أسواق العالم في مصيدة الركود.. سقوط جماعي للبورصات والنفط والمعادن

اقتصاد

اليمن العربي

يهدد الركود الاقتصادي خطط المستثمرين وصناع السياسات النقدية، ويترك آثاره على بورصات العالم من أسهم وعملات ونفط وحتى أسعار المعادن.

 

وتجتاح اقتصادات العالم مخاوف كبيرة من ركود محتمل، ما يعني تراجع النمو، جراء الأزمات المتلاحقة، وآخرها أزمة حرب أوكرانيا المستمرة في بث تداعياتها على أسواق الطاقة، وأسواق السلع الغذائية الأساسية خاصة محاصيل الحبوب.

 

وتخشى الدول من الوقوع في مصيدة الركود، الذي يعرف تقليديا بأنه تفوق الإنتاج على الاستهلاك في الاقتصاد، وذلك نظرا لمخاطره الوخيمة على الحالة العامة للاقتصاد والوظائف والأداء العام للقطاعات الصناعية والزراعية والعملة وغيرها من المؤشرات الأساسية.

 

لكن المفاهيم والتحديات الحديثة بدلت الحال إلى مخاوف أكثر وضوحا أبرزها التخلف عن سداد الديون بالنسبة للدول، وعدم القدرة على توليد الوظائف الجديدة، وقفزات في مؤشر التضخم الذي يعبر عن حالة الغلاء، التي بات يعاني منها المستهلك في معظم دول العالم.

 

الأمر الذي بات يثير القلق أن الوجه الجديد للركود سيحمل معه مخاطر حقيقية ربما لن تتمثل في انهيار الدول، لكن ستشكل ضغوطا مباشرة على جيوب المستهلك جراء موجة الغلاء، وربما تتفاقم في حال تعطل سلاسل إمداد الغذاء، وبدأت بعض السلع العالمية بالاختفاء من على منصات المتاجر.


البورصات والنفط والعملات والمعادن تنزف

 


النفط

 

هبط النفط الجمعة، نهاية الأسبوع، إلى أدنى مستوى منذ 8 أشهر بفعل صعود الدولار.

 

وسجلت العقود الآجلة لخام برنت انخفاضا قدره 4.31 دولار أو 4.76% عند التسوية إلى 86.15 دولار للبرميل.

 

فيما تراجعت العقود الآجلة للخام الأمريكي نحو 4.75 دولار أو 5.69% عند التسوية إلى 78.74 دولار للبرميل.

 


الذهب

 

تراجعت أسعار الذهب بأكثر من 25 دولارًا، في نهاية تعاملات الجمعة 23 سبتمبر/أيلول 2022، لتسجل أقل مستوى في أكثر من عامين، مع ارتفاع العملة الأمريكية.

 

كما سجلت أسعار المعدن خسائر أسبوعية بلغت 1.7%؛ إذ أثرت تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بصورة أكبر في جاذبية السبائك التي لا تدر عوائد.

 

وفي نهاية جلسة الجمعة، تراجع سعر العقود الآجلة للذهب -تسليم ديسمبر/كانون الأول- بنسبة 1.5%، ما يعادل 25.50 دولارًا، ليسجل 1655.60 دولارًا للأوقية.

 

انخفض سعر التسليم الفوري للمعدن الأصفر بنحو 1.6%، ليصل إلى 1644.45 دولار للأوقية.

 


المعادن الأخرى

 

تراجع سعر العقود الآجلة للفضة -تسليم ديسمبر/كانون الأول- بنسبة 4%، عند 18.84 دولار للأوقية.

 

وهبط سعر البلاتين الفوري بنحو 4.6%، ليسجّل 861.64 دولار للأوقية، وتراجع سعر البلاديوم الفوري بنسبة 4.8%، عند 2069.49 دولار للأوقية.

 


الدولار استثناء

 

ارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة أمام 6 عملات رئيسة، بنحو 1.5%، ليصل إلى 113.034 نقطة، مع رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس من قبل المصرف المركزي الأمريكي وتوقعاته المتشددة.

 


الجنيه الاسترليني

 

وسع الجنيه الاسترليني خسائره مقابل الدولار، الجمعة، وهبط لمستوى منخفض جديد في 37 عاما عند 1.0960 دولار.


البورصات الأوروبية

 

سجلت الأسهم الأوروبية خسائر قوية عند إغلاق تداولات الجمعة لتنهي تعاملات الأسبوع على خسائر جماعية قوية.

