تطورات جديدة بشأن الحرائق في ولاية كاليفورنيا الأمريكية

اليمن العربي

قالت سلطات مكافحة الحرائق في ولاية كاليفورنيا الأمريكية إن حريقا خارج منتزه يوسميتي الوطني شرد الآلاف "يظهر سلوكا غير مسبوق".

تطورات جديدة بشأن الحرائق في ولاية كاليفورنيا الأمريكية 

 

وأضافت أن الحريق "يتحرك بسرعة كبيرة"، ما يعرض جهود الإخلاء إلى الخطر بسبب ضيق الوقت، وفقا لشبكة "سي أن أن".

وامتد حريق "أوك فاير" حتى الآن إلى أكثر من 16700 هيكتار من الأراضي، ودمر ما لا يقل عن 7 بنايات، وفقا لمسؤول كتيبة الإطفاء، جون هيجي.

وأضاف هيجي: "وقت رد الفعل لإخراج الناس محدود لأن هذا الحريق يتحرك بسرعة كبيرة".


وأجبر "أوك فاير" نحو 3 آلاف شخص على الأقل على الخروج من منازلهم، وفقا لمكتب حاكم الولاية، جافين نيوسوم، منذ أن بدأ الحريق يوم الجمعة في سفوح سييرا نيفادا. ويشارك نحو 25 ألف عنصر إطفاء في الجهود الجارية، وقد تم احتواء 10% فقط من الحريق.

ونشر مستخدمو موقع تويتر فيديوهات للحريق، ووصف بعضهم سحب الدخان وانعكاس اللون البرتقالي للنيران والشمس في السماء بأنها "منظر سريالي لنهاية العالم".

 

وقالت السلطات إن الفرق تستخدم أكثر من 10 مروحيات و281 سيارة إطفاء و46 صهريجا من النوع القادر على نقل كميات كبيرة من المياه.

ويعد "أوك فاير" أكبر حرائق كاليفورنيا النشطة حاليا، والتي تغذيها ظروف الجفاف الممتدة في معظم أنحاء الولاية، تاركة وراءها نباتات هشة سريعة الاحتراق.

ويؤثر الحريق على الطقس في ولايات أخرى، حيث أشارت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية في بورتلاند بولاية أوريجون إلى أن درجات الحرارة المرتفعة قد تتأثر إذا وصل الدخان الناتج عن حريق البلوط إلى المدينة.

 

وأكد عالم المناخ في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس دانيال سوين، أن الحريق "انتشر بشكل كبير في جميع الاتجاهات تقريبًا في سياق قابلية كبيرة للاشتعال، وجفاف شديد".

وأضاف على تويتر "يبدو أن سلسلة حرائق الغابات الصغيرة غير المدمرة التي شهدتها كاليفورنيا حتى الآن هذا الموسم قد انتهت".

وشهد الغرب الأمريكي في السنوات الأخيرة حرائق استثنائية من حيث حجمها وشدتها، مع امتداد ملحوظ جدًا لموسم الحرائق، وهي ظواهر ينسبها العلماء إلى تغيّر المناخ.

 

وتشهد الولايات المتحدة موجة حر غير مسبوقة، وأشارت وكالة الأرصاد الجوية إلى أنه تم تسجيل أرقام قياسية جديدة في العديد من المدن، بما في ذلك بوسطن بولاية ماساتشوستس، التي بلغت فيها الحرارة 37.7، وبروفيدنس بولاية رود آيلاند، حيث بلغت فيها الحرارة 35.5.

ووصلت حرارة نيوارك (نيو جرسي) إلى 37.7 بعد ظهر الأحد، وقالت هيئة الأرصاد الوطنية إن ذلك "ليس فقط رقمًا قياسيًا جديدًا يوميًا، ولكننا نسجل اليوم الخامس على التوالي من درجات الحرارة هذه" في ولاية نيو جيرسي.

 

وأشارت الأرصاد إلى أنه "من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة بشكل مطرد خلال الأيام القليلة المقبلة، مما قد يؤدي إلى احتمال تحطيم المزيد من الأرقام القياسية".

وأضافت: "ستستمر الحرارة الشديدة في شمال شرق ووسط المحيط الأطلسي ليوم آخر وستستمر الحرارة في جنوب الولايات المتحدة لبضعة أيام أخرى، وستتطور موجة حر خطيرة في شمال غرب الولايات المتحدة هذا الأسبوع".

