وزير التسامح والتعايش الإماراتي: الإسلام كان ولا يزال مصدراً لمنظومة القيم والمبادئ

عرب وعالم

اليمن العربي

قال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش الإماراتي، إن الإسلام كان ولا يزال مصدراً لمنظومة القيم والمبادئ.

 

وقال الشيخ نهيان بن مبارك في كلمته بمؤتمر "الوحدة الإسلامية.. المفهوم، الفرص والتحديات"، الأحد: "أعبر لكم عن سعادتي البالغة، لما يمثله هذا المؤتمر، من تجمع مرموق، لنخبة متميزة، من مفكري الأمة الإسلامية، الذين يمثلون بآرائهم، ومداخلاتهم، مستويات رفيعة، من التفكير الجاد والملتزم، والخبرة العريضة، بالواقع، والتاريخ، والمستقبل الذي نرجوه، في المجتمعات المسلمة".

 

وأضاف: "نرحب كثيراً، بانعقاد هذا المؤتمر، هنا في الإمارات، هذه الدولة، التي تمثل الآن، نموذجاً مرموقاً، للتعامل الناجح، مع البيئة الدولية المتغيرة، ونقطة جذب وتطلع، لكافة الأفراد والجماعات، على اختلاف أجناسهم وتوجهاتهم، وذلك في ظل قيم ومبادئ إسلامية أصيلة، وفي إطار رؤية صائبة، لتحقيق وحدة المجتمع، والتواصل الناجح مع الآخرين، والإسهام النشط، في كافة إنجازات التطور في العالم".

 

وتابع: "لقد أدركنا في الإمارات منذ البداية، ومن خلال النظرة الرائدة، لمؤسس دولة الإمارات، المغفور له الوالد، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وبفضل القيادة الحكيمة، للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، وإخوانه قادة الوطن المخلصين، أن نجاح التنمية الوطنية في الإمارات، مرهون بوجود تفهم كامل، للظروف العالمية المحيطة بنا، مع إصرار قوي، على أن يكون لنا دور مهم، في تشكيل هذه الظروف، وتحديد أنماط التطور المستقبلي فيها، خاصة وأن النظام الدولي الآن، يتسم بتداخل المصالح، وتشعب العلاقات، وتدويل كافة عناصر النشاط الإنساني، بل والحاجة كذلك، إلى تنمية مبادئ التعاون، والأخوة، والتعايش ، في جميع أركان العالم".

 

وأكمل: "إنني آمل، أن تسمحوا لي، أن أضع أمامكم، بعض الملاحظات، حول موضوع هذا المؤتمر، أضعها أمامكم كشخص غير متخصص، يهتم بالجوانب العملية، للوحدة الإسلامية، ودورها المرتقب، في أن يكون المسلمون، بالفعل، فاعلين حقيقيين، في مسيرة العالم".

 

وتابع: "ملاحظاتي المتواضعة هي أولاً: إن موضوع الوحدة الإسلامية، هو موضوع مهم بلا جدال، في ضوء ما تشهده المجتمعات المسلمة، من تحديات جسيمة، تهدد وجود بضعها، في عدد من الأحيان، وهي تحديات نشأت نتيجة عوامل داخلية، أو بسبب قوى خارجية، تسعى إلى إعادة تشكيل مسيرة الأمة كلها – هذا ، وفي الوقت نفسه، نلاحظ أن الظروف الدولية ، في تطور دائم ، وأنه هناك فرصاً مواتية، كي تأخذ الأمة الإسلامية، موقعها اللائق بها، في هذا العالم".

