كيف تسببت أزمة الطاقة في أوروبا في رفع أسعار الأسمدة؟

اقتصاد

اليمن العربي

ارتفعت الأسعار مرة أخرى في سوق الأسمدة، بعد أن جعلت أزمة الطاقة في أوروبا عملية تصنيع النيتروجين أكثر تكلفة، وفق وكالة بلومبرج.

كيف تسببت أزمة الطاقة في أوروبا في رفع أسعار الأسمدة؟

 

وارتفع سعر الغاز، وهو المدخل الرئيسي لأسمدة الأمونيا الغنية بالنيتروجين، في أوروبا بعد أن خفضت روسيا من الإمدادات إلى أكبر أسواقها في أعقاب غزوها لأوكرانيا وفرض العقوبات الغربية عليها.


وأدى هذا إلى زيادة أسعار إنتاج الأسمدة،ما يهدد أسعار الغذاء العالمية.

وقال أليكسيس ماكسويل المحلل في خدمة بلومبرج للأسواق صديقة البيئة إن عصر الأمونيا الرخيصة أصبح الآن "شيء من الماضي".


وتنفي روسيا مسؤوليتها عن ارتفاع أسعار الغذاء حول العالم، وفي المقابل تلقي باللائمة على العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.

وتعتزم شركة التأمين البريطانية لويدز، لتأمين سفن تصدير الحبوب من أوكرانيا، ما يزيد الآمال في أن السفن سوف تستطيع بدء نقل المخزون المكدس والحبيس في موانئ البحر الأسود، ومن المحتمل تخفيف أزمة غذاء تلوح في الأفق.

جدير بالذكر أن أوكرانيا وروسيا من  الموردين الرئيسيين للأغذية في مختلف أنحاء العالم قبل إطلاق روسيا غزوها في شباط/فبراير الماضي. وفي أعقاب ذلك، بدأت الكثير من الدول مقاطعة السلع الروسية في حين أصبح من غير الممكن الوصول إلى السلع الأوكرانية بسبب سيطرة روسيا على البحر الأسود.

وأوقفت شركة الطاقة الروسية العملاقة "جازبروم" إمدادات الغاز عن لاتفيا، وهي دولة تقع على بحر البلطيق وعضو في الاتحاد الأوروبي.

وأعلنت "جازبروم" اليوم السبت وقف عمليات التوريد للاتفيا لانتهاكها شروط سحب الغاز.

وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي  الألماني، الجمعة، أن أسعار السلع التي استوردتها ألمانيا في حزيران/يونيو الماضي ارتفعت بنسبة 9ر29% على أساس سنوي، مشيرا إلى أن هذا يمثل تراجعا للشهر الثاني على التوالي في وتيرة الارتفاع في هذه الأسعار.

وكانت أسعار السلع المستوردة في ألمانيا ارتفعت في نيسان/أبريل الماضي بنسبة 7ر31% لتسجل بذلك أقوى نسبة ارتفاع على هذه السلع منذ ايلول/سبتمبر 1974،عندما ارتفعت الأسعار بصورة ملحوظة على وقع أزمة النفط آنذاك. وفي أيار/مايو الماضي بلغت نسبة الارتفاع 6ر30%.

واستمر الارتفاع القوي في أسعار الطاقة، حيث ارتفعت أسعار واردات الطاقة في الشهر الماضي بنسبة 136% على أساس سنوي. ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى الارتفاع القوي في أسعار الغاز الطبيعي المستورد الذي ارتفع بمقدار نحو ثلاثة أمثال سعره قبل عام.

وارتفعت أسعار المنتجات البترولية بنسبة نحو 85%، وارتفع الفحم الحجري المستورد بنسبة نحو 273%.

وحذر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للزراعة والغذاء "ف أو " ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من ارتفاع حاد لأسعار الحبوب في العالم في المستقبل القريب، إذا أدت الحرب الروسية ضد أوكرانيا إلى تدهور صادرات البلدين من المنتجات الزراعية.

وقالت المنظمتان إنه إذا تم منع أوكرانيا من تصدير محصولها الزراعي سترتفع أسعار الحبوب بنسبة 19% مقارنة بمستواها قبل الحرب التي نشبت في أواخر شباط/فبراير الماضي.

