الدين الخارجي فوق 145 مليار دولار.. هل تفلس مصر؟

اقتصاد

اليمن العربي

تخطى الدين الخارجي المصري حاجز 145 مليار دولار، وأصبح السؤال الذي يطرحه الملايين هو هل تفلس مصر؟ مثلما حدث مع اليونان ولبنان وسريلانكا.

 

وارتفع الدين الخارجي نهاية الربع الثاني من العام المالي الجاري ليسجل 145.5 مليار دولار بزيادة بلغت 8.1 مليار دولار عن الربع السابق له من نفس العام، بحسب بيان البنك المركزي المصري.

 

وللإجابة على سؤال هل تفلس مصر؟، علينا أن نلقي الضوء على مفهوم إفلاس الدول، وهو بحسب معهد تمويل الشركات، إفلاس الدولة يعني فشل الحكومة في سداد مدفوعات أقساط الدين والفائدة عند استحقاقها. وقد يكون الفشل في سداد الديون المستحقة للدائنين مصحوبًا بإعلان رسمي من الحكومة بأنها لن تسدد الديون المستحقة، أو قد يحدث أحيانًا بدون أي إعلان رسمي.

 

ولكن عبارة "البلد في طريقه إلى الإفلاس" هي عبارة خاطئة بالتأكيد. فعندما تفشل دولة ما في سداد ديونها، فإنها في الواقع لا تفلس، بل تتخلف عن سداد الدين. ومن يتخلف عن السداد هو الحكومة، أي السلطة التنفيذية، وليس الدولة بأسرها.

 

وثمة أسباب مختلفة تجعل الدولة تتخلف عن السداد، بما في ذلك الحركة العكسية للتدفقات المالية العالمية وعدم كفاية الإيرادات لسد احتياجات الدولة، والتعثر عن السداد.

 

مثال على ذلك، كان سبب تخلف جامايكا عن سداد قرض بقيمة 7.9 مليارات دولار عام 2010، الإفراط في الإنفاق الحكومي وتراجع السياحة التي تُعد أهم قطاعات البلاد.

 

وفي حال تعثر الدولة عن السداد، يتم التحفظ على أملاكها الواقعة خارج حدودها وليس داخلها، كما يتم حل الحكومة في أغلب الأحيان وتشكيل حكومة جديدة، بالإضافة إلى إعادة هيكلة الديون مع الدائنين ومد فترات السداد والفوائد، وإلزام الدولة المتعثرة بتطبيق برنامج إصلاح اقتصادي.

 

لماذا لن تفلس مصر؟

 

إن مصر لن تفلس لأنّ الاقتصاد المصري متنوع ولديه قطاعات تستطيع المقاومة، كما تتمتع مصر بتعدد مصادر النقد الأجنبي للبلاد، والاقتصاد المصري في أسوأ حالاته يحقق ما يقرب من 25 مليار دولار سنويا من قطاعات تحويلات العمالة الخارجية التي تأتي بإيرادات 13 مليار دولار، وقناة السويس 5 مليارات دولار والسياحة 9 مليارات دولار.

 

وفي إشارة أخرى على متانة الاقتصاد المصري، أكدت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، الخميس، تصنيف مصر عند "B+" مع نظرة مستقبلية مستقرة.

 

وقالت فيتش إن تصنيف مصر مدعوم بسجلها الأخير في الإصلاحات المالية والاقتصادية، واقتصادها الكبير ونموه القوي.

 

كما قالت وكالة ستاندرد آند بورز إنها أكدت تصنيف مصر عند "B/B" مع نظرة مستقبلية مستقرة.

 

وقال الدكتور فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، إنه رغم أن الدين الخارجي لمصر ما زال في الحدود الآمنة، حيث يمثل الدين الخارجي البالغ 145 مليار دولار بنهاية الربع الثاني من العام المالي الجاري 2021/ 2022 حوالي 30% من حجم الناتج المحلي الإجمالي لمصر والذي يبلغ 460 مليار دولار، إلا أنه يواجه 3 تحديات رئيسية، وهي أولًا ارتفاع تكلفة الاقتراض بعد اتجاه البنوك المركزية العالمية لزيادة أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، ثانيًا صعوبة الاقتراض من المانحين والمؤسسات الدولية بعد ارتفاع حجم الدين، ثالثًا التأثير سلبيًا على التصنيف الائتماني لمصر.

 

وحققت مصر فائضا أوليا بنسبة 1.46% من الناتج المحلي الإجمالي للعام المالي 2020/2021، تم استخدامه في تمويل جزء من فوائد الدين العام، مما أسهم في خفض العجز الكلي إلى 7.4% من الناتج المحلي، بحسب تصريحات لوزير المالية محمد معيط.

 

وأشار الفقي، في تصريحات صحفية، إلى توصيات مجلس النواب للحكومة، خلال مناقشة وزير المالية الحساب الختامي للموازنة للعام المالي 2020/2021 هذا الأسبوع، بضرورة استغلال المنح والقروض التي تحصل عليها من الخارج في تمويل مشروعات ذات عائد ووفقا لجدول زمني محدد، ووضع حد أقصى لسقف الدين.

