مدير دائرة التخطيط الخارجي بوروسيا يؤكد أن عصر التعاون مع الغرب انتهى

عرب وعالم

اليمن العربي

أعلن مدير دائرة التخطيط الخارجي بوزارة الخارجية الروسية، ألكسي دروبينين، أن عصر التعاون مع الغرب انتهى، وحان الوقت للفهم أنه لن تكون هناك عودة إلى الوضع ما قبل 24 فبراير الماضي.

مدير دائرة التخطيط الخارجي بوروسيا يؤكد أن عصر التعاون مع الغرب انتهى


جاء ذلك في مقال له على موقع مجلة "الشؤون الدولية" The International Affairs، المختصة بشؤون السياسة الخارجية، وحمل عنوان "دروس التاريخ وهيئة المستقبل: تأملات في السياسة الخارجية الروسية"، حيث أشار دروبينين إلى أن جوهر الشروع في العملية الأكثر مصيرية: تشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب، يتعلق بـ "الانتقال من النزعة الأنانية الأمريكية الليبرالية العالمية إلى عالم متعدد الأقطاب حقا، قائم على السيادة الحقيقية للشعوب والحضارات"، وفقا لتعبير الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

حيث يرى الدبلوماسي أن الانتقال المذكور قد بدأ بعد وقت قصير من انهيار الاتحاد السوفيتي والمجتمع الاشتراكي إيذانا بنهاية النظام ثنائي القطبية، الذي كان قائما على توازن القوى بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدا في تلك اللحظة "أحادية القطب، والتي وصفها أحد علماء السياسة، من محدودي الرؤية، بأنها نهاية التاريخ".

وتابع دروبينين: "وكما حدث أكثر من مرة، فقد اتخذ الطريق إلى توازن القوى الجديدة طابعا مطولا وغير خطي، وسوف يتعين على روسيا وغيرها من الدول الرائدة المرور به، على الرغم من إمكانية أن يستغرق ذلك سنوات طويلة. إلا أن الحقائق والظواهر الموضوعية، التي لا تعتمد على الرغبات والأهواء الشخصية، تشير إلى أن استقرار العالم الحديث سيتم ضمانه من خلال تنسيق مصالح عدد من مراكز القوة الاقتصادية والنفوذ السياسي، لتشكل أقطاب النظام الجديد، أما بشأن عددها وطبيعتها، فهو ما سيكون الزمن وحده كفيل بإخبارنا به".

وأكد الكاتب والدبلوماسي على أنه، وبصرف النظر عن مدة ونتائج العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا، "يمكننا القول إن حقبة الثلاثين عاما من التعاون البناء بشكل عام، وإن تخللته بعض المشكلات، مع الغرب قد انتهت إلى غير رجعة"، مشيرا إلى أن الوضع الراهن يوفر "فرصة فريدة للتحرر النهائي مما تبقى من الأوهام، وانسحاب روسيا من إطار نموذج (الاستيلاء الودي)، الذي كان يعاد إنتاجه من وقت لآخر من قبل الزملاء الغربيين بعد عام 1992. وأصبح من الواضح أنه لا عودة إلى وضع ما قبل 24 فبراير في العلاقات مع دول أمريكا الشمالية وأوروبا".

وتابع: "إن عداء الغرب لنا، بالمناسبة، ليس بالأمر الجديد. فحتى أثناء حرب القرم (1854-1856)، قال الشاعر البريطاني، اللورد ا. تنيسيون علانية إنه يكره الروس وروسيا، كما كتب القيصر الألماني، فيلهلم (1888-1918) في مذكراته: (لا يمكنني صنع شيء حيال ذلك. وأعلم أن ذلك ليس من تقاليد المسيحية، لكني أكره السلاف). ويعني ذلك أن رهاب روسيا (الروسوفوبيا) ليست مسارا هامشيا، وإنما هو فيروس يترسخ في أذهان النخب الفكرية والسياسية".

صرح مدير إدارة التخطيط بوزارة الخارجية الروسية، أليكسي دروبينين، بأن العملية العسكرية الروسية الخاصة هي علامة فارقة في الطريق إلى نظام عالمي جديد.

جاء ذلك في مقال له على موقع مجلة "الشؤون الدولية" The International Affairs، المختصة بشؤون السياسة الخارجية، وحمل عنوان "دروس التاريخ وهيئة المستقبل: تأملات في السياسة الخارجية الروسية".


وأشار دروبينين إلى أن روسيا تشهد مرة أخرى نقطة تحول في تاريخها الذي يمتد لأكثر من ألف عام، ليصبح عليها أن تتعامل مع رد الفعل العدواني لبعض اللاعبين الخارجيين على أفعال روسيا المبررة تماما لحماية المصالح الحيوية على المسار الغربي، مؤكدا على الطبيعة المصطنعة بفعل فاعل لتلك الأزمة التي تواجه الأمن الأوروبي والنظام العالمي، الذي نشأ نتيجة لنهاية الحرب العالمية الثانية.

ويتابع: "وعلى الرغم من أن أكثر من جيل نشأ في بلادنا في أوقات سلمية نسبيا، إلا أن حالة الصراع هي القاعدة لدولة تمتع بهذه الجغرافيا والمصالح مثل روسيا. وبينما يرسم الخبراء المرحلة الراهنة توازيا مع عصور أخرى مرت بها البلاد، كعصر ألكسيي ميخايلوفيتش الأكثر هدوء، حينما أعادت موسكو الأراضي الروسية الغربية تدريجيا، أو مع حرب القرم، عندما واجهت روسيا "الكراهية غير المسبوقة للغرب"، يشير آخرون إلى تجربة "ترويض النفس لصالح البشرية جمعاء" من جانب الطموحات الإمبراطورية للسويد بعد بولتافا، وفرنسا بعد بورودينو، وألمانيا بعد ستالينغراد وبرلين. كما يقارن البعض المواجهة بين روسيا والغرب بالحرب الباردة في الأربعينيات والثمانينيات، ويعتقد آخرون بأن حجم التغييرات الحالية يتجاوز التحول التكتوني في سنوات 1989-1991، عندما حدث تغيير جذري في موازين القوى حول العالم. وعلى الرغم من كل ذلك، إلا أن مبادئ السياسة العالمية وقواعد السلوك لم تتغير كثيرا".

وتوصل الدبلوماسي إلى أنه وعلى الرغم من الطبيعة الاصطلاحية لهذه المتوازيات، إلا أنها جميعا تحمل شيئا واحدا مشتركا، ألا وهو التأكيد على الأهمية التاريخية للأحداث الراهنة، مستنتجا: "حيث يمكن القول، دون مبالغة، إن العملية العسكرية الخاصة أصبحت علامة فارقة في الطريق إلى نظام عالمي جديد، ونشأة تحالفات جديدة للقوى على الساحة الدولية، تعتمد فيها المواءمات إلى حد كبير على مسار الأعمال العسكرية والتغيرات في هيكل الاقتصاد العالمي ومعايير التسوية السياسية للصراع".

وأكد دروبينين أنه في يوم ما سوف يتم تفكيك وحل كل تلك الألغاز معا، لكن، وحتى اللحظة الراهنة "فقد وضع القدر روسيا مرة أخرى في موقع الدول الرئيسية صانعة التاريخ في هذا العالم".