البنك المركزي الأوروبي يكشف خطته لمكافحة التضخم

اقتصاد

اليمن العربي

كشف البنك المركزي الأوروبي عن السياسة التي يتعين على البنوك المركزية في العالم اتباعها لمكافحة التضخم حتى في حالة الركود.

وقالت إيزابيل شنابل عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، السبت، إن البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم مهددة بفقدان ثقة الجمهور ويجب عليها الآن أن تتصرف بقوة لمكافحة التضخم، حتى لو دفع ذلك اقتصاداتها إلى الركود.


واقترب التضخم من رقم في خانة العشرات في العديد من الاقتصادات الكبرى في العالم، ومن المرجح أن يكون أي انخفاض لمعدلاته بطيئا، مما يبقي الأسعار أعلى من أهداف البنوك المركزية لسنوات مقبلة.

وأوضحت "شنابل"، خلال ندوة جاكسون هول الاقتصادية التي ينظمها مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) أنه "حتى لو دخلنا في حالة ركود، فلا خيار أمامنا سوى الاستمرار في هذا المسار".


وحذرت شنابل البنوك المركزية من التوقف عند أول إشارة إلى تحول محتمل في الضغوط التضخمية.

وقالت إنه يتعين على صناع السياسات، بدلا من ذلك، الإشارة إلى "عزمهم القوي" على إعادة التضخم إلى الهدف بسرعة.

وأضافت شنابل "إذا توقع الجمهور أن تقلل البنوك المركزية من حذرها في مواجهة المخاطر التي يتعرض لها النمو الاقتصادي، أي إذا تخلت عن معركتها ضد التضخم قبل الأوان، فإننا نجازف برؤية تصحيح أكثر حدة في المستقبل".

وقالت إن خطر تحرك توقعات التضخم على المدى الطويل بأعلى من أهداف البنوك المركزية يزداد.
ذكرت دراسة مقدمة لصناع السياسات في ندوة "جاكسون هول" بالولايات المتحدة أن البنوك المركزية ستفشل في الحد من التضخم وربما تدفع الأسعار للارتفاع ما لم تبدأ الحكومات في لعب دورها بتحسين سياساتها المالية المتعلقة بميزانياتها.

وفتحت الحكومات في جميع أنحاء العالم خزائنها خلال جائحة كوفيد-19 لدعم الاقتصادات، لكن هذه الجهود ساعدت في دفع معدلات التضخم للارتفاع إلى أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من نصف قرن، مما زاد من خطر ترسخ زيادة الأسعار بوتيرة سريعة.

وترفع البنوك المركزية الآن أسعار الفائدة، لكن دراسة جديدة، جرى تقديمها اليوم السبت في ندوة جاكسون هول الاقتصادية لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) في مدينة كانساس، رأت أن سمعة البنوك المركزية في مكافحة التضخم ليست حاسمة في مثل هذا السيناريو.

وسط الأزمات والتحديات، لطالما تلجأ الدول والحكومات إلى صندوق النقد الدولي بآمال ومناشدات الإنقاذ.. لكن هل سيكون ذلك متاحًا باستمرار؟

لقد استهلكت الدول الأكثر هشاشة من الناحية المالية احتياطيات صندوق النقد الدولي الإضافية التي تلقتها السنة الماضية والتي تمثلت في برامج إنقاذ لدعم العمليات الإصلاحية، مما أثار دعوات لعملية ضخ جديدة لمساعدتها على مواجهة أسعار الفائدة العالية وارتفاع تكاليف الغذاء والوقود.

من جانبه، كسف مركز الاقتصاد والسياسة البحثي خلال الأسبوع الثالث من أغسطس/آب الجاري، إنَّ الإصدار القياسي لصندوق النقد الدولي البالغ 650 مليار دولار للأصول الاحتياطية المعروفة بحقوق السحب الخاصة (SDRs)، في أغسطس العام الماضي "كانت توجد حاجة ماسة له"، واستُخدم بصورة حصرية تقريبًا من قبل الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل.

إنَّ عملية التخصيص حققت "نجاحًا ملموسًا"، حيث استخدمت 105 من أصل 190 دولة عضو الاحتياطيات -موزعة بما يتناسب مع حصة كل بلد في الصندوق- إما لتخفيف الديون، أو الحصول على عملة صعبة، أو المساعدة المالية، أو من خلال خليط من الثلاثة. من بين تلك البلدان، استهلك ما يفوق 30 دولة على الأقل 90% من حقوق السحب الخاصة الخاصة بها.

