بعد سلسلة التعويمات.. هل وصل الجنيه المصري إلى سعره العادل؟

اقتصاد

اليمن العربي

رغم تعويم الجنيه المصري 3 مرات في أقل من 12 شهرا، إلا أنه لا يزال يواجه ضغوطا مقابل الدولار الأمريكي، ما يعني أنه لم يصل لسعره العادل.


الجنيه مقوّم بأقل من قيمته بـ25%

وقالت شركة "كولومبيا ثريدنيدل انفستمنتس" للاستثمارات ومقرها لندن، إن الجنيه المصري مقوم بالفعل بأقل من قيمته بنسبة 25%، عند قياسه بسعر الصرف الفعلي الحقيقي، وهو مقياس لتنافسية العملة مقابل الشركاء التجاريين.

وأضافت الشركة أن الجنيه المصري قد ينخفض أكثر خلال الفترة المقبلة.

ويتوقع دويتشه بنك أن يضعف الجنيه المصري بنسبة تصل إلى 10% إلى 33 مقابل الدولار قبل أن يستقر.

وتضررت مصر بشدة من التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية في أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي، وهي واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم، حتى ذلك الحين كانت وجهة رئيسية للأموال الساخنة المتقلبة بسبب مزيج من سعر العملة الثابت وأعلى معدلات الفائدة في العالم عند تعديلها لمراعاة للتضخم.

على الرغم من ذلك، بدأت الحكومة مؤخرا في التشكيك في اعتماد الدولة على هذا النوع من التدفقات، ومع تفاقم الأزمة العام الماضي اعتمد البنك المركزي المصري نظام سعر الصرف "المرن بشكل دائم" منذ 27 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

وتبع ذلك سلسلة من عمليات تخفيض سعر العملة، مما ساعد مصر في الحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، هذا إضافة لتعهد الحلفاء الخليجيين أيضا بتقديم أكثر من 20 مليار دولار من الودائع والاستثمارات للمساعدة على استقرار الأوضاع.

كانت آخر مرة لجأت فيها مصر لأسواق السندات الدولية في مارس/آذار 2022، عندما أصدرت أوراقا مالية مقومة بالين، وكانت آخر صفقة ديون بالدولار في سبتمبر/أيلول 2021. تمتلك البلاد 39 مليار دولار من سندات اليوروبوند المستحقة، وفقًا لبيانات جمعتها وكالة "بلومبرغ" للأنباء.

ومع بلوغ معدل التضخم مستوى 21.9% في ديسمبر/كانون الأول 2022 وهو الأعلى منذ 2017، قد يضطر البنك المركزي المصري إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر لجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي، وفقًا لماثيو فوجل، مدير المحافظ ورئيس أبحاث الأدوات السيادية في "FIM Partners".

وقال: "مع ارتفاع التضخم إلى ما يقرب من 30% في الأشهر المقبلة وعدم وجود نقطة ارتكاز في سوق العملات بالنظر إلى التغيير في النظام، ما زلنا نعتقد أن البنك المركزي المصري يجب أن يظهر المزيد من التشديد".


استمرار الطلب على الدولار

في غضون ذلك، تقلصت الفجوة بين السعر الرسمي للجنيه والسعر في السوق السوداء، والتي ظهرت في الوقت الذي كافح فيه المصريون للعثور على الدولار عبر القنوات الرسمية. كما أن تكدس البضائع في الموانئ، والذي عزز الطلب على الدولار، آخذ في التحسن.

وتعمل مصر على تحرير سعر الصرف أمام الدولار على قفزات بهدف الوصول لتعويم كامل للعملة كما تعهدت بذلك لصندوق النقد الدولي بموجب اتفاق تمويل بقيمة ثلاثة مليارات دولار في أكتوبر/تشرين الأول 2022.

وبحسب موقع "دويتشه فيله"، فإن آلية التحول إلى سعر صرف مرن كشفت عن "القوة الحقيقية للجنيه"، فكلما زاد الطلب على العملة، كلما زاد سعرها وهذا ما يحدث اليوم مع تحركات الجنيه أمام الدولار الأمريكي بموجب أن هناك طلبًا على العملة الأجنبية فإنه يرتفع سعرها وبما أن معظم اقتصاد الدولة المصرية قائم على الاستيراد وبالتالي يرتفع الطلب على الدولار ما يعني أن سعر الصرف يكون في صالح العملة الأجنبية وفي هذه الحالة الدولار.


التمكين الاقتصادي وتعزيز آفاق الاستثمار.. أولوية قصوى

وحتى يصب تخفيض قيمة الجنيه في صالح الاقتصاد المصري يتعين على الحكومة القيام بتوسعات اقتصادية في عملية الإنتاج والتصدير والتصنيع وتحقيق استفادة قصوى من الموارد التي تمتلكها لتعزيز التمكين الاقتصادي وفتح آفاق للاستثمار وتحسين قدرتها في الاعتماد على نفسها في الإنتاج والتصنيع وتعميق المنتج المحلي وتقليل فاتورة الاستيراد قدر الإمكان.

وتعاني مصر نقصا في العملة الأجنبية منذ أن أضرت الحرب في أوكرانيا بعائدات السياحة وفاقمت كلفة استيراد السلع الأساسية ودفعت المستثمرين الأجانب إلى سحب أكثر من 20 مليار دولار من الاقتصاد.

وقد فقد الجنيه المصري نحو 33% من قيمته منذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2022، عندما أعلنت مصر أنها ستنتهج سياسة مرونة أسعار الصرف، في خطوة ساعدتها على الحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي.

وأصيبت السوق الموازية للعملة في مصر بالشلل خلال الأيام القليلة الماضية وحتى الآن بالتزامن مع حملات مكثفة للشرطة على تجار العملة والقبض على بعضهم، ومع سماح البنك المركزي المصري للعملة المحلية بالتحرك مجددًا.

وكانت السوق الموازية للعملة ازدهرت في مصر خلال النصف الثاني من 2022 وسط شح شديد في السيولة الدولارية بالبنوك المحلية، وخروج أكثر من 22 مليار دولار من الأموال الساخنة الأجنبية المستثمرة بأدوات الدين، قبل العودة مجددًا على نحو طفيف خلال الأيام القليلة الماضية.