دراسة: آثار الاحتباس الحراري تصل إلى أبرد المناطق وسط غرينلاند

منوعات

اليمن العربي

اكتشف علماء المناخ الأوروبيون أن متوسط درجة الحرارة في مناطق غرينلاند الوسطى ارتفع خلال العقدين الماضيين بمقدار 1.5 درجة مئوية مقارنة بمتوسط قيمته في القرن العشرين.

 

دراسة: آثار الاحتباس الحراري تصل إلى أبرد المناطق وسط غرينلاند

 


ووفقا للمكتب الإعلامي لمعهد ألفريد فيغنر الألماني هذا يشير إلى بداية ذوبان الغطاء الجليدي للجزيرة.

وتقول ماريا هورهولد الباحثة في المعهد: "لقد تابعنا كيف تغير المناخ في المناطق الوسطى والشمالية من غرينلاند على مدى الألف سنة الماضية. وأظهر تحليل البيانات التي جمعناها بوضوح أن الاحترار خلال أعوام 2001-2010 يختلف اختلافا كبيرا عن جميع التغيرات المناخية الطبيعية على مدى الألفية السابقة بأكملها. لقد فوجئنا بمدى وضوح عواقب الاحتباس الحراري".


وقد اكتشفت هورهولد وزملاؤها من دراسة 16 عينة من جليد غرينلاند أخذت من مناطق مختلفة في وسط الجزيرة، أول دليل على أن الاحتباس الحراري بدأ في العقود الأخيرة يؤثر في أبرد مناطق وسط وشمال غرينلاند.

ويشير الباحثون، إلى أن هذه العينات تشكلت على مدى أكثر من ألف عام، ما سمح بدراسة التغيرات المناخية في وسط غرينلاد خلال أعوام 1000-2010. ومن أجل ذلك قاس الباحثون عدد ذرات النظيرين المستقرين للأكسجين، الأكسجين -16 والأكسجين -18، الموجودين في طبقات الجليد السنوية في كل عينة، حيث إن نسب هذه النظائر تعكس درجة الحرارة التي كانت أثناء ترسب الغطاء الجليدي للجزيرة.

وأظهرت نتائج الحسابات التي أجراها الباحثون أن درجات الحرارة المعتادة لم ترتفع في غرينلاند، بل انخفضت خلال الفترة التي شملتها الدراسة. ولكن هذه الحالة تغيرت في نهاية القرن التاسع عشر، حيث بدأت درجات الحرارة في غرينلاند ترتفع تدريجيا، وفي بداية القرنين العشرين والواحد والعشرين حصلت تغيرات جذرية في مناخ المناطق الوسطى من الجزيرة، عندما ارتفع متوسط درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية خلال فترة زمنية قصيرة جدا.

ووفقا للباحثين، تشير هذه النتائج إلى أن الاحترار العالمي أصبح يؤثر في جميع مناطق غرينلاند، ما قد يؤدي إلى ذوبان الغطاء الجليدي خلال السنوات والعقود المقبلة.

قال مسؤولون إن الغطاء الجليدي في غرينلاند فقد 8.5 مليار طن من الكتلة السطحية في يوم واحد الأسبوع الماضي، وهو ما يكفي من الجليد لغمر فلوريدا في بوصتين من الماء.

وكان الذوبان الشديد الذي حدث في 27 يوليو بسبب موجات الحر في شمال غرينلاند التي رفعت درجات الحرارة إلى أكثر من 68 درجة فهرنهايت - ضعف متوسط ​​درجة الحرارة في الصيف، وفقا للمعهد الدنماركي للأرصاد الجوية.

وفي حين أن هذا الحجم كان أقل من الرقم القياسي لذوبان الجليد في يوم واحد في عام 2019، والذي كان 12.5 مليار طن، غطى حدث الأسبوع الماضي مساحة أكبر.

وقدر العلماء أن الذوبان من الغطاء الجليدي في غرينلاند تسبب في نحو 25% من ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي الذي شوهد خلال العقود القليلة الماضية.