 

وتابع أن وزير المالية رد بأن الحكومة شكلت لجنة لدراسة ملف الاقتراض من الخارج ليكون في أضيق الحدود، وأن يقتصر الأمر فقط على المشروعات القومية، والتي تحقق عائدا يسهم في زيادة نمو الناتج المحلي بشكل أسرع من نمو الدين، بجانب استمرار العمل باستراتيجية لخفض الدين العام على المدى المتوسط، ومد آجال استحقاق الديون.

 

ولفت رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب إلى أن خفض حجم الدين الخارجي يتطلب زيادة النقد الأجنبي من موارده الخمسة الأساسية وهي التصدير وتحويلات العاملين بالخارج والسياحة وإيرادات قناة السويس والاستثمار الأجنبي المباشر، مضيفًا أن تحقيق نمو في هذه الموارد يتطلب تحفيز الصناعة بغرض التصدير، مستغلة خفض سعر صرف الجنيه، وتشجيع فتح أسواق جديدة للسياحة بالتعاون مع شركات سياحة عالمية، وعدم الاعتماد فقط على السياحة الروسية والأوكرانية والتي تمثل 30% من السياحة الواردة لمصر، وتنويع المنتج السياحي، بالإضافة إلى تعظيم العائد من قناة السويس والمنطقة الاقتصادية المحيطة بها.

 

وحققت مصر أعلى حجم صادرات في تاريخها ليصل إلى 45.2 مليار دولار عام 2021، مقسمة بين 32.340 مليار دولار صادرات غير بترولية، و12.9 مليار دولار صادرات بترولية، وتعمل الحكومة على تنفيذ توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بضرورة تخطي الصادرات المصرية حاجز الـ 100 مليار دولار، خلال الفترة القصيرة المقبلة.

 

وأكد فخري الفقي ضرورة تركيز الحكومة على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر، في ظل ما تتمتع به من مزايا تنافسية سواء الاستقرار السياسي والأمني مقارنة بالمنطقة، أو حجم الفرص الاستثمارية بأنشطة مختلفة، ومصر تستحق جذب استثمارات أجنبية مباشرة لا تقل عن 30 مليار دولار سنويًا، مشيرًا إلى ضرورة جذب استثمارات من دول الفائض المالي مثل الدول الخليجية، والتي تبحث عن استغلال ثرواتها في تعظيم العائد وتنويعه.

 

وعانت مصر من انخفاض في حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي بعد خروج الاستثمار الأجنبي غير المباشر بعد رفع أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي، وخصصت الدول الخليجية 22 مليار دولار استثمارات وتمويلات لمصر لمساندتها على مواجهة انخفاض السيولة الدولارية، أبرزها إيداع المملكة العربية السعودية 5 مليارات دولار في البنك المركزي المصري.

 

خطة إنقاذ الاقتصاد المصري

 

وأيد عمرو حسين الألفي، رئيس قسم البحوث بشركة برايم لتداول الأوراق المالية، أهمية تشكيل لجنة حكومية لترشيد الاقتراض من الخارج، مطالبًا بوضع حد أقصى لسقف الاقتراض الخارجي لمصر أسوة بالولايات المتحدة الأمريكية، التي وضعت حد أقصى لسقف الاقتراض، وحال تجاوزه يتم الخضوع لموافقات عدة قبل الحصول عليه، وفي الوقت نفسه أن تضع الحكومة المصرية أولويات معلنة للمشروعات التي تقترض من الخارج، من خلال وضع خطط وآليات متنوعة لتمويل المشروعات.

 

وأشار الألفي، في تصريحات صحفية، إلى ضرورة تركيز الحكومة خلال الفترة المقبلة على ملفين، الأول جذب استثمارات أجنبية مباشرة تسهم في زيادة حصيلة النقد الأجنبي وإنشاء مشروعات ترفع من الناتج المحلي الإجمالي، ثانيًا التركيز على ملف التصدير وخفض الواردات، منوهًا إلى ضرورة البحث عن إنتاج وتصنيع بعض مستلزمات الإنتاج محليًا لخفض فاتورة الواردات والحفاظ على موارد النقد الأجنبي.

 

وتراجع الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية إلى 37.082 مليار دولار بنهاية مارس/آذار الماضي، مقابل 40.99 مليار دولار بنهاية فبراير/شباط السابق عليه، نتيجة استخدام جزء من الاحتياطي لتغطية احتياجات السوق المصري من النقد الأجنبي وتغطية تخارج استثمارات الأجانب والمحافظ الدولية وكذلك لضمان استيراد سلع استراتيجية، بالإضافة إلى سداد الالتزامات الدولية الخاصة بالمديونية الخارجية للدولة، بحسب البنك المركزي المصري.