باحثون يوضحون.. هل تضر البرودة الشديدة بالرئتين؟

منوعات

اليمن العربي

يتمتع البشر بالقدرة على التكيف والتعامل مع الفصول المتغيرة، لكن البرد الشديد، تماما مثل الطقس الحار للغاية، يمكن أن يكون له تأثيرات سلبية على أجزاء مختلفة من أجسامنا.

 

باحثون يوضحون.. هل تضر البرودة الشديدة بالرئتين؟

 

وفي ظل تساقط الثلوج وانخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في مناطق كثيرة من الولايات المتحدة، بدأ الكثيرون في طرح عدد من التساؤلات حول مدى تأثير هذا الطقس المتطرف على الصحة.
ومن بين الأسئلة المطروحة الأكثر إلحاحا: هل يمكن أن تؤدي درجات الحرارة المنخفضة إلى ما تحت الصفر إلى تجميد الرئتين؟.

ويشرح الدكتور آريان شياري، اختصاصي أمراض الرئة في مؤسسة "مايو كلينك": "يبذل جسمنا قصارى جهده للحفاظ على درجة حرارتنا الأساسية عند نحو 37 درجة، وبما أن الرئتين مغطاتان داخل التجويف الصدري، فما لم يكن الجسم كله في خطر لا يفترض أن تكون الرئتان معرضتين للخطر".

ومع ذلك، أشار إلى أن الهواء البارد الجاف يمكن أن يدخل رئتيك ويسبب تهيجا، ما يؤدي إلى تشنج قصبي قد يتسبب في الإحساس بشد الصدر. ومن غير المحتمل أن تتجمد رئتاك.

وقد تشعر بعدم الراحة أو حتى بالحرقان من جراء التنفس في درجات الحرارة الباردة. وهو أمر شائع.

ويوضح الدكتور شياري: "أجسامنا مصممة بشكل جيد جدا للتكيف مع دخول الهواء البارد. وهناك العديد من الآليات التي تسمح برفع درجة حرارة الهواء وترطيبه قبل أن يصل فعليا إلى الرئتين، حيث يحدث تبادل الغازات".

وأضاف: "ما يحدث هو أن الهواء البارد يكون عموما أكثر جفافا، ويعمل جسمك على ترطيبه. وفي خلال هذه العملية، يمكن أن يسبب تهييجا للممرات الهوائية، ما ينتج عنه عملية تسمى تشنج القصبات، حيث تضيق هذه الممرات الهوائية، وتحصل على الشعور بضيق النفَس".

يمكن أن يكون الهواء شديد البرودة خطيرا على أي شخص، ولكن بالنسبة لأولئك الذين يعانون من أمراض الرئة المزمنة، مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD)، فإن البرد يمكن أن يجعل الأمور أسوأ. ومع انتفاخ الرئة، على سبيل المثال، يمكن أن يتسبب الهواء البارد في حدوث تقلصات في الشعب الهوائية، ما يجعل التنفس أكثر صعوبة.

كما يقول الدكتور شياري: "المرضى الذين يعانون من أمراض في الجهاز التنفسي، سواء أكان ذلك الربو أو مرض الانسداد الرئوي المزمن أو أمراض الرئة الأخرى، هم أكثر عرضة لتفاقم أعراضهم إذا واجهوا ظروف الشتاء البارد. وأفضل شيء يمكنهم القيام به لحماية أنفسهم هو الاستعداد، سواء كان ذلك بالحصول على إمدادات إضافية من جهاز الاستنشاق الخاص بهم لبضعة أيام في حالة الطوارئ، أو وجود مولد طوارئ لمعداتهم الطبية، مثل أجهزة التنفس الاصطناعي أو أجهزة ضغط الهواء الإيجابي المستمر أو مكثفات الأكسجين".

يقول الدكتور شياري إنه يجب عليك محاولة تجنب الخروج أثناء عاصفة الشتاء. ويشير إلى أنه إذا كان عليك أن تكون بالخارج، فاتبع نصيحة التنفس: "من الأفضل عموما أن يكون الشهيق من خلال أنفك والزفير من خلال فمك. أنفك يقوم بترطيب الهواء وتدفئته أفضل من فمك. ويحسن وجود وشاح يُلف حول أنفك وفمك، أو قناع تزلج، إذ يمكن أن يساعد في الهواء الطلق، لأنه يمكن أن يحبس بعضا من الحرارة والرطوبة".

وحاول تجنب ممارسة الرياضة في الخارج في الطقس البارد إذا كنت تعاني من الربو أو مرض الانسداد الرئوي المزمن أو أمراض الرئة المزمنة.
قال الباحثون إن واحدة من كل 100 حالة وفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية قد تُعزى إلى أيام درجات الحرارة الشديدة الحر أو الشديدة البرودة.