إنَّ حقوق السحب الخاصة توزع حسب حصص البلدان في صندوق النقد، حيث يذهب جزء كبير منها إلى الدول الغنية التي لا تحتاج إليها. خُصص ما يزيد على نصف حقوق السحب الخاصة الجديدة للاقتصادات المتقدّمة، بجانب 42% للاقتصادات الناشئة والنامية، و3.2% فقط لمجموعة فرعية أصغر من البلدان منخفضة الدخل.


وقد ربحت الولايات المتحدة -أكبر مساهم في الصندوق- نحو 15.6 مليون دولار من الفوائد على حقوق السحب الخاصة غير المستغلة.

وبدورها، دعت كريستالينا جورجييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، البلدان الغنية لإعادة توجيه بعض مخصصاتها من حقوق السحب الخاصة إلى الدول الأشد احتياجًا، وروّجت لفكرة توجيه دعمها عبر بنوك التنمية متعددة الأطراف، برغم أنَّ ذلك لم يحدث حتى الآن. ودعا رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا البلدان الغنية إلى التبرع -وليس للإقراض فقط- بمخصصاتها.

ويكشف بحث مركز بحوث الاقتصاد والسياسة أنَّ 11 دولة فقط التزمت بإعادة توجيه مواردها إلى الدول الفقيرة، ولم يجر ِتلقي أي أموال.

ونتيجة لحقيقة أنَّ إعادة التوجيه لم تفِ بوعودها حتى الآن، يوجد جهد يتنامى لمساعدة الدول منخفضة ومتوسطة الدخل من خلال إصدار إضافي لحقوق السحب الخاصة، وفي إطار الأزمات العالمية الإضافية، على غرار زيادة أسعار الفائدة، وتصاعد تكاليف الغذاء والطاقة، والآثار غير المباشرة للحرب في أوكرانيا، سيوفَّر تخصيص بحجم مماثل للسنة الماضية 209 مليارات دولار لهذه الدول.

في يوليو المنصرم، دعا أعضاء ديمقراطيون بارزون في الكونجرس إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لدعم عملية ضخ موارد جديدة لبلدان في صندوق النقد الدولي لمساعدتها على مواجهة تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية. مرة أخرى في 2020، قبيل انتخاب بايدن مباشرة، دعا وزير الخزانة السابق لاري سمرز، الذي وفّر المشورة للحملة الانتخابية فيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية، ورئيس الوزراء البريطاني السابق جوردون براون إلى إصدار "يفوق تريليون دولار".

سيتطلّب مثل هذا التحرك الحصول على تأييد 85% من حصة التصويت بين 190 اقتصادًا عضوًا في المؤسسة، بالإضافة إلى التصميم على وجود حاجة طويلة الأجل لسيولة مالية أكثر على مستوى العالم حتى عقب توفير أكبر احتياطيات في التاريخ.

فيما يرى رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس إنَّ الاقتصاد العالمي ربما يكون عالقًا في مستنقع ركود تضخمي لبعض الوقت ما لم تستطع الاقتصادات الكبرى زيادة الإنتاج بصورة هائلة.

وبحسب بلومبرج، أوضح مالباس أنه يصعب التخلص من الركود التضخمي.

وكان صندوق النقد الدولي قد قلّص خلال شهر يوليو/تموز الماضي توقُّعاته للنمو العالمي للسنتين الحالية والمقبلة، وحذّر من أنَّ الاقتصاد العالمي ربما يكون على شفا الدخول في ركود قريبًا. قال صندوق النقد الدولي إنَّ النمو الاقتصادي على مستوى العالم سيتباطأ إلى 3.2% العام الجاري على الأرجح، وهو أقل من 3.6% توقَّعها الصندوق في أبريل الماضي، و4.4% في يناير.


وأضاف مالباس، "الركود التضخمي يعني تضخمًا أعلى مما ترغبه ونموًا أقل مما تريده، ويبدو واضحًا أنَّنا بلغنا ذلك، وفي كتب التاريخ، ربما سيشيرون إلى ذلك، حسب ما نأمل، على أنَّها كانت فترة وجيزة".

وتابع، "لكنَّ قلقي بالنسبة للدول النامية، والأشخاص من ذوي الدخول المنخفضة، يعود إلى أنَّ الركود التضخمي ربما يدوم لمدة طويلة، وسيتضررون لأنَّ التضخم يضرهم، كما يضرهم النمو البطيء في الوقت ذاته".

وأشار مالباس إلى أنَّ مساعدة الاقتصاد العالمي قد تأتي من "المنتج المتحكم العملاق"، المسمى بالولايات المتحدة؛ فهي تعد الاقتصاد الأكبر، فكيف يستطيع إنتاج الكثير من كل الأشياء في وقت تزداد فيه الأسعار؟ وما هي العراقيل التي تعوق زيادة الإنتاج؟