أزمة سريلانكا تستعر بعد رتفاع أسعار الوقود

اقتصاد

اليمن العربي

رفع أسعار الوقود في سريلانكا، هو أحدث القرارات التي تعكس الوضع المتأزم في البلاد، بعد إعلانها التخلف الفوري عن سداد ديونها الخارجية.

 

,رفعت شركة كبرى للوقود في سريلانكا الأسعار بنسبة 35% اليوم، الإثنين، في وقت يتوقع بأن تطلق الحكومة محادثات مهمة مع صندوق النقد الدولي للاتفاق على حزمة إنقاذ.

 

وتشهد سريلانكا أسوأ أزمة اقتصادية منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1948. وأدى ذلك إلى نقص في الوقود والغذاء والأدوية الأساسية.

 

وأعلنت "لانكا آي أو سي" Lanka IOC، التي تبيع الوقود بالتجزئة وتشكّل ثلث السوق المحلي، أنها رفعت سعر الديزل بـ75 روبية إلى 327 لليتر بينما تم رفع البترول بـ35 روبية إلى 367 روبية (1,20 دولارا).

 

ولم ترفع "شركة سيلان للبترول" Ceylon Petroleum Corporation، التي تساهم في ثلثي السوق وفرضت قواعد لتقنين استهلاك الوقود الأسبوع الماضي، أسعارها فورا، لكن لم يكن من الممكن العثور على الوقود في معظم محطات البنزين.

 

وذكرت "لانكا آي أو سي"، الفرع المحلي لـ"شركة النفط الهندية" أن التراجع الكبير في قيمة العملة المحلية أجبرها على رفع الأسعار مجددا، بعد ثلاثة أسابيع على زيادتها بنسبة 20 في المئة.

 

 

ومنذ مطلع العام، ارتفعت أسعار البترول بنسبة 90 في المئة، بينما ارتفع الديزل المستخدم عادة في المواصلات العامة بنسبة 138 في المئة.

 

وقالت الشركة إن "خسارة الروبية أكثر من 60 في المئة من قيمتها خلال الشهر الأخير أجبر +لانكا آي أو سي+ على رفع أسعار بيع التجزئة مجددا وهو أمر سيدخل حيّز التنفيذ اعتبارا من اليوم".

 

وجاءت الزيادة في وقت ترأّس وزير المال السريلانكي الجديد علي صبري وفدا إلى واشنطن سعيا للحصول على ما بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي لتجاوز أزمة ميزان المدفوعات وتعزيز الاحتياطات المستنفدة.

 

وأعلنت الحكومة الأسبوع الماضي تخلفا سياديا عن سداد ديونها الخارجية الضخمة بينما أكدت بورصة كولومبو تعليق التداول لمدة خمسة أيام اعتبارا من الإثنين في ظل المخاوف من انهيار السوق.

 

وأعلنت سريلانكا يوم الثلاثاء الماضي نيتها التخلف فورا عن سداد ديونها الخارجية البالغة قرابة 51 مليار دولار.

 

 

تعد نصف ديون سريلانكا تقريبا قروضا من السوق بشكل سندات سيادية دولية، أحدها بقيمة مليار يورو يُستحق في 25 يوليو/تموز المقبل.

 

والصين هي أكبر دائني سريلانكا وتمتلك قرابة 10% من الدين الخارجي للجزيرة أي أكثر من 5 مليارات دولار، تليها اليابان والهند.

 

وقد استدانت الحكومة مبالغ كبيرة من بكين منذ 2005 لمشاريع بنى تحتية عملاقة، كما أجّرت سريلانكا مرفأها هامبنتوتا إلى شركة صينية في 2017 بعد تعثرها عن خدمة الدين البالغ قيمته 1.4مليار دولار المستحق لبكين، والمستخدم لتشييده.

 

 

وأثار ذلك مخاوف دول غربية والجارة الهند من أن تكون الدولة الواقعة في جنوب آسيا تقع ضحية فخّ ديون.

