مرشحة الرئاسة الأمريكية تتحدث عن روائع بدايات الثورة اليمنية

أخبار محلية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 هيلاري كلينتون، صديقة المغرب المرشحة الأولى لخلافة أوباما، تنقل كيف عاشت تجربة الربيع العربي وهي وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية.


 من تونس زين العابدين بنعلي والبوعزيزي، إلى سوريا بشار الأسد، مرورا بمصر مبارك ومرسي، إلى اليمن، ترصد هيلاري التغيير، وتوثقه في كتاب اختار القراء اسمه: «خيارات صعبة» ، إذا فشل الحكام العرب في استيعاب الحاجة إلى التغيير فإنهم يخاطرون بفقدان السيطرة على مواطنيهم .


كانت السيدة الأولى للولايات المتحدة الأمريكية في التسعينات من موقع زوجة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، وهي الآن مرشحة للعودة إلى البيت الأبيض كأول امرأة تدخل هذه البناية رئيسة لأقوى دولة في العالم.


وزيرة الخارجية الأمريكية الأولى في عهد الرئيس الحالي باراك أوباما، الدبلوماسية المخضرمة التي عاشت فترة «الربيع العربي» من موقع المسؤولية عن أحد أهم أجنحة الإدارة الأمريكية، أفرغت جزءا من حقينة ذكرياتها وتفاصيل لقاءاتها وكواليس تدبيرها لتلك المرحلة الفاصلة في تاريخ المنطقة العربية ومعها العالم بكامله، بين دفتي كتاب استعانت بصحيفة «واشنطن بوست» لتجد له العنوان المناسب عبر اقتراحات من القراء، فكانت النتيجة: «خيارات صعبة».


قراءة مذكرات «الرئيسة المقبلة» للولايات المتحدة الأمريكية، فرصة للجمع بين الاطلاع على بعض الأسرار والتفاصيل التي حجبتها أحداث الشارع خلال الربيع العربي، وملامسة بعض خصائص صناعة القرار داخل الإدارة الأمريكية.


خيارات قالت المرأة التي نافست أوباما على دخول البيت الأبيض في 2008، إنها تلازم الإنسان طيلة حياته، حيث يكون في كل مرة مطالبا باتخاذ قرار في مواجهة خيارات محيّرة، تبدأ من خيارات الدراسة، إلى الخطوة الأولى في العمل، ثم الارتباط والزواج.


هيلاري قالت إنها ظلت تقدم على خيارات صعبة منذ اليوم الذي تنازلت فيه عن بذلة المحاماة، وقررت الهجرة لترتبط بالشاب بيل كلينتون حاسمة خيارات شديدة الصعوبة حينها، لكن الخيار الأصعب سيكون بعد انتخابات 2008، التي دخلتها هيلاري منافسة لأوباما، وخرجت منها خاسرة في المراحل التمهيدية الداخلية للحزب الديمقراطي.


 «لقد انتصر أوباما والآن جاء وقت مساعدته»، تقول هيلاري في خطوة أقدمت فيها على خيار يصعب اتخاذه من طرف أكثر الرجال شهامة وحكمة وقوة في الشخصية. دعم سيتجسد في حملها حقيبة الخارجية، أي النقطة التي سارع الجميع حينها إلى اعتبارها نقطة ضعف الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية.


تطوف هيلاري كلينتون في كتاب مذكراتها بين أرجاء وقارات العالم، لتسرد تفاصيل سنواتها الأربع على رأس الخارجية الأمريكية، لكننا سنفرد هذه الحلقات للفصول المتعلقة بروايتها لما يعرف بالربيع العربي.


 من تونس إلى سوريا مرورا بمصر وليبيا واليمن، تجول هذه السياسية الأمريكية التي لا تندرج في خانة المتقاعدين الذين تركوا مسارهم السياسي خلف ظهورهم، بل أصدرت هذه المذكرات في عز تحضيرها للترشح للانتخابات الرئاسية لشهر نونبر المقبل. «أدركت سريعا أن وزير الخارجية يؤدي ثلاث وظائف في عمل واحد، فهو كبير دبلوماسيي البلاد، ومستشار الرئيس في السياسة الخارجية، والرئيس التنفيذي لوزارة مترامية الأطراف»، تقول كلينتون، مضيفة أنها كانت أمام واجب توزيع الوقت والطاقة بين المسؤوليات الحتمية المختلفة. «كان علي أيضا قيادة دبلوماسيتنا العامة والخاصة لإصلاح التحالفات المتوترة وبناء شراكات جديدة. ولكن وجب علي أيضا اللجوء إلى قدر لا بأس به من الدبلوماسية داخل إدارتنا، خصوصا في مسألة وضع السياسات في البيت الأبيض ومع الكونغرس، إضافة إلى العمل داخل الوزارة نفسها، للاستفادة من موظفيها الأكفاء إلى أقصى حد، ورفع الروح المعنوية، وتطوير القدرات اللازمة لمواجهة التحديات الجديدة».


