وزارة الاعلام تنعي المناضل الوطني والمؤرخ والمثقف الكبير سعيد الجناحي

أخبار محلية

اليمن العربي

نعت وزارة الاعلام والثقافة والسياحة، إلى أبناء الشعب اليمني والحركة الثقافية اليمنية والعربية المناضل الوطني والمؤرخ والمثقف الكبير سعيد الجناحي الذي وافته المنية، اليوم، في صنعاء بعد عمر مديد من العطاء الوطني والفكري والتنويري والنزاهة.

وأشاد وزير الاعلام والثقافة والسياحة معمر الارياني، بالجهود التنويرية والسيرة المشرقة للراحل سعيد الجناحي التي ابتدأت منذ مطلع شبابه وتشكلت في مدينة عدن الباسلة نهاية خمسينات القرن المنصرم، والتحاقه المبكر بحركة القوميين العرب التي كان واحدًا من مؤسسيها الاوائل في اليمن، ثم مشاركته المبكرة في انجاز ثورة اليمنيين الأم ومعركتهم الظافرة في السادس والعشرين من سبتمبر 1962م، وانتدابه من قيادة الثورة عشية الثورة المجيدة في صنعاء ليتولى نبأ نقل بلاغ ساعة الصفر إلى طلائع الثورة في مدينة تعز الباسلة.

واشار بيان النعي، إلى ان الراحل سعيد الجناحي يعد من قدماء الأعضاء اليمنين والمؤسسين لـحركة القوميين العرب في اليمن، وواحدًا من أقدم مناضلي الحركة الوطنية اليمنية، ومارس في مرحلة نضاله العديد من المهام في مجال الثقافة والإعلام الرسمية والحزبية والشخصية وأنجز رصيدًا مشرفًا من الابداع، حيث عمل مديرًا لتحرير صحيفة 14 أكتوبر، خلال الفترة (1970-1971م) ومديرًا لتحرير مجلة الثقافة الجديدة في عدن (1971) ومدير عام الثقافة، وفي عام 1980 أسس في صنعاء صحيفة الأمل الاسبوعية (أول صحيفة معارضة في اليمن شمالًا وجنوبا) واستمرت بالصدور حتى عام 1990م، وله من الاعمال الادبية والتاريخية 12 كتابًا في تاريخ الثورة، والنضال الوطني، والصحافة اليمنية، كما تم انتخابه عضوا في المجلس التنفيذي لاتحاد الادباء والكتاب اليمنيين وأمانته العامة دورة 1987-1990 الذي كان واحدًا من مؤسسيه ككيان يضم الادباء والكتاب في شطري البلاد قبل الوحدة، وهو واحدًا من مؤسسي الحزب الاشتراكي اليمني وقياداته التاريخية.

ونال الفقيد الجناحي، العديد من الأوسمة والتكريمات منها وسام 14 أكتوبر من الدرجة الأولى (مايو 1990).والميدالية الذهبية من منظمة الصحفيين العالمية 1972، ووسام الآداب والفنون من الدرجة الأولى 1981.

وعبرت وزارة الاعلام والثقافة والسياحة في بيان النعي عن عميق العزاء والمواساة لاسرته وأقاربه ومحبيه ولرفاق نضاله وللنخبة الوطنية المؤسسة وبقية أبطال سبتمبر واكتوبر المجيدتين الذين يفتقدون رفيقهم المناضل الجناحي في الذكرى الستين للثورة المجيدة.


وفي سياق منفصل قال وزير الاعلام والثقافة والسياحة معمر الارياني إن الحكومة ممثلة بالوزارة بذلت جهودًا مضاعفة من أجل محاولة تحييد وتجنيب التراث الثقافي من الاستهداف المباشر بكل ما لديها من إمكانيات.

جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها، في مؤتمر اليونسكو العالمي لوزراء الثقافة حول السياسات الثقافية والتنمية المستدامة، مونديال كلت 2022، الذي أنطلقت أعماله في دولة المكسيك، الأربعاء الماضي ويستمر ثلاثة ايام، بمشاركة اليمن ومائة وستين وزير ووفد لوزارات الثقافة حول العالم.

وأوضح الارياني أن الوزارة قامت بعمل معالجات للمشاكل والتحديات التي أفرزتها الحرب وتأثر بها التراث الثقافي في اليمن وبالإمكانيات المتاحة، لافتًا إلى أنها قامت بعمل في غاية الأهمية تمثل في إعادة مئات القطع الأثرية والمخطوطات والمقتنيات الخاصة بالمتحف الوطني التي فقدت بسبب الحرب الحالية وهي كل ما كان يمتلكه متحف تعز، وتم حصرها ومقارنتها بالجرد الموجود واودعت في خزائن البنك المركزي بمحافظة تعز.

وأشار إلى ترميم وصيانة الكثير من المباني التاريخية في كل من (صنعاء، وشبام حضرموت، وزبيد، وعدن) التي تضررت من سيول الأمطار الغزيرة التي شهدتها اليمن وأدت إلى تأثر وتهدم العديد من المباني بالتعاون مع منظمة اليونسكو وبدعم من الاتحاد الأوربي.

وثمن الارياني الدعم الذي قدمه الاشقاء في المملكة العربية السعودية حيث بذلوا مع اليمن جهودا كبيرة لصيانة العديد من المباني الاثرية والمدن التاريخية.

وأضاف الارياني: "وبالرغم من أن هناك الكثير من التحديات التي تواجه التراث الثقافي في اليمن منها الاتجار غير المشروع والسرقات والتهريب العابر للحدود، وبالرغم من محدودية الموارد ليس فقط المالية ولكن هناك العنصر الاهم وهو عدم وجود العدد الكافي للكادر المحترف والمؤهل لممارسة هذا النشاط، ومع ذلك فإننا واثقون أنه يمكننا أن نجعل من هذه التحديات فسحة للعمل والنجاح لما نصبوا لتحقيقه من أجل موروثنا وارثنا وهويتنا الثقافية الوطنية".

واستعرض الوزير الارياني أزمة التراث الثقافي في اليمن، خلال الحرب المستمرة التي تشنها مليشيا الحوثي الإرهابية منذ انقلابها ضد الحكومة المنتخبة في سبتمبر 2014، وذلك ضمن أحد محاور المؤتمر العالمي.

واستعرض ما تعانيه اليمن منذ ثمانية أعوام من النتائج الكارثية للانقلاب الذي قامت به مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران ضد الدولة، بعد اجتياحها العاصمة صنعاء والعديد من المحافظات اليمنية مسببة موجة نزوح وتهجير قسري هي الأكبر في تاريخ اليمن، موضحًا أن المثقفين والشعراء والأدباء والفنانين كانوا أحد أبرز ضحاياها جراء عمليات القمع والتنكيل التي تعرضوا لها.

وقال "جئت اليكم بعد اكثر من ثلاثين ساعة من السفر لأنقل اليكم تحيات الشعب اليمني ومعاناته وتطلعاته لان يكون صوته مسموعا بينكم وأود من خلال هذا المؤتمر العالمي ان اناشد من خلالكم جميعا المنظمات الدولية، بإدانة جرائم وانتهاكات مليشيا الحوثي بحق الفنانين والمثقفين وما تتعرض له المنشآت والمباني التاريخية من تشويه متعمد من قبل مليشيا الحوثي وان تتضمن مخرجات هذا المؤتمر من خلال البيان الختامي ادانة ما تقوم به مليشيا الحوثي حتى تكون وسيلة ضغط لوقف الجرائم بحق الفنانين والمثقفين والافراج عن الفنانة انتصار الحمادي وغيرها من المختطفين في سجون المليشيا".

