مرور 8 أعوام على "النكبة".. الحوثي وكوراث الانقلاب في اليمن

أخبار محلية

اليمن العربي

8 أعوام من "نكبة" انقلاب الحوثي في اليمن، والتي بدأت في 21 سبتمبر/أيلول عام 2014، حين اجتاحت المليشيات الغاشمة صنعاء وحولتها إلى ساحة حرب.

 

وجاء اجتياح صنعاء من قبل المليشيات الحوثية بعد أن أسقطت صعدة وعمران ونشرت مجموعاتها المسلحة على أطراف العاصمة واستعانت كذلك بعناصرها والموالين لها والمتآمرين معها في قلب صنعاء.

 

وفيما كانت القوى السياسية تعيش "حالة صراع وحمى تنافر" لا تزال تخيم على المشهد منذ فوضى 2011، استغلت المليشيات الحوثية الفرصة لتنقض على العاصمة وتتمدد إلى محافظات عديدة بدعم من الجيش الموالي للنظام السابق، والذي وجد نفسه تحت قيادة حوثية ابتلعت العاصمة ومعسكراتها.

 

ومنذ اليوم الأول للنكبة وبعد 8 أعوام، لا يزال اليمنيون يحصون عدد قتلاهم من ضحايا الحرب والتعذيب والألغام والفوضى التي دخلت البلاد بفضل الانقلاب الحوثي المدعوم من طهران التي حولت اليمن إلى ورقة ابتزاز لخدمة نفوذها وملفاتها الإقليمية والدولية.

وبحسب آخر تقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الصادر نهاية العام 2021، فقد وصل عدد القتلى بسبب الحرب في اليمن إلى 377 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر، فيما شهدت الأشهر المنصرمة من العام الجاري أعدادا إضافية من القتلى.

 

ويسقط القتلى بشكل مباشر بالحرب أو بطريقة غير مباشرة جراء تردي الخدمات الصحية والأوبئة والأمراض التي تسببت بها الحرب إثر تدمير القطاع الصحي وغياب الرعاية الطبية، حيث تفيد تقارير الأمم المتحدة أنه في عام 2021، توفي طفل يمني دون سن الخامسة كل تسع دقائق بسبب النزاع.

 

وأدّت الحرب في أفقر دول شبه الجزيرة العربية (اليمن) إلى تدمير البنية التحتية وانهيار الاقتصاد ووضع ملايين الأشخاص على حافة المجاعة، إذ حذر التقرير الأممي السابق، من أن استمرار الحرب في اليمن لعقد إضافي قد يتسبب بوفاة 1،3 مليون شخص، وسيزيد معدلات الفقر.

 

وزجت نكبة الانقلاب الحوثي باليمن في أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم، وفق الأمم المتحدة، إذ تتوقع التقارير الأممية ارتفاع عدد الأشخاص الذي يعانون من سوء التغذية إلى 9،2 ملايين بحلول عام 2030، فيما سيرتفع عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع إلى 22 مليونًا، أي 65 بالمئة من السكان، وهم نحو 30 مليونا اليوم.

 

وتكبد الاقتصاد اليمني خسائر فادحة بسبب الحرب بلغت تراكميا 126 مليار دولار حتى نهاية 2021، حسب تقرير للحكومة اليمنية استعرضه رئيس الحكومة معين عبد الملك خلال مشاركته بفعالية تدشين التقرير الثالث والأخير من سلسلة تقارير آثار النزاع في اليمن في العاصمة السعودية الرياض.

 

فيما أشار مركز الأبحاث العربي إلى أن خسائر الاقتصاد اليمني تقدر بين مائة وسبعين مليارا ومائتي مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي بين الأعوام 2015 و2022.

 

وحملت النكبة الحوثية لليمنيين أنواعا شتى من أسباب الموت كان أبشعها الألغام التي تزرعها المليشيات في كل حدب وصوب، حيث تشير التقارير الأممية والحقوقية إلى أن الألغام الأرضية للحوثي وحدها، خلفت أكثر من 9 آلاف و500 قتيلا وجريحا في صفوف المدنيين منذ نكبة 21 سبتمبر/أيلول 2014.

