فضيحة أمريكية في أوكرانيا.. هكذا خطط المرتزقة

عرب وعالم

اليمن العربي

مع تحرك الدبابات فجر 24 فبراير/شباط 2022، هرع آلاف المتطوعين إلى ميدان القتال في أوكرانيا، محملين بوعود "الخبرة والمال والإمدادات".

وعلى مدار أشهر، أشادت الصحف المحلية في أوكرانيا بالمتطوعين، والعديد منهم أمريكيون، ودعمهم بملايين الدولارات.

والآن، وبعد عام من القتال، تقاتل العديد من مجموعات المتطوعين مع بعضها البعض وتقوض المجهود الحربي، وبعض عناصرها أهدر المال أو سرق من الإمدادات، وفق نيويورك تايمز.

وتظهر السجلات المتاحة للصحيفة الأمريكية، أن عددا آخر من المتطوعين اختبأ في أعمال خيرية بينما كانوا يحاولون الاستفادة من الحرب.

وفي معرض دراسة سلوك المتطوعين استعرضت صحيفة نيويورك تايمز، أكثر من 100 صفحة من الوثائق من داخل مجموعات المتطوعين وأجرت مقابلات مع أكثر من 30 متطوعا ومقاتلا وجامعي تبرعات ومانحين ومسؤولين أمريكيين وأوكرانيين.

الصحيفة الأمريكية ضربت أمثلة على الفساد في صفوف المتطوعين، بأحد الضباط المتقاعدين في مشاة البحرية الأمريكية ينحدر من ولاية فرجينيا، وبات محور تحقيق فيدرالي أمريكي في احتمال تصدير التكنولوجيا العسكرية بشكل غير قانوني.

كما ضربت مثالا بجندي سابق في الجيش الأمريكي سافر إلى أوكرانيا ليتحول إلى خائن وينشق إلى روسيا، فيما كذب رجل أمريكي من ولاية كونيتيكت بشأن خدمته العسكرية ونشر تحديثات حية من ساحة المعركة في أوكرانيا، بما في ذلك موقعه بالضبط، وتفاخر بسهولة وصوله إلى الأسلحة الأمريكية.

مثال رابع يتمثل في عامل بناء سابق عمل على وضع خطة لاستخدام جوازات سفر مزورة لتهريب مقاتلين من باكستان وإيران.

وفي واحدة من أكثر القصص غرابة، تورطت واحدة من أكبر المجموعات التطوعية في الحرب، في صراع داخلي على القيادة طرفه رجل من ولاية أوهايو ادعى زورًا أنه كان جنديًا في مشاة البحرية الأمريكية.

مثل هذه الأمثلة لها مكانة في عملية الدفاع عن أوكرانيا ضد الهجوم بسبب الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في دعم كييف، فإدارة جو بايدن ترسل الأسلحة والمال إلى أوكرانيا ولكنها لا ترسل قوات احترافية.

هذا يعني أن الأشخاص الذين لن يُسمح لهم في أي مكان بالاقتراب من ساحة معركة تقودها الولايات المتحدة، وجدوا سبيلا للنشاط في أوكرانيا لملء فراغ غياب القوات الأجنبية الاحترافية، ما يسمح لهؤلاء بالوصول غير مقيد إلى الأسلحة والمعدات العسكرية.

ولكن في أكبر حرب برية في أوروبا منذ عام 1945، لا يمكن التمييز بين المتطوعين المدربين وأولئك الذين يفتقرون إلى المهارات أو الانضباط، ما يمنح الفرصة لأشخاص الاستفادة من الحرب في جني الأموال أو تحقيق مصالح خاصة.

فكييف التي كانت تتعرض لهجوم وقصف مستمر قبل 13 شهرا، لم تكن تملك الوقت أو الإمكانات لفحص المتطوعين الوافدين لتلبية دعوة الرئاسة الأوكرانية للقتال بجانب الجيش.

لذلك أصبح الأشخاص الذين لديهم ماضٍ إشكالي، بما في ذلك من يملكون سجلات عسكرية ملفقة، في قلب فيلق المتطوعين بالجيش، وكوكبة من مجموعات المتطوعين الأخرى.

وعند سؤال الجيش الأوكراني عن هذه المشكلات، لم يتطرق إلى قضايا محددة ولكنه قال إنه كان مستنفر بشكل كبير لأن العملاء الروس حاولوا بانتظام التسلل إلى مجموعات المتطوعين.

وقال أندري تشيرنياك، ممثل المخابرات العسكرية الأوكرانية: "لقد حققنا في مثل هذه الحالات وسلمناها إلى وكالات إنفاذ القانون".

جيمس فاسكيز هو أحد أشهر الأمريكيين في ساحة المعركة في أوكرانيا، إذ أعلن الرجل، مقاول يعمل في المعمار من ولاية كونيتيكت، أنه سيغادر إلى أوكرانيا بمجرد اندلاع الحرب.

وروت صحيفة محلية آنذاك حكاية رقيب سابق بالجيش الأمريكي ترك وظيفته وعائلته وحمل بندقية وحقيبة ظهر إلى خط المواجهة.

منذ ذلك الحين، نشر فاسكيز مقاطع فيديو لساحة المعركة عبر الإنترنت، وبث مرة واحدة على الأقل الموقع الدقيق لوحدته للجميع عبر الإنترنت بما في ذلك الخصم.

في المقابل. استخدم قصته لطلب التبرعات من حول العالم.

وقال فاسكيز في مقطع فيديو لجمع التبرعات: "كنت في الكويت خلال عاصفة الصحراء، وكنت في العراق بعد 11 سبتمبر/أيلول 2001". وأضاف: "هذه معركة مختلفة تماما".

لكن متحدثة باسم البنتاغون قالت لـ "نيويورك تايمز" إن فاسكيز، في الواقع، لم يتم إرساله قط إلى الكويت أو العراق أو أي مكان آخر، وكان تخصصه في إصلاح خزانات الوقود والكهرباء.

بل إن فاسكيز لم يترك الجيش وهو يحمل رتبة رقيب كما ادعى، ولكنه كان يحمل أدنى رتبة في الجيش.

وهذه ليست أول مرة تٌكشف فيها معلومات عن فساد في أوساط المتطوعين في الحرب الأوكرانية، إذ انهارت أحد أشهر مجموعات المتطوعين وتحمل اسم "موزارت" مؤخرا لنفس الأسباب.

وانهارت مجموعة موزارت، وهي واحدة من أبرز المنظمات العسكرية الأمريكية الخاصة في أوكرانيا، تحت سحابة من الاتهامات التي تتراوح من المخالفات المالية إلى سوء التقدير الناجم عن إدمان للكحول.

ورغم هذه الفضائح، فإن قطاعا كبيرا من المتطوعين قاتل بضراوة ودفع حياته ثمنا، فيما ناضل آخرون لحماية ونقل ودعم المدنيين في خطوط المواجهة، ونشط قطاع ثالث في جمع التبرعات التي ذهبت بالفعل للجيش الأوكراني.