كيف يمكن للقاحات الشائعة أن تكون إحدى الطرق لتقليل مخاطر الإصابة بالخرف؟.. باحثون يوضحون

منوعات

اليمن العربي

أصيب واحد من كل تسعة أميركيين بعمر 65 عاما وأكثر بمرض ألزهايمر في عام 2022، وتأثر عدد لا يحصى من الآخرين بشكل غير مباشر كمقدمي الرعاية الصحية ودافعي الضرائب.

 

كيف يمكن للقاحات الشائعة أن تكون إحدى الطرق لتقليل مخاطر الإصابة بالخرف؟.. باحثون يوضحون

 

ولا يوجد علاج حاليا إذ تركز العلاجات المتاحة بشكل أساسي على الوقاية من خلال تشجيع العوامل الوقائية، مثل التمارين واتباع نظام غذائي صحي، وتقليل العوامل المعززة للمرض، مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم.

ويشمل أحد هذه العوامل المشددة، الالتهابات الفيروسية.

وحدد الباحثون أن بعض الفيروسات مثل فيروس الهربس البسيط من النوع 1 (HSV-1، الذي يسبب تقرحات البرد)، وفيروس الحماق النطاقي (VZV، الذي يسبب جدري الماء والقوباء المنطقية) وSARS-CoV-2 (الذي يسبب "كوفيد-19") يمكن أن يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر والخرف بعد الإصابة.

ويمكن أن يساعد اكتشاف كيف ومتى تساهم هذه الفيروسات في المرض العلماء على تطوير علاجات جديدة للوقاية من الخرف. ومع ذلك، لم يتمكن الباحثون باستمرار من الكشف الفيروسات المشتبه بها في أدمغة الأشخاص الذين ماتوا بسبب مرض ألزهايمر.

ونظرا لأن عملية مرض ألزهايمر يمكن أن تبدأ قبل ظهور الأعراض بعقود، فقد اقترح بعض الباحثين أن الفيروسات تعمل مبكرا بطريقة "الكر والفر". وتطلق سلسلة من الأحداث التي تؤدي إلى الخرف ولكنها بدأت بالفعل. وبعبارة أخرى، بحلول الوقت الذي يحلل فيه الباحثون أدمغة المرضى، تختفي أي مكونات فيروسية يمكن اكتشافها ويصعب تحديد السببية.

ويركز أندرو بوباك، أستاذ باحث مساعد في طب الأعصاب، ودييغو ريستريبو، أستاذ الخلية وعلم الأحياء التطوري، وماريا ناجيل، أستاذة طب الأعصاب وطب العيون، في حرم جامعة كولورادو الطبي في أنشوتز، على الدور الذي تلعبه الفيروسات في الأمراض التنكسية العصبية. وفي بحثهم المنشور مؤخرا، يستخدمون تقنية جديدة للبحث عن مسارات إطارات هذه الفيروسات لدى مرضى ألزهايمر.

ومن خلال التركيز على نقطة الدخول الأكثر ضعفا إلى الدماغ، الأنف، اكتشف الباحثون شبكة وراثية توفر دليلا على استجابة فيروسية قوية.

التركيز على نظام الشم

العديد من الفيروسات المتورطة في الخرف، بما في ذلك فيروسات الهربس والفيروس المسبب لـ "كوفيد"، تدخل الأنف وتتفاعل مع نظام الشم.

يتعرض نظام حاسة الشم باستمرار للروائح والملوثات ومسببات الأمراض. وترتبط الجزيئات التي يتم استنشاقها من خلال فتحات الأنف بخلايا مستقبلات شمية محددة في الأنسجة المبطنة للتجويف الأنفي.

وترسل هذه المستقبلات رسائل إلى خلايا أخرى في ما يسمى بالبصلة الشمية، والتي تعمل كمحطة ترحيل تنقل هذه الرسائل إلى الأعصاب الطويلة في السبيل الشمي. ثم يتم نقل هذه الرسائل إلى منطقة الدماغ المسؤولة عن التعلم والذاكرة، وهي الحُصين.

ويلعب الحُصين دورا حاسما في تعيين المعلومات السياقية للروائح، مثل الراحة من رائحة اللافندر. وتتضرر هذه المنطقة من الدماغ أيضا بشكل كبير في مرض ألزهايمر، ما يتسبب في حدوث عجز مدمر في التعلم والذاكرة.

وبالنسبة لما يصل إلى 85٪ إلى 90٪ من مرضى ألزهايمر، يعد فقدان حاسة الشم علامة مبكرة على المرض. والآلية التي تؤدي إلى فقدان حاسة الشم في مرض ألزهايمر غير معروفة نسبيا.


ويُعتقد أن الحرمان الحسي يؤدي إلى ضمور في مناطق الدماغ التي تتخصص في تفسير المعلومات الحسية، مثل العضلات التي تصيبها الضمور بسبب قلة استخدامها. والمدخلات الحسية القوية لهذه المناطق أمر بالغ الأهمية للحفاظ على صحة الدماغ العامة.

