الانتخابات التركية.. تفاصيل يوم الاقتراع "الأصعب"

عرب وعالم

اليمن العربي

سويعات قليلة وتنطلق أجراس أهم انتخابات في تركيا خلال 20 عاما، والتي ستحدد مصير البلد وعلاقاته وتوازناته الخارجية، واسم ساكن القصر، الذي سيعلن بعد التاسعة من مساء الأحد.

وعشية الانتخابات، ارتد المتنافسون إلى الحصن التقليدي؛ فالرئيس رجب طيب أردوغان اختتم حملته بالصلاة في آيا صوفيا، تلك الكاتدرائية البيزنطية الوردية العائدة إلى القرن الرابع بالتباهي أمام حشد من مؤيديه بإعادة تحويل آيا صوفيا إلى مسجد بقوله: "الغرب كله أصيب بالجنون! لكنني فعلت ذلك".

في المقابل، اختتم كمال كليجدار أوغلو الذي عاد إلى أنقرة، حملته السبت، بزيارة رمزية لضريح مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة والعلمانية. وتوجه إلى أنصاره بالقول: "ركزوا طاقتكم على بناء المستقبل وليس القتال من أجل الماضي".

وفضل كل طرف التمترس خلف أطروحته الرئيسية عشية انتخابات رئاسية وبرلمانية وصفت بالـ "صعبة"، ودعي إليها أكثر من 60 مليون ناخب تركي في الداخل والخارج.


التصويت في أرقام

زيارات رمزية للمرشحين الرئيسيين أعقبها، مرحلة الصمت الانتخابي التي بدأت في الساعة السادسة من مساء السبت بالتوقيت المحلي، ويحظر فيها أي مظاهر للدعاية الانتخابية.

ويتوجه اليوم الأحد، 60 مليون ناخب إلى 191 ألف صندوق اقتراع في عموم البلاد، لانتخاب رئيس جديد لتركيا لمدة 5 سنوات، واختيار أعضاء البرلمان بدورته الثامنة والعشرين.

ويبدأ التصويت في الساعة الثامنة صباحا، في جميع أنحاء البلاد، ويستمر حتى الخامسة مساء بالتوقيت المحلي، لكن يمكن مده في كل مقر على حدة، لمنح فرصة للناخبين للإدلاء بأصواتهم إن كانت هناك كثافة.


لجان خاصة

بعد الزلازل التي ضربت تركيا في فبراير/شباط الماضي، اتخذت الهيئة العليا للانتخابات التركية، تدابير مختلفة لمنح الناخبين فرصًا للإدلاء بأصواتهم، فأعدت مراكز مسبقة الصنع، في حدائق المدارس المتضررة من الزلازل.

وسيُسمح للناخبين الذين غادروا منطقة الزلزال الإدلاء بأصواتهم في المدن التي يقيمون فيها حاليا، حسب الهيئة العليا للانتخابات.


محظورات انتخابية

- وللحفاظ على الأمن ونزاهة الانتخابات، وضعت لجنة الانتخابات عددًا من المحظورات أثناء عملية التصويت:

- يُحظر إدخال الهواتف المحمولة، والكاميرات إلى مكان التصويت.

- يُحظر تقديم الأخبار والتنبؤات والتعليقات على نتائج الانتخابات في الإذاعات وجميع أنواع أجهزة البث حتى انتهاء الموعد الرسمي للتصويت.
- يُحظر أيضا حمل الأسلحة حتى للذين يملكون تصريحا بحملها.

- يُحظر بيع المشروبات الكحولية واستهلاكها في الأماكن العامة.


النتائج والتحالفات

سيتم إلغاء الأصوات التي لم يتم وضع إشارة "نعم" أو "تفضيل" عليها، أو تم وضع اختيار أكثر من تحالف، أو حزب أو مرشح ليس في نفس التحالف.

وأعلن رئيس الهيئة العليا للانتخابات التركية، أحمد ينار، قبل أسبوع، أن النتائج الأولية للانتخابات العامة والرئاسية عنها ستُعلن مساء يوم الاقتراع نفسه.

وبين 24 حزبا مشاركين في الاقتراع البرلماني، يحق دخول البرلمان الذي يضم 600 مقعد، لكل حزب يحصل على 7% من أصوات الناخبين، أو أن يكون جزءا من تحالف يحصل على هذه النسبة.

ومن أبرز التحالفات في الانتخابات؛ تحالف الشعب (الجمهور)، وهو تحالف حزب العدالة والتنمية الحاكم (حزب أردوغان) وحزب الحركة القومية وحزب الرفاه الجديد، بينما أعلن حزب "الاتحاد الكبير" دعمه للتحالف دون الانضمام إليه رسميا.

وفي مواجهة هذا التحالف يأتي تحالف الأمة المعارض الذي تم تشكيله خلال الانتخابات الأخيرة بين حزب الشعب الجمهوري وحزب الخير وحزب السعادة والحزب الديمقراطي، وانضم إليه بعد ذلك حزبا المستقبل بزعامة أحمد داوود أوغلو، والديمقراطية والتقدم بزعامة علي باباجان.

ويسعى التحالف المعارض إلى الفوز في الانتخابات ووضع حد لحكم حزب العدالة والتنمية الذي يستمر منذ عام 2002. ويدعم المرشح الرئاسي كمال كليجدار أوغلو.

