"نساء المتعة" يثأرن للتاريخ.. شهادات تُورط سول وتطارد واشنطن

عرب وعالم

مبنى كانت تحتجز فيه
مبنى كانت تحتجز فيه النساء العاملات في الجنس

ينتفضن من رماد التاريخ يطلبن العدالة لإساءات تعرضن لها بإجبارهن على أن يكن "نساء متعة" أو "عاهرات الغرب" بالحرب العالمية الثانية.

و "نساء المتعة"، هن سيدات أجبرن على القيام بأعمال جنسية وترفيهية لصالح الجنود الأمريكيين خلال فترة الاحتلال لشبه الجزيرة الكورية من العام 1910 حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.

صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، ذكرت أنه كانت هناك "وحدات خاصة لنساء المتعة" للجنود الكوريين الجنوبيين، و"محطات راحة" لقوات الأمم المتحدة التي تقودها الولايات المتحدة خلال الحرب.

ووفقا للصحيفة، فإنه في سنوات ما بعد الحرب، عمل عدد كبير من هؤلاء النساء في "مدن المعسكرات"، التي بنيت حول القواعد العسكرية الأمريكية.

وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، حققت 100 من هؤلاء النساء انتصار تاريخيا عندما أمرت المحكمة العليا في كوريا الجنوبية بتعويض هؤلاء النساء عن الصدمة الجنسية التي تعرضن لها.

وأدينت الحكومة بـ "تبرير وتشجيع" الدعارة في مدن المعسكرات لمساعدة كوريا الجنوبية للحفاظ على تحالفها العسكري مع الولايات المتحدة وجني دولارات أمريكية.

كما ألقت هؤلاء النساء باللوم على الحكومة في الطريقة "المنهجية والعنيفة" التي احتجزت بها النساء وإجبارهن على تلقي العلاج من الأمراض المنقولة جنسيًا.


شهادات

في مقابلات مع صحيفة نيويورك تايمز، وصفت 6 نساء سابقات في المعسكرات الكورية الجنوبية كيف استخدمتهن حكومتهن لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية قبل التخلي عنهن.

وبتشجيع من أحكام المحكمة - التي اعتمدت على وثائق رسمية تم الكشف عنها مؤخرًا – تسعى هؤلاء الضحايا الآن إلى رفع قضيتهم إلى الولايات المتحدة.

وقالت بارك كوناي، التي بيعت لقواد عام 1975، عندما كانت في السادسة عشرة من عمرها: "على الأمريكيين أن يعرفوا ما فعله بعض جنودهم بنا"، مشيرة إلى أنها تعرضت للضرب المبرح وغيره من الإساءات.

وفي أعقاب الحرب الكورية، حلت كوريا الجنوبية في المرتبة الثانية بعد جارتها الشمالية في القوة العسكرية والاقتصادية.

فيما بقيت القوات الأمريكية في الجنوب تحت علم الأمم المتحدة لحمايتها من الشمال، لكن كوريا الجنوبية كافحت لإبقاء الجنود الأمريكيين على أراضيها.

وفي عام 1961، اعتبرت مقاطعة كيونغ جي، المنطقة المكتظة بالسكان المحيطة بسول، أنه "من الضروري إعداد مرافق جماعية لنساء المتعة لتوفير الراحة لقوات الأمم المتحدة ورفع معنوياتهم"، وفقًا للوثائق المقدمة إلى المحكمة كدليل.

ومنحت الحكومة المحلية تصاريح للنوادي الخاصة لتوظيف هؤلاء النساء "لتوفير الميزانية وكسب العملات الأجنبية". وقدرت عدد نساء المتعة في ولايتها القضائية بعشرة آلاف، لتخدم 50 ألف جندي أمريكي.

وعندما أعلن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في عام 1969 عن خطط لخفض عدد القوات الأمريكية المتمركزة في كوريا الجنوبية، بذلت الحكومة مزيدًا من الجهود.

وفي العام التالي، أبلغت الحكومة البرلمان أن كوريا الجنوبية تجني 160 مليون دولار سنويًا من الأعمال التجارية الناتجة عن الوجود العسكري الأمريكي، بما في ذلك تجارة الجنس. (بلغ إجمالي صادرات البلاد في ذلك الوقت 835 مليون دولار).

وجذبت مدن المخيمات بعض النساء لكسب لقمة العيش، فيما اختطفت أخريات، مثل السيدة تشو، التي تم اختطافها أو استدراجها بوعد بالعمل.

على الرغم من أن الدولارات لم تذهب مباشرة إلى الحكومة، إلا أنها دخلت الاقتصاد الذي كان متعطشا للعملة الصعبة.

ووصفت صحيفة كورية جنوبية في ذلك الوقت هؤلاء النساء بـ "الشر الضروري، مثل السرطان، الشر الضروري". واعتبرت نساء المتعة أيضا محاربات في الخطوط الأمامية لكسب الدولارات.


"عاهرات الغرب"

رفض المجتمع في الغالب هؤلاء النساء ووصفن بـ "عاهرات الغرب"، واعتبرن جزءا من ثمن الحفاظ على الوجود العسكري الأمريكي في البلاد بعد الحرب.

كانت الدعارة ولا تزال غير قانونية في كوريا الجنوبية، لكن التنفيذ كان انتقائيًا ومتنوعًا في قساوته بمرور الوقت، فتم إنشاء مدن المعسكرات جزئيًا لتقييد النساء حتى يمكن مراقبتهن بسهولة أكبر، ولمنع الدعارة والجرائم الجنسية التي تورط فيها جنود أمريكيون من الانتشار إلى بقية المجتمع.

ووصفت النساء كيف كان يتم جمعهن في دروس شهرية حيث أشاد بهن المسؤولون الكوريون الجنوبيون بوصفهن "وطنيات يجنين الدولار"، بينما حثهن الضباط الأمريكيون على تجنب الأمراض المنقولة جنسيًا.

وكان لا بد من اختبار النساء مرتين في الأسبوع؛ وجرى احتجاز النساء ممن ثبتت إصابتهن لتلقي العلاج الطبي.

ولم تكشف أي من الوثائق الحكومية التي نشرت في السنوات الأخيرة عن أي دليل يشير إلى تورط كوريا الجنوبية بشكل مباشر في تجنيد النساء في القوات الأمريكية، على عكس العديد من النساء اللواتي أجبرن على العبودية الجنسية في ظل الاحتلال الياباني.

ولكن على عكس ضحايا الجيش الياباني - الذين تم تكريمهن كرموز لمعاناة كوريا تحت الحكم الاستعماري - تقول هؤلاء النساء إنه كان عليهن العيش في خجل وصمت.