يوم استقلال أوكرانيا.. مساعدات عسكرية وزيارات رسمية وتحد لروسيا

عرب وعالم

اليمن العربي

رسائل طمأنة وزيارات رسمية، رسائل انهمرت على أوكرانيا في يوم استقلالها الذي يصادف دخول العملية العسكرية شهرها السابع.

 

تلك الرسائل لم تقتصر على حلفاء أوكرانيا وداعميها الغربيين، بل إن اللافت في الأمر أن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو، الذي يعد الحليف الرئيسي لروسيا وجه رسالة تهنئة إلى الشعب الأوكراني الأربعاء بمناسبة عيد الاستقلال.

 

وتحتفل أوكرانيا، البلد السوفيتي السابق، بعيد الاستقلال الحادي والثلاثين، والذي يصادف أيضا مرور ستة أشهر على العملية العسكرية الروسية، والتي بدأت في 24 فبراير/شباط الماضي.

 

وقال لوكاشنكو في رسالته: "أنا مقتنع بأن الخلافات الحالية لن تكون قادرة على تدمير الأساس الذي يعود إلى قرون لعلاقات حسن الجوار الصادقة بين شعبي البلدين"، مشيرًا إلى أن يتمنى للأوكرانيين سماء يسودها السلام والتسامح والشجاعة والقوة لإعادة الحياة الطبيعية".

 

وفتح لوكاشنكو الذي يتولى السلطة في بيلاروس منذ العام 1994، أراضي بلاده للجيش الروسي حتى يتمكن من شن هجومه على أوكرانيا في 24 شباط/فبراير.

 

إلا أن تلك التهنئة غير المتوقعة وصفها مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك بأنها "سخرية"، قائلا: "يبدو أن لوكاشنكو يعتقد فعلا أن العالم لا يلاحظ مشاركته النشطة في الجرائم ضد أوكرانيا" مستنكرا الرسالة "الساخرة" التي "ستكون لها عواقب".


الاحتفال بعيد الاستقلال

 

بدت شوارع وسط كييف خالية بشكل غير معتاد صباح الأربعاء بعد أيام من تحذيرات من أن روسيا قد تشن هجمات صاروخية جديدة على المدن الكبرى. وسمعت صفارة إنذار من غارة جوية في العاصمة الساعة 0740 بتوقيت جرينتش.

 

وتقول "رويترز"، إن احتفال الأوكرانيين بمرور 31 عاما على انفصالهم عن الاتحاد السوفيتي الذي تهيمن عليه روسيا الأربعاء، سيكون يوم تحد لحرب الكرملين المستمرة منذ ستة أشهر.

 

وسيتسم الاحتفال بيوم الاستقلال الأوكراني، بشكل محدود، خوفًا من هجمات برية أو جوية أو بحرية، مما دفع السلطات الأوكرانية لحظر التجمعات العامة في العاصمة كييف، وفرض حظر تجول في مدينة خاركيف الواقعة على خط المواجهة بشرق البلاد، والتي تعرضت للقصف على مدى أشهر.

 

وفي استعراض للتحدي، وضعت الحكومة الدبابات والعربات المدرعة الروسية المحترقة في وسط كييف كـ "غنائم حرب"، فيما حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء من احتمال "استفزازات روسية بغيضة".

 

وحث الجيش الأوكراني مواطنيه الناس على أخذ تحذيرات الغارات الجوية على محمل الجد، فيما قالت هيئة الأركان العامة في بيان في وقت مبكر اليوم الأربعاء "يواصل الروس شن هجمات جوية وصاروخية على أهداف مدنية في أراضي أوكرانيا. لا تتجاهلوا التحذيرات من الغارات الجوية".

 

وقال زيلينسكي لممثلي نحو 60 دولة ومنظمة دولية حضروا قمة عبر الإنترنت عن شبه جزيرة القرم الثلاثاء إن أوكرانيا ستخرج القوات الروسية من شبه الجزيرة بأي وسيلة دون استشارة دول أخرى مسبقا.

 

وفيما قالت القوات المسلحة الأوكرانية إن نحو تسعة آلاف عسكري قتلوا في الحرب، لم تعلن روسيا عن خسائرها، إلا أن المخابرات الأمريكية تقدر مقتل 15 ألفا في العملية العسكرية.


رسائل دعم

 

أكثر رسائل الدعم تأثيرًا كانت من بريطانيا التي لم يدخر رئيس وزرائها جهدًا في إظهار حرصه على دعم كييف خلال الستة أشهر الماضية، بل إنه يعد الزعيم صاحب نصيب الأسد من الزيارات إلى أوكرانيا خلال الفترة الماضية.

