تسريب لقائد عسكري إيراني.. رعب وتهديدات ووعيد

عرب وعالم

اليمن العربي

فيما تتواصل التظاهرات في إيران للشهر الثالث على التوالي دون أن تخمد جذوتها، كانت طهران على موعد مع "احتجاج" من نوع آخر.

ذلك "الاحتجاج" رفع شعار "التسريبات" كسلاح لمواجهة "قمع" السلطات الإيرانية، التظاهرات التي خرجت تطالب بإصلاحات، إلا أنها تطورات إلى المطالبة بـ "إسقاط النظام".

فمجموعة "بلاك ريوارد" للقرصنة المعارضة للنظام الإيراني، نشرت يوم الثلاثاء، مقطعًا صوتيًا حصلت عليه بعد اختراق وكالة أنباء "فارس نيوز" الذراع الإعلامية للحرس الثوري، لاجتماع نائب قائد قوات الباسيج الجنرال قاسم قريشي ومجموعة من مدراء الإعلاميين التابعين للحرس الثوري، تحدثوا فيه عن الاحتجاجات وآليات التعاطي معها، بالإضافة إلى موضوعات مختلفة؛ بينها تهديد زعيم السنة في سيستان وبلوشستان عبد الحميد مولوي.

الاجتماع الذي استمر أكثر من ساعتين، عقد في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وتحدث في بدايته الجنرال قريشي، عن جوانب جديدة من الاحتجاجات في إيران وخطط الحكومة والمؤسسات الأمنية للتعامل معها.


تخوفات

وبحسب أحد المشاركين في الاجتماع مع الجنرال قريشي، فإن 70% على الأقل من الشركات في 21 محافظة إيرانية قد رافقت اليوم الأول من الدعوة للإضراب المعلن عنها في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، والذي تزامن مع ذكرى احتجاجات الوقود التي اندلعت في عام 2019 وخلفت مئات القتلى وآلاف المعتقلين.

وتضمن التسريب الصوتي، عرض العديد من الأشخاص معلوماتهم حول الوضع الأمني في البلاد، وبعض القضايا الأخرى، بينها انفجار إسطنبول، وتظاهرات لندن، والتنصت على المكالمات الهاتفية بين مذيعة "البي بي سي" رنا رحيم بور ووالدتها، وكذلك كأس العالم لكرة القدم، بهدف تحويل الرأي العام عن حالة البلاد.

ونوقشت في الاجتماع –كذلك- قضايا أخرى، بينها تسمية الاحتجاجات على مستوى البلاد بـ "الفتنة السوداء"، ووضع الناشط الحقوقي والإعلامي حسين رونقي في السجن، وقتل المتظاهرين في مدينة زاهدان البلوشية.


احتجاجات وإضرابات

وبحسب التسريب، فإنه طُلب من وسائل الإعلام الحاضرة في الاجتماع مع الجنرال قريشي إعلان انتهاء الاحتجاجات، والقول إن "كل شيء عاد إلى طبيعته"، بالإضافة إلى استخدام عبارة "اضطرابات سابقة، وشغب سبتمبر/أيلول، أو فتنة سوداء" للإشارة إلى الاحتجاجات.

وقال أحد الحاضرين، إنه من الأفضل استخدام مصطلح "الفتنة السوداء الصهيونية الأمريكية" للإشارة إلى الاحتجاجات، حسب تسريب الصوتي الذي عُرض فيه إحصائيات حول مستوى المشاركة الواسعة في الاحتجاجات والإضرابات، وأعلن خلاله عن عزم النظام عقد 123 مسيرة في جميع أنحاء البلاد في الفترة بين 15 وحتى 17 من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

وأبلغ أحد الحاضرين، أن هناك تجمعات واعتصامات في 62 جامعة وكلية في 20 محافظة بمشاركة 7000 طالب، مشيرًا إلى 12 هجومًا على قواعد الباسيج وإلقاء زجاجات حارقة على مكتب ممثل مدينة سبزوار في البرلمان في الأيام التي سبقت الاجتماع.

وأكد أحد الحاضرين الذي كان يتحدث للجنرال قاسم قريشي أنه "خلال ثلاثة أيام تم الإبلاغ عن إسقاط تسع عمائم رجال الدين في عدة محافظات".


مونديال قطر

وبحسب الحاضرين في هذا الاجتماع، ينبغي استغلال كأس العالم كفرصة لاستبدال السعادة بالحزن والغضب في المجتمع، عبر "احتلال الشوارع وإقامة حفلة في الشارع بالتنسيق مع الشرطة".

وفي هذا الاجتماع، أثيرت مخاوف بشأن احتمال انضمام لاعبي المنتخب الإيراني إلى الاحتجاجات، فيما قال قاسم قريشي: "أحسنت الأمور مع لاعبي كرة القدم.. ذهبت والدة الشهداء الثلاثة إلى معسكرهم وتحدثت إليهم.. لقد خلقوا لهم بيئة روحية".