وهناك أيضا تحالف الأجداد، والذي يضم أحزابًا يمينية ويشمل: "حزب الظفر، حزب القويم، حزب العدالة، وحزب دولتي"، والإعلان عن سنان أوجان كمرشح رئاسي للتحالف. ويعارض هذا التحالف وجود المهاجرين غير النظاميين والأجانب، في تركيا، معلنا أن أجندته تتمحور حول ترحيل الأجانب.


الانتخابات الأصعب

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن الرئيس التركي أطلق سيلا من الرسائل السلبية خلال الأسابيع والأيام الماضية التي تسبق الانتخابات التركية، متهما خصومه بالارتباط بجماعات "إرهابية" وقوى غربية لم يسمها بأنها تحاول تقسيم البلاد.

ويرى الكثير من خصوم الرئيس التركي أن لغته تعكس "إحساسا بالهزيمة والمخاوف بشأن خسارة السباق"، أمام منافسه الرئيسي، كمال كليجدار أوغلو. فيما اعتبر آخرون تكتيكات حملته الانتخابية، التي تشمل إغراءات مالية للجمهور ومناشدات للجماهير تتعلق بالكرامة الوطنية، قد تكون مؤشرات على اليأس.

ووفقًا لاستطلاعات الرأي المتعددة، يبدو السباق متقاربا للغاية، مما يثير تساؤلًا حول "كيف يبدو أردوغان ضعيفًا للغاية قبل انتخابات يوم الأحد".

وزعمت الصحيفة أن "أردوغان يتحمل نصيب الأسد من اللوم عن الأزمات الوطنية، بما في ذلك تباطؤ الاقتصاد، التي كانت سببا في توحيد المعارضة التي كانت تعاني انقساما في السابق".

في الوقت نفسه، قالت إن المعارضة التركية باتت أقوى وأكثر تماسكا مما كانت عليه من قبل، وأن كليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري الوسطي، الذي يتحالف رسميا مع خمسة أحزاب أخرى، يحظى بدعم حزب الشعوب الديمقراطي الذي يقوده الأكراد، مما قد يمنحه ملايين الأصوات.

في الوقت ذاته، أقر أردوغان بمواجهته صعوبة كبيرة في استمالة الناخبين الشباب الذين لا يتذكرون الفساد والفوضى الاقتصادية التي كانت سائدة في ظل الحكومات العلمانية في تركيا في التسعينيات.


موقف الغرب وموسكو

من جهة أخرى، رأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن "خسارة أردوغان في تركيا ستحدث ارتياحا الغرب وتثير قلقا في موسكو التي ستخسر شريكا اقتصاديا ودبلوماسيا مهما إذا خسر الرئيس التركي انتخابات اليوم الأحد".

الصحيفة أشارت إلى أن الانتخابات الرئاسية تحظى بمتابعة عن كثب في العواصم الغربية ومقر حلف شمال الأطلسي والكرملين، كون تركيا تلعب دورا بالغ الأهمية كوسيط في العلاقات المعقدة والمربكة في كثير من الأحيان بين الغرب وروسيا.

ووفقا للصحيفة، فإن المسؤولين الغربيين رفضوا الحديث عن مرشحهم المفضل، لتجنب اتهامهم بالتدخل في السياسة الداخلية لتركيا، لكنه ليس سرا أن القادة الأوروبيين، ناهيك عن الإدارة الأمريكية، سيكونون سعداء إذا خسر أردوغان.

وقال كارل بيلدت، رئيس الوزراء السويدي السابق، يوم الجمعة، "نريد جميعًا تركيا أكثر مرونة"، هذا العضو الذي يحظى بأهمية استراتيجية لحلف شمال الأطلسي الذي أصبح، في عهد أردوغان، شريكًا مزعجًا بشكل متزايد للاتحاد الأوروبي.

وتحظى الانتخابات التركية بمتابعة وثيقة من روسيا، فتحت حكم أردوغان، أصبحت أنقرة شريكًا تجاريًا لا غنى عنه لروسيا، وفي بعض الأحيان وسيطًا دبلوماسيًا، وهي علاقة اكتسبت أهمية أكبر بالنسبة للكرملين منذ بدء العملية العسكرية في أوكرانيا.

في المقابل، يسود شعور قوى داخل دوائر الاتحاد الأوروبي وواشنطن بابتعاد تركيا في عهد أردوغان عن القيم والأعراف الأوروبية مثل سيادة القانون وحرية الصحافة.

وعلى صعيد الناتو، يسود شعور بالأمل بأن يؤدي تغيير القيادة في تركيا إلى إنهاء المواجهة حول الموافقة على انضمام السويد إلى التحالف العسكري، قبل قمة فيلنيوس، في ليتوانيا، في يوليو/تموز المقبل.

وفي واشنطن، أثارت علاقة أردوغان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وخلافاته مع "الناتو" غضب المسؤولين، بل وقاد بعض أعضاء الكونغرس إلى اقتراح ضرورة استبعاد تركيا من الحلف.

وفي الوقت الذي تعتقد فيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبدرجة أقل، حلف شمال الأطلسي (الناتو) أنهم سيستفيدون من انتصار المعارضة، فمن شبه المؤكد أن بوتين سيعد خاسرا إذا تمت الإطاحة بأردوغان، وفق الصحيفة.