تعود كلينتون في الفصول الخاصة بالربيع العربي، إلى ما تعتبره جذورا لما انطلق في 2011، فقد «تحدثت مع ما يكفي من الزعماء العرب طيلة سنوات، لأدرك أن أغلبهم غير راضين عن بقاء الأمور على ما هي عليه، كانوا يريدون التغيير، شريطة أن يتم ذلك ببطء»، تقول المرشحة الديمقراطية لخلافة أوباما، مضيفة أنها بحثت عن كيفية بناء علاقات شخصية مع القادة العرب تقوم على الثقة المتبادلة، «وفهم وجهات نظرهم الثقافية والاجتماعية التي تؤثر في تصرفاتهم، والدفع إلى التغيير متى بدا لي ذلك ممكنا».


وتضيف هيلاري أن موضوع التغيير الحتمي في المنطقة العربية استبد بفكرها منذ تولت وزارة الخارجية، وتحديدا عندما كانت تحضر للمشاركة في مؤتمر للأمم المتحدة احتضنته العاصمة القطرية الدوحة في يناير 2011. «التقيت كثيرا طيلة سنتي 2009 و2010 الرئيس المصري حسني مبارك، وملك الأردن عبد الله الثاني، لمحاولة جمع الزعيمين الإسرائيلي والفلسطيني وإجراء محادثات سلام مباشرة بينهما، لنحضر انهيارها بعد ثلاث جولات من المفاوضات المهمة»، تقول كلينتون، مضيفة أنها كانت تخبر القادة العرب باستحالة بقاء الوضع في الملف الفلسطيني على حالته الجامدة، «وكنت أفكر في الأمر نفسه في ما يتعلق بالمنطقة ككل. إذا فشل الزعماء العرب، ومعظمهم حلفاء أمريكا، في استيعاب الحاجة إلى التغيير، فإنهم يخاطرون بفقدان السيطرة على مواطنيهم الشباب والمهمشين، ويفتحون الأبواب أمام الاضطرابات والصراعات والإرهابيين». كانت الفكرة الأخيرة هي ما استقر عليه رأي كلينتون وهي تفكر في ما ستقوله خلال هذا المؤتمر الذي ضم غالبية الزعماء العرب.


بالفعل، شاركت كلينتون في تلك القمة الإقليمية، وأسمعت القادة العرب كلاما قاسيا حول مؤشرات التنمية والحرية والديمقراطية في بلدانهم، والتي تنبئ باقتراب لحظة الانفجار، لكنها كانت تتابع التطورات المتسارعة في الشارع التونسي، وهي تتحول إلى ثورة غير مسبوقة في المنطقة العربية ضد حاكم رسّخ قدميه في الحكم لعقود. فصول الكتاب تكشف رغبة مترددة عند صاحبته للتصريح علنا بأن واشنطن كانت تدعم وتدفع ثورات الشارع هذه، حيث تتحدث عن شباب وإصلاحيين ونخب قريبة من «الغرب»، ونقاش حام داخل الإدارة الأمريكية حول ضرورة الانتصار للطرف الذي يرفع شعارات وقيما تكاد تتطابق مع «المبادئ الأمريكية» في الديمقراطية والحرية.



«لقد أكدت الاحتجاجات في تونس أنها معدية، وبفضل القنوات الفضائية وشبكات التواصل الاجتماعي، كان الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مقدمة الذين شهدوا تلك الانتفاضة الشعبية التي أطاحت ببنعلي»، تقول هيلاري كلينتون، مضيفة أن ما شجع هؤلاء الثائرين هو قدرتهم على تحويل انتقاداتهم السرية تجاه سياسات حكامهم إلى دعوات عامة من أجل التغيير، «والحقيقة أن الظروف التي قادت إلى الغضب في تونس، كانت تسود أنحاء المنطقة لها، خاصة ما يتعلق بالفساد والقمع».