قائد قوي وصديق لروسيا.. سر تجاهل بوتين لاعتقال ترامب

عرب وعالم

اليمن العربي

صمت روسي لافت للانتباه تجاه مثول الرئيس السابق دونالد ترامب أمام القضاء بدا ظاهريا محاولة للنأي بالنفس عن التدخل بشؤون بلد آخر.

ورغم رفض الكرملين، الأربعاء، التعليق على اعتقال ترامب، فإن بعض المحللين يعتقدون أن هناك شيئا آخر خلف الصمت أكثر من السبب المعلن بعدم التدخل في شؤون بلد آخر.

وكالة "تاس" الروسية نقلت عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قوله في وقت سابق: "لا نعتبر أن من حقنا التدخل بأي شكل في الشؤون الداخلية للولايات المتحدة.. ونعتقد أنه لا يحق لواشنطن التدخل في شؤوننا كذلك. وبالتالي. لن نود التعليق على هذا".

تعليقات بيسكوف جاءت ردا على سؤال بشأن محاكمة ترامب، الثلاثاء، الذي واصل الإدلاء بتصريحات إيجابية عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حتى بعد بداية الحرب في أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، حسب مجلة "نيوزويك" الأمريكية.

ووجهت لترامب 34 تهمة بتزوير سجلات تجارية بعد تحقيق أجراه مكتب مدعي عام مانهاتن ألفين براغ، تتعلق بدفعه أموالا لشراء صمت نجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانييلز قبل انتخابات عام 2016.

في المقابل، دفع ترامب ببراءته من الاتهامات، وأنكر علاقته بدانييلز، وكذلك ارتكاب أي خطأ في القضية.


معاملة بالمثل

وعلى الرغم من تصريحات بيسكوف التي تشير إلى خلاف ذلك، قال مارك كاتز بكلية شار للسياسة والحكومة بجامعة ماسون، إن الكرملين علق على الشؤون الداخلية لدول أخرى.

وأضاف كاتز لمجلة "نيوزويك": "منذ أيام (الاتحاد) السوفياتي، زعمت موسكو أنها، على عكس واشنطن، لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، رغم أن موسكو فعلت ذلك بالفعل".

وتابع: "بعدم التعليق على مشكلات ترامب، أشك في أن موسكو ربما تسعى لتلقي معاملة بالمثل من الجمهوريين الموالين لترامب على وجه الخصوص لعدم (التدخل) في الشؤون الداخلية لروسيا بانتقاد بوتين".

وكانت هناك أمثلة حديثة لمسؤولين روس يعلقون على القضايا الأمريكية. وتحدث بوتين عن اثنين من أكبر القصص الإخبارية في الولايات المتحدة على مدار السنوات القليلة الماضية خلال مؤتمر صحفي في 2021 عندما أشار إلى احتجاجات "حياة السود مهمة" وأحداث شغب الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني عام 2021.

ولدى سؤاله خلال مؤتمر في جنيف في 16 يونيو/حزيران عام 2021 بشأن الحملات القمعية الروسية على المعارضين، قال بوتين إن موسكو تحاول تجنب ما وصفه بـ "الفوضى والاضطراب وانتهاك القانون" الذي شهدته الولايات المتحدة خلال الاحتجاجات التي اندلعت عقب مقتل جورج فلويد في أثناء توقيف الشرطة له في مينيابوليس.

كما شكك بوتين على ما يبدو في الحاجة إلى اعتقال مثيري الشغب في 6 يناير/كانون الثاني 2021، قائلا: "إن الناس التي وجهت إليها اتهامات ذهبت إلى الكابيتول الأمريكية (بمطالب سياسية) وتمت معاملتهم (كإرهابيين محليين)".

وهنا علق كاتز بقوله: إن "موسكو ربما تحاول الآن أن تكون نموذجا للسلوك المحترم بين القادة الروس والأمريكيين، الذي قد ترغب فيه من واشنطن".


معارك تلفزيونية

أما جيسون جاي سمارت، الذي قدم استشارات لعدة حملات سياسية في أوروبا، فقد قال لمجلة نيوزويك: "في تاريخ الولايات المتحدة وروسيا، عادة عندما تهاجمان بعضهما البعض، ما يحدث هو أن واشنطن ستتحدث من المستوى الرسمي.. سيهاجم الرئيس وستهاجم وزارة الخارجية".

وتابع: "بينما في الجانب الروسي، لا يفعلون ذلك عادة.. وبدلا من ذلك، لدى موسكو محطات تلفزيونية مملوكة للدولة تنقل رسالتها عن ترامب، بنفس الطريقة التي عادة لا يهاجم بها مكتب الرئيس الروسي (الرئيس جو) بايدن مباشرة".

وتابع: "يسمح الروس للمحطات التليفزيونية بالحديث عن بايدن.. ربما يكون مصابا بألزهايمر، وأنه كبير جدا في السن، وما إلى ذلك.. لا تأتي هذه الأشياء عادة من الكرملين نفسه.. يعتمدون على المحطات التي ترعاها الدولة لفعل ذلك حتى يتمكنوا من الحفاظ علانية على درجة من الحياد".

وإلى جانب تكهن وسائل الإعلام الروسية بشأن صحة بايدن، يمكن رؤية أمثلة عقب الانتخابات الرئاسية لعام 2020 في الولايات المتحدة. وحتى بعد إعلان فوز بايدن وتلقيه التهاني من قادة العالم على انتصاره، رفض الكرملين التعليق. وقال بيسكوف حينها للمراسلين إن روسيا تنتظر إجراءات ترامب القانونية قبل الاعتراف بالفائز.

وقال أستاذ التاريخ المساعد بجامعة كورنيل ومدير التدريس والتعليم بكورنيل في واشنطن، ديفيد سيلبي، لمجلة "نيوزويك"، إن صمت الكرملين قد لا يكون مؤشرا على كيف يفضّل ترامب على بايدن فحسب، وإنما أيضًا كيف أنه لا يريد للسابقة القانونية التي أرستها قضية ترامب على بلاده.

وأضاف سيلبي: "لا أعتقد أن تعليق بوتين على هذا يساعد في الروايات التي يجب نشرها حول الولايات المتحدة.. أن ترامب قائد قوي وصديق لروسيا، وأن الولايات المتحدة تسودها الفوضى والاضطراب".

واختتم حديثه بقوله: "وبدلا من ذلك، هناك رسالة هنا مفادها بأن لا أحد فوق القانون في الولايات المتحدة، ولا يريد بوتين حقا تسليط الضوء على ذلك للروس. إنها تجعل ترامب يبدو ضعيفا".