أول استشارية تكرير بترول مصرية.. ضحت بـ5 ملايين دولار لأجل بلدها (خاص)

منوعات

اليمن العربي

مثل كل الأسر المصرية، كانت أسرة الباحثة في مجال تكرير البترول المهندسة الدكتورة منال متولي، تتمنى أن تلتحق ابنتهم المتفوقة، بكلية الطب.

 

إلا أن الابنه التي زرعت فيها الأسرة روح التحدي منذ صغرها، كان قرارها هو دراسة الهندسة، لتدخل في تحد آخر مع رغبة أسرتها، التي كانت تفضل أن تدرس ابنتهم الهندسة الطبية.

 

وصممت الابنة على اقتحام مجال لم تقتحمه الفتيات من قبل، والتحقت بقسم هندسة البترول بجامعة القاهرة، لتصبح أول امرأة تلتحق بهذا القسم.

ويبدو أن لقب "الأول" استهوى المهندسة منال متولي، فحازت خلال مسيرتها العملية والمهنية على هذا اللقب مرتين أخريين، فكانت أول مهندسة يذكرها بيان عسكري في 2019، ومؤخرا، أصبحت أول مهندسة تحصل على لقب استشاري في مجال تكرير البترول من نقابة المهندسين المصرية.

 

وتقول الدكتورة منال: "فرحتي بحصولي على لقب استشاري، لا تقل عن فرحتي بالحصول على الدكتوراه، لأن اللقب تتويج لرحلة كفاح طويلة، وحصلت عليه بعد مقابلات شخصية وتقييم للملف الخاص بي من أكثر من لجنة، فهو لقب مهني رفيع، لا تتدخل فيه أهواء شخصية".

 

وتعترف الدكتور منال بأنها تأخرت كثيرا في الحصول على هذا اللقب، الذي كانت مؤهلة للحصول عليه منذ سنوات، ولكن التأخير جاء من جانبها، لانشغالها مع زوجها في مهمة رفيعة، كونها زوجة دبلوماسي مصري.


حرم سفير مصري

 

والدكتورة منال هي حرم السفير المصري جمال عبدالرحيم متولي، والذي مثَّل مصر في العديد من البلدان، وخلال رحلته الطويلة بين السفارات المصرية بالخارج، تعطلت المسيرة العملية للزوجة بعض الشيء، لكنها في المقابل كانت تقوم بأنشطة اجتماعية مهمة، تفخر بها كثيرا، وترى أنها أثقلت شخصيتها وأكسبتها مزيد من الخبرات.

 

وتضيف الدكتورة منال: "قمت خلال عمل زوجي سفيرا لمصر في ماليزيا وبروناي، بنشاط مهم أثناء الانتخابات الرئاسية الأولى بعد ثورة 30 يونيو، التي فاز فيها الرئيس عبدالفتاح السيسي، من خلال أنشطة استهدفت الشباب المصري في جامعات ماليزيا، وهم الفئة الأكبر من المصريين المتواجدين هناك، وقدت مبادرة لاستضافة شباب من الداخل لإشراكهم في أنشطة مع الشباب المصري في ماليزيا، للحفاظ على الصلة والرابط الذي يربط المصريين في الخارج بوطنهم الأم".

وتعتز الدكتورة منال بنشاطها خلال فترة عمل الزوج في ماليزيا، كما تعتز بأنشطة أخرى، منها المشاركة في قيادة حملة لاستعادة الأملاك المصرية في اليونان، وهي أوقاف مصرية منذ عهد محمد علي، وتعتبر رفعها علم مصر فوق قصر "الايمارت" في اليونان من أسعد لحظات حياتها.

وتقول: "عندما أقلب في ألبوم ذكرياتي وأشاهد صورا لهذه الأنشطة، يزداد إيماني ويقيني بأهمية الدور الذي لعبته في خدمة بلدي، ورغم أن مسيرتي العملية تعطلت بعض الشيء، إلا أنني نجحت بالإصرار والتحدي الذي تعودت عليه من صغري، أن ألحق بما فاتني، وحققت إنجازات مهنية أهلتني للحصول على لقب استشاري في مجال تكرير البترول".

والإنجاز الأهم الذي حمله ملفها إلى نقابة المهندسين هو نجاحها في تحويل وقود 80 إلى 92 و95، وذلك بعد توصلها إلى "خلطة مثلى" ترفع الرقم الأوكتينى للجازولين 80، عن طريق خلطه بالميثانول ومواد أخرى، بأسلوب اقتصادي صديق للبيئة وملائم للمعايير الدولية.

 

وحصلت الدكتورة منال على براءه لهذا الاختراع المهم، وتلقت عرضا لبيعه لأحد رجال الأعمال نظير 5 ملايين دولار، غير أنها رفضت هذا العرض بعد تلقيها اتصالا من مسئول رفيع، أخبرها بأنه من حقها أن تستفيد ماديا من هذا الاختراع، لكن مصر تحتاج إليه، وهو ما دفعها لرفض العرض.

وتقول: "بعد رفض العرض، أجريت أبحاثا مشتركا مع الكلية الفنية العسكرية، وتأكدنا من فعالية المخلوط المبتكر في رفع الرقم الأوكتينى للجازولين المصري من 80 إلى 92، وذلك باستخدام إضافات قليلة التكلفة، وأظهر هذا المخلوط نتائج جيدة من حيث الانبعاثات البيئية وكفاءة الاحتراق ومعدلات تآكل المحرك، ومن المخطط البدء في وضعه فى حيز التنفيذ الفعلي في السوق المحلية، بعد إجراء تجارب أخرى نصف صناعية".

وكرمت الكلية الفنية العسكرية المصرية الدكتورة منال بعد النتائج الجيدة لاختراعها خلال التجارب التي تم إجراؤها، وجاء اسمها في بيان عسكري تناول نتائج اختراعها والتكريم الذي حصلت عليه من الكلية، وهي أمور معنوية لا تقدر بثمن، كما تصفها أول استشارية في مجال البترول بنقابة المهندسين.

 

وبعد رحلة عملية بدأت منذ تخرجها في قسم البترول بكلية الهندسة، تتذكر الدكتورة منال السؤال الذي كان دائما ما يطرحه كل أستاذ يراها لأول مره خلال المحاضرات في الكلية، وهو: "لماذا فضلتي قسم هندسة البترول"، وتقول: "اليوم أستطيع أن أقول لهم لأصبح أول سيدة استشارية في مجال تكرير البترول".

 

وللدكتورة منال هوايات متعددة تعتز بها كثيرا، وفي مقدمتها الفن التشكيلي، وقد نظمت العديد من المعارض الفنية داخل وخارج مصر، خصصت عائد بيع لوحاتها لصندوق "تحيا مصر"، كما رسمت صورا للعديد من زعماء العالم، لكن الصورة التي تعتز بها كثيرا هي صورة الرئيس المصري التي تم إهداؤها لمعهد الدراسات الدبلوماسيه التابع لوزاره الخارجيه.