العراق.. تحذيرات من موجة اغتيالات سياسية في البلاد

عرب وعالم

اليمن العربي

كشف مصدر أمني عراقي عن مؤشرات جدية بشأن موجة اغتيالات محتملة في العاصمة العراقية بغداد ومدى أخرى على خلفية النزاع السياسي الدائر بين "التيار الصدري" و"الإطار التنسيقي"، بالتزامن مع عودة "حراك تشرين" الاحتجاجي إلى الشارع للمطالبة بإسقاط النظام.

العراق.. تحذيرات من موجة اغتيالات سياسية في البلاد


وقال المصدر لصحيفة "الشرق الأوسط"، اليوم الأحد، إن حوادث اغتيال تستهدف ناشطين من التيار الصدري وقوى تشرين، وأكد عددًا منهم أُبلغ بضرورة مغادرة منازلهم إلى إشعار آخر.
ولا يتوقع المصدر أن تكون هناك معارك على جبهات واسعة ومفتوحة، بل عودة إلى استراتيجية المجاميع المسلحة في ملاحقة واصطياد الناشطين المؤثرين، فيما لو استعادوا نشاطهم للمطالبة بإسقاط الأحزاب الشيعية النافذة.
وتداولت وسائل إعلام محلية، وثيقة صادرة عن قيادة عمليات بغداد تضمنت معلومات عن نية مجموعات مسلحة القيام بعمليات اغتيال باستخدام عجلات مظللة لا تحمل لوحات مرورية والدراجات النارية، ورغم أنه لم يتسنَّ التأكد من صحة الوثيقة، لكن المصدر الأمني أكد فحواها.

يعيش العراق نوبات سياسية عنيفة، أدخلت أطرافها في دوامة وحرب أهلية ستقود إلى مزيد من الإرباك وتأثير سلبي على الشعب العراقي.
فبعد أسبوع من المواجهات التي شهدت اشتباكات دموية، تطرح الأحداث الأخيرة علامة استفهام على الدور الأمريكي في دعم العملية الديمقراطية في العراق، وهل ستنتهج سياسة مشابهة لما حدث في أفغانستان؟.

حياد الكاظمي
قالت أوساط سياسية عراقية لصحيفة العرب اللندنية، إن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يسعى لجر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى مربعه، ودفعه إلى مغادرة منطقة الحياد التي سعى الأخير على مدى الأشهر الماضية للاحتماء بها، لا سيما بعد أن خسر ورقة الشارع التي كان يراهن عليها لقلب الطاولة على الخصوم.
وأوضحت الأوساط أن مطالبة الصدر للكاظمي، بحكم منصبه أيضًا كقائد أعلى للقوات المسلحة العراقية، بحل عدد من الميليشيات وإقالة رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، هي محاولة لدفع رئيس الوزراء إلى واجهة الأزمة المحتدمة بينه والإطار التنسيقي، والتي كادت تتسبب الإثنين الماضي في حرب أهلية.
وتستبعد الأوساط السياسية نفسها إمكانية انجرار الكاظمي إلى هذا المسار، حيث يدرك أنه سيكون الحلقة الأضعف، خصوصًا وهو يتعرض منذ أشهر لحملة من قبل قوى في الإطار التنسيقي تتهمه بالخضوع لما يريده التيار الصدري.
ويرى مراقبون أن عدة اعتبارات دفعت الكاظمي إلى عدم التدخل في مواجهات الإثنين، ومن بينها عدم ثقته في قدرة القوات الأمنية على مواجهة الميليشيات التي تتمتع بقدرات قتالية عالية كما أنها مسلحة بشكل جيد، فضلًا عن أن الأجهزة الأمنية التي تحت إمرته هي نفسها منقسمة الولاءات بين هذه الجهة وتلك، وبالتالي فإن أي أمر سيصدره سيعمق الأزمة وسيقود إلى إذكاء الاقتتال.
ولفت المراقبون إلى أن من الأسباب الأخرى التي جعلت الكاظمي يتمسك بمنطق الحياد، هو عدم تمتعه بغطاء سياسي، وبالتالي سيكون عرضة للدخول في مواجهة غير متكافئة مع باقي الأطراف، وقالوا "في حال ازدادت الضغوط على رئيس الوزراء فإنه سيفضل حينها تنفيذ تهديده بإعلان شغور المنصب، على أن يكون طرفًا صريحًا في الأزمة".

