مركز "تريندز" يؤكد أهمية أنظمة الإنذار المبكر في التصدي للإرهاب

اقتصاد

اليمن العربي

أكدت دراسة أعدها مركز تريندز للبحوث والاستشارات أهمية أنظمة الإنذار المبكر في التصدي للتهديدات الإرهابية التي تواجه دول العالم.

 

مركز "تريندز" يؤكد أهمية أنظمة الإنذار المبكر في التصدي للإرهاب

 

ودعت الدراسة التي أعدها الدكتور إبراهيم الصافي الباحث بالمرصد المغربي حول التطرف والعنف إلى إنشاء قاعدة بيانات ومعلومات وافية، تشمل كافة التنظيمات المتطرفة وقياداتها وعناصرها ومناهجها الفكرية وأسلوب عملها.

وطالبت الدراسة، بإشراك المجتمعات المعرضة للتهديدات الإرهابية بشكل فعَّال في استخدام أنظمة الإنذار المبكر وتنفيذها، من خلال توعيتها بهذه الأنظمة ونشر الرسائل والإنذارات بفاعلية، وضمان وجود حالة التأهب المستمر وتهيئة الأوضاع لاتخاذ إجراءات مبكرة، وذلك لضمان فاعلية نظم الإنذار المبكر.

 

ودعت الدراسة إلى تشجيع الدول التي ليست لديها أنظمة إنذار مبكر على استخدام هذه الأنظمة، من خلال تقديم الدعم اللازم لها لإنشاء مثل تلك النظم، وهو ما يساعد على تعزيز قدرة الدول والمجتمعات عمومًا على مواجهة الإرهاب.

وأكدت ضرورة العمل قدر الإمكان على وجود نوع من التنسيق العالمي حول استخدام أنظمة الإنذار المبكر، أو على الأقل وجود نوع من التنسيق الإقليمي أو الشبكي لمجموعة من الدول تتقاسم الرؤية والأهداف نفسها.

وأشارت الدراسة إلى أهمية "نظام الإنذار المبكر" فيما يخص التهديدات الأمنية ذات الصلة بالإرهاب والتطرف العنيف، مؤكدة أن هذا النظام يحظى بأهمية كبيرة، بالنظر إلى الدور الكبير الذي يلعبه في الحد من التهديدات الإرهابية التي تشكلها جماعات التطرف والإرهاب، من خلال الفهم المشترك للأسباب الجذرية وما يقدمه من معلومات وبيانات لتحليل النقاط المحتمل أن تشكل بؤرًا ساخنة.

وبحسب الدراسة ذاتها فإن نظام الإنذار المبكر هو عبارة عن منظومة للاستكشاف والتحذير المسبق من احتمالية حدوث الكوارث والأزمات، تمهيدًا لاتخاذ القرارات والسياسات والإجراءات المناسبة لمواجهتها ومنع حدوثها بشكل كلي أو على الأقل الحد من حجم أضرارها ومخاطرها.

وقالت الدراسة إنه "نظام متكامل لرصد الأخطار وتوقع حدوثها وتقييمها والتأهب للتصدي لها، عبر النظم والعمليات التي تمكن الأفراد والمجتمعات والحكومات وغيرها من اتخاذ إجراءات للحد من آثار المخاطر بكل أشكالها في الوقت المناسب قبل حدوثها".

 

وأضافت أنه يمكن أيضا تعريف نظام الإنذار المبكر بأنه عبارة عن عملية رصد وتسجيل وتحليل لإشارات توحي بعلامات أزمة مالية أو اقتصادية تلوح في الأفق أو تشير إلى اقتراب وقوع أزمة حقيقية شديدة، ومهمته الحقيقية تتمثل في التفرقة بين الإشارات التي تشير إلى قرب وقوع الأزمة، وبين الأحداث العَرَضية والضوضاء الناتجة عن مشكلات عادية تواجهها الدولة في عملياتها اليومية

وأكدت الدراسة أنه يمكن تطبيق نظم الإنذار المبكر على التهديدات التي تشكلها التنظيمات الإرهابية، حيث تبقى الغاية من وراء بناء هذا النظام وتفعيله هي تدعيم قدرة الأفراد والمؤسسات والمجتمعات وتمتينها بشكل عام، على مواجهة التهديدات والمخاطر الإرهابية المحتملة، في الوقت الكافي وبالأسلوب المناسب، وذلك لتقليل إمكانية وقوع خسائر مادية ومعنوية جراء تلك التهديدات.

