بحر الشمال.. محرك جديد لعهد أوروبي "نظيف ومتجدد"

اقتصاد

اليمن العربي

في العام الماضي، عقدت الدنمارك وألمانيا وبلجيكا وهولندا في سياق خطط إزالة الكربون في أوروبا أول قمة لبحر الشمال، في مدينة إسبيرغ الساحلية الدنماركية.

الأهداف الأساسية جاءت توافقية عبر طاقة الرياح البحرية في إعلان إسبيرغ، الذي وضع الأساس لتطوير بحر الشمال كمحطة طاقة خضراء لأوروبا ولإسهامها في الحياد المناخي وأمن الطاقة.

وفي قمة بحر الشمال الثانية المنعقدة في بلجيكا يوم الاثنين 24 أبريل/نيسان 2023، تعهدت 7 دول أوروبية ضمن الاتحاد الأوروبي بما في ذلك فرنسا وألمانيا وهولندا جنبًا إلى جنب مع الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (النرويج والمملكة المتحدة) بالإسراع في بناء مزارع للرياح، وكذلك تطوير "جزر للطاقة" - أو مواقع توليد الطاقة المتجددة المتصلة في البحر - والعمل على استخلاص الكربون ومشاريع الهيدروجين في المنطقة.


تعزيز الحياد المناخي إحدى مخرجات قمة بحر الشمال

أفاد المستشار الاتحادي لألمانيا أولاف شولتس أن: "هدفنا هو أن يكون لدينا اقتصاد محايد مناخيًا بحلول عام 2045، وفي ذلك الوقت نريد أن نولد طاقتنا الكهربائية من توربينات الرياح، والطاقة الشمسية، وتوليد الطاقة بالكامل دون الوقود الأحفوري من أجل حماية المناخ". كما أضاف رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو "هدفنا هو جعل أوروبا أكثر خضرة، ومستقلة في مجال الطاقة".

فقد أقرت مسودة إعلان القمة للزعماء أن الدول الأوروبية المحيطة ببحر الشمال تهدف للحصول على طاقة إنتاجية تبلغ 120 جيجاوات بحلول عام 2030 وما لا يقل عن 300 جيجاوات بحلول عام 2050 أي أكثر من أربعة أضعاف الطاقة الحالية البالغة 25 جيجاوات وذلك بفضل طاقة الرياح الواعدة في بحر الشمال والتي ستعد محطة للطاقة الخضراء، إلا أن ذلك يتجاوز بكثير قدرات الإنتاج الوطنية الحالية لأي من الدول الموقعة.


تعهدات أوروبية لتعزيز الاعتماد على الطاقة المتجددة

هولندا وبريطانيا بدورهما أكدا عزمهما بناء أكبر وصلة كهرباء عابرة للحدود في أوروبا متصلة بمزرعة رياح بحرية، حيث وصلت حجم الاستثمار ات في مزارع الرياح البحرية الأوروبية إلى أدنى مستوى لها في 10 سنوات عام 2022 لما واجه المطورون من أرقام قياسية للتضخم وأسعار الفائدة وتقلبات أسواق الطاقة. كما تعهد الاتحاد الأوروبي والنرويج بتطوير البنية التحتية لاحتجاز وتخزين ثاني أكسيد الكربون من الانبعاثات الصناعية في حقول غاز بحر الشمال المستنفدة.

ومن المقرر أن تُشيد بلجيكا أول جزيرة طاقة اصطناعية في العالم مطلع العام المقبل على مساحة تتراوح بين 5 و6 هكتارات مائية في موقع يبعد عن الساحل البلجيكي بنحو 45كم، وسيعمل المشروع على الربط الكهربائي بين مزارع الرياح البحرية بمنطقة الأميرة إليزابيث البحرية وسعتها 3.5 جيجاوات مع الشبكات الكهربائية البرية عالية الجهد.

ويذكر أن بلجيكا تعد حاليًا الدولة الثانية عالميًا من حيث الطاقة الإنتاجية البحرية للفرد بعد الدنمارك مباشرة. ووفقًا للحكومة البلجيكية، تنتج مزارع الرياح البلجيكية في بحر الشمال 2.26 جيجاوات من الطاقة البحرية بهدف مضاعفة هذا الإنتاج ثلاث مرات بحلول عام 2030 ليصل إلى 6 جيجاوات.

ويتطلع إعلان القمة أيضًا إلى ما وراء بحر الشمال إلى المحيط الأطلسي والبحر السلتي والبحر الأيرلندي، فقد أضاف رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فرادكار أن "الدول ستبذل المزيد من الجهود لتسريع نشر مصادر الطاقة المتجددة البحرية" في هذه المناطق.


تعزيز أمن الطاقة الأوروبي عبر أكبر محطة للطاقة الخضراء بالقارة

تهدف الخطة إلى جعل بحر الشمال أكبر مورد للطاقة في أوروبا بحلول عام 2050، فقد أشار المستشار الاتحادي لألمانيا في كلمته أمام القمة: "لقد أوصلت الأشهر القليلة الماضية رسالة مفادها أنه من الأهمية بمكان التعاون بشكل وثيق قدر الإمكان في قضايا الطاقة في أوروبا ". كما أضاف أن "خطوط الكهرباء هي شريان الحياة لأوروبا. ولسنوات عديدة حتى الآن، لم ننتج الطاقة لأنفسنا فحسب، ولكن أيضًا لجيراننا والعكس صحيح".

حيث يكمن الهدف من تطوير الطاقات الإنتاجية لبحر الشمال في الحد من الاعتماد على الغاز الروسي، وتقليل استخدام الوقود الأحفوري الذي ينبعث منه ثاني أكسيد الكربون، والذي لا يزال مهيمنًا، فقد كانت النرويج العام الماضي أكبر مورد للغاز في أوروبا، بعد أن قطعت روسيا الشُحنات إلى أوروبا عقب بدء عمليتها العسكرية في أوكرانيا.

وفي ضوء استمرار التوترات الجيوسياسية، ستخفض الدول التسع أيضًا من استهلاكها للوقود الأحفوري واعتمادها على الواردات النفطية، حيث أفاد رئيس الوزراء الدنماركي ميت فريدريكسن، بأن: "المزيد من الطاقة الخضراء سيعزز أمن الطاقة لدينا كأوروبيين، وبالطبع ستوفر أيضًا أسعار طاقة موثوقة لمنازلنا وشركاتنا".