الأمم المتحدة تأسف لـ "إخفاقها" في وقف الحرب بالسودان واستمرار خرق الهدن

عرب وعالم

اليمن العربي

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأربعاء، عن أسفه لـ "إخفاق" المنظمة في وقف الحرب في السودان حيث تقوّض المعارك المستمرة جهود ترسيخ الهدنة.

وقال غوتيريش لصحفيين في نيروبي إن الأمم المتحدة "فوجئت" بتفجر العنف في السودان لأنه كان مأمولًا أن تثمر المفاوضات بين عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو.

وأضاف "لم نتوقع حدوث ذلك. يمكن القول إننا أخفقنا في منع حصول ذلك".

وأشار غوتيريش إلى أن "بلدًا مثل السودان عانى كثيرًا، لا يمكنه تحمّل نزاع على السلطة بين شخصين".

وتزامنت تصريحات غوتيريش مع زيارة للمفوّض الأممي للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث إلى السودان، غداة إعلان جنوب السودان أن طرفي النزاع وافقا "مبدئيًا"، خلال اتصال مع الرئيس سلفا كير، على هدنة تبدأ الخميس.

وتسود حال من الفوضى العاصمة السودانية منذ اندلعت المعارك في 15 نيسان/أبريل بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه دقلو الملقب "حميدتي".

وأسفرت المعارك في الخرطوم ومناطق أخرى، خصوصًا في دارفور في الغرب، عن 550 قتيلًا على الأقل و4926 جريحًا، حسب بيانات رسمية لوزارة الصحة يُعتقد أنها أقلّ بكثير من الواقع.

ودفعت الاشتباكات أكثر من 100 ألف آخرين إلى اللجوء لدول مجاورة، في تطوّر دفع إلى التحذير من "كارثة" إنسانية قد تطال تداعياتها المنطقة بأسرها.

ويوم الأربعاء، طالب غريفيث بضمانات أمنية "على أعلى مستوى" لتأمين إيصال المساعدات إلى السودان، بعد نهب ست شاحنات تحمل مساعدات غذائية على وقع استمرار المعارك.

وشدّد غريفيث على وجوب "ترجمة هذه الضمانات إلى التزامات محدّدة".

وأشار إلى أن ست شاحنات تنقل مساعدات غذائية لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة نُهبت "في طريقها" إلى دارفور غربي السودان.

وكانت وزارة خارجية جنوب السودان أعلنت الثلاثاء أن طرفي النزاع وافقا "مبدئيًا" خلال اتصال مع كير، على هدنة من "4 إلى 11 أيار/مايو".

وليل الأربعاء/الخميس قال الجيش إنه "وافق" على هذا التمديد الذي اقترحته منظمة "إيغاد" الأفريقية، مضيفًا: "موافقتنا تنطلق من مبدأ الحلول الأفريقية" في القارة.

وتعهد معسكر البرهان بتعيين "مبعوث للتفاوض على هدنة" مع معسكر دقلو برعاية رؤساء جنوب السودان وكينيا وجيبوتي في بلد لم يحدد.

ولم يكن قد صدر موقف بهذا الصدد عن قوات الدعم السريع بحلول منتصف الليل بتوقيت السودان.

وشدد الجيش في بيانه على أن كل تعهداته مشروطة بـ "التزام" الطرف الآخر بالهدنة.

وسبق أن أعلن الطرفان مرارًا وقفًا لإطلاق النار لكن أي هدنة لم تصمد. والهدنة الحالية مددت الأحد 72 ساعة وانتهت مفاعيلها يوم الأربعاء الساعة 22،00 ت غ.


إدانات متزايدة

أفاد سكان من العاصمة الخرطوم، يوم الأربعاء، بسماعهم "أصوات اشتباكات ودوي انفجارات باتجاه مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان (غرب الخرطوم)"، فيما أكد آخرون لوكالة فرانس برس سماع "أصوات مضادات طائرات أرضية قرب المطار".