جاءت الخسائر وفقا للنحو التالي:

 

مؤشر Stoxx 600 ينخفض بنسبة 2.4% عند الإغلاق.

 

المؤشر البريطاني فوتسي يتراجع بنسبة 2.1% بنهاية التداولات ويكون الأقل تضررا بين الأسهم الأوروبية.

 

مؤشر كاك الفرنسي يسجل خسائر قدرها 2.4% بنهاية التعاملات.

 

المؤشر الإسباني IBEX يتراجع أيضا بنسبة 2.4%.

 

مؤشر MIB يغلق تعاملات الأسبوع على خسائر تصل إلى 3.2% ويكون الأكثر خسارة بين الأسهم الأوروبية.

 


البورصة الأمريكية

 

سجل المؤشر داو جونز الصناعي أدنى مستوى له في نحو عامين يوم الجمعة، كأول مؤشر رئيسي للأسهم الأمريكية ينخفض دون مستواه المتدني في يونيو/ حزيران في وسط الجلسة ويسجل أدنى مستوى خلال العام، بعد مخاوف من احتمال حدوث ركود اقتصادي جراء الزيادات الحادة في أسعار الفائدة.

 

ورفع مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في وقت سابق هذا الأسبوع وتعهد بالاستمرار في سياسته المتشددة حتى يتم وضع التضخم تحت السيطرة، وذلك بالتوافق مع قرارات مماثلة من قبل العديد من البنوك المركزية حول العالم.

 

واقترب مؤشر الأسهم القيادية أيضا من الانخفاض 20% عن أعلى مستوى إغلاق قياسي له في الرابع من يناير/ كانون الثاني، مما يؤكد أن المؤشر دخل في سوق هابطة، وفقا لتعريف شائع الاستخدام.

 

وتأكد سقوط المؤشر ستاندرد أند بورز 500 في السوق الهابطة في يونيو حزيران وكذلك ناسداك في مارس/أذار.

 

ونخفض المؤشر داو جونز الصناعي 408.50 نقطة، أو 1.36 بالمئة، إلى 29668.18 نقطة، بعد أن هبط لفترة وجيزة إلى ما دون أدنى مستوى له لهذا العام عند 29653.29 نقطة.

 

وتراجع المؤشر ستاندرد أند بورز 500 بواقع 65.07 نقطة، أو 1.73%، إلى 3692.92 نقطة، بينما نزل المؤشر ناسداك المجمع 220.27 نقطة، أو 1.99%، إلى 10846.54 نقطة.

 


احتمالات الركود

 

حث بنك التسويات الدولية الدول الرئيسية على رفع أسعار الفائدة بقوة على رغم زيادة مخاطر الركود الاقتصادي واضطراب أسواق العملات.

 

ويعد بنك التسويات الدولية المظلة العالمية للبنوك المركزية حتى إنه يسمى "البنك المركزي للبنوك المركزية". وجاء التقرير ربع السنوي للبنك، الإثنين 19 سبتمبر/أيلول الحالي، بعد أيام من تحذير البنك الدولي من خطر الركود الاقتصادي العالمي مع تزامن رفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية في الاقتصادات الرئيسة بشكل متزامن.

 

وسبق أن حذر صندوق النقد الدولي أيضًا من زيادة احتمالات الركود الاقتصادي العالمي بنهاية هذا العام أو مطلع العام المقبل مع تباطؤ أو انكماش النشاط الاقتصادي في أغلب الاقتصادات الرئيسية.

 

وتأتي المواقف المتعارضة لبنك التسويات الدولية والمؤسسات المالية والاقتصادية الدولية وسط جدل يطغى على الأسواق في شأن ما يواجهه الاقتصاد العالمي من تحديات تتمثل في استمرار ارتفاع معدلات التضخم منذ العام الماضي والاضطراب في أسواق الأسهم والسندات والعملات.

 

ورغم دعوته إلى رفع أسعار الفائدة بقوة اعترف بنك التسويات الدولية في تقريره بأن احتمالات الركود الاقتصادي العالمي في ازدياد.

 

ونقلت وكالة "رويترز" عن رئيس الإدارة الاقتصادية والنقدية في البنك كروديو بوريو قوله إن التشديد النقدي بقوة الآن يجعل الاقتصاد العالمي يتفادى الاضطرار لإجراءات في غاية الصعوبة فيما بعد، لكن المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وعدد من الاقتصاديين يرون أن تشديد السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية بهذا الشكل سيقضي على أي فرص لانعاش النشاط الاقتصادي المتراجع، بالتالي يزيد من احتمالات الركود.