يعد تغير المناخ وما يصاحبه من احترار عالمي المتهم الأول في موجة الحر وحرائق الغابات غير المسبوقة في أوروبا، لكنه ليس المتهم الوحيد.

وبحسب بيانات أصدرها، الخميس، نظام معلومات حرائق الغابات الأوروبية التابع لبرنامج مراقبة الأرض للاتحاد الأوروبي "كوبرنيكوس"، تخطّت المساحات التي اجتاحتها النيران في الأسابيع الأخيرة في أوروبا المساحة الإجمالية للأراضي المُحترقة خلال عام 2021 بأكمله.

وقد تضاعفت مساحة الريف الأوروبي المحترق إلى أكثر من 3 أضعاف هذا العام، مع ما يقرب من 450 ألف هكتار من الأراضي المتفحمة حتى 16 يوليو/تموز، مقارنة بمتوسط 2006-2021 البالغ 110 آلاف هكتار خلال الأشهر نفسها من السنة. وبحلول التاريخ نفسه، أي 16 يوليو/تموز الجاري، شهدت أوروبا ما يقرب من 1900 حريق غابات مقارنة بمتوسط 470 حريقا للفترة 2006-2021.

يؤدي تغير المناخ إلى زيادة الظروف الحارة والجافة التي تساعد على انتشار الحرائق بشكل أسرع، وأيضا إلى طول أمد الحريق وزيادة شدته.


وفي حوض البحر المتوسط، ساهم ذلك في بدء موسم الحرائق مبكرا واحتراق المزيد من الأراضي. وفي العام الماضي احترق أكثر من 124 ألف فدان في الاتحاد الأوروبي، مما جعله ثاني أسوأ موسم لحرائق الغابات في التكتل بعد عام 2017.

 

ويؤدي الطقس الحار أيضا إلى استنزاف الرطوبة من الغطاء النباتي، وتحويله إلى وقود جاف يساعد على انتشار الحرائق.

وتعاني بلدان مثل البرتغال واليونان من الحرائق في معظم فصول الصيف، ولديها بنية تحتية لمحاولة مواجهتها، على الرغم من تلقي كلاهما مساعدة طارئة من الاتحاد الأوروبي هذا الصيف. لكن درجات الحرارة المرتفعة تدفع أيضا بحرائق الغابات إلى مناطق غير معتادة، وبالتالي فهي أقل استعدادا للتعامل معها.

ووفقا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة في شباط/فبراير 2022، فإن تغير المناخ الذي يسببه الإنسان وما ينتج عنه من جفاف قد يجعلنا نشهد عدد حرائق أكبر بنسبة 30 بالمائة في غضون 28 عاما.

يبلغ متوسط ارتفاع درجة الحرارة العالمية نحو 1.2 درجة مئوية أعلى مما كان عليه في أوقات ما قبل الثورة الصناعية. وهذا يؤدي بالفعل إلى موجات شديدة الحرارة.

وقالت سونيا سينيفيراتني، عالمة المناخ في المعهد الأوروبي للتكنولوجيا في زوريخ "في المتوسط على الأرض، الموجات شديدة الحرارة التي كانت ستحدث مرة كل 10 سنوات دون تأثير الإنسان على المناخ أصبحت الآن أكثر تواترا ثلاث مرات".

ولن تتوقف درجات الحرارة عن الارتفاع إلا إذا توقف البشر عن إضافة انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى الغلاف الجوي. وحتى ذلك الحين، ستتفاقم موجات الحر. وسيؤدي الفشل في معالجة تغير المناخ إلى تصاعد درجات الحرارة الشديدة بشكل أكثر خطورة.

وتقول الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إن موجة الحر التي تحدث مرة كل عشر سنوات في عصر ما قبل الصناعة ستحدث 4.1 مرة في العقد الواحد عند ارتفاع درجة الحرارة 1.5 درجة مئوية و5.6 مرة عند ارتفاعها درجتين مئويتين.

ووافقت الدول بموجب اتفاقية باريس العالمية لعام 2015 على خفض الانبعاثات بسرعة كافية لمنع ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض عن درجتين مئوية مع السعي لإبقائها عند 1.5 درجة مئوية لتجنب أكثر التداعيات خطورة. ولن تخفض السياسات الحالية الانبعاثات بالسرعة الكافية لتحقيق أي من الهدفين.