وإذا ذاب كل جليد غرينلاند، فإن مستوى سطح البحر العالمي سيرتفع بمقدار 20 قدما أخرى - لكن من غير المتوقع أن يحدث هذا في أي وقت قريب.

ويمكن لأحداث الذوبان أن تخلق حلقات تغذية مرتدة تؤدي إلى مزيد من الاحترار والذوبان في غرينلاند، وفقا لماركو تيديسكو، عالم المناخ في جامعة كولومبيا.

وقال تيديسكو، أستاذ الأبحاث في مرصد "لامونت دوهرتي الأرضي" بجامعة كولومبيا، لرويترز: "إنها تضع غرينلاند حقا لتكون أكثر عرضة لبقية موسم الذوبان''.


وتعد صفيحة غرينلاند الجليدية ثاني أكبر كتلة من جليد المياه العذبة على هذا الكوكب، حيث تبلغ مساحتها نحو 1.8 مليون كيلومتر مربع (695000 ميل مربع)، وتحتل المرتبة الثانية بعد القارة القطبية الجنوبية.

وبدأ ذوبان الصفائح الجليدية في عام 1990 وتسارع منذ عام 2000.

ويقول الباحثون في Polar Portal إن فقدان الكتلة في السنوات الأخيرة أكبر بأربعة أضعاف مما كان عليه قبل عام 2000.

ويبدأ ذوبان غرينلاند عادة في يونيو ويستمر حتى أغسطس، لكن البيانات تظهر أن الجزيرة فقدت أكثر من 100 مليار طن من الجليد منذ يونيو.

وقال براد ليبوفسكي، عالم الجليد في جامعة واشنطن، لصحيفة الغارديان: "من الصعب القول هل سيكون عاما قياسيا للذوبان هذا العام؟، لكن هناك الكثير من الهواء الدافئ والرطب فوق الغطاء الجليدي الذي يسبب كمية مذهلة من الذوبان. والأمر المزعج بالنسبة لي هو الرد السياسي، أو عدمه. يشبه ارتفاع مستوى سطح البحر قطارا بطيئا، ولكن بمجرد أن يتدحرج لا يمكنك إيقافه، إنه ليس خبرا رائعا".

وحذر تيديسكو وعلماء آخرون من أن النماذج المستخدمة لإسقاط فقدان الجليد في المستقبل لا تعكس تأثير تغير أنماط دوران الغلاف الجوي - ما يعني أنها قد تقلل من شأن الذوبان المستقبلي لغرينلاند، التي تقع بين المحيطين المتجمد الشمالي والمحيط الأطلسي.

وفي الوقت نفسه، ترتفع درجة حرارة القطب الشمالي بشكل أسرع من بقية الكوكب، وذلك بسبب عوامل تشمل تلاشي الجليد في المحيط المتجمد الشمالي.

وقال الاتحاد الأوروبي إن درجات حرارة الجو فوق غرينلاند كانت "مثيرة للقلق" في 28 يوليو.

واحتل الغطاء الجليدي في غرينلاند عناوين الصحف مؤخرا، حيث يخشى العلماء أن يقترب من نقطة اللاعودة مع "الذوبان المتسارع".

وأصدر التحذير الصارم في مايو الماضي من قبل علماء في جامعة كوبنهاغن وجامعة القطب الشمالي في النرويج، الذين حللوا حوض جاكوبشافن، الواقع في الجزء الأوسط الغربي، أحد أكبر خمسة أحواض في غرينلاند.

وإذا تعرضت هذه المنطقة للذوبان الشديد مثل بقية الغطاء الجليدي الهائل، فقد تختفي تماما - وهو حدث من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع مستويات سطح البحر العالمية بمقدار 23 قدما.

وقال الدكتور نيكلاس بويرس، الأستاذ بجامعة كوبنهاغن، في بيان: "ربما نشهد بداية زعزعة استقرار واسعة النطاق، لكن في الوقت الحالي، لا يمكننا الجزم بذلك، للأسف. وحتى الآن، الإشارات التي نراها إقليمية فقط، ولكن قد يكون ذلك ببساطة بسبب ندرة البيانات الدقيقة وطويلة الأجل لأجزاء أخرى من الغطاء الجليدي".