وذكرت صحيفة عكاظ أن قادة التيار الصدري ركزوا منذ الساعة الأولى لإعلان زعيمهم اعتزال العمل السياسي على التحرك عسكريًا لإفراغ مركز الحكم في المنطقة الخضراء من جميع القوى خارج سلطة الدولة، إضافة إلى مكاتب الحشد الشعبي والفصائل الحليفة لإيران ضمن الإطار التنسيقي.
وأشار قيادي من التيار الصدري رفض الكشف هويته للصحيفة، أن الهدف الرئيسي وراء العملية كان تطهير المنطقة والمناطق المجاورة لها من أية مظاهر مسلحة لأية جهات لا ترتبط بالمؤسسة العسكرية الرسمية التي تمثلها وزارتا الدفاع والداخلية، ومؤسسات أمنية مثل جهاز المخابرات الوطني والأمن القومي ومكافحة الإرهاب وغيرها.
وقال "بعد اقتحامنا للمنطقة الخضراء ودخول القصر الجمهوري الذي يشغله رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، عملنا على محاولة إفراغ المنطقة الخضراء من كل الأطراف غير الرسمية، لكن فوجئنا بأشخاص ملثمين ينتمون إلى أمن الحشد الشعبي كانت بأيديهم عصي استخدموها في ضرب المقتحمين، ثم بعد تطور الأوضاع قاموا باختطافهم ومن ثم إعدامهم ميدانيًا".
ولكن مقربًا من الإطار التنسيقي قال للصحيفة "بعدما علمنا بنية أنصار التيار الصدري إفراغ المنطقة الخضراء من مكاتبنا ووجودنا، دخلت الجهات المسلحة المرتبطة بالإطار مرحلة الإنذار وتم الاتفاق على أنه إذا فشلت عملية صد الاقتحام من قبل أنصارنا هناك، فسنقوم مجتمعين بالدخول للمنطقة الخضراء وسحق هجوم أنصار الصدر".
وأفاد مصدر آخر رفض الكشف هويته، بأنه لو دخلت المجاميع المسلحة التابعة للإطار التنسيقي إلى المنطقة الخضراء فإنها لن تصد اقتحام أنصار التيار الصدري فحسب، بل إنها ستعمل على إسقاط حكومة مصطفى الكاظمي، وهو ما يفسر سبب تدخل مرجعية النجف مباشرةً من خلال إيفاد نجل المرجع محمد رضا السيستاني، والطلب من مقتدى الصدر سحب أتباعه من المنطقة الخضراء.

الدور الأمريكي
وقال إميل أمين في مقال له بصحيفة الرشق الأوسط إن "الأحداث الأخيرة في العراق تطرح علامة استفهام حول الدور الذي قامت به الولايات المتحدة في دعم العملية الديمقراطية في العراق، أو العكس، ما تسبب في تصاعد النفوذ الإيراني، وهو ما تعلن واشنطن عن رفضها له علنًا، غير أن واقع الحال يخبرنا قصة حزينة أخرى، عما يجري في بلاد الرافدين".
وأضاف "اليوم وبعد نحو عقدين من الزمن على اجتياح القوات الأمريكية والبريطانية للعراق، و4 رؤساء عاشوا في البيت الأبيض شهودًا ومحركين للمشهد العراقي، نتساءل: هل تحققت الديمقراطية في العراق المتألم، وإذا كانت هناك فرصة قد لاحت في الأفق قبل نحو 10 أشهر، فلماذا لم تقف إدارة بايدن وراءها وتدعمها وتزخمها بكل قوة حتى تحقق ما سعت إليه من قبل؟".
وتابع "يبدو القصور في الرؤية الأمريكية في غير حاجة إلى تعليق أو تعقيب، لا سيما أنه في الأشهر الثلاثة الأخيرة، بدا العراق وكأنه يغلي فوق مراجل الخطر، وأضحت نذر الحرب الأهلية، حتى بين المكون الشيعي الواحد، أقرب ما تكون، وهو ما جرت به المقادير بالفعل".
ونقل الكاتب عن مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، الذي قال في مقال له بمجلة (فورين بوليسي): "لسبب غير واضح، لم يعد العراق أولوية بالنسبة لواشنطن، وإن بقي أولوية لطهران، ينبغي القول إن السبب يكاد يكون واضحًا، فالعراق غالب الأمر سيضحّى به على مذبح الاتفاق النووي القادم بين واشنطن وطهران، كثمن لتنازلات إيرانية أخرى".