حالة رونقي

وبحسب أحد الحاضرين، فإن المسؤولين الأمنيين كانوا قلقين من تكرار قضية مهسا أميني، بسبب الحالة الصحية للناشط حسين رونقي الذي جرى اعتقاله في بداية الاحتجاجات العارمة في طهران.

ووفقًا لهذا الشخص، فقد كسرت ساقا الناشط رونقي في السجن وانخفض وزنه كثيرًا بسبب الإضراب عن الطعام، مشيرًا إلى أنه من ناحية أخرى "بسبب تفاقم مرض قلب رونقي، كانت السلطات قلقة من احتمال إصابته "بسكتة دماغية".

وبحسب الشخص الذي حضر لقاء الجنرال قريشي بنشر صورة الناشط رونقي، فقد تناقص حجم المواد المنشورة حول حالته على مواقع التواصل الاجتماعي.


حجاب النجمات

وفي التقرير الذي أثير في هذا الاجتماع حول انضمام ممثلين وفنانين للاحتجاجات، أعرب الحاضرون عن قلقهم بشأن "اكتشاف حجاب النجمات والمشاهير على الشبكات الاجتماعية".

وبحسب أحد الحاضرين، فبدلًا من الضغط على الإذاعة والتلفزيون ووزارة الثقافة لإزالة أفلام هؤلاء الممثلات، يجب اتخاذ الإجراءات بحقهن من خلال المنتجين.

وقال قريشي: "المنتجون يحبون أموالهم كثيرًا... أولًا يجب أن يهددوا وزارة الإرشاد وساترا (المنظمة التنظيمية لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة العالمية) ثم يخبر المنتجون الممثلين سرًا أن يصمتوا".


مجزرة زاهدان

كما تحدث الحاضرون في هذا الاجتماع عن مقتل المصلين في زاهدان في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، وطرحوا تساؤلات حول ذلك، بينها مكان إطلاق النار على بعض الأشخاص داخل مسجد مكي أكبر مساجد السنة في إيران.

وبحسب أحد الحاضرين، فإن "الخطأ كان من جانب مطلق النار (الأمن) فوق الحاجز" ولم يكن الإجراء "متناسبًا مع التهديد". وعليه بدأ إطلاق النار بعد أن اصطدمت حافلة بمركز الشرطة وألقيت عليها زجاجة حارقة.

وبحسب قاسم قريشي، فإن الوفد الذي سافر من طهران إلى زاهدان للتحقيق في الوضع، بالإضافة إلى التهدئة كانت مهمته "توبيخ" مولوي عبد الحميد، وهو زعيم ديني سني بارز.

وبحسب الجنرال قريشي، يجب على الحكومة أن تتصرف "في سيستان وبلوشستان بتصميم وحكمة"، مضيفًا "منذ بداية الثورة ارتكبنا خطأ في سيستان وبلوشستان، كنا نظن أن هذه مناطق شيعية، وقدمنا الأراضي والأموال إلى عشيرة مولوي، لكنه اتضح لنا أنهم ليسوا بشرًا على الإطلاق ولا يوالون النظام".


الهجوم على بي بي سي

مناقشة الهجمات الإلكترونية ضد مذيعة بي بي سي رنا رحيم بور واستخدامها كإحدى الطرق لتحويل ذهن الجمهور عن الاحتجاجات كانت قضية أخرى أثيرت في هذا الاجتماع.

وقال أحد مسؤولي الباسيج لمديري وسائل إعلام: "حديث رنا رحيم بور موضوع خطير للغاية... يجب على إعلام الحرس الثوري الإيراني والباسيج ألا يتركوه، خاصة الآن بعد أن حدث نزاع رهيب بين قناة إيران الدولية (إيران انترناشيونال) وبي بي سي البريطانية، وصُنعت أفلام ضد بعضها البعض، وخلق محتوى ضد بعضها البعض".

وردًا على التسجيل "غير القانوني وغير الأخلاقي" للمحادثات الخاصة للإعلامية الإيرانية المعارضة رحيم بور والإشارة إلى "سنوات من المضايقة لموظفي بي بي سي الفارسية وعائلاتهم"، أعلنت بي بي سي في بيان أن: "هذه اللقاءات اشتدت في الآونة الأخيرة وفي غزو واضح الخصوصية، "وتم تسجيل ونشر مكالمة شخصية لمراسل بي بي سي مع عائلته بشكل غير قانوني".

وأضافت أن "البعض يسعى الآن لاستغلال هذه القضية لتشويه سمعة صحافة بي بي سي ومهاجمة صحفيينا"، متابعة: "نحن نقف إلى جانب جميع صحفيي بي بي سي الفارسيين وندعمهم، ونحن لا نتسامح مع المضايقات من أي مكان".