وما زاد الوضع سوءًا هو أنّ أعمال العنف والنهب لم توفر المستشفيات ولا المنظمات الإنسانية التي اضطر كثير منها إلى تعليق أعماله.

وتعمل 16% فقط من المنشآت الصحية في الخرطوم لكنها تعاني نقص المستلزمات وكوادرها الطبية منهكة، حسب منظمة الصحة العالمية.

وأعلنت السعودية التي تنظم عمليات لإجلاء مدنيين وتقود جهودًا لوقف المعارك، الأربعاء أنّ مجموعة مسلّحة اقتحمت وخرّبت ملحقيتها الثقافية في السودان.

ودانت السعودية الاقتحام ودعت إلى احتواء التصعيد ووضع حد للعنف.

ونزح نحو 450 ألف مدني هربًا من المعارك وفق المنظمة الدولية للهجرة، لجأ أكثر من 115 ألفًا منهم إلى دول مجاورة.

وأعلنت السفارة السودانية في العاصمة الإريترية أن حدود إريتريا مفتوحة أمام الفارين من المعارك، مشيرة إلى أن الوافدين جوًا سيُسمح لهم بالدخول بلا تأشيرات.

وتستمر المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما استدعى إدانات دولية.

وقال مبعوث الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) إسماعيل أويس إن "الجنرالين على الرغم من موافقتهما على وقف النار يواصلان المعارك وقصف المدينة".

وشدد على أن استمرار المعارك "يعقّد الوضع السياسي والأمني والإنساني ميدانيًا ويصعّب إيجاد الحل".

ويوم الثلاثاء، حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من أن "المنطقة كلّها يمكن أن تتأثر بالمعارك في السودان".

من جانبها، عقدت "منظمة التعاون الإسلامي" اجتماعًا طارئًا الأربعاء خلص إلى مطالبة "الأشقاء في السودان بتغليب لغة الحوار والتحلي بضبط النفس والحكمة، والعودة بأسرع فرصة ممكنة إلى طاولة المفاوضات لمواصلة الجهود السلمية لحل الأزمة السودانية، بما يحافظ على وحدة السودان ومؤسسات الدولة ويحقق طموحات الشعب السوداني في الاستقرار السياسي والاقتصادي".

وشدّدت المنظمة على "ضرورة مراعاة أن النزاع في السودان شأن داخلي خالص"، محذرة من "أي تدخل خارجي في السودان أيًا تكن طبيعته أو مصدره، مع وجوب الحفاظ على تماسك مؤسسات الدولة في السودان".

ودعا غريفيث إلى إزلة "المعوقات البيروقراطية أمام إيصال المساعدات" مشيرًا إلى أنه واجه شخصيًا صعوبات في الاستحصال على تأشيرة دخول.

وإضافة إلى العاصمة الخرطوم، امتد العنف إلى إقليم درافور حيث أسفر عن مقتل 99 شخصًا على الأقل، وفق نقابة أطباء السودان.

وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فإن أكثر من 70 بالمئة من 330 ألف نازح في السودان نزحوا من ولايتي غرب دارفور وجنوب دارفور.

وشهد إقليم دارفور حربًا دامية بدأت عام 2003 بين نظام الرئيس المعزول عمر البشير ومتمردين ينتمون إلى أقليات إثنية، ما أسفر عن مقتل 300 ألف شخص ونزوح 2،5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.

ولجأ البشير في تلك الحرب إلى تشكيل ميليشيا "الجنجويد" بقيادة دقلو، والتي تطورت لاحقًا إلى قوات الدعم السريع التي أنشئت رسميًا عام 2013.

وكان البرهان ودقلو أطاحا معًا عام 2021 شركاءهما المدنيين بعدما تقاسما السلطة معهم منذ سقوط نظام عمر البشير عام 2019.

لكن سرعان ما ظهرت خلافات بينهما وتصاعدت حدتها، ومن أبرز أسبابها شروط دمج قوات الدعم السريع في الجيش.