مشاورات سياسية سعودية تركية بالرياض.. محطة جديدة لتعزيز العلاقات

السعودية

اليمن العربي

بخطى واثقة يواصل قطار العلاقات السعودية التركية المضي قدما في طريق تعزيز التعاون في مختلف المجالات، بدعم وتوجيهات قيادات البلدين.

وضمن أحدث محطات تعزيز العلاقات، تم عقد جولة المشاورات السياسية الأولى بين البلدين في العاصمة السعودية الرياض لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات.


جولة المشاورات السياسية الأولى

واستقبل نائب وزير الخارجية السعودي وليد بن عبدالكريم الخريجي، في مقر وزارة الخارجية بالرياض، الإثنين، نظيره التركي السفير بوراك أكتشبار، والوفد المرافق.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس" أنه جرى خلال الاستقبال عقد جولة المشاورات السياسية الأولى بين حكومتي المملكة العربية السعودية وجمهورية تركيا، تم خلالها بحث سبل تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات، بالإضافة إلى تكثيف العمل والتنسيق الثنائي لتحقيق تطلعات قيادتي البلدين، ومناقشة أبرز القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

يتوج عقد جولة المشاورات السياسية الأولى بين البلدين العلاقات المتنامية بين البلدين، التي بدأت تعود لمسارها الطبيعي قبل نحو عام بعد فترة توتر.

وتتسارع الخطى لتعزيز العلاقات السعودية-التركية، خصوصا بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمملكة 29 أبريل/نيسان الماضي، وزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى تركيا في 22 يونيو/حزيران الماضي.

وأثمرت الزيارتان جملة من الفوائد في مقدمتها تعزيز العلاقات المشتركة ونقلها إلى مرحلة جديدة هدفها دعم وتطوير كل ما يحقق التنمية والازدهار للبلدين الصديقين.


تعاون برلماني

وقبيل نحو أسبوعين من عقد جولة المشاورات السياسية الأولى بين السعودية وتركيا، عقدت يوم 22 مارس/آذار الماضي لجنة الصداقة البرلمانية السعودية التركية في مجلس الشورى السعودي برئاسة عضو المجلس رئيس اللجنة الدكتور إبراهيم بن محمد القنّاص، اجتماعا مع سفير الجمهورية التركية لدى المملكة فاتح أولوصوي، بحضور أعضاء مجلس الشورى أعضاء لجنة الصداقة البرلمانية السعودية التركية بالمجلس.

وتناول الاجتماع العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية تركيا.

وجرى خلال الاجتماع استعراض علاقات التعاون بين المملكة العربية السعودية وجمهورية تركيا في مختلف المجالات وسبل تعزيزها وتنميتها، لا سيما العلاقات البرلمانية.

وأكد الجانبان خلال الاجتماع أهمية تفعيل دور لجنتي الصداقة البرلمانية في مجلس الشورى ومجلس الأمة التركي الكبير لما لهما من دور في استكشاف آفاق أوسع لعلاقات التعاون بما يخدم مصالح البلدين وشعبيهما الشقيقين.

وكان الرئيس رجب طيب أردوغان قد استقبل، في القصر الرئاسي في العاصمة التركية أنقرة 26 ديسمبر/كانون الأول الماضي رئيس مجلس الشورى السعودي الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، بحضور رئيس مجلس الأمة التركي الكبير الدكتور مصطفى شنطوب.

وأكد أردوغان خلال اللقاء عمق العلاقات بين البلدين، وأعرب عن تطلعه لزيادة العمل الذي يساعد في تنميتها وتعزيزها في مختلف المجالات.


تعزيز التعاون الاقتصادي

وجاء اجتماع لجنة الصداقة البرلمانية السعودية التركية بعد 3 أيام من اجتماع وزير التجارة السعودي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتجارة الخارجية الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي، بوزير التجارة التركي محمد موش، وذلك خلال زيارته المملكة.

وأقيم خلال الزيارة ملتقى الأعمال السعودي التركي، إذ شهد الملتقى توقيع 3 اتفاقيات في قطاع الصناعة، بحضور 450 شركةً من كبرى الشركات السعودية والتركية.

وقال وزير التجارة التركي موش خلال الملتقى إن «السعودية وتركيا قوتان اقتصاديتان صاعدتان ولديهما مزايا تنافسية كبيرة»، لافتًا إلى تطلعه لرفع حجم التبادل التجاري إلى 10 مليارات دولار خلال الأعوام المقبلة.

وافتتحَ الدكتور القصبي أولَ معرض تجاري للصادرات التركية " ترك إكسبو 2023" الذي أقيم بمدينة الرياض خلال الفترة من 19-21 مارس/آذار الماضي.

وأقيم المعرض بهدف التعريف بالمنتجات والخدمات المُقدمة من الشركات التركية، ووفر المعرض فرصة اللقاء بالعديد من المصدرين والمستوردين في قطاع الإنشاءات، بمشاركة 150 شركةً تركيةً.


5 مليارات دولار وديعة سعودية

وامتدادًا للعلاقات التاريخية وأواصر التعاون الوثيقة التي تجمع المملكة العربية السعودية مع الجمهورية التركية وشعبها الشقيق، أعلنت المملكة تقديم 5 مليارات دولار وديعة في البنك المركزي التركي من خلال الصندوق السعودي للتنمية.