 

ويجادل البعض بأن البنوك المركزية ربما كانت ترتكب خطأ آخر بالتدخل بقوة لوقف ارتفاع التضخم بزيادة أسار الفائدة بنسب كبيرة متتتالية، مثلما أخطأت العام الماضي في توقعاتها بأن موجة ارتفاع التضخم موقتة ومرحلية، لكنها استمرت وتعمقت.

 

ويرى بوريو أن تلك هي المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية (النصف الأول من أربيعينيات القرن الماضي) التي يضطر فيها واضعو السياسة النقدية لمواجهة ارتفاع التضخم في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد أزمة ديون والقطاع العقاري في وضع مغالاة في قمية الأصول. وتتم أيضًا مراجعة توقعات النمو الاقتصادي بالخفض، بينما تواصل معدلات التضخم الارتفاع.

 

ومع ارتفاع سعر الصرف الدولار نتيجة التشديد النقدي الأكبر في الولايات المتحدة تتراجع قيمة العملات الأخرى وتشهد أسواق العملات اضطرابًا متزايدًا يؤثر على قدرة الحكومات للاستثمار العام الذي ينعش الاقتصاد المتباطئ. كذلك شهدت أسواق الأسهم تراجعًا في مؤشراتها بلغت نسبته عالميًا في المتوسط منذ بداية العام نحو 16%، حسب تقديرات وكالة "رويترز".

 


مؤشرات السوق

 

وينظر إلى مؤشرات السوق غالبًا على أنها دليل على حركة الاقتصاد، وغالبًا ما يكون الركود الاقتصاد العالمي تاليًا أو متزامنًا مع هبوط السوق بنحو الخمس "20%"، لكن هناك عوامل أخرى كثيرة مثل معدلات البطالة وقيمة الدخول والناتج الصناعي.

 

ويشير تقرير بنك التسويات الدولية إلى أن أوروبا ستكون الأكثر تضررًا وزيادة احتمالات الركود. ويحذر التقرير من صعوبة استبدال النفط الروسي، مما سيجعل الأسعار ترتفع أكثر عالميًا ويضر بكل القطاعات المعتمدة على النفط ومشتقاته، كما أن أسعار الغاز الطبيعي ستستمر في الارتفاع، مما يزيد كلفة الطاقة الكهربائية ويضر بأغلب الصناعات.

 

كل ذلك يضعف من قدرة الحكومات على الإنفاق العام، بالتالي ينكمش النشاط الاقتصادي. ويكون ذلك أكثر وضوحًا في الاقتصادات الصاعدة والنامية، أما في الاقتصادات المتقدمة فإن الركود الاقتصادي يؤدي إلى تراجع شديد في الإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل النسبة الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن ارتفاع أسعار الفائدة سيحد من النشاط في القطاع العقاري الذي يمكن أن يشهد تباطؤًا شديدًا.

 

ويبقى الناتج الصناعي من بين المؤشرات المهمة أيضًا على حدوث الركود وإحدى نتائجه أيضًا. ففي ظل الركود الاقتصادي تخفض الشركات استثماراتها في توسيع عملياتها وتخفض إنتاجها مع تراجع الطلب.

 

وغالبًا ما كانت الحكومات تعوض ذلك بالإنفاق العام عبر استثمارات في مشروعات البنية التحتية وغيرها للحفاظ على النشاط في الاقتصاد وتشجيعه على النمو، لكن أغلب الاقتصاديين الآن يرون أن صانعي السياسات ليست لديهم القدرة التي توفرت من قبل لأي أزمات ركود عالمي منذ ثمانينيات القرن الماضي.

 

وليس هناك تعريف محدد للركود الاقتصادي العالمي، لكن صندوق النقد والبنك الدوليين يعتمدان في التوصيف على ركود في أغلب الاقتصادات المتقدمة في وقت واحد أو بشكل متتابع. ولأن الاقتصاد الأميركي أكبر اقتصاد في العالم، ويشكل نسبة 25 في المئة تقريبًا من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فإن دخوله في ركود يؤثر على بقية اقتصادات العالم. والآن، نشهد حالة ضعف واتجاه نحو الركود في الصين وأميركا وبريطانيا وأوروبا، أي كل الاقتصادات المتقدمة تقريبًا.