طائفة البهرة في اليمن: موالدهم وطقوسهم الدينية وشروط الزواج (تقرير خاص)

أخبار محلية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يتواجد جٌل أبناء طائفة البهرة في اليمن في منطقة حراز والتي تبعد عن صنعاء من جهة الغرب حوالي 90 كيلو متر، وتضم أحد أهم مزارات تابعي الطائفة وهو ضريح حاتم الحضرات (حاتم بن إبراهيم) الداعية الفاطمي الثالث المتوفي عام 596هـ.

 

كما يتواجد هؤلاء في أماكن أخرى مثل منطقة همدان التابعة للعاصمة صنعاء، ومحافظات تعز ومأرب وحضرموت وغيرها.

 

تعريف البهرة وعددهم في اليمن

والبهرة بضم الباء يعرفون بحسب موقع ويكيبديا بأنهم إسماعيلية مستعلية ، يعترفون بالإمام "المستعلي"، ومن بعده "الآم" ، ثم ابنه "الطيب" ، ولذا يسمون بـ "الطيبية" ، وهم إسماعيلية الهند ، واليمن ، تركوا السياسة ، وعملوا بالتجارة ، فوصلوا إلى الهند ، واختلط بهم الهندوس الذين أسلموا ، وعرفوا بـ "البهرة" ، والبهرة : لفظ هندي قديم ، بمعنى "التاجر".

 

وتذكر بعض المصادر أنه من كلمة "بهارات" وهي التجارة التي اشتهروا بإمتهانها بجانب أنواع أخرى من التجارة، وتفيد بأن البهرة من طوائف الاسماعيلية المتعددة حيث يقال ان اسماعيلية البهرة ينقسمون الي فرقتين الأولي هي البهرة الداوودية نسبة الي قطب شاه داود وأفراد هذه الفرقة موجودون منذ القرن العاشر الهجري في الهند وباكستان كما ان داعيتهم يقيم في مدينة بومباي الهندية، اما الفرقة الثانية فهم البهرة السليمانية نسبة الي سليمان بن حسن ومركز تواجد ابناء هذه الفرقة هو اليمن.

 

ويذهب أحد الأقوال في نشأة وتطور طائفة البهرة، أنهم أصلاً من الفاطميين الشيعة الذين كانوا في مصر إبان العصر الفاطمي عندما انتهى العصر الفاطمي هاجر الكثيرون من مصر وانتقلوا من بلد إلى أخر حتى انتهى بهم المقام إلى جنوب الهند.

 

وتترواح أعدادهم في اليمن بين 12 ألف و17 ألف بحسب مصادر مختلفة، وهذا الرقم الذي يمثل عدد طائفة البهرة – بضم الباء- في اليمن جزء من الطائفة المنتشرة حول العالم والتي يقدر أعدادها بمليون شخص يتوزعون عدد من الدول العربية بينها مصر والإمارات والأردن والسعودية ويتركزون بشكل كبير في الهند وباكستان.

 

موالد سنوية للبهرة

وفي كل عام يحتشد تابعي طائفة البهرة في اليمن والعالم في تجمع ضخم يقام للاحتفاء بمولد حاتم الحضرات (حاتم بن إبراهيم ‏596‏ ـ‏557‏ هـ) في قرية الحطيب بمنطقة حراز، يزورون خلال طقوسه مقامه والذي يوجد ضمن جامع بني في عهد الدولة الصليحية.

 

الجامع الذي بني منذ تسعمائة عام يقع ضمن حصن منيع ينتصب في أعلى جبل شاهق الإرتفاع في قرية الحطيب، ورغم ذلك يصعدون في جماعات رجال ونساء عبر طريق مدرج لزيارة الضريح فيما يعرف محليا بحج البهرة.

 

وأهم ما في ذلك أن سلطان البهرة يحضر هذا الاحتفال خصيصاً من مقر إقامته في الهند، ويحمله اتباعه على كرسي بثمان مقابض، وهو الأمر الذي أثار ضدهم عدد من الاتجاهات الدينية في اليمن طبقاً للإية القرآنية رقم 17 من سورة الحاقة:"وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ" صدق الله العظيم .

 

بجانب التبجيل الكبير الذي يخصون به سلطانهم والذي يوصف بأنه الداعي المطلق للإمام الطيب الذي بجسب معتقداتهم دخل الستر سنة 525 هـ‍، والأئمة المستورون من نسله، لكنهم موجودون، ليس بشخصهم وإنما في الداعي المطلق وهو السلطان الذي ينوب عنه ويقيم دعوته!.

