لماذا يسبب العمل الليلي الإصابة بالأورام؟

منوعات

اليمن العربي

أعلن الدكتور ستانيسلاف سامبورسكي، أخصائي علم النفس السريري، أن قلة النوم تؤدي إلى زيادة الإثارة التي بدورها تسبب القلق والاكتئاب وسوء المزاج وانخفاض الأداء.


ويقول في حديث لـ Gazeta.Ru: "يرتاح جسم الإنسان ليلا وينتج مواد وهرمونات ضرورية نشطة بيولوجيا، تنظم عمل الغدد الصماء والقلب والأوعية الدموية. وأن اضطراب النوم الليلي يزيد من خطر الإصابة بارتفاع مستوى ضغط الدم ومرض السكري".

 

لماذا يسبب العمل الليلي الإصابة بالأورام؟


ويضيف: عند الأداء السليم للجسم قبل الذهاب إلى الفراش، ينشط الجهاز العصبي السمبتاوي امتصاص العناصر الغذائية، واستعادة وبناء الأنسجة والخلايا.

ويقول: "ذا كان الشخص يعمل في الليل، فإن هذا الترتيب الفسيولوجي يضطرب، ويتم تنشيط الجوانب المتقابلة من الجهاز العصبي اللاإرادي. ونتيجة لذلك، تبدأ قفزات في مستوى ضغط الدم، يمكن أن تؤدي إلى الجلطة الدماغية واحتشاء عضلة القلب".

ويضيف، بالإضافة إلى ذلك يؤدي اضطراب النوم إلى اختلال توازن الدوبامين والسيروتونين والنورادرينالين في الدماغ، ما يؤدي إلى الاكتئاب والقلق، وكذلك انخفاض الانتباه والقدرة على التعلم. وإن الأرق المصحوب بالقلق هي النتيجة السلبية الأكثر وضوحا للعمل الليلي.

ويقول: "تهدد ليالي الأرق الطويلة بالسمنة. وتزيد من مستوى الكوليسترول في الدم وتعطل امتصاص الخلايا للغلوكوز بصورة طبيعية".

ويضيف موضحا، يعود السبب، إلى اضطراب تنظيم الشهية بصورة صحيحة في الليل، نتيجة الإنتاج غير السليم للميلاتونين، كما لا ينتج الأنسولين بصورة صحيحة، ما يخفض ​​الشعور بالشبع ولا يدرك الشخص أنه يفرط في تناول الطعام.

ويقول: "يزيد العمل الليلي أيضا من خطر الإصابة بالأورام. ويكمن السبب في اضطراب مستوى الميلاتونين، الذي هو مضاد طبيعي للأكسدة ويلعب دورا مهما في الحد من نمو الخلايا غير المنضبط".

وبالإضافة إلى ذلك، أثبت العلماء وجود علاقة بين العمل الليلي وتطور امراض القلب والأوعية الدموية.
توصل علماء جامعة مونتريال إلى أن العمل في الورديات الليلية ضار جدا بصحة النساء، لأن إهمال النوم والعمل في الفترة الليلية يزيد من احتمال الإصابة بسرطان الثدي.
وتستند استنتاجات العلماء إلى دراسة شملت 13 ألف امرأة في أوروبا وأستراليا وأمريكا. ويرى العلماء أن السبب يكمن في اضطراب "الإيقاعات اليومية"، أي تقلبات مختلف العمليات البيولوجية في الجسم التي تجري في أوقات دورية معينة، ارتباطا بوقت النهار والليل وفترة النوم واليقظة.

ووفقا لهذه الإيقاعات، تجري في الجسم معظم عمليات الأيض وإفراز الهرمونات. ويمنع اضطراب نظام النوم إفراز هرمون الميلاتونين الذي يتمتع بتأثير مضاد للأورام.

وبدأ الحديث عن ضرورة الالتزام بالنظام اليومي منذ القرن التاسع عشر. وفي القرن العشرين، أظهرت نتائج دراسات علمية جدية أجريت في الاتحاد السوفيتي وألمانيا والولايات المتحدة واليابان وفي الهند، أن الفائدة الصحية وإنتاجية العمل كانت أعلى عند الالتزام بالنظام اليومي الطبيعي.

منذ الثورة الصناعية وتطور الإضاءة الاصطناعية، استخدمت قطاعات التصنيع والخدمات العمل بنظام الورديات لزيادة الإنتاجية والربحية، وتوفير الرعاية الصحية المستمرة وخدمات الطوارئ.

لكن العمل بنظام الورديات، عندما يفترض بك النوم والراحة، يعطل وظائفك الطبيعية.


قبل تسعينيات القرن الماضي، لم يكن معروفا سوى القليل عن تأثير العمل بنظام الورديات على الصحة.

ثم وجدت دراسة بارزة باستخدام البيانات السريرية من منتصف التسعينيات أن الممرضات العاملات ليلا أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي. وزاد هذا الخطر مع عدد السنوات التي قضينها في أداء العمل بنظام الورديات.