وقالت سنيفيراتني إن السماح بتجاوز ارتفاع درجة الحرارة 1.5 درجة مئوية يعني أن معظم السنوات "ستتأثر بالموجات شديدة الحرارة في المستقبل".

تغير المناخ ليس العامل الوحيد في الحرائق، حيث تعد إدارة الغابات ومصادر الاشتعال هي أيضا عوامل مهمة. وفي أوروبا، تشتعل أكثر من تسعة من كل عشرة حرائق بسبب الأنشطة البشرية، مثل الحرائق المتعمدة أو حفلات الشواء أو خطوط الكهرباء أو الزجاج المتناثر، حسب بيانات الاتحاد الأوروبي.

 

ويمكن أن تساعد بعض الإجراءات في الحد من الحرائق الشديدة، مثل إشعال الحرائق التي يتم التحكم فيها والتي تحاكي الحرائق منخفضة الشدة في دورات النظام البيئي الطبيعي، أو فتح فجوات داخل الغابات لوقف انتشار الحرائق بسرعة على مساحات واسعة.

لكن العلماء يتفقون على أنه دون الخفض الحاد في الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تسبب تغير المناخ، فإن موجات الحر وحرائق الغابات والفيضانات والجفاف ستزداد سوءا بشكل كبير.

وفي البرتغال، حيث توفي أكثر من 100 شخص في حرائق الغابات عام 2017، تقول السلطات إن 62 بالمائة من الحرائق ناجمة عن أنشطة بشرية زراعية مثل حرق بقايا الأشجار.

وتواجه البلدان الأوروبية، بما في ذلك إسبانيا، التحدي المتمثل في تقلص عدد السكان في المناطق الريفية، حيث ينتقل الناس إلى المدن، تاركين قوى عاملة أصغر لإزالة الغطاء النباتي وتجنب "الوقود" الذي يؤدي لتفاقم حرائق الغابات.

 

ويعتبر البعض أن الهجرة الجماعية للأوروبيين من الريف إلى المدن في العقود الأخيرة، فضلا عن عدم الاهتمام بالقرى النائية المكتظة بمناطق الأشجار والغابات، حوّل هذه القرى إلى قنابل موقوتة قابلة للاشتعال في أي لحظة.

ومنذ النصف الثاني من القرن الماضي، عزم الآلاف من الأوروبيين على ترك قراهم والتوجه نحو المدن بحثا عن حياة أفضل، ما عرف حينها بـ "بالنزوح الجماعي"، في خطوة حوّلت مناطق عدة إلى مساحات مهملة.

ويقول يوهان جولدامر، رئيس المركز العالمي لرصد الحرائق، إن مدينة وودلاند الأمريكية، مليئة بالمواد القابلة للاحتراق، من جذوع الأشجار الميتة والأغصان المتساقطة والأوراق الميتة والأعشاب الجافة.

وأكد جولدامر أن هذا هو السبب في أننا نشهد زيادة عالمية غير مسبوقة في الحرائق الشديدة، لافتا إلى أنه "خلال الألف أو الألفي عام الماضية، لم يكن لدينا هذا الكم من المواد القابلة للاشتعال من حولنا".

ترى إيريم دالوجلو سيتينكايا، عالمة البيئة في جامعة بوجازيتشي التركية، ومقرها إسطنبول أن "السبب وراء حرائق الغابات ليس قاصرًا على التغيرات في المناخ" لافتة إلى أن "الاستخدام غير المنضبط للأراضي يعد أحد أهم أسباب حرائق الغابات".

وأوضحت سيتينكايا أن "حرائق الغابات ناجمة عن تراكم الكثير من النفايات، والزحف العمراني على حساب الأراضي الزراعية، وهي عوامل بيئية ينتج عنها الكثير من المواد الجافة والهشة القابلة للاشتعال، كتلك الناتجة عن قطع الأشجار".

وقد يكون اندلاع حرائق الغابات متعمدا أو ناجما عن ظاهرة طبيعية مثل صواعق البريق، إلا أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة قوة وشدة حرائق الغابات، ما يعد السبب الحقيقي للدمار الذي لحق بالمناطق المنكوبة جراء حرائق الغابات.

وتركز سياسات مكافحة حرائق الغابات الحالية في معظم مناطق البحر المتوسط بشكل كبير على إخماد الحرائق، لكنها لم تتطور لتتكيف مع التغير العالمي خاصة ما يتعلق بظاهرة التغير المناخي.