أفغانستان أخرى
وبدوره، تساءل سمير داود حنوش في صحيفة العرب اللندنية قائلًا "هل اقتنعت أمريكا بنتائج سياساتها الطائشة في العراق؟ هل آمنتْ بخطايا الفوضى الخلّاقة التي جاءتْ بها؟ هل استسلمتْ أو حتى فكرت بالانسحاب والاعتراف قريبًا بفشلِ الديمقراطية التي كَسَتْ بها العراقيين؟".
وأوضح "لا يُستبعد أن تتجه السياسات الأمريكية في نهاية المطاف وفي بلد غارق في التِيه والفوضى مثل العراق، إلى انتهاج سياسة مُشابهة وسيناريو مماثل لما حدث في أفغانستان، بتسليم مقاليد الحُكم إلى وجوه جديدة قد تتعامل معها الإدارة الأمريكية بمُعطيات الواقع الذي يتطلّبه المشهد السياسي في العراق".
وأشار الكاتب إلى أن السياسة الأمريكية بدأت على ما يبدو في أخذ مُنحنى مُغاير للنظام السياسي في العراق، مع توجهها إلى إيجاد بدائل تستوطن الفراغ السياسي البديل للحالي، متسائلًا "هل ستكون تلك البدائل شبيهة للنظام السياسي الموجود في طريقة الحُكم؟ إن كان كذلك فهو تكرار لارتكاب الخطأ نفسه في تبديل فئة ووضعها مكان أخرى بنفس اللون والطعم والرائحة".
واختتم مقاله بالقول "بعد أكثر من 19 عامًا على فشل السياسة الأمريكية، قد يكون الوقت حان لتعترف هذه الإدارة بخسارتها ورسوبها في مادة الديمقراطية التي أرادتها ثوبًا مُهلهلًا للعراقيين، وجاء الوقت الذي تعتذر فيه عن أفعالها، وكذلك عن الضرر الذي تسببت به لبلد كان آمنًا مُطمئنًا".
وفي سياق منفصل، أكد رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية عدنان السراج، أن بيان مجلس الأمن الأخير بشأن العراق يعد جرس إنذار للكتل السياسية خلال المرحلة المقبلة، وقال في تصريح للوكالة الوطنية العراقية للأنباء: إن "بيان مجلس الأمن يحمل رسالة لوضع الحدود في العملية السياسية داخل العراق وليس لاتخاذ إجراءات، حفاظًا على الدولة والدستور والقانون العراقي والسير بالعملية الديمقراطية في البلاد".
فيما بيّن رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، أن المجتمع الدولي لن يسمح بانفلات الأمور في العراق، وقال إن "بيان مجلس الأمن الأخير هو رسالة تحذير إلى القوى السياسية، بأن المجتمع الدولي لن يسمح بانفلات الأمور في العراق، خاصة وأن القوى السياسية لم تدرك حتى اللحظة أنها أمام متحولات كبيرة في المنطقة، لذا لن يسمح المجتمع الدولي بحدوث صراع جديد في المنطقة".