اقتراب قرض صندوق النقد.. هل ينقذ الاقتصاد التونسي؟

اقتصاد

اليمن العربي

مازال الوضع الاقتصادي التونسي لم يجد حلولا للخروج من أزمته التي تنتظر التوصل النهائي لقرض صندوق النقد، الذي سيكون ضمانة لمانحين آخرين.

ومازالت المفاوضات سارية بين الحكومة التونسية وإدارة صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار يأتي على 4 دفعات لمدة 4 سنوات، مقابل الالتزام بحزمة إصلاحات لإنعاش المالية العامة ودفع النمو الاقتصادي.

وتشمل الإصلاحات نظام الدعم والمؤسسات العمومية المتعثرة والتحكم في كتلة الأجور وغيرها من الإصلاحات الأخرى، وهي إجراءات قوبلت بتحفظ كبيرا من الاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة النقابية الأكبر في البلاد وبرفض من الرئيس التونسي قيس سعيد. وقال الرئيس سعيد في شهر أبريل/نيسان الماضي، إن "الإملاءات التي تأتي من الخارج وتؤدي إلى مزيد من التفقير مرفوضة".

وبالرغم من هذه التعثرات، إلا أن صندوق النقد الدولي أكد الأربعاء أنه على وشك الانتهاء من ترتيب مالي من شأنه أن يسمح لتونس بالحصول على تمويل بقيمة 1.9 مليار دولار.

وفي حوار له نشرته قناة الشرق على موقعها الإلكتروني، قال مدير إدارة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ووسط آسيا في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور "كنا بحاجة إلى ضمان وجود تمويل كافٍ للبرنامج.. والخبر السار هو أننا أوشكنا على الانتهاء".

وأوضح أزعور قائلا "لقد عملنا مع الحكومة وحلفاء تونس لحشد ضمانات تمويل إضافية، كما أن السلطات حققت تقدماً فيما نسميه الإجراءات السابقة.. ولا تزال هناك بعض الأمور التي يتعين الانتهاء منها".

وأقر المتحدث بوجود مخاوف حقيقية بشأن التأكد من أن بعض الإجراءات سيكون تأثيرها موزعاً بشكل سليم، وصرّح في هذا السياق "نحن أيضاً قلقون جداً بشأن ذلك.. نريد التأكد من أن الإنفاق الاجتماعي سيكون أكثر استهدافاً، ونعتقد أن إصلاح دعم الطاقة سيحقق ذلك".

وتلقت آمال قرب توصل تونس لاتفاق مع صندوق النقد دفعة قوية من تصريحات سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى تونس جوي هود، الذي قال أثناء لقائه يوم الثلاثاء مع وزير الشؤون الاجتماعية التونسي مالك الزاهي، إن بلاده مستعدة لتقديم الدعم إلى تونس، والعمل على إعادة النظر في شروط الموافقة على ملفها بصندوق النقد الدولي.

وتزامن هذا الموقف مع زيارة يقوم بها وفد من الكونغرس الأمريكي إلى تونس يترأسه رئيس لجنة القوات المسلّحة في مجلس النواب مايك روغرز.

وأكد سفير الولايات المتحدة على متانة العلاقات التاريخية التي تجمع بين البلدين، مذكّرا بأن تونس شريك فاعل للولايات المتحدة وتحتل مكانة مرموقة.

وعقب تصريحات جهاد أزعور، حققت السندات الدولية التونسية الأربعاء، مكاسب كبيرة بدعم من آمال توصل البلاد إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة دعم حجمها 1.9 مليار دولار.

وكانت السندات التونسية المقومة بالدولار التي تستحق في عام 2025 هي الرابح الأكبر إذ ارتفعت بما يصل إلى 2.3 سنت مسجلة أعلى مستوياتها في شهر عند أكثر من 53 سنتا بقليل حسبما أظهرت بيانات تريدويب، كما ارتفعت السندات المقومة باليورو بما يصل إلى 1.6 سنت.


انهيار تونس مبالغ فيه

وقال الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي، إنه بإمكان السلطات التونسية الطلب من صندوق النقد الدولي تأجيل رفع الدعم (الإنفاق الاجتماعي) لسنة إضافية.

وأكد أن هذا الطلب لا يُخل بالاتفاق التقني مع صندوق النقد الدولي، خاصة وأن موازنة الدولة لسنة 2023، قد بنيت على فرضية سعر برميل نفط أعلى مما هو متوفر حاليا في السوق المالية، وهو ما من شأنه أن يوفر أرباحا لميزانية الدولة.

وأضاف الشكندالي أن تأخير رفع الدعم سيعطي أريحية في التفاوض مع الاتحاد العام التونسي للشغل وبالتالي انخراطها في برنامج الإصلاحات والموافقة على اتفاق التمويل من النقد الدولي.

وأكد الشكندالي أن أبرز ما عطل توصل الحكومة لاتفاق مع الصندوق هو عدم توفر أرضية تفاهم مع الشركاء الاجتماعيين لتنزيل برنامج الإصلاحات الاقتصادية وتنفيذه.

ولفت إلى أن تعبئة الموارد المالية لتونس تتطلب 5 مليارات دولار، وأن حشد هذه التمويلات يتطلب أرضية محلية ملاءمة لذلك، لإيجاد حلول لصعوبات الاقتصاد التونسي.

وشدد الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي، على أن الحديث عن انهيار اقتصاد تونس مبالغ فيه، قائلا: "لسنا في انهيار، لكننا نعيش أزمة مالية بامتياز مع تراجع الموارد المالية الخارجية، وتعثر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي".

والأربعاء، بلغ مخزون تونس من العملة الصعبة ما يعادل 94 يوم توريد، وفق آخر معطيات نشرها البنك المركزي التونسي.

وبذلك يُسجل احتياطي العملة الصعبة تراجعا مقارنة بنفس اليوم من سنة 2022 عندما بلغ 126 يوم توريد.

وتبلغ حاجة تونس للاقتراض الإضافي لسنة 2023 ما يقارب 25 مليار دينار (8 مليارات دولار)، في حين تبلغ قيمة تسديد خدمة الدين وحده العام الجاري 21 مليار دينار، أي ما يقارب 30% من حجم الموازنة البالغة نحو 70 مليار دينار (22.6 مليار دولار).