عودة سفير السعودية إلى لبنان.. رسائل ودلالات

عرب وعالم

اليمن العربي

دلالات ورسائل مهمة حملها قرار السعودية عودة سفيرها إلى لبنان بعد 5 شهور من سحبه، تصب مجملها في دعم لبنان وعدم تركه وحيدا في تلك الظروف.

 

دعم سياسي أخوي سعودي قوي سيكون له تبعات إيجابية على مختلف مناحي الحياة داخل لبنان، في تلك الظروف الحرجة التي يواجهها.

 

لكن حصد لبنان ثمار تلك المبادرة الأخوية الإيجابية سيكون رهنا بالتزامه بتنفيذ ما تعهد به رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي قبل نحو أسبوعين، والذي يدور في مجمله، بعدم تكرار مسببات الأزمة، التي تتركز حول تنامي نفوذ حزب الله المدعوم من إيران وسعيه والوزراء المقربين منه وأذرعه للإساءة والتطاول والإضرار بأمن المملكة.

 

ويأتي القرار السعودي في توقيت مهم لأكثر من سبب، فهو يأتي في وقت يعاني فيه لبنان واللبنانيون من أزمات متفاقمة، اقتصادية واجتماعية وسياسية.

 

ويوم الإثنين الماضي، أعلن نائب رئيس الحكومة اللبنانية سعادة الشامي في حديث تلفزيوني عن "إفلاس الدولة اللبنانية والمصرف المركزي"، مشيرا إلى أنه سيتم توزيع الخسائر على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين".

 

أيضا يأتي القرار في ظل استعدادات لبنان لإجراء انتخابات تشريعية في 15 مايو/أيار المقبل- تعقبها انتخابات رئاسية- ستجرى بغياب "تيار المستقبل"، الذي أعلن زعيمه سعد الحريري تعليق العمل السياسي، بالإضافة إلى غياب وجوه الطائفة السنية البارزين كرؤساء الحكومات تمام سلام ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة.

 

وبالتالي فإن القرار السعودي يدعم جهود حكومة ميقاتي لإخراج لبنان من أزمته، حيث سيكون له تداعيات اقتصادية وسياسية إيجابية، مع توقعات بأن تحذو بقية دول الخليج حذو السعودية وإنهاء المقاطعة الدبلوماسية للبنان، وهو ما بدأته الكويت بالفعل باتخاذ قرار بعودة سفيرها.

 

وأيضا تؤكد السعودية من خلال هذا القرار أنها لم ولن تترك لبنان في تلك الظروف الصعبة، وأنها تعمل بكل ما أوتيت من قوة لإعادته إلى عمقه العربي .

 

ويأتي كذلك القرار في ظل سعي سعودي خليجي إلى دعم الاستقرار والتهدئة في المنطقة، وهو ما تكلل بنجاح المشاورات اليمنية اليمنية التي عقدت في الرياض برعاية خليجية.

 

عودة السفراء

 

وأعلنت وزارة الخارجية السعودية مساء الخميس عودة سفيرها إلى لبنان.

 

وبينت أن ذلك يأتي استجابةً لنداءات ومناشدات القوى السياسية الوطنية المعتدلة في لبنان، وتأكيدًا لما ذكره رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، من التزام الحكومة اللبنانية باتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز التعاون مع المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي ووقف كل الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية التي تمس المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي.

 

وأكدت المملكة على أهمية عودة جمهورية لبنان إلى عمقها العربي متمثلةً بمؤسساتها وأجهزتها الوطنية، وأن يعم لبنان الأمن والسلام، وأن يحظى شعبها بالاستقرار والأمان في وطنه.

 

بدورها أعلنت وزارة الخارجية الكويتية مساء الخميس عودة سفيرها إلى لبنان.

 

وأوضحت الوزارة في بيان لها أن هذا القرار يأتي في ضوء التجاوب اللبناني مع المبادرة الكويتية الخليجية واستجابة للمناشدات التي أطلقتها القوى السياسية الوطنية المعتدلة في لبنان وتفاعلا مع الالتزام الذي قطعه رئيس الوزراء في لبنان باتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز التعاون مع دولة الكويت ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ووقف كافة الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية التي تمس دول مجلس التعاون الخليجي.

 

وأكدت وزارة الخارجية أهمية جمهورية لبنان وعودتها إلى محيطها العربي بكافة مؤسساتها وأجهزتها الوطنية، معربة عن الأمل بأن يعم الأمن والسلام لبنان.

 

محطات الأزمة

 

وتضررت العلاقات الخليجية مع لبنان بسبب تنامي نفوذ حزب الله المدعوم من إيران في بيروت والمنطقة، قبل أن تسبب تصريحات وزير الإعلام اللبناني المستقيل جورج قرداحي في أزمة دبلوماسية مع السعودية ودول الخليج، على خلفية دعمه الحوثيين، ما أدى إلى سحب السعودية والإمارات والكويت والبحرين سفرائهم ودبلوماسييهم نهاية أكتوبر الماضي.

 

وأعلنت الحكومة اللبنانية مرارا عن "رفضها" تصريحات قرداحي، ودعاه رئيسها نجيب ميقاتي أكثر من مرة لـ"تغليب المصلحة الوطنية"، في إشارة ضمنية إلى استقالته، إلا أن وزير الإعلام رفض الاعتذار، قبل أن يعود ويرضخ للضغوط ويقدم استقالته 3 ديسمبر الماضي.

 

وكانت السعودية، قد أعلنت في 29  أكتوبر الماضي استدعاء سفيرها في لبنان على خلفية مواقف مستهجنة ومرفوضة صادرة عن مسؤولين لبنانيين تجاه المملكة وسياساتها تتضمن افتراءات وقلبٍ للحقائق وتزييفها، صدر أحدثها آنذاك من جورج قرداحي وزير الإعلام اللبناني آنذاك أساء فيها لجهود السعودية في دعم الشرعية باليمن ودافع عن مليشيات الحوثي.

 

ومن باب الشفافية وحرصا على كشف الحقيقة أمام الرأي العام العربي والدولي، ومن باب جعل الباب مواربا لإعادة العلاقات حال قيام لبنان بتصويب سياساته، جاء بيان الخارجية السعودية مفسرا لتلك الإجراءات.

 

البيان شرح أسباب تلك الخطوات وأرجع ذلك لعدد من الأسباب، جميعها ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بمليشيا حزب الله الإرهابية، وتمادي مسؤولي لبنان الموالين له والمقربين منه في الإساءة للمملكة، فضلا عن ارتهان الدولة اللبنانية كلها للحزب الذي يعد دولة داخل الدولة.

 

الأمر الذي كانت نتيجته سياسات حولت تبعية لبنان للمحور الإيراني المعادي للسعودية والعرب، وجعلته يبتعد كثيرا عن حاضنته العربية والخليجية، ويرهن إرادة الدولة وسيادتها وسياستها الخارجية بأيدي حزب الله الإرهابي.

 

كان من بين تلك الأسباب عدم اتخاذ لبنان الإجراءات التي طالبت بها المملكة العربية السعودية لوقف تصدير المخدرات من خلال الصادرات اللبنانية للمملكة، لا سيما في ظل سيطرة حزب الله على كافة المنافذ، وكذلك عدم اتخاذ العقوبات بحق المتورطين في تلك الجرائم التي تستهدف أبناء شعب المملكة العربية السعودية، وعدم التعاون في تسليم المطلوبين للمملكة بما يخالف اتفاقية الرياض للتعاون القضائي.