ماكرون في إفريقيا.. إنقاذ باريس باستغلال كنوز القارة السمراء

اقتصاد

ماكرون في إفريقيا
ماكرون في إفريقيا

حطت أقدام رئيس ثاني أكبر اقتصاد أوروبي في أكثر دول إفريقيا والعالم فقرا، وسط آمال تبحث عن منقذ من شبح الجوع.

 

ويقوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، منذ الإثنين، بأول جولة خارجية له منذ إعادة انتخابه رئيسًا للبلاد قبل 3 أشهر، قادته إلى الكاميرون ثم غينيا بيساو قبل أن يختمها بالبنين.

 

ويرافق ماكرون في جولته وزيرة الخارجية كاترين كولونا، ووزير القوات المسلحة سيباستيان لوكورنو، والوزير المفوض للتجارة الخارجية أوليفييه بيشت، ووزيرة الدولة للتنمية كريسولا زاشاروبولو.

 

وتعتبر هذه الدول الأفريقية الثلاث من أكثر الدول الفقيرة في إفريقيا والعالم، الأمر الذي فتح نقاشًا في الإعلام الفرنسي والمحلي بهذه الدول عن إمكانية بحث الرئيس الفرنسي خطط إنقاذ لها من الفقر الذي يزداد سنويًا بها.

 

وتؤكد مختلف التقارير والدراسات الأمنية وحتى خطابات قادة كثير من دول العالم في المحافل الدولية، أن الفقر يعد أحد العوامل التي تستغلها الجماعات الإرهابية في استقطاب مجندين في صفوفها، وهو ما يفسر إلى حد ما تنامي الظاهرة الإرهابية بمنطقة الساحل والصحراء وغرب إفريقيا ومناطق أخرى لا تقل فقرا من القارة السمراء.

 

وفي هذا التقرير نستعرض أبرز المؤشرات عن الفقر ومستوى المعيشة في الكاميرون وغينيا بيساو والبنين، استنادا إلى أرقام حديثة من البنك الدولي.

 


الكاميرون

الكاميرون

آخر تقرير للبنك الدولي صدر في 19 أبريل الماضي، أشار إلى أن نسبة الفقر بين سكان دولة الكاميرون بلغ 56%، معظمهم في المناطق الشمالية.

 

وكشف ارتفاع نسبة الفقراء بنسبة 12% خلال الفترة من 2007 إلى 2014، ووصل حينها إلى 8.1 مليون نسمة.

 


غينيا بيساو

غينيا بيساو

أما غينيا بيساو فتعد "أفقر بلد" من الدول التي يزورها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وذكر تقرير للبنك الدولي في 2019، أن نسبة الفقر بهذا البلد وصلت إلى 62%.

 

ويعيش 62% من سكان غينيا بأقل من دولارين يوميًا وفق تقارير سابقة للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي.

 


بنين

بنين

جمهورية البنين ذات المساحة الجغرافية الصغيرة وعدد السكان الكبير الذي يفوق 12 مليون نسمة، وصل معدل الفقر بها إلى 38.5%، وفق تقرير للبنك الدولي صدر في 5 مايو الماضي.

 


اهتمام كبير لزيارة ماكرون

 

وتحظى زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإفريقيا باهتمام كبير، كونها تأتي في مرحلة فارقة من تاريخ العالم، مليئة بالمخاوف والصراعات.

 

الزيارة تأتي وسط أزمات اقتصادية عدة سواء تلك المتعلقة بالسياسة والاقتصاد، أو التغير المناخي، لكن تظل أزمة الغذاء وتأمين موارده هي النقطة الهامة التي تتحرك خلفها فرنسا.

 

وتستهدف زيارة ماكرون للكاميرون وبنين وغينيا بيساو، حسب خبراء في الشأن الأفريقي استعادة باريس لنفوذها في القارة السمراء، سواء اقتصاديا أو سياسيا.

 

ويسعي الرئيس الفرنسي إلى تعزيز التعاون الأوروبي في مجال الإنتاج الزراعي والاستثمار في البنية الزراعية، خاصة مع تزايد أزمة الغذاء عالميا بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا.

 

وروج الرئيس الفرنسي لمبارة "فارم" التى تقوم على أسس ثلاثة تضمن مساعدة القطاع الزراعي الأفريقي وتوفير الشروط بإقامة شراكة مفيدة مع أوروبا، وتمكين المناطق الأفريقية من السيادة الغذائية.


الكاميرون.. الأرض البكر التي لم تستغل

 

تعد الكاميرون أكبر القوى الاقتصادية في وسط إفريقيا، وتتميز بمواردها الطبيعية، من نفط وغاز وخامات معدنية والأخشاب ذات الجودة العالية، ويبلغ إجمالي الناتج المحلي لها 64 مليار دولار وفقا لأحدث تقرير صادر عن البنك الدولي، وتعد زراعة البن والقطن والكاكاو والذرة أبرز المحاصيل الزراعية لديها.

 

في تقارير مجموعة البنك الدولي، تظهر أهمية الكاميرون الاقتصادية في قطاعات الزراعة والطاقة والمعادن، في أرض بكر لم تستغل.

 

ومن أحدث تقارير البنك الدولي بشأن الكاميرون، يمكن فهم أسباب زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى قارة إفريقيا، يتوجه خلالها إلى بلدان الكاميرون وغينيا بيساو وبنين.