جاء هذا تنفيذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.

ووقّع رئيس مجلس إدارة الصندوق السعودي للتنمية أحمد بن عقيل الخطيب، في 6 مارس/آذار الماضي، في تركيا، اتفاقية بقيمة 5 مليارات دولار وديعة لصالح البنك المركزي التركي.


دعم إنساني

أيضا ظهرت العلاقات الأخوية بين البلدين، خلال وقوف المملكة إلى جانب تركيا بعد الزلزال الذي ضرب البلاد 6 فبراير/شباط الماضي.

وبادرت المملكة بدعم ومؤازرة تركيا بإرسال المساعدات الإغاثية لمساندة الشعب التركي بعد الزلزال، وتسخير الجهود كافة، للوقوف مع المحتاجين لتخفيف آثار كارثة الزلزال.

وفور وقوع الزلزال، أجرى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، اتصالًا هاتفيًا، بالرئيس التركي، قدّم خلاله التعازي له ولشعب تركيا وأهالي ضحايا الزلزال، مؤكدًا وقوف المملكة ومساندتها للجمهورية التركية لتجاوز هذه الكارثة الطبيعية.

وقام الرئيس رجب طيب أردوغان بزيارة ميدانية لبعثة مركز الملك سلمان للإغاثة والفرق السعودية المشاركة معه في مساعدة ضحايا الزلزال في مدينة أنطاكيا 20 فبراير/شباط الماضي.

وأعرب عن شكره وتقديره لحكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده على الوقفة الأخوية مع الشعب التركي بعد الزلزال الذي تعرضت له البلاد مؤخرا، وتقديم المساعدات الإغاثية والإيوائية المتنوعة وإرسال فرق بحث وإنقاذ وفرق تطوعية وطبية.


مراحل تطور العلاقات

ومرت العلاقات بين السعودية وتركيا بمراحل عدة في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

فقد شهدت علاقات البلدين "نقلة نوعية" منذ تولي أردوغان الرئاسة في 28 أغسطس/آب 2014، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز حكم المملكة في 23 يناير/كانون الثاني 2015، واستمرت تلك الفترة  حتى عام 2017.

وخلال تلك الفترة القصيرة تم عقد 10 قمم بين قادة البلدين، كان آخرها في يوليو/تموز 2017.

تم خلال تلك القمم الاتفاق على مجلس تنسيق مشترك بين البلدين لتعزيز التعاون، وعقد بالفعل دورته الأولى، في العاصمة التركية أنقرة يومي 7 و8 شباط/فبراير/شباط 2017.

ومع منتصف 2017، بدأت العلاقات تتوتر بين البلدين بسبب عدد من الملفات، ووصل هذا الخلاف ذروته، بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقحي، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018.

ورغم تعامل السعودية بشفافية مطلقة مع القضية، ومحاكمة المتهمين بها، إلا أن تعامل أنقرة مع القضية ومحاولة استغلالها سياسيا على خلفية التوتر الجاري في العلاقات بين البلدين، ساهم في زيادة تعميق الخلاف.

ومع منتصف عام 2021، بدأت تركيا للعودة إلى قاعدة تصفير المشاكل مع دول المنطقة، التي رأت أن يد التقارب حان لها أن تمد لدول الخليج خاصة دولة الإمارات والسعودية.

وخلال تلك الفترة، كثفت تركيا تقديم رسائل إيجابية للسعودية على طريق إعادة تصويب مسار قطار العلاقات بين البلدين إلى طريقه الصحيح.

وضمن جهود عدة قامت بها تركيا، لإعادة العلاقات مع المملكة إلى سابق عهدها، وفي خطوة تطوي صفحة خاشقجي نهائيا قضت محكمة تركية في 7 أبريل/نيسان الماضي بوقف محاكمة السعوديين المشتبه بهم في قضية مقتله، وإحالتها إلى السعودية.

خطوة استبقها أردوغان بتصريحات له في 22 فبراير/شباط 2022، أكد فيها حرصه على تعزيز العلاقات مع السعودية.

تلك التصريحات استبقها وأعقبها مباحثات عدة بين وزيري خارجية البلدين الأمير فيصل بن فرحان ومولود جاويش أوغلو، ضمن جهود تحسين العلاقات بين البلدين.

وتوجت تلك الجهود بزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمملكة 29 أبريل/نيسان الماضي، قبل أن يستقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في تركيا 22 يونيو/حزيران الماضي.

ونهاية أبريل/نيسان الماضي زار أردوغان السعودية للمرة الأولى منذ 2017، والتقى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.

وجرى خلال الاجتماع استعراض العلاقات السعودية التركية، وفرص تطويرها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى بحث مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها.

وأجرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان زيارة تاريخية إلى تركيا، 22 يونيو/حزيران الماضي، تعد الأولى له إلى البلاد، منذ توليه ولاية العهد قبل 5 سنوات، تؤكد طي مرحلة توتر شهدتها علاقات البلدين على مدار سنوات، وتدشين مرحلة جديدة من التعاون بين الرياض وأنقرة تجني البلدان والمنطقة ثمارها حاليا.