وأشار إلى تضرر قطاع الموروث الثقافي والحضاري في اليمن، موضحًا أنه الأكثر تضررا من الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران بسبب هشاشته وعدم قدرته على مواجهة خطط التدمير الممنهج الذي قامت به المليشيات.

ولفت الوزير الإرياني إلى وصف قيادات المليشيا حضارة اليمنيين قبل "الإسلام" بالكفر الذي لا ينبغي التفاخر به، في دعوة ضمنية لاستهدافها وتدميرها.

وأكد الارياني إن مليشيا الحوثي استخدمت منذ بدء الانقلاب بشكل ممنهج المواقع الأثرية والمباني التاريخية كمواقع عسكرية ومعتقلات غير قانونية للسياسيين والصحفيين والمواطنين، ومخازن للأسلحة، كما استهدفت بعض المواقع بشكل متعمد ومباشر، ونهبت وتاجرت بالآثار اليمنية.

وتطرق إلى معالم مدينة صنعاء القديمة التي أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ضمن قائمة التراث العالمي للتشوية، وما تعرضت له من قبل المليشيا الحوثية من خلال طبع الشعارات الطائفية ورسم صور قياداتها وعناصرها على جدران الاماكن التاريخية، وقيامها بهدم جامع النهرين التاريخي، ووقف اعمال الصيانة والترميم للمدينة.

ولفت الوزير الارياني إلى حملات القمع والتنكيل الذي يتعرض له الفنانين والفنانات والمثقفين والشعراء والأدباء على يد المليشيا الحوثية، ومنع الغناء ومداهمة الحفلات والفعاليات الثقافية والفنية في مناطق سيطرتها.

وذكر بما تعرضت له الفنانة الشابة والممثلة وعارضة الأزياء انتصار الحمادي من الاختطاف والاخفاء القسري في فبراير 2021 حتى الآن بتهم ملفقة، حيث حاولت الانتحار أكثر من مره جراء التعذيب النفسي والجسدي الذي تعرضت له، وسوء ظروف الاعتقال.

وقال الارياني إن ذلك كله أدى إلى نزوح ومغادرة الكثير من الفنانين والشعراء والمثقفين من مناطق سيطرتها، كما قامت مليشيا الحوثي المدعومة من ايران بمحاولات تفكيك النسيج الاجتماعي والإضرار بالسلم الأهلي، بعد أن عاش اليمنيين بمختلف مكوناتهم الاجتماعية آلاف السنين دون أي تفرقة بين المذاهب والأديان.

وأشار إلى حملات التضييق والاستهداف التي نفذتها مليشيا الحوثي ضد الأقليات الدينية وبينها الطائفة البهائية، عبر تهجيرهم قسرا إلى خارج اليمن واعتقالهم ونهب أموالهم وممتلكاتهم في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

ونوه وزير الاعلام والثقافة والسياحة بمرور خمسة وسبعون عاما من الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي لكافة دول العالم والاحتفال بالكثير من الإنجازات التي تحققت، من اتفاقيات ومعاهدات عملت على خلق روح التعاون بين البلدان من أجل الحفاظ على التراث الانساني المشترك، من مباني ومدن تاريخية ومواقع تراثية تم ترميمها وصيانتها، ومخطوطات نادرة ونفيسة، وتراث شفهي ولا مادي تم توثيقة.

وأكد الارياني أن اليمن يمتلك موروثا ثقافيا غزيرا وتنوع مادي وغير مادي نتج عن حضارات متعددة قامت وازدهرت في اليمن، لافتًا إلى أن شواهده لا تزال ماثلة إلى يومنا هذا، في المدن التاريخية التي اعتمدها منظمة اليونسكو في قائمة التراث الإنساني وهي مدن (صنعاء، شبام حضرموت، وزبيد، ارخبيل سقطرى)، والكثير من المواقع الأثرية والمباني والقصور التاريخية ودور العبادة ومئات الحصون والقلاع التاريخية ناهيك عن التراث الغير مادي المتنوع والغني بمجالاته.