الإفتاء المصرية: إلغاء "داعش" لصلاة التراويح مخالفة للشرع ولسنة النبي

عرب وعالم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أكد مرصد دار الإفتاء المصرية أن قيام تنظيم "داعش" الإرهابي بإلغاء صلاة التراويح بالمساجد التي يسيطر عليها أمر مخالف للشرع الشريف، ولسنة النبي (ص)، وما يقوم به المسلمون عبر مئات السنين. 

وأضاف المرصد، في بيان له اليوم الأربعاء، أن تنظيم "داعش" الإرهابي برر هذا القرار بأن صلاة التراويح بدعة لم يفعلها النبي (ص)؛ حتى وإن استمر المسلمون،عبر العصور، يصلونها في جماعة في مساجدهم الكبرى والصغرى ابتداءً من الحرمين الشريفين والأزهر الشريف ومروراً بكل مساجد المسلمين شرقاً وغرباً.

وأوضح مرصد فتاوى التكفير، أن هذا السلوك المتطرف، والذي يقوم به التنظيم الإرهابي للعام الثاني على التوالي، يؤكد ما كرره المرصد قبل ذلك مراراً من أن هذه الفتوى التي تتوسع في رمي ما اعتاد عليه المسلمون من العادات والعبادات بالبدعة، والتلويح بأنَّ كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وأن هذا المسلك، وإن ظهر في بعض الأحيان، أنه إبداء للرأي، إلا أنه يعد مخالفة صارخة للمنهج العلمي والشرعي المعتبر في الاستدلال المعتمد في الأزهر الشريف، والذي تقوم عليه عملية الإفتاء في دار الإفتاء المصرية ونظائرها في العالم.

وقال المرصد، في رده على قرار "داعش"، إن صلاة التراويح صلاة مشروعة بأصلها؛ حيث كان النبي (ص) حريصاً على قيام الليل، وإن كان يصليها منفرداً، وقد صلى بصلاته جماعة من أصحابه، حيث صلى ثلاث ليالٍ صلاة لم يذكر عددها ثم تأخر في الليلة الرابعة؛ خشية أن تفرض على المسلمين فيعجزوا عنها كما ثبت في الصحيح.

وأضاف المرصد أنه إعمالاً للأصول الشرعية وما وردت به الأحاديث الصحيحة والحسان والضعيفة من الأمر بقيام رمضان، والترغيب فيه من غير تخصيص بعدد، واستحباب التجمع للعبادة إذ العبادة والذكر في الجماعة أحب من المنفرد، كما تقرر شرعاً في كثير من فروع التشريع، وكما ثبت في الحديث القدسي في الصحيح: "فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأ خَيْرٍ مِنْهُمْ"، وكان ذلك داعياً لأُبي بن كعب الصحابي الجليل الفقيه النبيل لتجميع الناس على صلاة القيام في رمضان، وهو ما نعرفه بـ"صلاة التراويح"، حتى قال له الفاروق عمر رضي الله عنه فيما ثبت في صحيح البخاري وغيره: "نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ" فسماها بدعة؛ أي بدعة حسنة.

وأشار المرصد، إلى أن جملة "كل بدعة ضلالة" وإن كانت حديثاً صحيحاً إلا أن الفهم السليم يرشد إلى أنها مخصوصة بالبدع التي لم يشهد الشرع بنكارتها، خاصة إذا رجعنا إلى قول النبي (ص) في الحديث الآخر:" مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، كَانَ لَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا" وأدلة ذلك من الكليات والجزئيات كثيرة لا تكاد تحصى، وقد فصل الإمام السيوطي رحمه الله الكلام على التراويح في رسالته الماتعة "المصابيح في صلاة التراويح".

ونوه المرصد، على أن هذه السلوكيات الضالة والمسالك العنيفة تؤكد أن أحد أسباب التطرف هو الخروج عن مناهج الاستدلال المعتبرة المستقرة عند المسلمين، والمبادرة إلى فهم النصوص فهمًا مبتوراً يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض.

وتابع المرصد، أن أحد أخطار هذا المسلك هو تفكيك العروة الاجتماعية بين المسلمين، ويظهر تحليل هذه الفتاوى أن التطرف منه تطرف ظاهر واضح يبادر إلى حمل السلاح من أقرب طريق، ومنه تطرف كامن في بعض الأفكار والمناهج ينبغي أن يجتث من أصله بطريق الحوار المفتوح والتعليم المستمر.