 

وإلى جانب زيارتهم لمقام حاتم الحضرات الفاطمي في قرية الحطيب بحراز، يشكل الـ22 من شعبان من كل عام موعداً آخر لتجمع آلاف البهرة حول مقام الملكة أروى بنت احمد الصليحي ملكة اليمن في عهد الدولة الصليحيه  التي كانت تتبع الحاكم الفاطمي بمصر

 

وتعتبر جبلة من أهم محطات زيارات الطائفة بعد ضريح  حاتم الحضرات ويحضر لزيارته سلطانهم، ويحظى بحماية أمنية من الدولة.

 

أزياء تميز طائفة البهرة

وقبل التحدث عن العلاقة الطيبة التي تعتمدها طائفة البهرة مع الحكومات في الدول التي يتواجدون فيها، نعرج على الأزياء التي يظهر البهرة بخاصة في هذه الموالد وغيرها من الاحتفالات والمناسبات الدينية التي يحتفون بها مثل عيد مولد السلطان وهو الداعي المطلق أو كما يسمونه "مولاي".

 

وتتكون أزياء الرجال وأن كانوا يرتدون في العادةالزي اليمني المألوف من الجبة وهي رداء أبيض أو رمادي مع ارتداء الكوفية البيضاء المزينة باللونين الأحمر والذهبي، فيما ترتدي النساء رداء يشبه أزياء الهنود ويتكون من قطعتين علوية تغطي الشعر وتنسدل على الكتفين حتى الساعد وأخرى سفلية طويلة تغطي الجزء الأسفل من الجسم، مع كشف الوجه، وغالباً ما تكون ملابسهم بلون موحد أما سماوي أو زهري فاتح.

 

وهذه الأزياء لا تميز البهرة في اليمن فقط ولكنها الزي الموحد لكل التابعين لطائفة البهرة على مستوى العالم.

 

الزواج ضمن الاحتفالات

في العادة وضمن الاحتفالات الخاصة بطائفة البهرة يتم عمل الأعراس الجماعية لأبناء الطائفة، ومن المعروف لديهم أنهم يتزواجون فيما بينهم ولا يوافق على أن تتزوج الفتاة من شخص ليس من أبناء الطائفة إلا إذا ما أصرت على ذلك، لكنهم يشترطون أن يتم عقد الزواج لديهم ووفقاً لمذهبهم وبمعرفتهم.

 

ومهور نساء البهرة محددة ومتعارف عليها بينهم وهي مبالغ رمزية مقارنة مع تكاليف الزواج في اليمن بصورة عامة، ويسمى المهر لديهم "الرسم الصيفي- رسم البهرة".

 

كما تتولى لجنة تعرف بجمعية تييسر النكاح والزواج تكاليف العرس سواء كان جماعياً أو فردياً إعداد ولائم الزفاف الي ترتيب تفاصيل الزواج، وذلك كله علي نفقات الجمعية، كما توفق هذه الجمعية بين طرفي أسرتي الراغبين في الزواج حال اختلافهما أو حصول الرفض.

 

وبحسب عديد مصادر فإن السلطان هو من يقدم الدعم المالي للجمعية لإتمام هذه المراسيم، كما تقام الأعراس الجماعية غالباً في الموالد الخاصة بهم أو في الاحتفاء بعيد مولده حيث يحرص اتباعه علي ان يتم تزويج ابنائهم وبناتهم بحضوره وذلك لزيادة البركة.

 

علاقتهم بالحكومات

وعودة إلى الحماية الأمنية التي توفرها الدول لتابعي البهرة والخصوصية التي تحظى بها زيارة السلطان بخاصة إلى اليمن وتحديداً إلى منطقتي جبلة وحراز والأخيرة تحظى بمكانة دينية كبيرة لديهم لارتباطها بمعتقداتهم.

 

فإن طائفة البهرة تحرص على خلق علاقات جيدة مع حكام الدول وطالما ظهر السلطان الخاص بهم سواء برهان الدين أو الحالي مفضل سيف الدين في صور تذكارية مع رؤساء عدد من الدول العربية والإسلامية، وحظيت طائفتهم بالتقدير من الحكومات لمسالتهم وعدم تدخلهم في المسائل السياسية.

 

وفي اليمن تتمتع تلك الطائفة شأنها شأن العديد من الطوائف الدينية الموجودة في اليمن بحرية كفلها الدستور، وطالما ظهر السلطان برهان الدين في صور مع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، كما حظي وصوله إلى اليمن بإستقبال رسمي ومواكب ضخمة.

