الحرب تلتهم المحاصيل الأوكرانية.. والعالم يترقب المجاعة الشاملة

اقتصاد

اليمن العربي

يمكن أن يتراجع إنتاج بعض أهم المحاصيل الأوكرانية بواقع النصف العام الجاري، مهددا مكانتها كمُصدِّر مهم ويفاقم أزمة الإمدادات العالمية.

 

مخاطر تعطل زراعة القمح

 

وتحدث الحرب الروسية-الأوكرانية في فترة مهمة للمحاصيل، فالمزارعون الأوكرانيون بدأوا للتو زراعة القمح وعباد الشمس، الذي يعرقل المضي قدما في زراعته الألغام الأرضية وقلة الوقود والسماد. وبالنسبة للقمح الذي تم البدء في زراعته قبل الحرب بشهور، فإن القوات تحتل جزءا من مناطق زراعته.

 

وبالنسبة للموانئ التي تم إغلاقها، فإن المزارعين يدرسون التحول إلى المحاصيل الملائمة أكثر للاستهلاك المحلي من التصدير، وحتى في هذه المرحلة المبكرة في موسم الزراعة يبدو أن الوضع كئيب، حيث يتوقع المحللون تراجع الإنتاج بما بين 30% و55% على حسب المحصول.

 

وتسبب اضطراب حركة الإمداد في زيادة أسعار المحاصيل العالمية إلى أعلى مستوى على الإطلاق الشهر الماضي، وأججت المخاوف بشأن الأمن الغذائي عبر الشرق الأوسط وأفريقيا، اللذين يضمان بعض أكبر مستهلكي الصادرات الأوكرانية.

 

وقال سيرجي فيوفيلوف، رئيس مؤسسة "أوكرأجروكونسلت" للأبحاث والاستشارات الزراعية يوم الأربعاء الماضي، إن القمح الذي تعتبر زراعته مكلفة نسبيا، يواجه إنتاجه غموضا شديدا، وتتوقع المؤسسة أن يصل المحصول إلى 19 مليون طن في ظل سيناريو زراعة متوسطة، أي أقل من نصف مستوى العام الماضي.

 

ومن ناحية أخرى، تعد توقعات مؤسسة "بارفا إنفست" الاستشارية أقل تفاؤلا، بواقع 29.5 مليون طن، وهذا يظل أقل بنحو 9 ملايين طن من تقدير ما قبل الحرب، وأقل بكثير من إنتاج عام 2021 القياسي الذي بلغ 41.9 مليون طن.

 

وقالت بارفا إن إجمالي إنتاج القمح قد يصل إلى 16.7 مليون طن، أي نحو نصف إنتاج العام الماضي.

 

ويمكن أن يتراجع إنتاج عباد الشمس إلى أقل من الطبيعي ليصل إلى ما بين 30% و40%، بحسب شركة ماكسي جرين للتجارة والخدمات الزراعية. وتشير تقديرات شركة "ايه بي كيه-إنفورم" للاستشارات الزراعية إلى أن إجمالي إنتاج الحبوب والبذور الزيتية تراجع إلى النصف بمقدار 53.3 مليون.

 

وكان وزير الزراعة الأوكراني رومان ليشتشينكو، قال في 22 مارس 2022 إن مساحة المحاصيل الربيعية في أوكرانيا قد تنخفض بأكثر من النصف هذا العام من مستويات 2021 إلى حوالي 7 ملايين هكتار مقابل 15 مليون هكتار كانت متوقعة قبل الحرب.

 

أوكرانيا منتج ومصدر زراعي عالمي رئيسي، وقد تؤدي الحرب إلى انخفاض حاد في محصول 2022 والصادرات في موسم 2022/23 القادم.

 

تشمل المحاصيل الربيعية الحبوب مثل الشعير والذرة، بالإضافة إلى محاصيل أخرى مثل بنجر السكر وعباد الشمس وفول الصويا.

 

وقال ليشتشينكو لرويترز "الخطة المعدلة تبلغ حاليا سبعة ملايين هكتار، سيكون هناك قدر أقل من الذرة، ولدينا مخزون كبير من الذرة، وكيفية تصديرها فيما بعد مسألة صعبة للغاية".

 

وأضاف ليشتشينكو أن المزارعين يمكن أن يزرعوا ما يصل إلى 3.3 مليون هكتار من الذرة هذا العام مقابل 5.4 مليون هكتار في عام 2021.