 

وستكون الكاميرون التي تعتبر القوة الاقتصادية الأولى في وسط إفريقيا، المحطة الأولى في هذه الرحلة؛ وسيلتقي ماكرون بول بيا، الرئيس البالغ من العمر 89 عاما، قضى منها 40 عاما على رأس البلاد.

 

قصر الإليزيه كان واضحا في بيان سبق زيارة ماكرون، إذ أشار أن أزمة الغذاء والإنتاج الزراعي تعتبر من أبرز ملفات سيناقشها الرئيس الفرنسي إلى إفريقيا، والكاميرون بالتحديد.

 


الاقتصاد الأكبر

الكاميرون بلد يقع بين وسط إفريقيا وغربها؛ يتم تحديد الدولة في بعض الأحيان على أنها غرب إفريقيا وأحيانا باسم وسط إفريقيا، ويرجع ذلك أساسا إلى موقعها الاستراتيجي بين المنطقتين.

 

الكاميرون دولة فرنكوفونية باستثناء المنطقتين الجنوبيتين المتاخمتين لنيجيريا، وهما من البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية؛ وهي عضو في الجماعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا (CEMAC)، وهي أكبر اقتصاد في وسط القارة.

 

وهي دولة ذات دخل متوسط ​​أدنى ويبلغ عدد سكانها أكثر من 25 مليون نسمة وفق أرقام عام 2020، تقع على طول المحيط الأطلسي، وتشترك في حدودها مع جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد وغينيا الاستوائية والجابون ونيجيريا.

 

وتتمتع الكاميرون بموارد طبيعية غنية، بما في ذلك النفط والغاز والخامات المعدنية وأنواع الأخشاب عالية القيمة والمنتجات الزراعية، مثل البن والقطن والكاكاو والذرة والكسافا، ويبلغ الناتج المحلي لها 46 مليار دولار.

 

وعلى الرغم من الموارد الطبيعية الهائلة في الكاميرون، إلا أن عدد الفقراء فيها ازداد خلال السنوات الماضية، بنسبة 12% ليصل إلى 8.1 مليون بين عامي 2007 و2020، ويتركز الفقر في المناطق الشمالية من البلاد، حيث يعيش 56% من الفقراء.

وفي عام 2020، تسبب جائحة COVID-19 في تدهور كبير في النشاط الاقتصادي في الكاميرون؛ وأدت الخسائر في دخل الأسرة والأعمال المرتبطة بإجراءات التباعد الاجتماعي وعدم اليقين المحيط بمسار الوباء إلى انخفاض حاد في الاستهلاك.

 

كما تضررت الاستثمارات العامة والخاصة وتعطلت الخدمات العامة، مثل المدارس والخدمات الصحية غير المتعلقة بفيروس كورونا، بشدة.

 

كذلك، انخفض استخدام تنظيم الأسرة وخدمات الرعاية السابقة للولادة بنسبة 37% و18% على التوالي وفق بيانات البنك الدولي؛ وتشير التقديرات إلى أن الأزمة أدت إلى ارتفاع معدل الفقر المدقع من 24.5% عام 2019 إلى 25.3% عام 2021.

 

وتحتل الكاميرون المرتبة 144 من أصل 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد لعام 2021 لمنظمة الشفافية الدولية، وتعاني الكاميرون من ضعف الحوكمة، مما يعيق تنميتها وقدرتها على جذب المستثمرين.


أرض الموارد الطبيعية

 

معظم الأراضي الكاميرونية مناسبة للزراعة والأشجار، وتشير التقديرات إلى أن نحو 70% من المزارع والزراعة في البلاد تمثل 19.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019.

 

ويتم تنفيذ الأنشطة الزراعية على نطاق الكفاف باستخدام أدوات بسيطة؛ ولدى البلاد زراعة تجارية لمحاصيل مثل المطاط والشاي والموز ونخيل الزيت والكاكاو.

 

الجزء الجنوبي من البلاد عبارة عن هضبة إلى حد كبير، وتشمل المحاصيل الشائعة في هذا الجزء من البلاد السكر والبن والتبغ؛ وفي المرتفعات الغربية من الكاميرون، تعتبر القهوة أكثر المحاصيل النقدية شيوعا.

 

بينما تفضل الظروف الطبيعية في الجزء الجنوبي من البلاد محاصيل مثل الأرز والفول السوداني والقطن؛ فيما تعد الكاميرون من بين أكبر منتجي الكاكاو في العالم.

 


النفط والغاز

ماكرون في إفريقيا

بدأ أول إنتاج للنفط البحري في الكاميرون في عام 1977، وانخفض الإنتاج السنوي للبلاد بشكل مطرد منذ عام 1985؛ ومن المتوقع أيضًا أن يستمر الانخفاض في إنتاج النفط في المستقبل مع تناقص احتياطيات النفط.

 

في عام 2001، كان إنتاج البلاد من النفط 76600 برميل يوميا مقارنة بعام 1999 عندما بلغ الإنتاج اليومي 100000 برميل يوميا، ثم ارتفع إنتاجها في بعض السنوات لاحقا ليتجاوز 900 ألف برميل يوميا.

 

وفي قطاع المعادن، لم يكن لدى الكاميرون أي تعدين صناعي في البلاد اعتبارا من 2008، وتشمل بعض المعادن في البلاد النيفلين وخام الحديد والسينيت والروتيل والنيكل والجرانيت والذهب والكوبالت والبوكسيت وغيرها.

 

دفعت الأسعار المتزايدة للمعادن والمعادن الشركات المختلفة إلى التنقيب عن المعادن في البلاد خاصة في الجزء الجنوبي الشرقي من البلاد.