وإذا تراجعت صادرات روسيا من الحبوب بمقدار النصف يمكن أن ترتفع الأسعار العالمية بنسبة 34%.


وما زالت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا الآن أقل كثيرا من مستوياتها القياسية التي سجلتها في مارس/آذار الماضي.

ومع ذلك تشير التطورات إلى أن اضطراب الإمدادات كان أسوأ مما توقعته الأسواق في أعقاب بدء غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا أواخر فبراير/شباط الماضي.


وفي حين راهنت سوق الغاز على أزمة قصيرة الأجل تستمر لعدة شهور، في ذلك الوقت، فإن الأمر يشير الآن إلى أزمة حادة خلال الشتاء المقبل، وتستمر خلال العام المقبل وحتى عام 2024. وخلال الأيام القليلة الماضية ارتفعت أسعار الغاز الأوروبي ككل.
وقال المحلل الاقتصادي خافيير بلاس في تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء إن التحول في تسعير الغاز هو أبرز تطور في سوق الغاز خلال الشهر الماضي، لكنه لم يجذب الاهتمام الكافي في العواصم الأوروبية.

وفي الأسبوع الماضي ارتفع سعر العقود الآجلة للغاز الطبيعي الهولندي وهو الغاز القياسي للسوق الأوروبية إلى نحو 175 يورو لكل ميجاوات/ساعة ليصل إلى ضعف السعر قبل شهر تقريبا، وذلك بعد تراجع كميات الغاز التي تضخها روسيا إلى أوروبا عبر خط نورد ستريم1 بدعوى وجود مشكلات فنية.


في المقابل ظلت أسعار العقود الفورية للغاز أقل بنسبة 30% عن أعلى مستوياتها خلال الأيام الأولى للحرب وكانت 227 يورو لكل ميجاوات.

ومن المقرر أن تتوقف إمدادات الغاز من روسيا إلى ألمانيا لمدة 10 أيام لإجراء أعمال الصيانة المقررة في خط أنابيب نورد ستريم 1 المار عبر بحر البلطيق، وهو أهم رابط من أجل تدفقات الغاز الطبيعي إلى ألمانيا.

ويتوقف ضخ الغاز اعتبارا من الساعة 6 صباحا بالتوقيت المحلي (0400 بتوقيت جرينتش) اليوم الإثنين ومن المقرر أن يعود مرة أخرى في وقت مبكر من صباح 21 تموز/يوليو الجاري.

ومع ذلك، فإن المسؤولين لديهم مخاوف كبيرة من احتمال عدم عودة إمدادات الغاز، مع استمرار الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

وفرضت ألمانيا ودول غربية أخرى عدة جولات من العقوبات على موسكو في محاولة لوقف القتال.


ولكن العديد من الدول أيضا تعتمد بشكل كبير على مصادر الطاقة الروسية، وردا على ذلك أوقفت موسكو إمدادات الغاز إلى العديد من الدول، فيما ينظر إليه على نطاق واسع على أنه رد انتقامي.

وقامت شركة غازبروم الروسية المملوكة للدولة بالفعل بخفض إمدادات الغاز التي يجري ضخها عبر خط الأنابيب البالغ طوله 1200 كيلومتر بين روسيا وشمال ألمانيا إلى حد كبير، مشيرة إلى التأخير في أعمال الإصلاح. وأرجعت موسكو سبب التأخير إلى العقوبات التي فرضها الغرب، وهي حجة رفضها المستشار الألماني أولاف شولتس.

ويجري حاليا استخدام نحو 40% فقط من الطاقة الاستيعابية لخط الأنابيب، وهو ما أدى إلى مزيد من الزيادات في الأسعار في سوق الغاز، وفقا للوكالة الاتحادية للشبكات الألمانية.

وتأتي أعمال الصيانة في الوقت الذي تسعى فيه ألمانيا بشكل عاجل لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي، مع ملء الخزانات أيضا استعدادا لفصل الشتاء المقبل.

وتتزايد المخاوف من أن أي فقدان مفاجئ لإمدادات الغاز سيكون له آثار دراماتيكية على الصناعة وكذلك على المنازل.