 

فللمرة الثالثة في غضون 4 أشهر، وصل رئيس الوزراء بوريس جونسون الأربعاء إلى العاصمة كييف، للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

 

وأصبح جونسون من أوائل القادة الأجانب الذين قاموا برحلة محفوفة بالمخاطر إلى العاصمة الأوكرانية في أواخر أبريل/نيسان، ثم عاد في زيارة مفاجئة أخرى في يونيو/حزيران الماضي.

 

وحيا جونسون "الإرادة القوية للأوكرانيين في مقاومة" العملية العسكرية الروسية، في وقت تحيي أوكرانيا ذكرى استقلالها وتدخل العملية العسكرية شهره السابع.

 

وقال جونسون للصحفيين خلال الزيارة المفاجئة "لدى الأوكرانيين إرادة قوية للمقاومة. وهذا ما فشل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فهمه"، مضيفا "تدافعون عن حقكم في العيش بسلام بحرية ولهذا السبب ستنتصر أوكرانيا".

 

وفيما نشرت صفحة رئيس الوزراء البريطاني على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، صورة لجونسون وهو يتحدث إلى زيلينسكي خارج قصر مارينسكي في كييف، قالت إن رسالة جونسون كانت أن «أوكرانيا يمكنها الفوز في هذه الحرب وستفوز بها».


دعم عسكري

 

وتعهد رئيس الوزراء البريطاني بتقديم حزمة أخرى من الدعم العسكري لأوكرانيا، قال عنها مكتبه إنها تبلغ 54 مليون جنيه إسترليني (63.5 مليون دولار) وتتضمن ألفي طائرة مسيرة وذخائر تُمكن الجيش الأوكراني من تتبع القوات الروسية واستهدافها بشكل أفضل.

 

وقال جونسون، الذي لم يتبق له سوى أقل من أسبوعين في منصب رئيس الوزراء، على تويتر "ستواصل المملكة المتحدة الوقوف إلى جانب أصدقائنا الأوكرانيين. أثق في قدرة أوكرانيا على الانتصار في هذه الحرب".

 

الدعم العسكري لم يكن بريطانيًا فحسب؛ بل إن الرئيس الأمريكي جو بايدن أعلن اليوم الأربعاء عن تقديم الولايات المتحدة حزمة مساعدات أمنية جديدة لأوكرانيا قيمتها نحو ثلاثة مليارات دولار لمساعدتها في حربها مع روسيا.

 

وتعد هذه أكبر شريحة من المساعدات الأمنية التي تقدمها واشنطن لكييف بعد مرور ستة أشهر على العملية العسكرية الروسية، وتأتي في الوقت الذي يحذر فيه مسؤولون أمريكيون من أن روسيا تخطط على ما يبدو لشن هجمات جديدة على البنية التحتية المدنية والمنشآت الحكومية الأوكرانية في الأيام المقبلة.

 

وقال بايدن في بيان الإعلان عن حزمة المساعدات إن "الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة بدعم الشعب الأوكراني في نضاله للدفاع عن سيادته".

 

البيت الأبيض قال إن المساعدات العسكرية البالغ قيمتها 2.98 مليار دولار ستتيح لأوكرانيا الحصول على أنظمة دفاع جوي وأنظمة مدفعية وذخائر وأنظمة جوية مضادة للطائرات المسيرة وأنظمة رادار لضمان تمكنها من الاستمرار في الدفاع عن نفسها على المدى الطويل.

 

من جانبها، أعلنت ألمانيا أنّها ستزود أوكرانيا بأسلحة إضافية تناهز قيمتها 500 مليون يورو، مشيرة إلى أن قسمًا كبيرًا من هذه الأسلحة ستتسلّمه كييف اعتبارا من العام المقبل.

 

وقال متحدّث باسم الحكومة الألمانية، إنّ بلاده ستزوّد أوكرانيا خصوصًا ثلاث منظومات للدفاع الجوي من طراز "آيريس-تي"، و"نحو عشر مدرّعات لسحب الدبّابات، و20 قاذفة صواريخ مثبّتة على شاحنات صغيرة"، بالإضافة إلى "ذخيرة دقيقة وأجهزة مضادّة للطائرات المسيّرة".

 


محطة مفصلية

 

ومن جانبه اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأربعاء، مرور ستة أشهر على الحرب في أوكرانيا "محطة مفصلية حزينة ومفجعة".