 

إشاعات تنال من طائفة البهرة

ورغم تلك الحماية الدستورية والتعامل الرسمي مع الطائفة إلا أن ذلك لم يحميهم من الإشاعات حالهم حال الطوائف الأخرى في اليمن، فألصقت بهم التهم وساعد في ذلك تحفظهم على كتبهم يتداولونها بينهم بصورة حصرية وطقوسهم التي لا يحضرها سواهم أو سمحوا له بالمشاركة بعد التأكد من هويته.

 

ويقول أبناء البهرة أن هذه الإشاعات والمتعلقة بممارستهم المحرمات في تجمعاتهم الدينية والاختلاط بين النساء والرجال، تعود إلى حكم الأمام حميد الدين وسعيه إلى محاربتهم كطائفة دينية في اليمن، وأشاع أنهم طائفة خارجه عن الإسلام وان لها معتقدات مخالفة للدين الاسلامي.

 

ويكشف أحدهم في لقاء له ضمن تحقيق أجرته صحيفة الراية القطرية منذ أعوام أنهم يجتمعون في ليلة "القادورية" وهي ليلة القدر في رمضان.. لكن الناس كانوا يصدقو ما يقوله الإمام وآل حميد الدين من خرافات ألصقت هذه التهمة بأبناء طائفة البهرة .

 

وأضاف بأنهم يلتقون للصلاة من بعد صلاة العشاء وحتي الفجر:"ومن يقل اننا نجتمع رجالا ونساء فعليه ان يحضر للصلاة معنا حيث ان كل جوامعنا مبنية من دورين (طابقين)  الدور الأرضي مخصص جامع للرجال والدور الثاني مخصص للنساء".

 

ويحافظ البهرة على هذا الفصل بين الرجال والنساء في جميع المناسبات والتي تجري بعضها في "الفيض الحاتمي" وهو أحد المزارات الأساسيى لطائفة البهرة ويوجد في مدينة حدة في العاصمة صنعاء.

 

معتقداتهم الدينية

وحسب عديد مصادر فأنهم يضيفون لأركان الإسلام ركنين آخرين لتصبح سبعة وهي لديهم بجانب الشهادتين الصلاة٬ والزكاة٬ والصيام٬ والحج٬ والولاية٬ والطهارة.

 

كما أنهم يجمعون بين فروض الصلاة فيصلون الظهر والعصر سوياً والمغرب والعشاء سوياً، ولا يؤدون صلاة الجمعة ويصلونها ظهر، ويصلون العيد بدون خطبة أربع ركعات، ويؤخذ عليهم أنهم لا يقيمون الصلاة في مساجد المسلمين ويذهبون إلى مكة للحج لكنهم يقولون إن الكعبة هي رمز علي الإمام!

 

 وهذا ما لم يتسنى لـ"اليمن العربي" التأكد منه لكنه متدوال فيما كتب عن هذه الطائفة.

 

وبجانب ذلك تأخذ بعض الجهات الأخرى من الطوائف والمذاهب في اليمن خضوعهم لمن يسمونه الداعي المطلق السلطان، إذا يأتمرون بكل ما يأمرهم به وينتهون عن كل ما يمنعهم عنه.

 

سلطان البهرة الحالي

وهذا ما لا ينكره البهرة فهم محكومين بنظام واحد يسرى على جميع أعضائها في كل أنحاء العالم، إذ يأتمرون للسلطان ويطيعونه في كل أوامره دون أدني مناقشة، كما يربون أبنائهم على ذلك أي طاعة السلطان، نبذ العنف بكل أنواعه وصوره، فهم مسالمون وينئون بأنفسهم عن المعترك السياسي.

 

وحسب ما يعتقده أبناء طائفة البهرة وتنص على ذلك كتبهم انه لا يتولى زعامتهم سلطان جديد الا بنص وتوقيف وتعيين له من السلطان الراحل، وسلطان البهرة الحالي هو مفضل سيف الدين هو الابن الثاني لوالده سلطان البهرة الراحل الدكتور محمد برهان الدين، وقد عينه والده خلفاً له قبل وفاته بسنيتن عام 2011.

 

وتم ذلك في مدينة بومباي أمام مئات الالاف من أبناء الطائفة ، حين رآه متقنا ومتفننا في جميع العلوم والفنون، متفردا في شؤون الزعامة ، جديرا بحسن السياسة والتدبير.