وأظهرت الدراسات أن العمل بنظام الورديات، وخاصة العمل بنظام المناوبات الدورية، يزيد أيضا من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسمنة ومرض السكري من النوع الثاني والخرف والوفاة المبكرة بشكل عام.

كما أنه يرتبط بانخفاض اليقظة وزيادة مخاطر وقوع الحوادث.

وتشير الدلائل المتزايدة إلى اضطراب الساعة البيولوجية الناجم عن النشاط أو الاستيقاظ في الليل عندما يفترض أن ننام.

وخلال التطور، اكتسبت الأنواع الحية، من البكتيريا والنباتات إلى البشر، ساعة يومية لتحسين العمليات الجسدية في بيئة تتغير على مدار اليوم. وبالتالي، يتم تنظيم جميع جوانب السلوك وعلم وظائف الأعضاء والتمثيل الغذائي تقريبا بشكل إيقاعي لتوقع هذه التغييرات اليومية.

وتكون قوة العضلات وجهاز المناعة والأداء المعرفي، على سبيل المثال، أعلى خلال النهار عندما يخزن الجسم أيضا العناصر الغذائية من الطعام. وتقل هذه الوظائف في الليل عندما يبدأ الجسم في استخدام العناصر الغذائية المخزنة خلال هذه الفترة من الصيام.
وهذه الساعات اليومية موجودة في كل خلية من خلايا الجسم تقريبا. وتعمل الساعة المركزية في الدماغ كنوع من الموصلات التي تتزامن كل يوم بواسطة الضوء البيئي.

وإذا حصلت هذه الساعات الآن على مدخلات من مصادر أخرى مثل الطعام في الليل، أو إذا تشتت انتباه الموصل بشيء مثل الضوء أثناء الليل، فإن هذا التزامن يضيع.

وهذا يؤدي إلى زيادة الوزن، ومرض السكري من النوع الثاني، وزيادة ضغط الدم، وضعف الاستجابة المناعية.

ويظهر هذا حتى في حالات الإضاءة المنخفضة الشدة في غرفة النوم مثل شاشة التلفزيون.

وفي الدراسات التي أجريت باستخدام نماذج حيوانية، أدى هذا التزامن المفقود إلى زيادة الإصابة بسرطان الثدي ونمو أسرع للورم. كما أنه يؤدي إلى تفاقم أعراض مرض ألزهايمر في الدراسات التي أجريت على الفئران.

وكما هو الحال في النماذج الحيوانية، فإن اضطراب الفسيولوجيا جيدة التنظيم الناجم عن الضوء في الليل أو التغذية في الوقت الخطأ يزعج الوظيفة الطبيعية للأعضاء، لا سيما القدرة على تخزين العناصر الغذائية واستخدامها خلال الفترة المناسبة.

ويرتبط الاضطراب اليومي أيضا باضطراب في الجهاز العصبي المستقل الذي ينظم وظائفنا الأساسية مثل التنفس أو الحفاظ على نبضات القلب. ويؤثر هذا على العلاقة بين الدماغ والأنسجة المحيطة، ووظائفها المناسبة.


وأظهرت محاكاة العمل بنظام الورديات تأثيرا على جهاز المناعة. ويساهم هذا في زيادة خطر الإصابة بالعدوى بين عمال النوبات الليلية، ولا سيما "كوفيد-19"، ويمكن أن يلعب أيضا دورا في تطور السرطان.

وإجمالا، يساهم هذا في زيادة الاستعداد عالميا للعديد من الأمراض، بما في ذلك مرض السكري وأمراض القلب.

وتلعب الساعة اليومية أيضا دورا مهما في فعالية وسمية معظم الأدوية، بما في ذلك العلاج الكيميائي للسرطان. ويؤثر الإيقاع اليومي المستمر على الاستجابة للعلاجات.

يجب أن تكون الخطوة الأولى هي الحد من العمل بالتناوب قدر الإمكان. وبينما يمكن للأشخاص التكيف مع العمل في الوقت "الخطأ" إلى حد ما، إلا أنه من المستحيل التكيف مع الجداول الزمنية التي تتغير باستمرار.

وأظهرت العديد من التجارب التي تدرس تأثير الإضاءة أن الضوء الساطع يزيد من اليقظة أثناء الليل ويساعد الكائنات الحية على التكيف مع العمل الليلي عن طريق تغيير طور الساعة اليومية. ومع ذلك، ما يزال يتعين تحديد التأثير طويل المدى على الصحة.

ويبدو أن التحكم في الوقت الذي يأكل فيه الأشخاص والحد منه، هو نهج واعد يمكن أن يكون مفيدا لصحة القلب والتمثيل الغذائي، ويبدو أنه متوافق مع العمل بنظام الورديات. كما أنه يقلل من نمو الورم في الدراسات التي أجريت على الحيوانات لسرطان الثدي.