 

وقال "إنه يتبادر إلى ذهني عدد من التساؤلات، أضعها أمامكم، ومنها بالذات: ما هو المقصود بالوحدة الإسلامية: ما هي عناصرها؟ ما هي المؤسسات التي تدعمها؟ ما هو ارتباطها، بمفهوم الهوية الإسلامية، والحفاظ عليها، في ظل التطورات العالمية المتلاحقة؟ ما هو دور الوحدة الإسلامية، في تعزيز قدراتنا، على التعامل الناجح مع الآخرين؟ بل ما هو دورها أصلاً، في تمكين المجتمعات المسلمة، من التقدم والنماء، وتحقيق الأمن والأمان، والأخذ بالحلول السلمية، للصراعات والنزاعات؟ كيف تسهم الوحدة الإسلامية، في أن يكون لنا تأثير مهم، في مسيرة العالم، نهتم بقضاياه المشتركة، مثل قضايا الإرهاب، وتغير المناخ، والأمن الغذائي ، ومكافحة الأوبئة والأمراض؟ ما هو دور النخبة، ودور رجال الدين، ودور قادة المجتمعات المسلمة، في هذا المسعى؟ ما هو دور مراكز البحوث، ومؤسسات التعليم؟ ما هو دور الإنسان في المجتمعات المسلمة، وما هي سُبل تطوير معارفه وقدراته، كي يساهم بفعالية ، في تحقيق هذه الوحدة المنشودة؟ كيف يكون هذا الإنسان، بفكره وسلوكه، نموذجاً وقدوة، للمواطن الصالح، الذي يرتبط على نحوٍ وثيق، بمسيرة وطنه ومجتمعه، ويسهم في الوقت ذاته، في حركة التطور، في العالم من حوله؟".

 

 

وأضاف: "أضع أمامكم هذه التساؤلات، أيها الإخوة والأخوات، انطلاقاً من قناعة كاملة، بأننا الآن، وأكثر من أي وقتٍ مضى، في حاجة ماسة، إلى استراتيجية شاملة وواضحة، لتحقيق الوحدة الإسلامية، تركز على دورنا، في تشكيل عناصر حياتنا، سواء داخل المجتمع الإسلامي الواحد، أو في علاقات هذه المجتمعات بعضها ببعض، ولنتذكر دائماً، أن قدراتنا على التعامل مع العالم المحيط بنا، إنما هي بالدرجة الأولى ، انعكاس للقوة الذاتية، للمجتمعات المسلمة، وبقدراتها كذلك، على أن تصبح قوة عالمية ، لها مكانتها المرموقة، ودورها الفاعل، في مسيرة العالم".

 

وأضاف: "الملاحظة الثانية ، التي أعرضها أمامكم، هي أنني كشخص غير متخصص ، عندما أسمع عبارة "الوحدة الإسلامية"، يتبادر إلى ذهني ، على الفور، أن الإسلام كان دائماً، ولا يزال، وهو المحرك الأساسي، في تطور المجتمعات المسلمة – الإسلام كان دائماً، ولايزال، مصدراً لمنظومة القيم والمبادئ ، التي تحقق العدل، والحرية، والحياة الكريمة للفرد، والتقدم والرخاء للمجتمع – الإسلام دينٌ يسكن في العقل والوجدان، وهو دين عِلْم ومعرفة، وبحث وتفكير واستكشاف".

 

وتابع: "إن علينا، أيها الإخوة والأخوات، واجباً ومسؤولية، في أن يكون ذلك كله، أساساً للوحدة الإسلامية المنشودة – بعض الكُتاب المغرضين في الغرب، يرون في الإسلام، تحدياً للنظام الدولي، مع أن أي شخص منصف، يستطيع أن يرى في الإسلام، طريقاً أكيداً، إلى الحياة السليمة، وإلى التنمية الناجحة والمستدامة، وكيف أنه دعوة حق ووحدة وأخوة، للناس جميعاً – إن علينا واجباً ومسؤولية، أن ندرس، وأن نحاور، وأن نفكر، في الموقع الاستراتيجي للعالم الإسلامي، في النظام الدولي القائم، كيف نغير ما نراه الآن، من ظواهر الإسلاموفوبيا، وما نلمسه من توجهات بغيضه، لدى جهات معينة، للإساءة للإسلام والمسلمين كيف نحقق الإفادة الكاملة، من تجاربنا الناجحة، التي تجسد وحدة المجتمعات المسلمة، وقدرتنا على التعاون والعمل المشترك، بالإضافة ، من جانب آخر ، كيف لنا أن نتعلم الدروس، من التجارب والأحداث، التي لم تكن، لسبب أو لآخر، مجالاً ناجحاً تماماً، للتعاون المرجو أو المستهدف؟، كيف لنا أن نواجه ما نشهده على أرض الواقع، من حدوث تفكيك طائفي، في بعض المجتمعات المسلمة، واتخاذ البعض للدين الحنيف، ستاراً لأعمال إرهابية، أو سلوكيات عدوانية ؟ كيف نجعل مصلحة الأمة دائماً، فوق مصلحة الأفراد، وفوق مصلحة الجماعات والطوائف".

