رسم الكربون.. حلقة جديدة بالنزاع التجاري الأمريكي الأوروبي

اقتصاد

اليمن العربي

طلبت أمريكا من الاتحاد الأوروبي إعفاء صادراتها من الصلب والألومنيوم من رسوم الكربون المفروضة على واردات الاتحاد من هذه المنتجات.

وذلك كجزء من المحادثات الجارية لإنهاء النزاع التجاري بين الجانبين بشأن الرسوم على المعادن.


طلب أمريكي يتعارض مع قواعد التجارة العالمية

ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن مصادر مطلعة القول إن الاتحاد الأوروبي يرى أن الطلب الأمريكي مشكلة لأن القانون الأوروبي المنظم لهذه الرسوم لا يتيح مثل هذا الإعفاء بسهولة، حيث إنه سيتعارض مع قواعد منظمة التجارة الحرة.

يأتي ذلك في حين تسعى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والمفوضية الأوروبية إلى الوصول لاتفاق عالمي من أجل تحويل عمليات إنتاج الصلب والألومنيوم إلى نشاط مستدام وصديق للبيئة، بعد اتفاق الجانبين على تعليق مؤقت للرسوم التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على واردات الولايات المتحدة من الصلب والألومنيوم بدعوى الدفاع عن الأمن القومي الأمريكي.

ومن المقرر انتهاء الهدنة التجارية الحالية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ويمكن أن يؤدي الفشل في التوصل لاتفاق إلى فرض رسوم ورسوم مضادة بمليارات الدولارات على حركة التجارة بين دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وقالت المصادر إن المحادثات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مستمرة ومن المتوقع تكثيفها خلال الأسابيع المقبلة.


ما هو رسم الكربون؟

ويعتبر رسم الكربون وحصة أرباحه أو دخل المناخ نظام لتخفيض انبعاثات غازات الدفيئة ومواجهة الاحتباس الحراري. يفرض هذا النظام ضريبة كربون على بيع الوقود الأحفوري، ثم يوزع عوائد هذه الضريبة على جميع السكان بالتساوي (على أساس فردي مقدرًا للشخص الواحد) كدخل شهري أو دفعة منتظمة.

ومنذ تبني هذا النظام في كندا وسويسرا، حاز على اهتمام متزايد في أنحاء العالم كطريقة متعددة المجالات وعادلة اجتماعيًا لتخفيض الانبعاثات ومواجهة التغير المناخي.

كونها مصممة للمحافظة على الحيوية الاقتصادية أو تحسينها مع تسريع الانتقال إلى اقتصاد طاقي مستدام، فقد اقترح رسم الكربون وحصة أرباحه كبديل لآليات تخفيض الانبعاثات كالطرق التنظيمية المعقدة ونظم تجارة الانبعاثات أو ضريبة الكربون المباشرة.

ومع وجود اتفاق عام بين العلماء والاقتصاديين على الحاجة لضريبة الكربون، فإن الاقتصاديين بشكل عام محايدون تجاه الاستخدامات المحددة للعوائد، رغم أن هناك ميلًا أكبر للتأييد منه للمعارضة في موضوع إعادة العوائد كحصة أرباح لدافعي الضرائب.


هل تخدم ضريبة الكربون الأوروبية التجارة المستدامة؟

وفي عام 2022 كان الاتحاد الأوروبي قد أعلن اعتزامه تطبيق خطط من شأنها خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 55 بالمائة بحلول عام 2030، فيما كان الهدف في السابق تحقيق خفض بنسبة 40 بالمائة.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف الطموح داخل بلدان التكتل الأوروبي، يتعين إعادة هيكلة الصناعات المتسببة بنسب عالية من الانبعاثات بوتيرة سريعة، مما يعني أن الملوثين الرئيسيين في الاتحاد سيُطلب منهم دفع سعر كربون أعلى من أجل إجبار كافة البلدان على التحول إلى عمليات صناعية تحمي المناخ ولا تضر بكوكب الأرض.

بيد أن هذا الإجراء قد يضر بالشركات الأوروبية خاصة ما يتعلق بالتنافسية خارج التكتل ويعطي ميزة للشركات غير الأوروبية.

ولضمان تفادي هذا السيناريو تخطط المفوضية الأوروبية في الوقت نفسه لفرض ضريبة كربون على الواردات من الخارج في إطار خطة أطلق عليها اسم "آلية تعديل حدود الكربون/ CBAM" التي تعد الأولى من نوعها في العالم، إذ ستؤثر على المنتجات المستوردة من الصناعات ذات الانبعاثات العالية بشكل خاص مثل الصلب والأسمنت والألمنيوم والأسمدة وإنتاج الطاقة.

بموجب القواعد الجديدة من المقرر أن تدخل الخطة حيز التنفيذ بشكل كامل اعتبارا من عام 2026 وفقا لمفوضية الاتحاد الأوروبي، وعليه فإن شركات الصلب الصينية التي تسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أثناء الإنتاج أكثر من شركات الصلب الأوروبية، سوف تخضع لسعر أوروبي للكربون عند الاستيراد.

ويرجع السبب وراء زيادة رسوم الكربون أو فرض ضريبة الكربون الجديدة إلى الرغبة في عدم الإضرار بتنافسية الشركات الأوروبية خارج التكتل في الوقت الذي يتم فيه تشجيع الصناعات الأوروبية على المضي قدما في الإنتاج بشكل أكثر استدامة لحماية المناخ.

ومن المتوقع أن تتأثر العديد من الدول بقواعد ضريبة الكربون الأوروبية مثل روسيا والصين وتركيا والمملكة المتحدة وأوكرانيا وكوريا الجنوبية والهند.

وفي هذا الصدد، طُرحت الكثير من التساؤلات حول ما إذا كانت الخطط الأوروبية الجديدة ستكون جيدة وفقا لمنظور منظمة التجارة العالمية.

بيد أنه من الواضح أن هذه القواعد قد تؤدي إلى نشوب حرب تجارية محتملة، وفقا لما ذكرته سانا ماركانين- كبيرة المحللين في معهد تطوير القيادة في مجال الاستدامة بجامعة كامبريدج.

وعزت هذا الأمر إلى احتمالية أن تعتبر الدول غير الأوروبية ضريبة الكربون سياسة حمائية، وفي هذه الحالة فإنها قد تقدم على تطبيق قواعد مضادة ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى اندلاع حرب تجارية.