 

وقال غوتيريش أمام مجلس الأمن، إنه "يمثل اليوم محطة مفصلية حزينة ومفجعة بعد ستة أشهر من غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط"، منددًا بـ "عواقب هذه الحرب العبثية، خارج حدود أوكرانيا".

 

وجدد الأمين العام للأمم المتحدة، "قلقه العميق" إزاء الأعمال العسكرية حول محطة زابوريجيا للطاقة النووية، مشيرًا إلى أن "أي تصعيد آخر للوضع قد يؤدي إلى التدمير الذاتي".


الوضع على الأرض

 

وفيما يستعد الأوكرانيون لحرب طويلة -وشتاء قاس بسبب نقص الطاقة-، قالت مصادر عسكرية غربية إن القوات الروسية تحرز تقدما ضئيلا في عمليتها الهجومية في المناطق الشرقية والجنوبية بأوكرانيا، وشبهت ما يحدث بقتال الاستنزاف البطيء الدموي في الحرب العالمية الأولى.

 

ولم تحقق روسيا تقدما يذكر في أوكرانيا في الأشهر الأخيرة بعد طرد قواتها من كييف في الأسابيع الأولى من العملية العسكرية، فيما قال جنود أوكرانيون على خط المواجهة في الشرق إنهم أكثر حماسا.

 

وقال جندي يدعى يفهان لرويترز "كل شعبنا يهتف لنا. وكذلك البلد بأكمله والدول الأخرى التي تساعدنا أيضا. روحنا القتالية أفضل منهم".

 

إلا أن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو قال في اجتماع لوزراء الدفاع في أوزبكستان إن روسيا أبطأت عن عمد العملية العسكرية في أوكرانيا لتجنب سقوط ضحايا في صفوف المدنيين.

 

وأودت العملية العسكرية بحياة الآلاف وأجبرت أكثر من ثلث سكان أوكرانيا البالغ عددهم 41 مليونا على ترك منازلهم ودمرت مدنا وهزت الاقتصاد العالمي، فيما يعتريها الجمود إلى حد بعيد مع عدم وجود احتمال فوري لمحادثات سلام.

 

وتعهد زيلينيسكي البالغ من العمر 44 عاما، باستعادة المناطق التي سيطرت عليها روسيا في شرق أوكرانيا وكذلك شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا في عام 2014.

 

وقال الرئيس الأوكراني: "لن نجلس على طاولة المفاوضات بدافع الخوف، والبنادق موجهة صوب رؤوسنا. بالنسبة لنا، فإن أفظع أنواع الحديد ليس الصواريخ والطائرات والدبابات، بل الأغلال. ليست الخنادق، بل القيود".

 


تحذيرات أمريكية

 

وبالإضافة إلى شبه جزيرة القرم، بسطت القوات الروسية سيطرتها إلى مناطق الجنوب ومنها سواحل البحر الأسود وبحر آزوف وأجزاء من منطقة دونباس الشرقية التي تضم مقاطعتي لوجانسك ودونيتسك.

 

وحذر مسؤولون أمريكيون من احتمال وقوع هجمات روسية جديدة على البنية التحتية المدنية والحكومية في الأيام المقبلة.

 

وعينت موسكو مسؤولين في المناطق التي باتت تسيطر عليها لكن اغتيل بعضهم. ولقي رئيس بلدة ميخائيلفكا في الجزء الخاضع للسيطرة الروسية من منطقة زابوريجيا حتفه في انفجار سيارة ملغومة.

 

وساعدت أنظمة الصواريخ الأمريكية المتقدمة فيما يبدو أوكرانيا على ضرب مواقع على مسافات بعيدة من الخطوط الأمامية في الأشهر القليلة الماضية لتصل إلى مخازن ذخيرة ومواقع قيادة.

 

وقال مسؤولون روس إن ذخيرة مخزنة في الجنوب بالقرب من الحدود مع أوكرانيا احترقت بشكل تلقائي أمس الثلاثاء في أحدث حريق غامض يشب بمنشأة عسكرية روسية.

 

وأرجع فياتشيسلاف جلادكوف، حاكم منطقة بيلجورود، سبب الحريق إلى الطقس الحار، مما دفع وزارة الدفاع الأوكرانية إلى السخرية من الأمر على تويتر، وكتبت قائلة: "الأسباب الخمسة الرئيسية للانفجارات المفاجئة في روسيا هي الشتاء والربيع والصيف والخريف والتدخين".