 

وأشار ليششينكو إلى أن المزارعين زرعوا ما مجموعه 6.5 مليون هكتار من القمح الشتوي لحصاد عام 2022، لكن المساحة المحصودة قد لا تزيد عن 4 ملايين هكتار بسبب الحرب في العديد من المناطق الأوكرانية. وقال الوزير الأوكراني "اليوم، أصبحت قضية الأمن الغذائي في المقدمة".

 

كانت أوكرانيا قد حصدت رقما قياسيا قدره 84 مليون طن من الحبوب في عام 2021، وتوقعت في البداية شحن 65 مليون طن من الحبوب للخارج، بما في ذلك 25.3 مليون طن من القمح و40 مليون طن من الذرة.

 

قالت شركة APK-Inform للاستشارات الزراعية الأوكرانية في نهاية هذا الأسبوع، إن تصدير القمح لن يتجاوز 18.3 مليون طن هذا الموسم ويمكن بيع 200 ألف طن فقط من السلعة في الفترة من مارس إلى يونيو.

 

وأوقفت أوكرانيا بالفعل صادراتها من الجاودار والشوفان والدخن والحنطة السوداء والملح والسكر واللحوم والماشية بسبب الحرب.

 

وقال ليششينكو إن الحكومة تدرس رفع شرط تراخيص تصدير الذرة وزيت الزيتون لأن مخزوناتها كافية.

 

وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي للبرلمان الإيطالي في مارس 2022 إن هجوم روسيا على أوكرانيا ينطوي على خطر إحداث مجاعة في دول حول العالم.

 

أرقام غير مسبوقة لأسعار الغذاء

 

ضرب الجنون أسعار الغذاء فيما يبدو أنه فصل جديد لأزمة غذاء خطرة يشهدها العالم جراء الحرب الروسية الأوكرانية وتوقف سلاسل الإمداد.

 

"صوامع مكتظة بالحبوب.. ولا بيع ولا شراء" إنه المشهد المتكرر في جميع مناطق الحزام الزراعي في أوكرانيا، بنحو 15 مليون طن من الذرة من محصول الخريف الماضي، معظمها كان ينبغي أن نراه مطروحاً في الأسواق العالمية حاليًا.

 

وتسببت الحرب الأوكرانية في اختناق سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار النقل واللجوء لمسافات أطول ومحطات ترانزيت أثناء عمليات نقل السلع، كل ذلك ترتبت عليه زيادة غير مسبوقة في أسعار السلع الغذائية.

 

وأوكرانيا وروسيا هما من أكبر 5 دول مصدرة للحبوب في العالم. حسب بعض التقديرات، لذا فإن الأمن الغذائي العالمي بات على المحك، حيث تبلغ قيمة التجارة الزراعية العالمية مع هذين البلدين نحو 1.8 تريليون دولار.

 

وتفيد الأرقام بأن أوكرانيا رابع أكبر مصدر للقمح وللذرة الصفراء على مستوى العالم، وصدرت وحدها 17% من كمية الذرة والشعير التي سوقت للتجارة العالمية في 2020، ذهب 40% منها إلى دول عربية فيما تعتبر روسيا مصدرا رئيسيا للقمح إلى مصر.

 

وبلغت أسعار السلع الغذائية العالمية "أعلى المستويات على الإطلاق" في مارس/آذار، في وقت عرقلت الحرب الروسية الأوكرانية صادرات القمح والحبوب، حسبما أعلنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) الجمعة.

 

وارتفع مؤشر أسعار السلع الغذائية لدى المنظمة بنسبة 12,6% بين فبراير/شباط ومارس/آذار "في قفزة عملاقة إلى أعلى مستوى جديد منذ بدء العمل به في 1990"، وفق المنظمة.

 

وعزت المنظمة الزيادة بشكل أساسي إلى مؤشر الفاو لأسعار الحبوب الذي "سجل ارتفاعا بنسبة 17,1% مقارنة بشهر فبراير/شباط مدفوعا بالزيادات الكبيرة في أسعار القمح وجميع الحبوب الخشنة، ويرجع ذلك أساسا إلى الحرب في أوكرانيا".

 

كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بسبب الزيوت النباتية التي قفز مؤشرها في منظمة الأغذية والزراعة بنسبة 23,2% مدفوعاً بارتفاع أسعار زيت عباد الشمس، الذي تعد أوكرانيا أكبر مصدر له في العالم.

 

في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار زيوت النخيل والصويا واللفت بشكل حاد "على وقع زيادة الطلب العالمي على الواردات بسبب الاضطرابات في المعروض من زيت عباد الشمس".