 

وأكد أن "مكانتنا في هذا العالم، إنما تتوقف على قدرتنا على إدارة شؤوننا بكفاءة، وعلى مدى إسهاماتنا في مسيرة البشرية، دونما تشدد أو تعصب، أو عنف أو تحيز، نتعامل مع الآخرين، معاملة الند والنظير، وعلى قدم المساواة".

 

وقال: "الملاحظة الثالثة والأخيرة، أضعها أمامكم، بصفتي وزير التسامح والتعايش، في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأؤكد لكم فيها، أن علينا، ونحن أمةً وسطا، أن نأخذ في مجتمعاتنا، بثقافة إسلامية مستنيرة، تستوعب الزمان والمكان والحياة، علينا أن نأخذ دائماً، بثقافة الوسطية والاعتدال، التي قوامها العلم، والعمل، والسلوك القويم، ثقافة تجمع ولا تفرق ، ثقافة قوامها المحبة ، والتعاون ، وأن الناس جميعاً ، أخوة في الإنسانية ، دونما تفرقةٍ أو تمييز".

 

واختتم: "إنني أؤكد أمامكم اليوم ، أن التسامح والأخوة الإنسانية، هما الطريق إلى تحقيق الوحدة بين أفراد المجتمع، وهما كذلك، الطريق إلى ترشيد علاقاتهم، مع الآخرين، في العالم، وهنا أشير باعتزاز كبير، إلى وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، التي صدرت خلال الزيارة التاريخية، للإمارات، في عام 2019، لفضيلة الإمام الأكبر ، الشيخ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرانسيس ، وهي الزيارة التي دعا إليها، ورعاها بحكمةٍ وفكرٍ مستنير، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي ، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإمارات، تأكيداً منه أننا في الإمارات، نحترم الإنسان في كل مكان، ونعمل بكل جد ، على تطوير العلاقات الإيجابية بين الجميع ، ونسعى باستمرار، إلى تحقيق التواصل، ووحدة الهدف، والعمل المشترك، بين الناس ، كل الناس".

 

وقال: "آمل، أن يكون هذا المؤتمر، مناسبة مواتية، نطلق فيها صيحة عالية، بأننا ولله الحمد، أمة قادرة على التعامل الناجح، مع معطيات العصر – أمة واحدة، قوية بما فيها من تنوع وتعددية – أمة تواجه التحديات، يداً بيد، قادرة تماماً، على السير قدماً، بعزمٍ وتصميم، نحو تحقيق نموذج ناجح ، للوحدة الإسلامية، يثري الحياة في مجتمعاتنا، ويؤكد دورنا المهم ، في مسيرة البشرية كلها".

 

وانطلقت، الأحد، فعاليات مؤتمر "الوحدة الإسلامية.. المفهوم، الفرص والتحديات"، بأبوظبي، تزامنا مع الذكرى الرابعة لتأسيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة.

 

ويأتي المؤتمر برعاية الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش في دولة الإمارات، ويستمر حتى الإثنين 9 مايو/أيار الجاري.

 

ويستضيف المؤتمر مشاركين من أكثر من 150 دولة من جميع مناطق العالم، ويناقش موضوع "الوحدة الإسلامية.. المفهوم، الفرص والتحديات" وذلك في مركز أبوظبي الوطني للمعارض.