ووفق الدراسة ذاته فإن نظام الإنذار المبكر يلعب دورًا حيويًا في تعزيز نظم المعلومات التي يتم تجميعها عن أنشطة الجماعات الإرهابية، والرفع من حالة التأهب في الوقت المناسب والاستجابة الفعَّالة باستخدام نظام تشغيلي يدمج مكونات المعرفة بالمخاطر الإرهابية، والرصد والتنبؤ، ونشر المعلومات والاستجابة للتحذيرات التعبوية لجميع الجهات ذات الصلة.

ويعمل النظام على منح المبكر الفرصة والوقت الكافيَيْن لأجهزة إنفاذ القانون لاتخاذ الإجراءات الملائمة للتعامل مع المخاطر والتهديدات قبل وقوعها، على نحو يخفف من الأضرار المحتملة إلى أقصى حد ممكن، كما يعزز الثقة بالأجهزة الأمنية المعنية بالتعامل مع الأخطار الإرهابية والأمنية لدورها في الحد من المفاجآت وإتاحتها فرصة الوقاية منها، بالإضافة إلى ذلك يساعد هذا النظام في تحديد الأجندة الزمنية اللازمة للتعامل مع هذا النوع من المخاطر، وفق الدراسة ذاتها.

وأشارت الدراسة إلى وجود مجموعة من العوامل التي تساعد نظام الإنذار المبكر على أداء مهامه وتحقيق أهدافه، زيادة فاعليته، منها فاعلية نظام المعلومات وفاعلية نظام الاتصال وخبرة فريق إدارة الأزمة وكفاءته وفاعلية القيادة في اتخاذ القرارات الحاسمة.

وأكدت الدراسة أن انتشار الإرهاب مؤخرا في عدة دول ترتبت عليه آثار خطيرة، أبرزها تهديد سلطة الدولة، وقدرة مؤسساتها الأمنية على حفظ الأمن والاستقرار، وتهديد السلم المجتمعي وإشاعة مناخ من الخوف في المجتمع وما يترتب عليه من شعور بالقلق والضيق والاكتئاب، والرغبة في العزلة وعدم الاندماج، والتأثير السلبي على عملية التنمية الاقتصادية.

ورجحت الدراسة أن تكون التهديدات المستقبلية للأمن الدولي مزيجًا من التهديدات القائمة، أو طفراتها أو تداعياتها، والتهديدات الناشئة وغير المتوقعة.

وعن فاعلية نظام الإنذار المبكر في التصدي للإرهاب، أوضحت الدراسة أن الكيانات الإرهابية العابرة للحدود تستغل أوجه قصور رئيسية في التدخلات الحكومية، وإخفاق المقاربات التقليدية لأجهزة إنفاذ القانون والاستخبارات في التنبؤ بالأنشطة الإرهابية المستقبلية، مؤكدة أن التحليل هو الطريقة الأكثر فاعلية لتحسين استخدام المعلومات، وتوظيفها بالشكل السليم في التحذير من وقوع عمليات إرهابية.

وأكدت أن الاستخدام الفعال لنظام الإنذار المبكر يعد عنصرًا رئيسيًا في الوقاية من المخاطر الأمنية والهجمات الإرهابية، إذ يمكن أن يحول دون وقوع خسائر في الأرواح والممتلكات العامة، ويحد من الآثار الاقتصادية والمادية التي تسفر عنها الأحداث الإرهابية، حيث تُسهِّل هذه الأنظمة على الجهات المعنية رصد البيانات وتحليلها على أساس مؤشرات قياس المخاطر.