التهاب الشم ومرض ألزهايمر

يفترض الباحثون أن العدوى الفيروسية طوال الحياة هي عوامل مساهمة وأهداف محتملة للأدوية في مرض ألزهايمر. ولاختبار هذه الفكرة، استخدموا أحدث التقنيات الحديثة لفحص الرنا المرسال وشبكات البروتين في النظام الشمي لمرضى ألزهايمر.

ويستخدم الجسم mRNA، الذي يتم نسخه من الحمض النووي، لترجمة المادة الوراثية إلى بروتينات. ويستخدم الجسم تسلسلات معينة من الرنا المرسال لإنتاج شبكة من البروتينات التي تُستخدم لمحاربة فيروسات معينة.

وفي بعض الحالات، يستمر الجسم في تنشيط هذه المسارات حتى بعد إزالة الفيروس، ما يؤدي إلى التهاب مزمن وتلف الأنسجة. ويمكن أن يسمح لنا تحديد تسلسل الرنا المرسال وشبكات البروتين الموجودة بالاستنتاج، إلى حد ما، ما إذا كان الجسم يستجيب أو كان يستجيب لمسببات الأمراض الفيروسية في مرحلة ما.

وفي السابق، كان ترتيب تسلسل الرنا المرسال في عينات الأنسجة أمرا صعبا لأن الجزيئات تتحلل بسرعة كبيرة. ومع ذلك، فإن التكنولوجيا الجديدة تعالج هذه المشكلة على وجه التحديد عن طريق قياس أقسام فرعية صغيرة من الرنا المرسال في وقت واحد بدلا من محاولة إعادة بناء تسلسل الرنا المرسال بأكمله في وقت واحد.

واستفاد الباحثون من هذه التقنية لتسلسل الحمض النووي الريبي (mRNA) لعينات البصيلة الشمية والجهاز الشمي من ستة أشخاص مصابين بمرض ألزهايمر العائلي، وهو شكل موروث من المرض، وستة أشخاص غير مصابين بمرض ألزهايمر.

وركزوا على مرض ألزهايمر العائلي نظرا لوجود تباين أقل في المرض منه في الشكل المتقطع أو غير العائلي للمرض، والذي يمكن أن ينتج عن عدد من العوامل الفردية والبيئية المختلفة.

وفي عينات مرض ألزهايمر العائلية، وجد الباحثون تعبيرا جينيا متغيرا يشير إلى علامات عدوى فيروسية سابقة في البصيلة الشمية، بالإضافة إلى استجابات مناعية التهابية في السبيل الشمي.

ووجدوا أيضا مستويات أعلى من البروتينات المشاركة في إزالة الميالين في السبيل الشمي لعينات ألزهايمر العائلية مقارنة بالمجموعة الضابطة. والميالين هو طبقة دهنية واقية حول الأعصاب تسمح للنبضات الكهربائية بالتحرك بسرعة وسلاسة من منطقة إلى أخرى في الدماغ. وتوقف الأضرار التي لحقت الميالين نقل الإشارة، ما يؤدي إلى ضعف الاتصال العصبي، وبالتالي، التنكس العصبي.

وبناء على هذه النتائج، يُفترض أن الالتهابات الفيروسية، والالتهاب الناتج وإزالة الميالين داخل الجهاز الشمي، قد يعطل وظيفة الحُصين عن طريق إعاقة التواصل من البصلة الشمية. ويمكن أن يسهم هذا السيناريو في تسارع التنكس العصبي الملحوظ في مرض ألزهايمر.

تدعم البيانات الوبائية دور العدوى الفيروسية في تطور مرض ألزهايمر. على سبيل المثال، يرتبط فيروس الحماق النطاقي بخطر ثلاثة أضعاف تقريبا للإصابة بالخرف في غضون خمس سنوات من الإصابة بالنسبة للمرضى الذين يعانون من طفح الهربس النطاقي على وجوههم.

ووجد تقرير حديث أيضا أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر يزيد بنسبة 70% تقريبا في غضون عام من تشخيص "كوفيد-19" للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما.

وتشير هذه الدراسات إلى أن التطعيم قد يكون إجراء محتملا للوقاية من الخرف. وعلى سبيل المثال، يرتبط التطعيم ضد فيروس الإنفلونزا الموسمية والهربس النطاقي بانخفاض خطر الإصابة بالخرف بنسبة تصل إلى 29% و30% على التوالي.

ويمكن أن تساعد الأبحاث الإضافية التي تبحث في كيفية تسبب العدوى الفيروسية في حدوث تنكس عصبي، في تطوير الأدوية المضادة للفيروسات واللقاحات ضد الفيروسات المتورطة في مرض ألزهايمر.