صور مؤلمة من لبنان.. زحام ومشاجرات وإطلاق نار للحصول على "رغيف عيش"

اقتصاد

اليمن العربي

زحام شديد وطوابير طويلة، ينتظر أصحابها الحصول على الخبز المدعم، بعد عناء كبير، هذه هي الصورة المعتادة الآن في شوارع لبنان.

 

وفي الوقت الذي يئن فيه الكثير من اللبنانيين في ظل الانهيار الاقتصادي المدمر، أدى نقص الخبز المدعوم إلى تفاقم المصاعب وأثار العديد من المشاجرات خارج المخابز، وتحول بعضها إلى حوادث إطلاق نار في الهواء.

وازدادت المشكلة حدة منذ اندلاع "حرب أوكرانيا"، التي عطلت إمدادات القمح من مورد الحبوب الرئيسي للبنان.

 

لكن أزمة الخبز ترتبط أيضا بمضاعفات الأزمة المالية اللبنانية، التي أفقدت العملة المحلية أكثر من 90% من قيمتها خلال ثلاث سنوات.

وأعلنت الحكومة اللبنانية عن تفريغ 49 ألف طن قمح في ميناء بيروت هذا الأسبوع، وهو ما ينبغي أن يستمر لمدة شهر ونصف الشهر، وفقا لوزير الاقتصاد اللبناني، أمين سلام.

 

وأشار إلى أن مجلس النواب وافق على قرض بقيمة 150 مليون دولار من البنك الدولي لشراء الحبوب، مضيفا أن القوى الأمنية تكثف مراقبة شحنات القمح لمنع السرقات.


سبب الأزمة

 

عزا وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام أزمة الإمدادات الأخيرة إلى سرقة تجار قمح للدقيق الشهر الماضي.

 

وفي تصريحات لـ "رويترز" ألقى سلام باللائمة أيضا في النقص الأخير على النازحين السوريين، واتهمهم بشراء أرغفة فائضة عن حاجتهم لإرسالها إلى سوريا أو بيعها في السوق السوداء.

 

وقال ردا على سؤال لرويترز "بالنسبة إلى موضوع النازحين السوريين، طبعا هم يشكلون ضغطا كبيرا جدا والمؤسف أنهم لا يستعملون حاجاتهم للاكتفاء الذاتي، بل هم صاروا يأخذون ربطات زيادة ويبيعوها بالسوق السوداء أو يبعثوها على سوريا، هذه هي المشكلة".

وأضاف: "بالنسبة لنا السوري مثله مثل اللبناني، هو إنسان يحتاج إلى المواد الغذائية، لا تفرقة إنسانية عندنا، ولكن صار فيه استغلال، يقف (النازح السوري) أول مرة ويأخذ ربطة ومن ثم يرجع ويأخذ ربطة ثانية، ويرسل عائلته كلها، ويحصل تهريب للربطات وبيعها في السوق السوداء أو تهريبها".

 

وقال مصدر أمني إن اشتباكات بالأيدي اندلعت لدى تدافع سوريين ولبنانيين أمام أحد المخابز في بيروت.


ذكرى الحرب الأهلية

 

أعادت أزمة طوابير الخبز الطويلة للبنانيين ذكرى أيام الحرب الاهلية التي دارت في لبنان من عام 1975 إلى 1990.

 

وقال مواطنوان إن أزمة الخبز التي يعيشها لبنان لم تحدث بهذا الشكل حتى في ظل الحرب الأهلية التي عاشتها البلاد.

 

يتم إنتاج الرغيف، الذي يعتبر عنصرا غذائيا أساسيا للكثيرين باستخدام الدقيق (الطحين) المستورد بأسعار صرف مدعومة، مما يوفر بيئة مواتية بشدة للفساد ويولّد سوقا سوداء يباع فيها الخبز بأسعار مضاعفة.


الدعم الدولي للبنان

 

قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيان أُرسل إلى رويترز "في هذا الوضع الصعب للغاية، نشهد زيادة في التوترات بين المجتمعات المختلفة".

وأضافت: "المفوضية قلقة أيضا من أن الممارسات التي تضع القيود والتدابير التمييزية يتم تطبيقها على أساس الجنسية، مما يؤثر في جملة أمور على اللاجئين".

 

وتابعت قائلة إن استمرار الدعم الدولي للبنان أمر بالغ الأهمية لضمان الوصول الآمن للغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى.

ويستضيف لبنان لاجئين سوريين منذ بدء الحرب في عام 2011، ويقدر عددهم بنحو 1.5 مليون.

 

وأصدرت نجاة رشدي، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية في لبنان، الأسبوع الماضي بيانا أشارت فيه إلى تزايد النقاش العام في لبنان حول عودة اللاجئين السوريين إلى سوريا، ودعت الجميع إلى الامتناع عن تأجيج المشاعر السلبية والكراهية في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.


أسعار الخبز في لبنان

 

يقول أصحاب المخابز إن السلطات لا تقدم ما يكفي من الدقيق المدعوم، وهو ما تنفيه وزارة الاقتصاد.

 

ويقول مواطنون إن الخبز متوفر في السوق السوداء ولكن بأربعة أضعاف السعر الرسمي البالغ 13 ألف ليرة لبنانية، أي نحو 44 سنتا بسعر الصرف في السوق.

ويوميا يقضي المواطن اللبناني نحو ثلاث ساعات على الأقل في انتظار الحصور على الخبز.

 

وتعتبر أزمة الخبز في لبنان واحدة من الأزمات القديمة المتجددة التي تعصف بالبلاد.

وفي الفترة الأخيرة تفاقمت بشكل ملحوظ وزادت الطوابير والصدامات بين الزبائن أمام الأفران، وسط أزمة اقتصادية طاحنة ونقص كبير لمخزون القمح منذ انفجار مرفأ بيروت.