أزمة أوكرانيا.. أسلحة جديدة تدخل ساحة الحرب وعامل الحسم في النفس الطويل

عرب وعالم

اليمن العربي

فيما أوشكت الأزمة الأوكرانية على طرق أبواب الشهر الثاني عشر، ما زالت الحلول غائبة عن السيناريوهات التي تتوقع أن تكون سياسة النفس الطويل، هي العامل الأهم في حسم "الحرب".

وعلى وقع تلك السياسة، بات التصعيد سيد الموقف في البلد الأوراسي، بين أوكرانيا التي تتلحف بالدعم الغربي لمواجهة صقيع الشتاء، وروسيا التي كثفت من ضرباتها، الهادفة لإحداث مزيد من الضغط على قطاع الكهرباء في كييف.


فما أبرز التطورات؟

اضطرت أوكرانيا إلى قطع التيار الكهربائي في معظم المناطق السبت، إثر ضربات روسية أسفرت إحداها عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة 64 آخرين في مبنى سكني.

وأطلقت روسيا صواريخ على البنية التحتية الرئيسية في كييف ومناطق أخرى من أوكرانيا السبت، حسب مسؤولين أوكرانيين، فيما قالت شركة "أوكرينيرغو" للطاقة " السبت، إن القوات الروسية استهدفت مجددًا منشآت للطاقة "، مشيرة إلى أنها تعمل على إلغاء تداعيات" هذه الضربات.

وأعلن وزير الطاقة هيرمان غالوشينكو في وقت لاحق عن انقطاع التيار الكهربائي في معظم مناطق أوكرانيا بسبب عمليات القصف الأخيرة، مضيفًا في تدوينة عبر حسابه بـ "فيسبوك": "اليوم هاجمت القوات الروسية البلاد ومرافق الطاقة فيها وشبكة الكهرباء مجددا. هناك هجمات على مناطق خاركيف ولفيف وإيفانو-فرانكيفسك وزابوريجيا وفينيتسيا وكييف. بسبب القصف فُرض قطع للكهرباء بشكل طارئ في معظم المناطق".

وأكد غالوشينكو أن الأيام المقبلة ستكون "صعبة" لأن القصف الروسي لشبكة الكهرباء على مدى شهور يهدد إمدادات الكهرباء والمياه الجارية والتدفئة المركزية في ذروة الشتاء.


قصف صاروخي

وتحدث صحفيون من وكالة "فرانس برس" عن دوي عدد من الانفجارات في العاصمة الأوكرانية، فيما أكد مسؤولون أوكرانيون أن ضربات استهدفت بنى تحتية أساسية في العاصمة.

وكتب نائب رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية كيريلو تيموشنكو على تطبيق تلجرام، أن "هجوما صاروخيا على منشآت بنى تحتية حيوية" جار في كييف، بينما تحدث رئيس بلدية العاصمة فيتالي كليتشكو عن انفجارات في منطقة دنيبروفسكي وحضّ السكان على "البقاء في الملاجئ".

وفي كلمته اليومية، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن قوات بلاده أسقطت أكثر من 20 من إجمالي 30 صاروخا أطلقتها روسيا السبت، مشددا أن "الإرهاب" الروسي لا يمكن وقفه إلا في ساحة المعركة.

وقتل تسعة أشخاص بينهم فتاة تبلغ 15 عاما وجرح 64 بينهم 14 طفلا في ضربة طالت مبنى سكنيا في دنيبرو شرق البلاد السبت، وفق ما أفادت السلطات.

وأوضح زيلينسكي أن المبنى "سقطت جميع طوابقه (الثمانية) نتيجة انفجار صاروخ روسي".

وفي كريفي ريغ في جنوب البلاد، لقي شخص مصرعه وأصيب آخر جراء قصف مبان سكنية، وفق حصيلة رسمية.


مناشدة أوكرانية

وفي منطقة سومي شمال البلاد، أصيب مدني بشظايا جراء قصف مدفعي من الأراضي الروسية، حسب الرئاسة الأوكرانية.

وشدد الرئيس الأوكراني على أن "العالم يجب أن يوقف هذا الشر"، مناشدا في خطابه المسائي المصور الغرب توفير أسلحة إضافية لمنع سقوط المزيد من القتلى فيما وصفه "بالترويع الروسي".

وقال: "ما هو المطلوب من أجل ذلك؟ تلك الأسلحة الموجودة في مخازن شركائنا والتي ينتظرها جنودنا بشدة. العالم بأسره يعرف ما الذي يمكن أن يوقف هؤلاء الذين يزرعون الموت وكيف".


مأساة دينبرو مجددا

وقال نائب مدير مكتب الرئيس الأوكراني إنه تم إنقاذ 20 شخصا في مدينة دنيبرو بشرق وسط البلاد، حيث تحول جزء كامل من أحد المباني السكنية إلى أنقاض.

وعلى الخطوط الأمامية في الشرق، قالت أوكرانيا إن قواتها تقاتل من أجل الاحتفاظ بالسيطرة على مدينة سوليدار الصغيرة "حيث ضحت روسيا بأعداد كبيرة من القوات والموارد في محاولة لتحقيق نوع من التقدم بعد انتكاسات عسكرية على مدى أشهر".

وأظهرت صور في دنيبرو رجال الإطفاء وهم يخمدون حريقا حول سيارات مدمرة. وانهار جزء كبير من المبنى السكني ولحقت أضرار بالغة بالجزء الخارجي لباقي المبنى. ونُقل الجرحى على نقالات.