 

كما شردت وهجّرت المليشيات آلاف الأسر. ووفقا لآخر التقارير الحكومية، فإن هناك 445 ألفًا و410 أسر بما يعادل مليونين و827 ألفًا و686 نازحًا، فروا من مناطق مليشيات الحوثي إلى المناطق المحررة، بتواجد منهم نحو 78 ألفًا و668 أسرة في المخيمات.

 

بينما وصل عدد النازحين والمشردين في الخارج جراء الحرب والانقلاب إلى أرقام كبيرة تجاوزت المليون ونصف المليون شخص يتوزعون في دول كثيرة. وتتواجد أكبر كتلة منهم في مصر والمملكة العربية السعودية.


المليشيات الحوثية تعمل على إفقار اليمن

 

وأشار وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، في ذكرى النكبة الأربعاء، إلى أن مليشيات الحوثي سلبت اليمنيين حياتهم وأرواحهم وأمنهم وغذائهم ومستقبلهم ومزقت نسيجهم الاجتماعي المتماسك، عبر تغذيتها النزعات المناطقية والعنصرية والمذهبية والعرقية، وسعيها لتجريف الهوية الوطنية بالقوة والعنف.

 

وأضاف في تدوينات على حسابه في "تويتر" أن المليشيات الحوثية عملت منذ انقلابها على إفقار اليمنيين عبر قطع الرواتب والجبايات والإتاوات والنهب والسطو المسلح، وانعدام فرص العمل والتعليم، وإيجاد اقتصاد مليشياوي موازٍ ومتحكم وتدمير الاقتصاد الوطني واستهداف البيوت التجارية".

 

وللعام الثامن على التوالي، ترزح 12 محافظة وأجزاء من محافظات أخرى تحت سيطرة مليشيات الحوثي التي حولت حياة الملايين إلى جحيم من البطش والتجويع ونهب الممتلكات والحقوق ومصادرة مرتبات الموظفين وفرض التجنيد الإجباري على السكان وتفخيخ عقول الأطفال بمفاهيم طائفية متطرفة تمجد القتل والتوحش.

 

كما تفرض المليشيات حصارا خانقا على أكبر محافظات اليمن من حيث عدد السكان كواحدة من تجليات النكبة الحوثية التي أعادت البلاد عقودا إلى الوراء مخلفة تركة ثقيلة من الدمار في بنية البلاد والإنسان.

 

في المقابل، تعيش المليشيات الحوثية عزلة دولية باعتبارها مليشيات إرهابية منفلته تهدد السلم الدولي وخطوط الملاحة وإمدادات الطاقة من المنطقة إلى العالم.

 

ورغم الخسائر الكبيرة التي تكبدتها المليشيات في أوساط قياداتها وعناصرها المقاتلة لا تزال تزج بآلاف الأطفال والشباب في محارق الموت دفاعا عن مشروعها التدميري في اليمن وخدمة لطهران ومصالحها في المنطقة.

 

ومع كل تركة الخراب والخسائر التي تسببت بها نكبة المليشيات الحوثية، فإن التحركات الدولية الساعية إلى إنهاء الحرب وإحلال السلام ما زالت تصطدم برفض حوثي ومراوغات تفخخ الهدنة القائمة والتي تراوح مكانها دون الانتقال إلى مربع المفاوضات كما كانت تأمل الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن.

 

وحسب الإرياني، ففي تعز وحدها، ارتكبت مليشيات الحوثي 3000 خرق طالت الأحياء السكنية ومناطق ذات كثافة سكانية عالية، فيما أدت الخروقات الحوثية التي يبلغ متوسطها 50 خرقا يوميا، إلى مقتل وإصابة أكثر 1100 يمني غالبيتهم مدنيون.

 

واليوم، واليمن يدخل عام النكبة الـ9، يأمل الملايين في البلاد المنكوبة بالانقلاب والحرب، أن تقبل المليشيات الحوثية بخيار السلام وتنصاع إلى صوت العقل وتنهي معاناة 30 مليون يمني تحولوا إلى ضحايا للنكبة.