بيان من الجيش السوداني.. ماذا يحدث في الخرطوم؟

عرب وعالم

اليمن العربي

حذرت القيادة العامة للجيش السوداني من منعطف تاريخي وخطير تمر به البلاد ويرتبط بحشد قوات الدعم السريع في الخرطوم وبعض المدن.

جاء ذلك في بيان مصور صدر فجر اليوم الخميس عن القيادة العامة للقوات المسلحة وألقاه المتحدث باسم الجيش السوداني، العميد ركن نبيل عبدالله.

وقالت القيادة: "بلادنا تمر بمنعطف تاريخي وخطير وتزداد مخاطره بقيام قوات الدعم بتحشيد القوات والانفتاح في العاصمة وبعض المدن".

وأضافت: "تحركات قوات الدعم السريع تمت دون موافقة قيادة القوات المسلحة أو مجرد التنسيق معها مما أثار الهلع والخوف لدى المواطنين".

وتابعت: "لم تنقطع محاولتنا لإيجاد الحلول السلمية لهذه التجاوزات حفاظا على الطمأنينة العامة وعدم الرغبة في نشوب صراع مسلح".

وجددت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية تمسكها بما تم التوافق عليه في دعم الانتقال السياسي، وفقا لما جاء في الاتفاق الإطاري.

وحذرت القوى السياسية في السودان من مخاطر المزايدة في مواقف القوات المسلحة الوطنية.


مسؤولية دستورية

القيادة العامة للجيش السوداني أكدت أن القوات المسلحة يقع على عاتقها دستوريا وقانونيا حفظ وصون أمن وسلامة البلاد، ويعاونها في ذلك أجهزة الدولة المختلفة.

وقالت: "نظمت القوانين كيفية تقديم هذا العون، بناء على ذلك وجب علينا أن ندق ناقوس الخطر بأن بلادنا تمر بمنعطف تاريخي وخطير، وتزداد مخاطره بقيام قيادة قوات الدعم السريع بتحشيد القوات والانفتاح داخل العاصمة وبعض المدن".

وأعادت التأكيد على أن "هذه التحركات والانفتاحات تمت دون موافقة قيادة القوات المسلحة أو مجرد التنسيق معها مما أثار الهلع والخوف في أوساط المواطنين، وفاقم من المخاطر الأمنية وزاد من التوتر بين القوات النظامية".

ومضت في بيانها: "لم تنقطع محاولات القوات المسلحة في إيجاد الحلول السلمية لهذه التجاوزات وذلك حفاظا على الطمأنينة العامة وعدم الرغبة في نشوب صراع مسلح يقضي على الأخضر واليابس".

وتابعت: "هذه الانفتاحات وإعادة تمركز القوات يخالف مهام ونظام عمل قوات الدعم السريع وفيه تجاوز واضح للقانون ومخالفة لتوجيهات اللجان الأمنية المركزية والولائية واستمرارها سيؤدي حتما إلى المزيد من الانقسامات والتوترات التي ربما تقود إلى انفراط عقد الأمن بالبلاد".

وفي مطلع أبريل/ نيسان الجاري، عصفت خلافات حول بعض القضايا العالقة، بموعد توقيع الاتفاق النهائي بين القوى السياسية والجيش والدعم السريع في السودان.

وسبق أن تم تأجيل التوقيع على اتفاق سياسي نهائي بين القوى السياسية والجيش والدعم السريع، بسبب عدم وجود "توافق حول بعض القضايا العالقة".

ويرتبط الخلاف في الأساس حول ملف "دمج قوات الدعم السريع" وجدوله الزمني، حيث تجرى المفاوضات برعاية الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، إيقاد).

وكان من المقرر توقيع اتفاق نهائي يؤدي إلى حكومة مدنية الشهر الماضي وبدء انتقال جديد نحو الانتخابات، إلا أن الخلافات ظهرت في مارس/آذار الماضي حول الجدول الزمني لدمج قوات الدعم السريع في الجيش، وهي خطوة تمت الدعوة إليها في الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ونص الاتفاق الإطاري على تأجيل النظر في بعض القضايا الحساسة، من بينها الإصلاح الأمني والعدالة الانتقالية، وإجراء المزيد من المناقشات حولها.


أين الأزمة؟

مصادر سياسية وعسكرية قالت في وقت سابق إن المحادثات في السودان التي تستهدف التوصل إلى اتفاق نهائي لتعيين حكومة مدنية، وبدء انتقال جديد نحو الانتخابات وصلت إلى طريق مسدود بشأن القضية الشائكة المتمثلة في إعادة هيكلة الجيش.

ودمج قوات الدعم السريع ووضع الجيش تحت سلطة مدنية كانا من المطالب الأساسية للاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير منذ أربع سنوات، فيما يعتبر محللون أن إصلاح قطاع الأمن حاسم في فرص السودان في التحول إلى الديمقراطية.

وسبق أن انسحب مندوبو الجيش والشرطة والمخابرات من المحادثات احتجاجا على عدم وجود أي جدول زمني للاندماج.

وقالت المصادر إنه بينما يفضل الجيش السوداني جدولا زمنيا مدته عامان للاندماج، اقترح وسطاء دوليون خمس سنوات بينما اقترحت قوات الدعم السريع عشر سنوات.

ورغم ذلك، فإن القوتين (الجيش وقوات الدعم السريع) قالتا في تصريحات بثت سابقا إنهما ملتزمتان بالمحادثات وتنتظران نتائج لجنة فنية تناقش تفاصيل الاندماج.

وكان من المقرر التوقيع على إعلان دستوري أكثر رسمية في السادس من أبريل/نيسان، مع حكومة مدنية من المقرر تسميتها في 11 أبريل/نيسان، إلا أن تأجيل الاتفاق، قد يرجئ تلك الخطط، حسب مراقبين.

يذكر أن رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، دعا خلال كلمة ألقاها في افتتاح المناقشات حول الإصلاح الأمني والعسكري والتي نص عليها الاتفاق الإطاري الذي وقعه العسكريون مع المدنيين في ديسمبر /كانون الأول الماضي، إلى التوقف عن مساندة الحكومات الديكتاتورية كما سبق أن فعلت خلال العقود الأخيرة.

وضع الاتفاق مبادئ توجيهية لعملية انتقالية يقودها المدنيون، لكنه لم يتضمّن أي جداول زمنية، ما دفع منتقديه إلى وصفه بأنه "غامض".

ويقول محلّلون إن إصلاحات قطاع الأمن، وخصوصا دمج قوات الدعم السريع في الجيش، هي نقطة الخلاف الرئيسية بين البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو المعروف بـ "حميدتي" والذي يقود هذه القوات شبه العسكرية التي تشكلت في العام 2013 للقضاء على التمرّد في دارفور.

لكن الرجلين حضرا افتتاح تلك المناقشات مع دعوتهما إلى إتمام عملية الدمج، وقال دقلو إن "الإصلاح الأمني والعسكري مهمة ليست سهلة ونسير نحو إقامة جيش موحد (..) قبلنا الإصلاح الأمني والعسكري برضا ووعي بضرورة وجود جيش مهني موحد".

وفيما قال دقلو إن قوات الدعم السريع لن تتخلى عن "خيار التحول الديمقراطي"، أكد البرهان سعيه إلى "بناء جيش مهني بعيدا عن السياسة".