الإيجابي لقطاع الفنادق والمطاعم والمقاهي الذي نما بـ 16.3 بالمئة وقطاع النقل بـ 5.3 بالمئة وقطاع الاعلام والاتصال بنسبة 4.8 بالمئة. ولكن قطاع الزراعة شهد تباطؤا ملحوظا حيث انكمش بنسبة 3.1 بالمئة، مع توقعات من معهد الإحصاء باستمرار هذا الانكماش حتى نهاية العام الجاري، إضافة لانكماش قطاع الصناعة بنسبة 1 بالمئة.

وأضاف المعهد أنه وبالرغم من ارتفاع التضخم في البلاد لنحو 10 بالمئة خلال الربع الأول من العام الجاري، إلا أن الطلب الداخلي حافظ على أدائه بعد ارتفاعه بنسبة 1.8 بالمئة، ليظل الدافع الأساسي لمسار النمو ومساهمًا بواقع 1.9 نقطة مئوية في النمو.

كما ساهم صافي التبادلات الخارجية بـ0.2 نقطة في نسبة النمو نتيجة لارتفاع حجم الصادرات من السلع والخدمات بنسبة 12.3 بالمئة.

وكانت وزارة الاقتصاد التونسية قد توقعت انخفاض معدل النمو الاقتصادي في عام 2023 إلى 1.8 بالمئة، كما تسعى إلى تخفيض عجز الموازنة في العام الجاري إلى 5.5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي بدلًا من 7.7 بالمئة في 2022، عبر تطبيق برنامج تقشفي.