أسلحة بالمليارات في "الأيدي الخطأ".. تحذيرات من "أفغانستان جديدة" بأوكرانيا

عرب وعالم

اليمن العربي

مع مرور أكثر من عام على الحرب الأوكرانية التي لم تنطفئ جذوتها بعد، بدأت الدول المتداخلة في الأزمة تفتش في التاريخ عن دروس تستلمها لإنهاء الحرب، أو لعدم تكرار "أخطاء الماضي".

وبإعادة عقارب الساعة إلى الخلف وضبطها عند الحرب السوفياتية الأفغانية، سجل التاريخ فقدان عدد كبير من صواريخ ستينغر التي قدمتها واشنطن، وانتهى بها الأمر في "الأيدي الخطأ".

تلك الواقعة حذرت من تكرارها صحيفة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية، مطالبة الجيش الأمريكي بتعلم الدرس مما حدث في أفغانستان، وعدم السماح بحدوث الشيء نفسه في أوكرانيا.


مصير الأسلحة

وفيما كانت هناك إشارات واعدة على إنهاء حرب أوكرانيا قريبا، فإنه حتى موعد بدء عملية السلام، على أمريكا التفكير في مآل المعدات العسكرية التي تقدر قيمتها بقيمة مليارات الدولارات، والتي ترسلها إلى بلد ينفض عنه غبار الحرب، ويعتبر ثاني أكثر دول أوروبا فسادا، بالإضافة إلى احتمالية وجود مؤسسات ضعيفة وتمرد موال لروسيا وأراضٍ محتلة.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن مؤخرا استعداد بلاده للتفاوض بشأن بعض النتائج المقبولة، فيما كشفت الصين الشهر الماضي عن خطتها لإنهاء الصراع، بالإضافة إلى زيارة الرئيس شي جين بينغ لموسكو لاستكشاف مدى جدوى الخطة.

وقالت صحيفة "ذا ناشيونال إنترست" إنه على الولايات المتحدة التساؤل عن مصير الأسلحة التي ترسلها إلى كييف، الأمر الذي دعا إليه الجمهوريون في الكونغرس.

وقدمت الولايات المتحدة -حتى الآن- نحو 34 مليار دولار من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، و48% من إجمالي 48 مليار دولار من المساعدات الإنسانية والمالية المشتركة.


مساعدات بالمليارات

ومن بين المساعدات العسكرية تقديم 12.7 مليار دولار في شكل أسلحة ومعدات من مخزونات وزارة الدفاع الحالية، إلى جانب 1.3 مليار دولار في شكل منح وقروض لشراء المزيد من المستلزمات الدفاعية.

وأكدت الصحيفة الأمريكية أنه على الولايات المتحدة تجنب تكرار ما جرى خلال الحرب السوفياتية الأفغانية، مشيرة إلى أن أوجه التشابه ملفتة للنظر.

وبحسب "ذا ناشيونال إنترست" فإن الولايات المتحدة دعمت مقاتلين من أجل حرية أفغانستان في مواجهة احتمالات مستحيلة مماثلة، مشيرة إلى أن صواريخ ستينغر الأمريكية الصنع لعبت دورا بارزا في ذلك الصراع، وكانت سببا في العديد من الخسائر في طائرات الهليكوبتر السوفياتية وساعدت في تغيير مجرى الحرب.

وتقول الصحيفة الأمريكية إن تلك الصواريخ كانت في ذلك الوقت تقنية حساسة، مشيرة إلى أن واشنطن اشترطت للحصول على صواريخ جديدة إعادة المستهلكة، إلا أنه سرعان ما تبينت الولايات المتحدة أن الصواريخ التي زودت بها الأفغان وجدت طريقها إلى كوريا الشمالية وإيران ودول أخرى.

في أوكرانيا، يتكرر الأمر ذاته مع صواريخ جافلين الأمريكية التي تدمر الدروع الروسية بمعدل نجاح يصل إلى 93%، حسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن واشنطن أرسلت أكثر من 8500 صاروخ جافلين إلى أوكرانيا، إلى جانب أكثر من 1650 صاروخ ستينغر و1800 مسيرة تكتيكية من طراز فينكس و2500 صاروخ من طرازات وأنواع مختلفة.


أسلحة حساسة

ورغم ذلك، إلا أن الولايات المتحدة لا تبذل الكثير من الجهد لمراقبة تلك الأسلحة الحساسة، فسفارة الولايات المتحدة في كييف، التي يفترض بها قيادة الجهود الأمريكية، لا تعمل بكامل طاقتها ومتوقفة نتيجة للحرب، ناهيك عن عدم استرداد واشنطن الصواريخ المستهلكة لإرسال بديل لها، كما كان الحال مع "ستينغر" التي تم إرسالها إلى أفغانستان في الثمانينيات، حسب الصحيفة الأمريكية.

يأتي ذلك، إضافة إلى أن أوكرانيا هي أفقر دولة في أوروبا، وثاني أكثر الدول فسادا في القارة، باحتلالها المرتبة 122 في العالم من حيث الفساد، وهو مكان تشترك فيه مع ستواني، آخر ملكية مطلقة في إفريقيا.

مؤشرات اجتمعت إلى جانب السمعة التي اكتسبتها أوكرانيا في نهاية الحرب الباردة، بتجارة الأسلحة غير المشروعة، نتيجة المخزونات الضخمة من الأسلحة السوفياتية السابقة في البلاد.

وتقول "ذا ناشيونال إنترست" إنه خلال الفترة من عام 1992 إلى عام 1998، خسرت الولايات المتحدة 32 مليار دولار من المعدات العسكرية من خلال السرقة وانعدام الرقابة والمبيعات المخفضة.


طرق تهريب

وحذرت يوروبول، وكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال إنفاذ القانون، من أن "انتشار الأسلحة النارية والمتفجرات في أوكرانيا يمكن أن يؤدي إلى زيادة في الأسلحة النارية والذخائر التي يتم تهريبها إلى الاتحاد الأوروبي عبر طرق التهريب القائمة أو المنصات عبر الإنترنت".

وأضافت أن التهديد قد يكون أعلى في نهاية الصراع، مشيرة إلى أنه تم العثور على أسلحة تم إرسالها إلى أوكرانيا بحوذة شبكات تهريب في فنلندا والسويد والدنمارك وهولندا.

وطالبت الصحيفة الأمريكية الولايات المتحدة بزيادة عدد عمليات التفتيش، إذ لم تخضع سوى 10% فقط من الأسلحة عالية الخطورة لمثل هذه الإجراءات منذ بدء تدفق المساعدات الأمريكية.

وأكدت ضرورة أن تكون المقايضة واحدة مقابل واحدة إلزامية بالنسبة للأسلحة الأمريكية الأكثر حساسية، مشيرة إلى أنه عندما يتم إطلاق صاروخ جافلين، على سبيل المثال، يجب إعادة أنبوب الألياف الزجاجية للحصول على صاروخ بديل.