الروبل يعيد تشكيل حرب الطاقة.. هل تسير خطة روسيا كما تم وضعها؟

اقتصاد

اليمن العربي

بدأت روسيا في كسب تحالفات جديدة في معركة العقوبات المتبادلة مع أوروبا وأمريكا جراء الأزمة الأوكرانية، بفضل سلاح الروبل.

 

الروبل قفز الجمعة إلى مستوى 60.60 روبل لكل دولار واحد، مقابل 139 روبل لكل دولار في 7 مارس/آذار الماضي، وذلك بفضل القرار الروسي بإلزام المستوردين للنفط والغاز الروسي بالدفع بالروبل، وكذلك سداد الديون بالعملة المحلية.

 

وفي مارس/ آذار وقع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مرسومًا دخل حيز التنفيذ أول نيسان/أبريل يحتم على الدول "غير الصديقة"، بما فيها الاتحاد الأوروبي، سداد ثمن الغاز الطبيعي المورد بالروبل الروسي، وذلك ردًا على العقوبات الأوروبية، كما سمحت موسكو مؤقتًا للشركات والأفراد الروس بسداد ديونهم للدائنين الأجانب، الذين وردوا في قائمة الدول "المعادية"، باستخدام الروبل، وفقًا لما أعنلته الحكومة الروسية.

 

مكاسب روسيا من سلاح الروبل تتلخص في ارتفاع قيمة العملة المحلية بنسبة 28.6% منذ 24 فبراير/شباط وحتى الآن، بفضل ارتفاع الطلب عليه للحصول على إمدادات الخام الروسي، كما أبرمت روسيا اتفاقات مع الصين وتركيا للتبادل التجاري بالعملة المحلية، ويعتبر المكسب الأعظم هو ما تحقق اليوم عندما قررت منظمة شنغهاي للتعاون استخدام العملات الوطنية في التجارة البينية.

 


من المستفيد من تداول الروبل؟

 

ولمعرفة من المستفيد من استخدام الروبل في مدفوعات النفط الروسي، فمع ارتفاع قيمة الروبل الروسي بنحو 29% منذ بداية العمليات العسكرية الروسية في الأراضي الأوكرانية، أصبحت مكاسبه تصب في مصلحة موسكو وكذلك بعض المستوردين مثل الصين وتركيا الذين يحصلون على النفط الروسي "الرخيص" بكميات كبيرة دون عناء الحصول على الدولار، وهو الأمر الذي دفع المفوضية الأوروبية لحث أعضاء الاتحاد الأوروبي لوضع سقف سعري لبرميل النفط الروسي وأيضا الغاز، ولكن حتى الآن لا يوجد تأييد تام من الجميع على هذا المقترح.


20 شركة تفتح حسابات بالروبل

 

زاد عدد الشركات الأوروبية التي فتحت حسابات بالروبل لدى غازبروم بنك إلى عشرين شركة في مارس/آذار الماضي، فيما طلب 14 عميلًا آخر الأوراق اللازمة لفتح حسابات، حسبما نقلت "بلومبيرغ"، عن مصدر لم تسمه، وقد رفض حينها تسمية الشركات.

 

وفتحت مجموعة الطاقة الإيطالية إيني ENI حسابين بالروبل لدى غازبروم بنك Gazprombank للدفع مقابل الغاز الروسي.

 

وتأتي الخطوة كإجراء احترازي لضمان استمرار تدفق الغاز إذا لم يتم التوصل لاتفاق بديل.

 

وفي سبتمبر/أيلول وقّعت شركة غازبروم الروسية اتفاقًا لتحويل مدفوعات إمدادات الغاز الروسي للصين إلى اليوان والروبل بدلًا من الدولار.

 

وقال الرئيس التنفيذي لشركة غازبروم إليكسي ميلر إن السماح بالدفع بالروبل الروسي واليوان الصيني يحقق فائدة متبادلة لكل من غازبروم وشركة البترول الوطنية الصينية CNPC، وسيكون مثالًا يحتذى به للشركات الأخرى.

 


تركيا تستورد 25% من الغاز الروسي بالروبل

 

صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في اجتماع مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، بأن تركيا قد أصبحت أحد المسارات الموثوقة لإمداد الغاز من روسيا، حيث يعمل "السيل التركي" بلا انقطاع.

 

وقال بوتين في الاجتماع الذي عقد على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون: "لقد أصبحت تركيا من أكثر الطرق موثوقية لإمدادات الطاقة من روسيا، بما في ذلك الغاز، ليس فقط لاحتياجاتها الخاصة، وإنما أيضا لدول الاتحاد الأوروبي، حيث تتم عمليات التسليم إلى أوروبا عبر (السيل التركي) دون أي انقطاع".

 

وأشار الرئيس الروسي إلى أن ربع (25%) إمدادات الغاز الروسي إلى تركيا ستدفع بالعملة الروسية بالروبل، وشدد على أن أنقرة تفي بشكل موثوق بالتزاماتها بشأن عبور الغاز الروسي (إلى أوروبا).

 

وفي وقت سابق كشف الرئيس التركي أن تركيا وروسيا قد وقعتا خارطة طريق للتعاون الاقتصادي، وتعتزمان رفع حجم التبادل التجاري بينهما إلى 100 مليار دولار سنويا.

 

وارتفعت واردات النفط الروسية إلى تركيا لنحو المثلين خلال العام الجاري، بينما يستعد البلدان لتعاون أوسع في المجالات التجارية، خصوصا في قطاع الطاقة، على الرغم من العقوبات الغربية على موسكو.