وأوضحت الدراسة أن الآليات التشغيلية لأنظمة الإنذار المبكر من خلال تأسيس مركز مراقبة ورصد يعرف بـ "غرفة الأوضاع"، ويكون موقعه في الإدارة المعنية بإدارة المخاطر، ويكون مسؤولًا عن جمع البيانات والمعلومات وتحليلها على أساس وحدة قياس ملائمة لمؤشرات الإنذار المبكر – سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية وإنسانية – ويقوم بتحليل التطورات ووضع أفضل المسارات للتصدي لها.

وقالت الدراسة إنه بالإضافة إلى هذا المركز، توجد وحدات للمراقبة والرصد تابعة لأجهزة إنفاذ القانون والمؤسسات المعنية في الدولة، يتم ربطها بصورة مباشرة من خلال وسائل الاتصالات المناسبة بـ "غرفة الأوضاع"، وتعمل هذه الوحدات على جمع البيانات ومعالجتها على مستواها ونقلها إلى غرفة الأوضاع.

وأشارت الدراسة إلى التجربة البريطانية في هذا المجال، حيث أطلقت المملكة المتحدة في يونيو 2018 استراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب، حملت اسم "كونتست" والتي قدمت إطارًا عامًّا لتبادل المعلومات ما بين الأجهزة الأمنية وسلطات السجون، وصولًا إلى اللجان الخيرية والحكومة المحلية، بما يمكن اعتباره نظامًا للإنذار المبكر.

وأكدت الدراسة أهمية أنظمة الإنذار المبكر في رفع فاعلية أجهزة الاستخبارات في الحد من التهديدات الإرهابية، بعد تطوير التنظيمات الإرهابية آليات عملها، لا سيما فيما يتعلق بتوظيف التطور التكنولوجي، خاصة في مجال شبكات التواصل الاجتماعي لخدمة أهدافها.

وأوضحت أن أجهزة الاستخبارات تستخدم نظام الإنذار المبكر، وفق آلية يتم بمقتضاها جمع المعلومات المرتبطة بشكل عام بالتنظيمات الإرهابية وتهديداتها، ووضع فئات لتصنيف المعلومات التي تم جمعها حسب درجة خطورتها مع وضع معايير لتقييم مصداقية المعلومات وتحليلها، إلى جانب محاولة استنتاج رؤية هذه التنظيمات وأهدافها.

وقالت الدراسة إنه بعد ذلك "تأتي مرحلة تحديد طبيعة الخطر وترجيح مكان وقوعه وزمانه، لتخلص في الأخير إلى رفع الإنذار إلى صناع القرار مع ضمان السرية، لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضد التهديد الإرهابي المحتمل ".

وتطرقت الدراسة إلى بعض المعوقات التي قد تحد من فاعلية نظام الإنذار المبكر ومن أبرزها دقة المعلومات المستقاة من المصادر المفتوحة ومصداقيتها؛ إذ إن عدم دقة هذه المعلومات يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير سليمة، بالإضافة إلى صعوبة المتابعة الدورية للمؤشرات المستقاة من المعلومات والبيانات، وتحديثها بشكل دوري، بما يصعب معه إعطاء مخرجات سليمة في مجال توقع الأزمات والتهديدات.

وأوضحت الدراسة أنه من المعوقات الأخرى قدرة هذه الأنظمة على إقناع صانع القرار بقرب وقوع الأزمات أو التهديدات، وضرورة اتخاذ استجابة عاجلة، بالإضافة إلى ضعف الاهتمام الدولي والإقليمي والوطني بأنظمة الإنذار المبكر؛ أو التعامل بعدم حيادية مع هذه المؤشرات وعدم تكامل خطط مواجهة الأزمات من بين التحديات التي تواجه استخدام نظم الإنذار المبكر.

وأشارت الدراسة إلى أنه من المعوقات المهمة أيضا سيادة الدول حيث تمتنع العديد من الدول عن تبادل المعلومات الحساسة والمتعلقة بالمخاطر مع جهات قد تعتبرها غير آمنة، بالإضافة إلى صعوبة توقع التهديدات الإرهابية غير التقليدية، مثل "الذئاب المنفردة".