حفل تتويج الملك تشارلز.. زي إمبراطوري فاخر يخفي محنة الاقتصاد البريطاني

اقتصاد

اليمن العربي

في حفل بالغ الفخامة وأجواء من الأبهة أعادت بريطانيا إلى أزمان المجد الإمبراطورية، تجري اليوم مراسم تتويج تشارلز الثالث ملكا للمملكة المتحدة، ضمن سلسلة فعاليات فاخرة لا تعبر مطلقا عن الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد.

وترى صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، أن أصداء الحفل المهيب قد تتلاشى سريعا في مقابل طغيان عناوين أزمات كبرى مثل التضخم، وأزمة الطاقة، وتداعيات الحرب في أوكرانيا.

وقد ساهمت هذه الأزمات مسبقا في إقناع المنظمين بتخفيض تكاليف الحفل دون التنازل عن التقاليد الإمبراطورية.

وكانت تقارير سابقة قد تحدثت عن عزم الملك تشارلز الثالث التخفيف من مظاهر الأبهة والفخامة في حفل تتويجه على خلفية الأوضاع الاقتصادية الضاغطة التي تشهدها البلاد.

ووفقا لتقرير "بي بي سي"، شملت قائمة المدعوين للحفل 2300 شخصK وهي قائمة تعد متواضعة مقارنة مع قائمة المدعوين الذين شاركوا في حفل تتويج والدته الملكة إليزابيث الثانية في عام 1953، إذ فاق عددهم الـ8000 شخص.


تحديات كبرى

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، فإن الاقتصاد البريطاني يواجه العديد من التحديات الكبرى، أبرزها تراجع معدل النمو وارتفاع معدلات التضخم رغم رفع البنك المركزي البريطاني معدل الفائدة.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يكون النمو في المملكة المتحدة هو الأسوأ بين الاقتصادات الكبيرة هذا العام، كما سيعاني من أكبر انخفاض في حجم القوى العاملة في سن العمل مقارنة بأي دولة من دول مجموعة السبع منذ بدء الوباء.

وهناك مشكلة أخرى هي استمرار التضخم، والذي تعدى خانة الآحاد وظل الآن في خانة مزدوجة لمدة 7 أشهر متتالية رغم أن نمو الأسعار يتراجع بشكل أسرع في أوروبا والولايات المتحدة.

وتمثل أيضا أزمة تكلفة المعيشة المستمرة قلقا لرئيس الوزراء ريشي سوناك الذي وعد بخفض التضخم إلى النصف بحلول نهاية العام ويصارع مع عمال القطاع العام المضربون الذين يطالبون بأجور أعلى.

ومع ذلك، على الرغم من بروز التضخم البريطاني، إلا أن هناك أسبابًا للاعتقاد بأنه سوف يتقارب مع نظرائه قريبًا.


التضخم

انخفض التضخم في المملكة المتحدة بأقل من المتوقع في مارس/آذار إلى 10.1% بمقدار نقطة مئوية واحدة فقط منذ ذروته في أكتوبر/ تشرين الأول.

وبينما يبلغ معدل التضخم السنوي في منطقة اليورو 6.9% و5% في الولايات المتحدة؛ فكلاهما أقل بكثير من الذروة.

واستمر معدل التضخم مرتفعا في بريطانيا رغم تراجع الأسعار العالمية وأبرزها تراجع في أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا بشكل حاد، وانحسار الاضطرابات في سلسلة التوريد بسبب الزيادات السريعة لمعدلات الفائدة من قبل البنوك المركزية أدي إلى تقليص الطلب تدريجيًا.

وترتبط معدلات التضخم في المملكة المتحدة بعدة عوامل، أبرزها أن أسعار الطاقة هي القوة الدافعة وراء التضخم الأوروبي منذ اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، وبالتالي أدى الانخفاض في أسعار الغاز الطبيعي بالجملة إلى تراجع معدلات التضخم في دول الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمملكة المتحدة.

ويرجع ذلك إلى الاختلافات في كيفية تحديد أسعار الطاقة الاستهلاكية، ومع ذلك يتوقع أن تتراجع أسعار الطاقة في بريطانيا بسرعة في الأشهر المقبلة.


المواد الغذائية

وارتفعت أسعار المواد الغذائية في المملكة المتحدة أيضًا. ففي مارس/آذار دفع ارتفاع أسعار الخبز والحبوب إلي تسجيل أسعار الغذاء لأعلى مستوى له منذ 45 عامًا وارتفعت تكلفة النقل عالميًا منذ حرب أوكرانيا.

وأدى نقص العمالة وضعف الجنيه الاسترليني وضعف الإنتاج الزراعي في الدول الموردة لبريطانيا إلى تفاقم الأزمة. وترتفع أسعار المواد الغذائية بمعدلات مماثلة في الاتحاد الأوروبي.

وبالنظر إلى المستقبل، فتقلص تكاليف الطاقة عالميا ينبغي أن ينتقل إلى المتاجر.

وتشير البيانات الأخيرة إلى أن التوظيف في المملكة المتحدة يظهر علامات على التباطؤ وسط انخفاض خطط التوظيف وتراجع نمو الأجور، إلا أنه لم يضعف بالسرعة التي كان يأملها بنك إنجلترا.


الفائدة

ومن المتوقع أن تؤدي الزيادات السابقة في أسعار الفائدة إلى ضغوط على الطلب، وزيادة البطالة، وتخفيف ضغوط الأسعار، ولكن مع ارتفاع التضخم الأساسي إلى أكثر من 3 أضعاف المعدل المستهدف لدى بنك إنجلترا، وما يزال صانعو السياسة بحاجة إلى ضمان تحسين وضع الأسعار المحلية، وهذا يعني أن زيادة سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل تبدو مقبولة.

ويجب أن يعني تخفيف ضغوط الأسعار العالمية أن التضخم الرئيسي في المملكة المتحدة قد يتراجع إلى خانة الآحاد. لكن بنك إنجلترا المركزي لا يزال بحاجة إلى إنهاء مهمة كبح ضغوط الأسعار.