الدولار يهدد مزاج المصريين.. المخاوف تحاصر الشاي والبن

اقتصاد

اليمن العربي

جلسات الشاي والقهوة، عادة مصرية أصيلة سواء في المنازل أو المقاهي، فهي حالة أشبه بـ "المزاج".. لكن هل تصبح من الماضي بسبب الدولار؟

 

في الأيام القليلة الماضية، وعلى مسار الصدمات المتصاعدة جراء تداعيات الأزمات العالمية المتشعبة، تفاجئنا في مصر بشكوى رسمية مقدمة من شركة "شاي العروسة" إلى مجلس الوزراء، ووزير التموين الدكتور على المصيلحي؛ لتدبير الدولار اللازم لعمليات استيراد الشاي لمواجهة الاستهلاك المحلي.

 

خبر كان وقعه صادمًا ومقلقًا على الشارع المصري، لتنتشر التساؤلات التي بحاجة إلى إجابة سريعة ومطمئنة ولو بشكل نسبي، هل بالفعل سيأتي يومًا يعاني فيه المصريين من نقص الشاي بالأسواق؟!

 

الشركة في شكواها طالبت مجلس الوزراء، وعدد من البنوك العاملة في القطاع المصرفي، بتوفير الدولار لضمان عمليات استيراد الشاي.

 

وذكرت الشكوى أن الشركة تستورد 60% من احتياجات السوق المحلي من الشاي، الذى يعد سلعة تموينية استراتيجية للمواطن المصري، خاصة وأنه لا يتم زراعة الشاي في مصر.

 

وتسجل عبوة شاي العروسة 40 جرام 4.5 حنيه، أما العبوة 100 جرام سجلت 11 جنيهًا، وسجلت العبوة 250 جرام 27 جنيهًا، وسجل شاي العروسة خرز عبوة 100 جرام سعر 15 جنيهًا، وسجلت العبوة 250 جرام سعر 35 جنيهًا.

 

إن توفير العملة الصعبة لا شك سيمكن الشركة من استلام مستندات الشحن والتخليص الخاصة باستيراد نحو 6 آلاف طن من الشاي، موجودة في الموانىء المصري منذ أكثر من شهر، و80% من المستندات الخاصة بشحنة الـ 6 آلاف طن من الشاي.

 

وحذرت المذكرة من استمرار الأزمة وتداعياتها، والتي من بينها نقص شديد في سلعة الشاي في السوق المصري، خاصة مخزون الشاي الموجود في مصر لا يكفي لشهر واحد فقط.

أزمة تبدو وأنها تختمر فعليًا في الأفق المصري الذي يتطلع إلى انفراجة في المفاوضات بشأن برنامج تمويلي مع صندوق النقد الدولي لدعم وتعزيز الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد. لكن رد الفعل الرسمي جاء غير حاسم ليبقي على كل الاحتمالات أمام أزمة الشاي الحالية.

 

وزير المالية محمد معيط في تعقيبه على الأزمة التي تواجهها شركة شاي العروسة، في الاستيراد مما قد يؤثر على الإنتاج بالإضافة إلى تلف الشحنات المكدسة بالموانئ في انتظار رحمة الدولار لتخليصها جمركيًا، قال: "إن شاء الله مش هيكون في مشكلة".

 


أهم سلعة للمصريين

 

ويعتبر الشاي أحد أهم السلع بالنسبة للمواطن المصري، فوفقا لإحصاءات دولية، سجلت مصر المرتبة الثالثة بين الدول العربية الأكثر استهلاكًا للشاي والقهوة، حيث يصل متوسط استهلاك الفرد 0.9 كجم سنويًا، فيما استهلك المصريون خلال العام الماضي 2021 نحو 273 مليار لتر من الشاي والقهوة، بقيمة إجمالية تجاوزت 5 مليارات جنيه.

 

أما بالنسبة لإجمالي واردات مصر من الشاي خلال 9 أشهر الماضية، فقد وصل إلى 231 مليون دولار، وتشمل قيمة فاتورة استيراد الشاي. فيما سجلت واردات الشاي في يناير 2021 نحو 15 مليون دولار، وفق إحصاء للجنة الدولية للشاي.

 

ومنذ بداية العام الحالي 2022، وارتفاع قيمة الدولار نتيجة الأزمات العالمية أدي ذلك إلى زيادات متكررة في تكلفة الاستيراد، حتى ارتفع سعر كرتونة الشاي الـ 20 كيلو، 4 مرات بتكلفة قدرت 400 جنيه فوق سعرها على المستهلك.

الحال ليس مختلف بالنسبة للقهوة، الأزمة هي نقص مخزون البن في مصر وخرجت توقعات بأن هناك شهرًا وأكثر قليلًا أمام ذلك المخزون حتى ينفد، في وقت يعد فيه البن إحدى السلع الأساسية التي لا غنى عنها ولا يوجد لها بديل.

 

شعبة البن هي أول من أشارت إلى الأزمة، على لسان حسن فوزي، رئيس شعبة البن بالغرفة التجارية، الذي تحدث عن مخزون البن في مصر قائلًا: "تم تلف 25% من محصول البن في البرازيل مما أدى إلى ارتفاع سعره".

 

وأضاف فوزي أن ارتفاع الأسعار ساهم في نقص مخزون البن بسبب نقص الاستيراد، لافتًا إلى أنه يتم استيراد القهوة من البرازيل وكولومبيا وفيتنام، وإندونيسيا والهند وإثيوبيا.

 

وأكد أن السبب الرئيسي في نقص مخزون البن هو نقص سلاسل الإمداد وحركة النقل العالمي، مبينًا أنه يتم استيراد 100% من البن من الخارج، حيث إن البن يحتاج لزراعته درجات حرارة ورطوبة عالية للغاية.

 

ويرتفع كل عام حجم استهلاك مصر من البن والمكيفات عمومًا، ذلك ما كشفته الأرقام عن حجم إنتاجية مصر من البن كل عام والاستهلاك السنوي وحجم الاستيراد لسد الاحتياجات.

 

وخلال العامين الماضيين ارتفعت فاتورة استيراد مصر من البن على مدار الشهور، ففي العام الحالي استوردت مصر خلال الخمسة أشهر الأولى "بنًا" غير منزوع الكافيين "غير محمص" بقيمة 101.305 مليون دولار مقابل 64.032 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام 2021 بنمو 58.2%.

 

وفي شهر مايو الماضي سجلت فاتورة الاستيراد 16.574 مليون دولار مقابل 11.048 خلال نفس الفترة من العام 2021 بنمو 50% حسب جهاز التعبئة العامة والإحصاء الذي يصدر نشرة التجارة الخارجية.

 

وختامًا، من المرجح بطبيعة الحال وسط تداعيات الأزمالت العالمية الحالية وظاهرة التضخم المتسارعة، أن تستمر مخاوف المصريين بشأن الشاي والقهوة، خاصة مع تخفيض البنوك سعر الجنيه المصري، مجددا، مقابل الدولار، لدى إغلاق تعاملات الثلاثاء.

 

ووفق بيانات البنك المركزي المصري بلغ سعر صرف الدولار 19.25 جنيه للبيع و19.18 للشراء، لتخسر العملة المصرية 5 قروش دفعة واحدة.

 

والسعر الجديد للدولار أدنى مستوى للجنيه منذ تحرير سعر الصرف نوفمبر 2016، عندما بلغ الدولار 19.56 جنيه للدولار.