وأعلن سلاح الجو الأوكراني إسقاط 25 من أصل 38 صاروخا روسيا من أنواع مختلفة.

وقال مسؤولون إن الصواريخ أصابت منشآت البنية التحتية الحيوية في منطقة خاركيف الشرقية ومنطقة لفيف الغربية. وقال مسؤولون إن الكهرباء انقطعت تماما عن منطقة خاركيف وإن لفيف ربما تشهد أيضا انقطاع الكهرباء والمياه.

في شمال شرق أوكرانيا، ضرب صاروخان إس-300 مدينة خاركيف بالقرب من الحدود الروسية في وقت مبكر من صباح السبت، وفقا لما ذكره حاكم المنطقة أوليه سينهوبوف، مشيرًا إلى أن الهجمات أصابت أهدافا حيوية في قطاعي الطاقة والصناعة في خاركيف وتشوهيف.

جاء هجوم السبت بعد ساعات من هجوم صاروخي على نطاق أضيق استهدف البنية التحتية الحيوية في كييف ومدينة خاركيف بشرق البلاد.

كما يأتي هجوم السبت، في الوقت الذي تقاتل فيه القوات الأوكرانية والروسية من أجل السيطرة على سوليدار، وهي بلدة صغيرة تشتهر باستخراج الملح في شرق أوكرانيا وتمثل منذ أيام محور هجوم روسي لا هوادة فيه.

وتؤكد أوكرانيا أن قواتها تقاتل لتظل مسيطرة على سوليدار، لكنها اعترفت بأن الوضع صعب وأن القتال محتدم في الشوارع وأن القوات الروسية تتقدم من اتجاهات مختلفة، فيما قالت روسيا أمس الجمعة إن قواتها انتزعت السيطرة على البلدة، التي كان عدد سكانها قبل الحرب عشرة آلاف نسمة.


شظايا النيران تطال الجيران

وقالت وزارة الداخلية في مولدوفا إنه تم العثور على حطام صاروخ في شمال البلاد بالقرب من الحدود الأوكرانية في أعقاب الضربات الجوية.

وقالت الرئيسة المولدافية مايا ساندو إن "الحرب الوحشية التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا أثرت على مولدوفا مرة أخرى".


دعم غربي

وتدرس قوى غربية إرسال دبابات إلى كييف وقبل اجتماع يوم الجمعة المقبل لحلفاء أوكرانيا في رامشتاين بألمانيا، حيث ستعلن الحكومات عن أحدث تعهداتها فيما يتعلق بالدعم العسكري.

واستجابة للنداءات العاجلة من أوكرانيا، أعلنت لندن عن إرسال دبابات ثقيلة من طراز "تشالنجر 2".

وتعهّد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك السبت إرسال دبابات "تشالنجر 2" ومنظومات مدفعية إضافية لكييف كدليل على "نية المملكة المتحدة تكثيف دعمنا لأوكرانيا" وفقا لتقرير مكالمة هاتفية مع الرئيس الأوكراني.

ولم يُحدّد عدد هذه الدبابات، لكن المملكة المتحدة أصبحت بذلك أول دولة تلتزم بتقديم هذا النوع من الدبابات لمساعدة أوكرانيا في مواجهة القوات الروسية. وكانت كييف قد استلمت دبابات ثقيلة سوفياتية التصميم من حلفائها، لكن لم تستلم أي دبابات غربية بعد.

ورحّب زيلينسكي بالقرار البريطاني، مغردّا على تويتر أن قرار لندن "لن يقوينا في ساحة المعركة فحسب بل سيرسل أيضا الإشارة الصحيحة إلى شركاء آخرين".

والأسبوع الماضي تعهّدت فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة تزويد أوكرانيا آليات مدرعة لنقل المشاة أو للاستطلاع هي 40 مدرّعة ألمانية من طراز ماردر و50 مدرّعة أميركية من طراز برادلي وعدد من مدرّعات "ا ام اكس-10" الفرنسية.


ماذا قالت روسيا؟

أكّدت وزارة الخارجية الروسية السبت أن إرسال لندن دبابات ثقيلة لكييف لن يؤدّي إلّا إلى "تكثيف" المعارك.

وقالت وكالة "نوفوستي" إن الجيش الروسي باشر استخدام دبابات "تي – 90 إم" الحديثة بالعملية العسكرية في أوكرانيا، مشيرةة إلى أن الاختبارات أثبتت موثوقيتها وقدرتها على ضمان سلامة وراحة طاقمها.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في وقت سابق أن دفعة من دبابات "تي – 90 إم" المطوّرة دخلت الخدمة في أحد أفواج الدبابات المشاركة في العملية العسكرية في أوكرانيا.


هل من سلام؟

على الصعيد الدبلوماسي، أبدت تركيا استعدادها للدفع من أجل إقامة مناطق "وقف إطلاق نار محلي" في أوكرانيا في ظل تعذر التوصل إلى اتفاق سلام معمم حاليا بين كييف وموسكو.

واعتبر مستشار الرئيس التركي للشؤون الخارجية إبراهيم قالن أن لا روسيا ولا أوكرانيا يمكنها "الانتصار في الحرب عسكريا"، مضيفا بأنه "سيتحتم عليهما في نهاية المطاف التفاوض من أجل التوصل إلى تسوية مقبولة" من الطرفين.

وقالت روزماري ديكارلو مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية إنها لا ترى "أي مؤشر على انتهاء القتال".