 

وأظهرت بيانات رفينيتيف أن تركيا زادت وارداتها من النفط من روسيا، بما في ذلك خامي الأورال وسيبيريا الخفيف، بما يتجاوز 200 ألف برميل يوميا منذ بداية العام، مقابل 98 ألف برميل فقط في الفترة نفسها من عام 2021.

 

وتزدهر التجارة بين تركيا وروسيا منذ الربيع، حين دخلت الشركات التركية غير المحظورة من التعامل مع نظيراتها الروسية لملء الفراغ الذي أحدثته شركات الاتحاد الأوروبي، والتي أوقفت تعاملها مع روسيا بعد الأزمة الأوكرانية في وقت سابق هذا العام.


منظمة "شنغهاي" على خطى روسيا

 

اتفق قادة منظمة شنغهاي للتعاون، الجمعة 16 سبتمبر/أيلول 2022، على التوسع في استخدام عملاتهم الوطنية في التجارة البينية بين دول المنظمة، وفقًا لإعلان مشترك تبنته الدول الثماني الأعضاء.

 

أقرت الدول الأعضاء "المهتمة" في المنظمة خارطة طريق للزيادة التدريجية في حصة العملات الوطنية في التسويات المتبادلة، ودعت إلى التوسع في هذه الممارسة، وفق الإعلان الصادر اليوم.

 

تضم المنظمة كلا من الصين والهند وكازاخستان وقرغيزستان وروسيا وباكستان وطاجيكستان وأوزبكستان، فضلًا عن دول حصلت على صفة مراقب وهي أفغانستان وبيلاروسيا وإيران ومنغوليا.

 

يُنظر إلى روسيا على أنها المحرك الرئيسي في التحول نحو التوسع في استخدام العملات الوطنية في التبادل التجاري، مع محاولاتها تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي والعملات الغربية الأخرى بعد فرض عقوبات غربية جديدة ردًا عملياتها العسكرية في أوكرانيا.

 


تصعيد ألماني للمرة الثانية

 

أعلنت وزارة الاقتصاد الألمانية في بيان أن فروع روسنفت في ألمانيا التي تمثل 12% من القدرات الوطنية لتكرير النفط وضعت تحت "وصاية" الوكالة الوطنية المسؤولة عن إدارة شبكات الطاقة.

 

وأوضحت الوزارة أن الخطوة ترمي إلى "الاستجابة للمخاطر التي تهدد أمن إمدادات" الطاقة في البلاد.

 

ويشمل قرار وضع اليد فروع روسنفت ألمانيا و"آر إن ريفاينينغ إند ماركتينغ" التي تملك أسهما في ثلاث مصاف كبيرة في البلد هي شفيت وميرو وبايرن أويل.

 

بذلك، سيكون بوسع السلطات الألمانية التحكم بنفسها بإمدادات مصفاة شفيت الواقعة في شرق البلاد وحيث تملك روسنفت غالبية الأسهم (54.2%).

 

وتؤمن المصفاة ضخ الإمدادات النفطية إلى العاصمة برلين وجوارها.

 

أما في الموقعين الآخرين أي ميرو في كارلسوره وبايرن أويل في فونبرغ، فلا تملك روسنفت غالبية الأسهم إلى جانب شركات نفطية غربية كبرى.

 

وتدخل الوصاية حيّز التنفيذ الجمعة على أن تبقى سارية لمدة ستة أشهر.

 

وسبق لبرلين أن وضعت يدها مطلع أبريل/نيسان على غازبروم جيرمانيا، الفرع الألماني لغازبروم، لضمان إمدادات الغاز.

 

ووفّرت الحكومة الألمانية مساعدة تراوح قيمتها بين 9 و10 مليارات يورو لإنقاذ هذه الوحدة المهددة بالإفلاس.

 

وحاليا تعمل مصفاة شفيت حصرا بالنفط الروسي، الذي يتم ضخّه عبر أنبوب دروجبا ("صداقة" بالروسية).

 

لكن بما أن ألمانيا تعهّدت الاستغناء عن استيراد النفط الروسي بالكامل بحلول نهاية العام، سيتعين على الحكومة تعديل آلية عمل المنشأة.

 

ومن المتوقع أن يرصد لتنفيذ خطة التحوّل "أكثر من مليار يورو" خلال السنوات المقبلة.

 

وتنص الخطة على تمكين المنشأة من تلقي إمدادات نفطية عبر مرفأي روستوك في شمال البلاد، وغدانسك في بولندا.

 


رحلة الروبل قبل وبعد الحرب

 

منذ 24 فبراير/شباط 2022 ارتفعت قوة الروبل الروسي الذي سجل حينها 84.95 روبل لكل دولار واحد، ومع بداية العقوبات الأوروأمريكية تراجع سعر الروبل مقابل الدولار ليسجل 139 روبل لكل دولار في 7 مارس/آذار 2022، ولكن سجل الروبل أعلى مستوى له بعد التصعيد الروسي وإلزام الشركات المستوردة للنفط الروسي بالدفع بالروبل مقابل الدولار واليورو، كما أصرت روسيا على سداد ديونها بعملتها المحلية التي سجلت أعلى مستوى لها في 28 يونيو/حزيران 2022 وهو 53.74 روبل لكل دولار، واليوم الجمعة 19 سبتمبر/أيلول سجل 60.60 روبل لكل دولار واحد.