فمع انخفاض درجات الحرارة في الشتاء، يعاني الكثير منا من أمراض مرتبطة به، مثل نزلات البرد والإنفلونزا. وبالمثل، إذا ارتفعت درجات الحرارة بشكل خاص في الصيف، فغالبا ما تكون هناك مخاوف من الجفاف والإجهاد الحراري.
ولكن دراسة جديدة الآن أظهرت أن الطقس المتطرف يمكن أن يكون له تأثير أكثر خطورة على أجسامنا.

وكشفت الورقة البحثية المنشورة في مجلة Circulation أن درجات شدة الحر والبرودة تزيد من خطر الوفاة بين المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية.

وتشمل هذه أمراض القلب الإقفارية (مشاكل القلب الناجمة عن تضيق شرايين القلب) والسكتة الدماغية وفشل القلب وعدم انتظام ضربات القلب.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن أمراض القلب والأوعية الدموية تعد السبب الرئيسي للوفاة على مستوى العالم، حيث تودي بحياة ما يقدر بنحو 17.9 مليون شخص كل عام.

وربطت نتائج الدراسة قصور القلب بأكبر عدد من الوفيات الزائدة في الطقس القاسي - مع 2.6 حالة وفاة إضافية في الأيام الحارة للغاية، و12.8 في أيام البرد القارس.

واكتشف الباحثون كيف يمكن أن تؤثر درجات الحرارة القصوى على أمراض القلب، وهو السبب الرئيسي للوفاة على مستوى العالم.

وللقيام بذلك، قاموا بتحليل بيانات من أكثر من 32 مليون حالة وفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية حدثت في 567 مدينة في 27 دولة، بين 1979 و2019.

ولكل 1000 حالة وفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية تم تسجيلها، وجد الباحثون ما يلي:

- تسببت أيام البرد القارس في حدوث 9.1 حالة وفاة إضافية

وأوضح المؤلف المشارك للدراسة وزميل أمراض القلب والأوعية الدموية في كلية الطب بجامعة ميريلاند والمركز الطبي بجامعة ميريلاند في بالتيمور، هيثم خريشة: "يمكن أن تُعزى حالة واحدة من كل 100 حالة وفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية إلى أيام درجات الحرارة الشديدة.  وكانت تأثيرات درجات الحرارة أكثر وضوحا عند النظر إلى الوفيات الناجمة عن قصور القلب".

وتابع: "بينما لا نعرف السبب، يمكن تفسير ذلك من خلال الطبيعة التدريجية لفشل القلب كمرض، ما يجعل المرضى عرضة لتأثيرات درجة الحرارة. ويعد هذا اكتشافا مهما لأن واحدا من كل أربعة مصابين بقصور في القلب يُعاد إدخاله إلى المستشفى في غضون 30 يوما من الخروج، ولا ينجو سوى 20% من مرضى قصور القلب بعد 10 سنوات من التشخيص".

تأثير تغير المناخ

فحص الفريق التقلبات "الكبيرة" في درجات الحرارة الساخنة والباردة كجزء من الدراسة، بهدف فهم كيف يمكن أن يؤثر تغير المناخ على الصحة العامة في المستقبل.

لذلك، قارن الباحثون الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية على 2.5% من الأيام الأكثر سخونة وبرودة بما يعد درجة الحرارة "المثلى" (درجة الحرارة المرتبطة بأقل معدلات الوفيات) في نفس المدن.
وقال براق الأحمد، الباحث في مدرسة تشان للصحة العامة بجامعة هارفارد: "إن الانخفاض في معدلات الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية منذ الستينيات هو قصة نجاح ضخمة في مجال الصحة العامة، حيث حدد أطباء القلب عوامل الخطر الفردية وعالجوها مثل التبغ، والخمول البدني، ومرض السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم وغيرها. والتحدي الحالي هو البيئة وما قد يحمله تغير المناخ بالنسبة لنا".

وتابع: "نحن بحاجة إلى أن نكون على قمة التعرضات البيئية الناشئة. أدعو المنظمات المتخصصة في طب القلب إلى إصدار إرشادات وبيانات علمية حول تقاطع درجات الحرارة القصوى وصحة القلب والأوعية الدموية. وفي مثل هذه البيانات، قد نوفر مزيدا من التوجيه لأخصائيي الرعاية الصحية، بالإضافة إلى تحديد فجوات البيانات السريرية والأولويات المستقبلية للبحث".