 

وواجهت الحكومة السريلانكية صعوبات في تسديد الدين الخارجي وجاء قرار التخلف قبيل مفاوضات حول اتفاق انقاذ مع صندوق النقد الدولي سعيا للحؤول دون تعثر متكرر أكثر خطورة من شأنه أن يجعل سريلانكا تتخلف كليا عن سداد ديونها.

 

وقال حاكم البنك المركزي ناندال فيراسينغي للصحفيين في كولومبو "فقدنا القدرة على تسديد الدين الخارجي".

 

وأضاف "هذا تخلف وقائي عن السداد تم التفاوض بشأنه. أبلغناه للدائنين".

 

ويقول المسؤولون إن من شأن القرار تحرير مبالغ بالعملة الأجنبية لتمويل استيراد مواد غذائية ووقود وأدوية ضرورية جدا بعد أشهر من نقصها.

 

أزمة  عميقة

وتمر سريلانكا بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها وتشهد تظاهرات واسعة تطالب باستقالة الحكومة.

 

وبدأت تداعيات الأزمة الاقتصادية المتصاعدة في سريلانكا بالظهور بعد أن نسفت جائحة كورونا عائدات السياحة والتحويلات الخارجية.

 

وكانت سريلانكا في الأساس تشهد أزمة اقتصادية عميقة عندما ظهر كوفيد الذي أدى إلى تراجع التحويلات المالية من العمال المقيمين في الخارج وشل قطاع السياحة الذي يشكل مصدرا رئيسيا لضخ العملات الأجنبية في اقتصاد البلاد.

 

وفرضت الحكومة حظرا واسعا على الواردات في مارس/آذار 2020 لتوفير العملات الأجنبية، وباتت اليوم تعاني تضخما قياسيا.

 

والبلد التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة، تعاني أزمة اقتصادية "غير مسبوقة" تتسم بنقص الغذاء والوقود وانقطاع التيار الكهربائي وتضخم متسارع وديون هائلة، في أسوأ ركود منذ استقلالها عام 1948.

 

غير أن نقص السلع أعقبه غضب شعبي. ولقي 8 أشخاص على الأقل حتفهم خلال انتظارهم في طوابير للحصول على الوقود، منذ 20 مارس آذار.

 

وكانت حشود قد حاولت اقتحام منازل مسؤولين حكوميين، قبل أن تفرقهم قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاط.

 

وتفاقمت هذه الأزمة مع صدور سلسلة من القرارات المالية السيئة وإثر سنوات من الاستدانات المتراكمة، حسب خبراء اقتصاديين.

 

والعام الماضي، خفّضت الوكالات الدولية تصنيف سريلانكا، ما منع هذه الأخيرة من الوصول إلى أسواق رؤوس المال الأجنبية للحصول على قروض ضرورية لتمويل عملياتها لاستيراد السلع الغذائية والوقود والأدوية.

 

قالت وزارة المال السريلانكية إن إعلان التخلف عن السداد هو "حلّ أخير، بهدف تجنّب تدهور جديد للوضع المالي في الجمهورية".

 

وأضافت أن بإمكان الدائنين رسملة الدفعات المستحقة أو اختيار الحصول على أموالهم بالروبية السريلانكية.

 

وتسعى الحكومة للحصول على قرابة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي للسنوات الثلاث القادمة لإنعاش الاقتصاد، على ما أعلن وزير المال علي صبري أمام البرلمان الجمعة.

 

وقال مسؤولو الوزارة الأسبوع الماضي إن الحكومة تعدّ برنامجا لحاملي السندات السيادية وغيرهم من الدائنين يقضي بالاقتطاع من الودائع في المصارف وتجنب مزيد من التدهور المالي.

 

وطلبت سريلانكا من الهند والصين تخفيف دينها، إلا أن هاتين الدولتين فضلتا منحها المزيد من خطوط الائتمان التي تسمح لها بشراء المواد الأساسية.

 

وتشير التقديرات إلى أن سريلانكا بحاجة إلى 7 مليارات دولار لخدمة دينها العام هذا العام، مقابل 1,19 مليار دولار فقط من مبالغ الاحتياط في نهاية مارس آذار.